الدعوى باطلة
فالخوارج
الذين خرجوا على علي بن أبي طالب رضي الله عنه
لم يكن فيهم صحابي واحد
بشهادة ابن عباس
ابن عم رسول الله صلى الله عليه و سلم
حبر الأمة و ترجمان القرآن
فعندما ذهب لمناظرة الخوارج
قالوا له
ماجاء بك؟
فقال:
جئتكم من عند أمير المؤمنين
ومن عند أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم
ولا أرى فيكم أحداً منهم
ولأبلغنكم ما قالوا، ولأبلغنهم ما تقولون،
فما تنقمون من ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصهره؟
ففي عام 37هـ
وهو العام الذي شهد معركة صفين بين جيشي علي ومعاوية رضي الله عنهما
وما تبعها من لجوء الفريقين إلى التحكيم حقناً للدماء.
وبالرغم من أن التحكيم لاقى ارتياحاً في صفوف المسلمين الذين أنهكتهم الحرب،
وساهم في حقن دماء المسلمين،
إلاّ أن نفراً من جيش علي رضي الله عنه
رأوا في التحكيم مخالفة شرعية وإثماً وباطلاً.
هؤلاء القوم الذين عرفوا فيما بعد بـ "الخوارج"
لم يكتفوا برفض التحكيم وآثاره
إنما خرجوا على خليفة المسلمين
علي بن أبي طالب رضي الله عنه
وصاروا يقومون عليه في المسجد ويصيحون قائلين
"لا حكم إلاّ لله"
معتقدين أنّ علياً بلجوئه إلى التحكيم خالف مبدأ أن الحكم لله وحده
وحملهم ذلك على إعلان الحرب على المسلمين
وخليفتهم والإفساد في الأرض.
وبالرغم من الصرامة التي أبداها علي تجاه إفسادهم،
إلاّ أنه كان حريصاً على حوارهم وهدايتهم لعلمه بجهلهم وتنطعهم في الدين
وأن فسادهم ناتج عن شبهات وجهل، فكان يحاورهم
وفي إحدى المرات أرسل علي رضي الله عنه إليهم عبد الله بن عباس رضي الله عنهما
وهو حبر الأمة وترجمان القرآن لمناقشتهم ومحاورتهم في الأمور التي نقموها على علي رضي الله عنه
وجعلتهم يخرجون عليه ويفارقون جماعة المسلمين.
وفي السطور القادمة يروي ابن عباس
أمر مناظرته مع هؤلاء الخوارج:
يقول رضي الله عنه:
لما اجتمعت الخوارج في دارها وهم ستة آلاف أو نحوها
قلت لعلي:
يا أمير المؤمنين لعلي ألقى هؤلاء ـ أي لأحاورهم ـ
قال: فإني أخافهم عليك، قلت: كلا، فلبس ابن عباس حلتين من أحسن الحلل، وكان جهيراً جميلاً،
قال: فأتيت القوم فلما رأوني قالوا مرحباً بابن عباس وما هذه الحلة؟
قلت: وما تنكرون من ذلك لقد رأيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم حلة من أحسن الحلل،
قال ثم تلوت عليهم:
{قلْ مَنْ حَرَّمَ زيِنَة اللهِ التِي أخْرجَ لِعبَادِهِ} سورة الأعراف (32).
قالوا فما جاء بك؟
قلت: جئتكم من عند أمير المؤمنين ومن عند أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولا أرى فيكم أحداً منهم
ولأبلغنكم ما قالوا، ولأبلغنهم ما تقولون،
فما تنقمون من ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصهره؟
فقالوا:
ننقم عليه ثلاث خلال،
أحداهن:
أنه حكّم الرجال في دين الله وما للرجال ولحكم الله،
والثانية:
أنه قاتل فلم يُسبِ ولم يغنم، فإن كان قد حل قتالهم فقد حل سبيهم وإلا فلا.
والثالثة:
محا نفسه من أمير المؤمنين فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير المشركين.
قلت: هل غير هذا؟
قالوا: حسبنا هذا، قلت:
أرأيتم إن خرجت لكم من كتاب الله وسنة رسوله أراجعون أنتم؟
قالوا: وما يمنعنا،
قلت:
أما قولكم إنه حكّم الرجال في أمر الله، فإني سمعت الله يقول في كتابه:
{يا أيُّها الذينَ آمنُوا لاَ تقتلُوا الصَّيدَ وأنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قتلهُ منكم متعمداً فجَزاء مثلُ مَا قتَلَ مِنَ النعَم يَحّكُمُ بهِ ذوَا عَدّلٍ منكُم}
سورة المائدة (95)، وذلك في ثمن صيد أرنب أو نحوه قيمته ربع درهم فوض الله الحكم فيه إلى الرجال، ولو شاء أن يحكم لحَكمَ،
وقال: {وَإنْ خفتمْ شِقاق بَينهما فابْعثوا حَكماً من أهلهِ وَحَكماً من أهلِهَا} سورة النساء (35)؛
أخرجتُ من هذه؟ قالوا: نعم.
قلت:
وأما قولكم قاتل فلم يسب فإنه قاتل أمكم ـ أي عائشة([1])ـ فإن زعمتم أنها ليست بأمكم فقد كفرتم، وإن زعمتم أنها أمكم فما حل سباؤها، فأنتم بين ضلالتين؛
أخرجتُ من هذه قالوا: نعم.
قلت وأما قولكم:
إنه محا اسمه من أمير المؤمنين([2])
فإني أنبئكم عن ذلك أما تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية
جرى الكتاب بينه وبين سهيل بن عمرو، فقال يا علي اكتب:
هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله، فقالوا ـ أي المشركين ـ لو علمنا أنك رسول الله ما قاتلناك،
ولكن اكتب اسمك واسم أبيك، فقال اللهم إنك تعلم أني رسولك ثم أخذ الصحيفة فمحاها بيده، ثم قال يا علي اكتب:
هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله، فوالله ما أخرجه ذلك من النبوة؛
أخرجتُ من هذه؟ قالوا: نعم.
قال الراوي عن ابن عباس:
(فرجع ثلثهم إلى جيش علي، وانصرف ثلثهم، وقُتل بقيتم على الضلالة).
للاستزادة:
1 ـ الفرق بين الفرق ـ الإمام عبد القاهر البغدادي.
2ـ البداية والنهاية (الجزء السابع) ـ الإمام ابن كثير.
3 ـ حقبة من التاريخ - الشيخ عثمان الخميس .
4- مقال " بين ابن عباس والخوارج " رياض العمري ، صحيفة الجزيرة 25/5/2007
[1]) ) ـ كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في معركة الجمل في الجيش المقاتل لجيش علي رضي الله عنه.
[2]) ) ـ عند كتابة بنود الصلح في حادثة التحكيم لم يقبل معاوية أن يكتب فيها علي أمير المؤمنين مبرراً ذلك بأنه لم يبايعه ولم يعتبره أمير المؤمنين، ولو كان بايعه أميراً للمؤمنين لما قاتله.