العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديات العلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-04-10, 10:51 AM   رقم المشاركة : 1
Nabil48
عضو ماسي







Nabil48 غير متصل

Nabil48 is on a distinguished road


تأملات تربوية في سورة النمل القسم الثاني د.عثمان قدري مكانسي

تأملات تربوية في سورة النمل
الدكتورعثمان قدري مكانسي
القسم الثاني والأخير

7- الدعوة إلى التفكير :

خلقنا الله تعالى " .. في أحسن تقويم " فجعل لنا - معشر الإنس والجن لأننا مكلفون - العقول التي تميزنا عن بقية المخلوقات لنتدبر ما نجده أمامنا ولنتفكر فيه . أما الحيوانات الأخرى فإنها تعيش غريزياً . لا رسالة لها في هذه الحياة سوى ما قدره الله تعالى لها في حياتها الدنيا ثم يقال لها – في الآخرة حين تحشر ليقتص منها ذلك الاقتصاص الذي لا يقارن مطلقاً بالاقتصاص من الثقلين - كوني تراباً .. فيتمنى الكافر لما يراه من العذاب الشديد الخالد في نار جهنم أن تكون نهايته مثل نهايتها " يا ليتني كنت ترابا " ولكن هيهات هيهات .
وعلى الرغم أن البشر جميعاً لهم عقول يفكرون بها إلا أن أكثرهم لا يريد أن يعي حقيقة وجوده وسبب خلقه ، فهو يحيا في هذه الدنيا وكأنه خالد فيها ، أو سينتهي دون عودة " وما يهلكنا إلا الدهر " وينكرون حياة أخرى تنتظرهم هي الحياة الحقيقية " وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون " وهؤلاء لئن كانوا بشراً إنهم لينزلقون إلى درجة الأنعام التي لا تعي ولا تعقل ، بل إنهم أقل منها مستوىً ، فالحيوانات ليس لها عقول وقد سقط عنها القلم، وهؤلاء لهم عقول لا يستعملونها في مرضاة الله ، فانحدروا عن مستوى البهيمية بفعلهم – عنادِهم وضلالهم - يقول الله تعالى " ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس ، لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها ، أولئك كالأنعام ، بل هم أضل ، أولئك هم الغافلون " .
والقرآن الكريم يدعو المكلف إلى التدبر وإمعان التفكير في مئات الآيات المنبثة فيه ، وفي هذه السورة الجليلة نجد الكثير منها ، وإليك بعضاً منها :
ففي الآية الستين نجده يدعونا إلى معرفة خالق السماوات والأرض الذي أنزل الماء فكان سبباً في الحياة المتجددة الجميلة في الأرض ، وأنه سبحانه واحد لا شريك له
" أمّن خلق السموات والأرض وأنزل لكم من السماء ماءً
فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ، ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون " .
وتأمل التسلسل في " خلق ، وأنزل ، وأنبت " فترى المشركين يميلون عن الحق وينغمسون في الضلال .
وفي الآية الحادية والستين ينبههم إلى بديع صنعه سبحانه ، فالأرض ثابتة صالحة للعيش ، تجري فيها الأنهار ، وتثبتها الجبال الرواسي ، وجعل الماء مالحاً وحلواً فلا يطغى هذا على ذاك – بأمر الله خالقها – بل إن لكل بحر ماءَه بخواصه المختلفة عن ماء غيره ،
" أمّن جعل الأرض قراراً وجعل خلالها أنهاراً وجعل لهـا رواسيَ وجعل بين البحرين حاجزاً أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون "
وانظر معي إلى تكرار كلمة " جعل " التي تدل على جميل صنعه وعظيم حكمته سبحانه، وأنه الخالق الأوحد ... ولكن غالب البشر يجهلون هذافيشركون بالله تعالىويتوهون في مزاريب الضلال .
وفي الآية الثانية والستين يذكرهم برأفته بهم ، وحنوّهم عليهم ، فهو سبحانه يجيب الداعي ، ويتلطف به ، وهو وحده خالقهم لكن الدنيا ببريقها وزخرفها تنسيهم الحقيقة وتبعدهم عنها
" أمّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلاً ما تذكّرون " .
وهي دعوة صريحة إلى إفراده سبحانه باللجوء إليه والاعتماد عليه وانظر إلى المنطقية في العرض، فهو سبحانه " يجيب المضطر ، ويكشف السوء " لماذا؟ إنه الخالق الوحيد " ويجعلكم خلفاء الأرض "
وفي الآية الثالثة والستين ينبه أن الله تعالى هو الهادي والحافظ ومدبر الحياة في البر والبحر أفلا يستحق الإفراد بالعبادة ؟
" أمّن يهديكم في ظلمات البر والبحر ومن يرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته أإله مع الله تعالى الله عما يشركون " .
وتأمل معي هاتين الكلمتين " يهديكم ، يرسل الرياح "
هداية وعون ، فهو سبحانه لا يدع عباده يتخبطون في حياتهم إنما ييسر لهم السبل ويعينهم .

8 ـ التصوير الحسي :

ذكرت في كتابي " من أساليب التربية في القرآن الكريم " تحت عنوان – التصوير ص 385 : أن التصوير من الأساليب الراقية في التربية ، فالإنسان روح وفكر وقلب .. وهو كذلك عين وسمع وذوق ولمس وشم .... فهو معنوي ومادي بآن واحد ، فإذا عجز أحياناً عن الوصول إلى الفكرة الشفافة ذهناً وصل إليها مادة وحسّاً .. المهم أن يصل إلى المعلومة ، وتتركز في ذهنه ، ويتفاعل معها .
والصور في هذه السورة ملفتة للنظر إذ جمعت بين اللون والحركة والصوت . من ذلك قوله تعالى :
" ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصراً ..."
" ويوم ينفخ في الصور ، ففزع من في السموات والأرض إى من شاء الله ، وكلٌّ أتَوْه داخرين "
" وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمرّ مرّ السحاب " .
" وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابّة من الأرض تكلمهم ..." .
" ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار ..هل تجزون إلا ما كنتم تعملون "
" قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم ، إنهم أناس يتطهّرون " .
وانتبه إلى الكلمات التي تحتها خط في الآيات السابقة لـ ترى اللون
في الليل والنهار والجبال والسحاب والنار
وتسمع الصوت
في النفخ والكلام : قال ، يتطهر، تجزى
وترى الحركة
الفزع وحركة النفخ والسكون والجمود وخروج الدابّة والمجيء وكب الوجوه..
والتصوير يثبت الفكرة في الذهن لأن أكثر من حاسّة تتضافر في توكيدها ، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يؤديها في حديثه،وتبعه في ذلك المربون .

9- الطيَرة والتفاؤل :

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه أن يسمع : يا راشدُ، يا نجيحُ . – أخرجه الترمذي – وكان يعجبه الفأل لأن النفس تنشرح له وتستبشر بقضاء الحاجة وبلوغ الأمل ، فتحسن الظن بالله . وقد قال : " أنا عند ظن عبدي بي " وكان صلى الله عليه وسلم يكره الطِّيَرة لأنها من سمات أهل الشرك وتجلب سوء الظن بالله تعالى . قال الخطّابي كما يروي القرطبي عنه : الفرق بين الفأل والطيرة أن الفأل إنما هو من طريق حسن الظن بالله ، والطيرة إنما هي من طريق الاتكال على شيء سواه . وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا طيرة ، وخيرُها الفأل " . قيل : يا رسول الله وما الفأل ؟ قال : " الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم "
فلما قال قوم صالح لنبيهم عليه السلام حين دعاهم إلى الإيمان بالله وحده : " اطَّيرنا بك وبمن معك " رد عليهم مؤنباً وناصحاً " طائركم عند الله ، بل أنتم قوم تُفتنون " فقد تشاءموا ، والشؤم نحس . ولا شيء أضر بالرأي ولا أفسد للتدبير من اعتقاد الطيرة . ومن ظنّ أن خوار بقرة أو نعيق غراب يرد قضاء أو يدفع مقدوراً فقد جهل . وقد قال مقاتل في قوله تعالى في سورة" يس " على لسان الذين كفروا بأنبيائهم " إنا تطيّرْنا بكم " : حبس المطر عنهم ثلاث سنين ، فظنوا أنّ حبسه كان بشؤم الأنبياء عليهم ! فرد أنبياؤهم مصححين منبهين " طائركم معكم " أي شؤمكم ملازمكم بأعمالكم وفسادكم لا بسببنا ، فأنتم مسرفون في كل شيء حتى التشاؤم ." بل أنتم قوم مسرفون " قال الشاعر :

طيرةُ الدهر لا يرد قضاءً * فاعذرِ الدهرَ ، لا تَشُبهُ بلَوم
أيُّ يـوم يَخُصّـه بسعـود * والمنايا ينزلـن في كل يـوم
ليس يومٌ إلا وفيه سعـودٌ * ونحوسٌ تجري لِـقومٍ فـَقوم
وقد كانت العرب أكثر الناس طيرةً ، وكانت إذا أرادت سفراً نفرت طائراً ، فإذا طار يمنة سارت وتيمّنَتْ ، وإن طار شمالاً تشاءمت ، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقال : " أقِرّوا الطير على وُكُناتها " .

10- عاقبة المفسدين :

يقول تعالى :" .. ومن جاء بالسيئة فكبّت وجوههم في النار هل تُجزون إلا ماكنتم تعملون " فنهايتهم في الآخرة الاحتراق في النار والعذاب المهين . أما في الدنيا فقد بين الله تعالى عاقبة كل قوم كفروا بالله ... أما في هذه السورة الكريمة فكان عاقبة الرهط المفسدين الذين عقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم ، ومكروا بنبيهم وأهله والمؤمنين به
" ..... أنا دمّرناهم وقومهم أجمعين "
فكانوا عبرة لمن جاء بعدهم " فتلك بيوتهم خاويةً بما ظلموا ..... "
وأما قوم لوط الذي استمرءوا فاحشة اللواط ، ففعلوها في أنديتهم – وكانوا يتلذذون بالنظر إلى الفاعلين والعياذ بالله ، وهم يصرون على فعلها على علمهم ببهتان ما يعملون ، بل صمموا على إخراج لوط وآله لأنهم " يتطهّرون " والطهارة يكرهها الأبالسة في كل زمان ومكان فقد عاقبهم الله تعالى عقابين شديدين . أما الأول فإرسال الحجارة عليهم تحصبهم حصباً " وأمطرنا عليهم مطراً فساء مطر المنذَرين " وأما الثاني فقد قلب قراهم رأساً على عقب . وذكر الله تعالى الأمرين في سورة هود :
" فلما جاء أمرنا...
1- جعلنا عاليَها سافلها
2- وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود مسوّمةً عند ربك .... "
والعاقل من يستلهم من مصير الغابرين العبر والعظات فيزدجرعن ضلاله وغيه ، وينأى بنفسه وأسرته وقومه عن نهاية الفاسدين
" قل سيروا في الأرض ، فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين "

11- مهمة الداعية :

والداعية يتوكل على الله تعالى ويدعو إليه ، وهناك من يسمع لكنّ في أذنيه وقراً فلا يفقه ما يقال ولا ما يُراد . وإذا سمعوا هربوا من الحق الذي تكرهه نفوسهم الآثمة . واستمروا في غيهم وضلالهم ، أما المسلم ذو القلب الشفاف والفؤاد الواعي فإنه يقبل على الداعية يستفيد منه ويتقبل منه ويكون له عونا في دعوته إلى الله .
: " فتوكل على الله ، إنك على الحق المبين
إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولّوْا
مدبرين ......
وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم
إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون "
والحقيقة أن دور الدعاة التنبيهُ إلى طرق الخير والتحذير من سبل الغواية ، وأن يبدأوا بأنفسهم أولا، فهم القدوة . فمن تبعهم نجا ، ومن استنكف غوى وضل ، وليس لهم عليهم سلطان . هذا ما نبه إليه الله تعالى نبيه الكريم حين قال سبحانه :
" 1- إنماأمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرّمها ......
2- وأمرت أن أكون من المسلمين .
3- وأن أتلوَ القرآن ........
4- فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه
5- ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين . "






  رد مع اقتباس
قديم 26-06-10, 06:44 PM   رقم المشاركة : 2
أسماء حسين
أَوْجَاع أُمَّة







أسماء حسين غير متصل

أسماء حسين is on a distinguished road



* أسأل الله العظيمْ ربّ العرش العظيمْ أن يجعل منزلتك مع الأتقياء الصالحين







التوقيع :
[ أطوع الناس لله أشدهُم بغضًا لمَعصيته ] ..أبو بكر الصديق
[ ليس لأحد عذرا في تعمّد ضلالة حسبها هدى ، و لا ترك حقٍّ حسبه ضلالة ] ..عُمَر بنْ الخطاب
من مواضيعي في المنتدى
»» عار في بيت شيعي ملتزم ( وثيقة )
»» لاتترك عبيدك ياعلي ؟
»» ياشيعة : أشهد الله أني لكم من الناصحين
»» 12 سُؤالٌ عَجِزَ الشِيعة الإجَابْةِ عَليهَا
»» خلفيّات لسطح المُكتبْ وللتصميمْ ( الصحابة )
  رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:19 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "