يقول الشيخ أبو عبد الله محمد حاج عيسى الجزائري عندما أخذ يعدّد " أسباب انتشار السحر " في محاضرة له بعنوان " السحر خطره ، أسبابه، وكيفية مكافحته " :
( من أسباب انتشاره [أي السحر] امتزاجه بالطب عند كثير من القدماء كالهنود ، فكثير من كتب الطب القديمة (طب الأعشاب أو الطب التقليدي) تحتوى على مادة سحرية ، وكذلك أطباء اليونان وفلاسفته كانوا يؤمنون بالسحر ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية وهو ينتقد فلاسفة اليونان ويحط من شأنهم:" وهل وجد في العالم أمة أجهل وأضل وأبعد عن العقل والعلم من أمة يكون رؤوسها فلاسفة، أو لم تكن أئمتكم اليونان كأرسطو وأمثاله مشركين يعبدون الأوثان ويشركون بالرحمن ويقربون أنواع القرابين لذرية الشيطان ؟ أو ليس من أعظم علومهم السحر الذي غايته أن يعبد الإنسان شيطانا من الشياطين ويصوم ويصلي ويقرب له القرابين حتى ينال بذلك عرضا من الدنيا فساده أعظم من صلاحه وإثمه أكبر من نفعه ؟ ".
فمن اعتمد على هذه الكتب الطبية ربما وجد فيها وصفات سحرية وطلاسم ، ومروج كتاب السحر لا يكتب في الغالب على غلافه أن موضوعه السحر ، إلا إذا كان في بلد يستباح فيه السحر ويدس ويدرس علنا كالسنغال، بل يكتب عليه عناوين مضللة توحى بأن موضوعه الطب والرقية ومن أشهر كتب السحر كتاب " الرحمة في الطب والحكمة " ، وكتاب " شمس المعارف الكبرى "
) أهـ .
ثم يقول " في سياق الحديث عن الطب القديم نتحدث عن سبب آخر جديد يسمى البرمجة العصبية ، إن الديانة البوذية تخترق هذه الأيام بلاد المسلمين وبقوة عبر وسائل الإعلام المختلفة لكن باسم البرمجة العصبية، التي مزج فيها أهلها شيئا من علم النفس وشيئا من السحر والشعوذة وربما زينوا بعض أفكارهم بأحاديث نبوية أو آيات قرآنية .
من أنواع السحر: السحر بهمة الساحر (مثل تأثير العين) بحيث تكون له قدرة على التحكم في نفوس الآخرين والسيطرة عليهم، قال ابن عابدين في تعريف السحر: علم يستفاد منه حصول ملكة نفسانية يقتدر بها على أفعال غريبة لأسباب خفية . ومن ذلك ما يسمى بالتنويم المغناطيسي الذي يسميه أهل البرمجة العصبية الإيحاء .
يصل الساحر إلى هذه القوة أو الملكة برياضات شاقة للنفس من صوم وخلوة وغيرها من أعمال وطقوس اليوغا، وهذا ما يسميه أهل البرمجة باستعمال العقل الباطن ، وكثير من مسائله الأولية مستمدة من علم النفس لأجل ذلك اشتبه على الناس.
ويدل على حقيقة أهل البرمجة العصبية أن من أعظم المصادر التي يعتمدون عليها كتب البوذية ، وقد اغتر بهم أناس كثيرون ، ولذلك صدرت فتاوى وبحوث كثيرة تكشف خطر هذه الدعوى
" أهـ.
______________________________________
ملخص لكتاب ( NLP البرمجة اللغوية العصبية : حوار ونقد من منظور شرعي ) للشيخ أحمد بن صالح الزهراني - حفظه الله - :
علم البرمجة اللغوية العصبية هو نتاج علم النفس والفلسفة القادم إلينا من الغرب.
هناك محوران في تعريف هذا العلم:
أولا:البرمجة=(أن يتحكم في تصرفات من يقع في دائرة البرمجة وفق ما يريده المبرمج)
النقد: صحيح أن الانضباط في السلوك محبب لكن لا توجد علوم تتعامل مع النفس البشرية أفضل من علوم الأنبياء-عليهم السلام-لأنهم رسل من خالق النفس العالم بحالها.
ثانيا:القدرة والتمكن=(القدرة والإرادة والاقتناع التام لابد أن توصل الإنسان إلى هدفه فسبب عدم الوصول هو خطأ بشري أو خطأ في البرمجة)
النقد:هذا خلاف ما يعتقده أهل السنة والجماعة في باب الإيمان بالقدر ويوافق مذهب أهل البدع من "القدرية".
قال تعالى
لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) الكتاب هو القرآن ، والحكمة هي السنة ، والتزكية هي تربية شاملة هدفها تصحيح سلوك النفس المسلمة.
إذن منهج التزكية من القضايا التي حسمها الوحي فلا يحتاج إلى أي بحث وتنظير من خارج الكتاب والسنة لإصلاح النفس وتقويم السلوك لا بل ولا يجوز للمؤمن أن يطلب صلاح نفسه من خارج البيئة الإسلامية.
يقول المؤلف
وقد نظرت في هذا العلم المسمى البرمجة اللغوية العصبية فما وجدت فيه شيئا نافعا من الوسائل والأهداف إلا وفي سنة النبي –صلى الله عليه وسلم- ما لا يدانيه ولا يقاربه شيء من سخافات الهندسة النفسية).
......................................
يلجأ كثير من رواد هذا العلم إلى الاستشهاد بحوادث من السيرة أو النصوص على أن لهذا العلم أصلا، مثال:الاستشهاد بقوله تعالى
إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)على أن الإنسان قادر على تغيير واقعه بناء على تغييره نفسه اعتقادها أو سلوكها أو أهدافها. والصحيح أن الله هو الذي يغير ما بالناس من نعمة إذا هم غيروا ما بأنفسهم من الإيمان والطاعة إلى ضد ذلك.
فإن زعم البعض أن لهذا العلم أصولا إسلامية فإن كل ما هو نافع من البرمجة فإن في الإسلام ما هو أفضل وأحسن بأحسن وسيلة وطريقة.
إن أكثر من يوجه إليه هذا الكلام هم المنتسبون إلى العلم والدعوة ، فلو أن أحدهم استفرغ وسعه في تعلم السنة لوجد أن البرمجة إما سخافة وإما ضلال وإما تضييع وقت بلا نفع ،ومع هذا تراهم يعرضون عن تعلم السنة ويتعمقون في البرمجة ويستهويهم الشيطان فيحسبون أنهم يحسنون صنعا !! وفي الحقيقة هم يفسدون ولا يصلحون ويصرفون الناس عن العلم الشرعي.
شبهة:
قال بعضهم: نحن نعلم أن في هذا العلم مخالفات شرعية وكذلك فيه منافع فدور المسلم هو الاستفادة مما فيها من الخير وترك ما فيها من الشر.
الجواب:
أولا: ما هي المرجعية في تحديد الخير والشر؟
فإن كانت الكتاب والسنة وأقوال العلماء الكبار-لا دكاترة البرمجة- لكان يمكن ذلك.
لكن الواقع غير ذلك ، فرواد هذا العلم يدعون أنهم هم المرجعية ،وعندما أنكر العلماء بعض ما في هذا العلم -البرمجة- مثل التنويم المغناطيسي وعدوه ضربا من السحر جاء جوابهم : العلماء لم يعرفوا حقيقة هذا الشيء أو لم يتصوروا ذلك!
ثانيا: ما ذكرناه سابقا في أنه لا يجوز أن نطلب صلاح نفوسنا من غير البيئة الإسلامية.روى الإمام أحمد وغيره عن جابر بن عبدالله أن عمر بن الخطاب أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقرأه النبي-صلى الله عليه وسلم- فغضب فقال
أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب؟ والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية ، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به ، والذي نفسي بيده لو أن موسى- عليه السلام- كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني).قال ابن حجر –رحمه الله- في مسألة النظر إلى كتب أهل الكتاب
من لم يتمكن ويصر من الراسخين في الإيمان فلا يجوز له النظر في شيء من ذلك بخلاف الراسخ فيجوز له لا سيما عند الاحتياج إلى الرد على المخالف ). إنما أشار المؤلف إلى هذا هنا لأنه يتنزل عليه الخلاف في النظر في أي علم أو كتب يراد الازدياد منها علما إلى ما في شريعتنا الإسلامية من مناهج التربية والإيمان والسلوك، ومنها علم البرمجة .
----------------------------------------
تكمن خطورة البرمجة في كونها برنامجا متكاملا، فلو قام مجموعة من الفضلاء بتنقيتها من الشوائب وأخرجوا برنامجا صافيا، لا يمكن أن نبقيها باسم البرمجة.
كثير ممن يقبل على البرمجة يبحثون عن حلول لمشاكلهم النفسية ، وقد فصل المؤلف في أهمية فهم النصوص الشرعية ودورها في علاج المشاكل النفسية من هم وحزن... فمن أراد الوقوف على هذا فليراجع الكتاب.
يجب أن يعلم أن كل هدف مقصود للشرع وأن الحاجة إليه كانت موجودة في عهد النبي –صلى الله عليه وسلم- وأصحابه فإنه لا يجوز التوسل لهذا المقصد إلا بما شرعه الله . إذن لا يكفي أن نعلم أن علم البرمجة حقق نتائج ملموسة ، فلابد أن تكون الوسائل مشروعة، فمثلا: السحر طريقة سريعة مجربة في فك السحر عن المسحور ومع هذا الشرع لا يجيزه. وهنا يكمن الابتلاء ، أن يصبر المؤمن على المصيبة مع علمه بأن هناك طرقا سريعة لكنها محرمة قد تخلصه منها - بإذن الله- لكنه يعرض عنها محتسبا الأجر من الله.
فتح باب الشرك:
أمثلة:
أولا: بعض المتخصصين في البرمجة يرى أن المريض إذا اعتقد بأن الدواء الذي معه سيكون فيه شفاؤه فإنه سيشفى مع العلم بأنه ليس دواء في الحقيقة ، أي أن شفاءه ليس بسبب الدواء بل بسبب اعتقاده وإيمانه بأن تلك الأقراص ستشفيه.
الاعتقاد عندهم يعني الاقتناع بصحة الشيء وإن لم يكن مبنيا على منطق أو معبرا عن واقع.
الجواب: ألم يحرم الإسلام اتخاذ التمائم والخيط والحلقة المعدنية .....للاستشفاء وعد ذلك من الشرك؟ علما بأنهم -أهل الشرك- كانوا أحيانا يجدون راحة وأثرا ملموسا عند استخدام تلك الوسائل -كما يزعم أهل البرمجة- !!
ثانيا: إذا اعتقد الشخص بأنه قادر على حمل ثقل كبير يفوق قدرته فإنه سيقدر على ذلك أو اعتقد وآمن أنه قادر على المشي على الجمر من غير أن تحرقه فسيفعل...وغير ذلك من الخوارق.
الجواب: الاعتقاد لا يغير الحقائق فالقادر يظل قادرا والعاجز يظل عاجزا، وكل ما هنالك أن الاعتقاد يصحح النظر في الأمور فيزيل الموانع الوهمية لكن الاعتقاد لا يعطي الشخص خوارق وصفات خارجة عن المألوف. وما يفعله رواد البرمجة من إثبات ذلك أمام العوام إنما هو من إعانة الشيطان لهم لتفتنهم وتفتن بهم. ولكي يثبتوا لعوام المسلمين أن هذا علم وليس من عمل الشياطين فإنهم يذكرون الله ويستعيذون بالله من الشيطان أثناء عرض تلك الخوارق ! صحيح أن ذكر الله يطرد الشياطين لكن الذكر يؤثر إذا كان التالي من أهل الإيمان والصراط الصحيح. وهذا قد ظهر قديما عند الدجاجلة ممن يدعي الولاية والمقامات عند الله فإنهم كانوا يظهرون الخوارق أمام الناس كأن يدخلوا في النار ويخرجوا منها دون أن تحرقهم . وهؤلاء الدجاجلة أصحاب قرآن يلبسون على الناس.
*إن الخوارق وإن كانت موجودة -ككرامات الأولياء- فإنها ليست علما يطلب. وهي إن لم تكن لنبي أو ولي فهي من عمل الشيطان سواء علم الفاعل بهذا -كالساحر والكاهن- أم لم يعلم – كأصحاب هذه البرمجة - . وتذكّر أن السحر علم يُتعلم . والتلبيس الذي لبسه أصحاب البرمجة على الجهال هو أن هدفهم من البرمجة هو تنمية قدرات النفس الذاتية وتفجير طاقاتها اللامحدودة .
------------------------------------------------
من وسائل البرمجة:
أولا: برمجة العقل الباطن بطريقة التكرار:
الدليل الذي يستشهد به دعاة البرمجة هو أن استحباب تكرار الأذكار وكذا الإلحاح بالدعاء إنما هو من باب برمجة العقل الباطن بالتكرار فيحصل التأثير بسبب التكرار.
الجواب :
- هذا استخفاف بالشريعة الإسلامية وتفريغ لمضامينها العليا.
- الغرض من تكرار الأذكار هو زيادة الأجر والثوب والإيمان والاطمئنان واستشعار معية الله تعالى.
- التكرار ليس مطلقا بل هو محدد في مواضع.
- ألفاظ الذكر -وهي توقيفية- غاية في الحسن والبيان وهي محل رضا الرحمن.
إذن هذا الإقحام للأصول الشرعية فيه تلبيس على المغرورين بالبرمجة بأن لهذا العلم أصلا في الدين.
ثانيا: مسألة بناء التوافق:
التعريف: إيجاد جو من الألفة والتوافق بين المرسل والمستقبل أمر مهم للوصول إلى نتائج إيجابية من خلال وسائل مثل: التوافق في التنفس، الحرص على مشاكلة المتلقي في لباسه أو حركاته حتى لو كان من عادته أن ينظف أنفه بكثرة بأصبعه!
الجواب:
- إيجاد التوافق هكذا بإطلاق فيه تدريب على النفاق والمداهنة كأن يداهن مسؤولا من أجل وظيفة ، وإن كان في الدعوة وإصلاح ذات البين فخير ، إذن الهدف من إيجاد الألفة مهم.
- الوسائل التي يذكرونها لتحقيق التوافق غاية في التفاهة وبعضها مناقض للآداب الإسلامية ولا عجب فهي من نتاج بلاد الكفر .
- التبسم،الكلمة الطيبة، الإحسان للمسيء.....هذا مما يوجد التوافق من ديننا النقي وهو خير -بلا ريب- مما يزعمون .
- أن لا يكون هدف إيجاد جو الألفة على حساب السكوت عن المنكرات وإقرار مرتكب المحرم بغرض استمالة قلبه .
وما يذكره أهل البرمجة يفتقر إلى القيد الشرعي الذي ذكرناه.
ثالثا: التنويم المغناطيسي:
التعريف: الوصول بالمريض إلى حالة وسطى بين الصحو الكامل والاستغراق في النوم ، وفي هذه الحالة يمكن للمعالج أن يستخرج خفايا لا شعورية من المريض تعين على شفائه. وفي هذه الحالة أيضا يكون العقل الواعي معطلا والعقل الباطن مستيقظا يقبل الإيحاءات الموجهة إليه. وهو أقرب إلى الاسترخاء ودون النوم فيبقى يسمع ويشم و... .يستخدم في علاج المشاكل النفسية والأمراض العضوية المستعصية.
النقد:
- يدخل التنويم المغناطيسي في أكثر تطبيقات البرمجة.
- التنويم المغناطيسي يؤثر ويحد من إرادة الإنسان -وإن زعموا عكس ذلك-فيجعله عرضة للسرقة والسخرية و...
- أهل العلم يعدونه نوعا من السحر.من مميزات السحر هو القدرة على التأثير على الآخرين بدون آلة ظاهرة أو وسيلة ظاهرة.
فتوى اللجنة الدائمة في التنويم:"التنويم المغناطيسي ضرب من الكهانة باستخدام جني يسلطه المنوم-بكسر الواو المشددة- على المنوم-بفتح الواو المشددة-فيتكلم بلسانه ويكسبه قوة على بعض الأعمال بسيطرته عليه إن صدق مع المنوم وكان طوعا له مقابل ما يتقرب به المنوم إليه ويجعل ذلك الجني المنوم طوع إرادة المنوم يقوم بما يطلبه منه من الأعمال بمساعدة الجني له إن صدق ذلك الجني مع المنوم. وعلى ذلك يكون استغلال التنويم المغناطيسي واتخاذه طريقا أو وسيلة للدلالة على مكان سرقة أو ضالة أو علاج مريض أو أي عمل آخر بوساطة المنوم غير جائز بل هو شرك لما تقدم ولأنه التجاء إلى غير الله فيما هو من وراء الأسباب العادية التي جعلها الله سبحانه إلى المخلوقات وأباحها لهم"
ثم أخذ الشيخ الزهراني يستعرض قواعد وأساليب في البرمجة وعلوما أخرى ذات صلة وينقدها نقدا شرعيا أو عقليا . وملخص ذلك لا يخرج عما ذكرناه سابقا:
1- البرمجة نتاج علم النفس والفلسفة الذي أتانا من أهل الكفر.
2- محاولة رواد البرمجة –في بلاد المسلمين- صبغ هذا العلم بالصبغة الشرعية من خلال استخدام النصوص الشرعية والاستشهاد بها في غير موضعها وتفريغها من مضامينها.
3- بدعة القدرية.
4- بعض ما فيه يعد من السحر والكهانة.
---------------------------------------
منقول-----