برنامج البيان التالي .. تحت المجهر
خالد بن رشيد المهنا
يقول الله تعالى: " وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى "
من خلال هذا التوجيه الرباني سأسلط الضوء على برنامج شهير اكتسب شهرة واسعة في مدة قليلة، وهذه الشهرة ليست مقياساً للنجاح، فالنجاح يُقاس بما وافق الشرع وليس بالشهرة، وهذا البرنامج خرج علينا في قناة دليل ، وهذه القناة قد تمكنت في الدخول إلى كثير من البيوت المحافظة في وقت فساد القنوات، أدخلها الناس ثقةً في المشرف العام عليها فضيلة الدكتور سلمان العودة.
وحين النظر في البرنامج فلابد أن ننظر إلى مقدمه، لأن البرنامج يعتمد على المقدم اعتماداً كبيرا، من ناحية اختيار الضيوف، ومن ناحية تنسيق المداخلات، ومن ناحية التوجيه في إعداد التقارير.
ولا أخفيكم بأني أقدر الدكتور عبدالعزيز قاسم، ومما شجعني في الكتابة عن برنامجه ( البيان التالي ) هو قول الدكتور عبدالعزيز قاسم نفسه بعد سؤال وُجه له عن الهجوم الذي يُشَن عليه: ( ما تسميه هجوما أنا لا أنظر إليه بهذه الصيغة العدائية، بل هو نقد، ونقد قوي للبرنامج من بعض مشاهديه، وأنا أتقبله من أحبة يكرمونني بمتابعتهم لي كل أسبوع، ومن حقهم إبداء رأيهم وإن كان قاسياً)
وقد يكون في مقالي شيئاً من القسوة التي أراها في محلها.
والحقيقة التي لا بد من تسجيلها هو أن البرنامج من معاول الهدم لا البناء، ومن مواطن إدخال الشبهات على المحافظين في دينهم وأخلاقهم.
وهذا يكمن في المظاهر التالية:
أولاً: البرنامج يثير قضايا خطيرة لا يُنهي نقاشها على ما يوافق الكتاب والسنة بل حتى على ما يوافق المجتمع السعودي، وينتهي الأمر عند إثارتها في ذهن المتلقي فقط، وقد لا يُكتفى بذلك، وإنما يكون هناك دعم غير مباشر للآراء المتوافقة مع الليبراليين بغلاف اسمه ( البديل )، ويظهر هذا جلياً في حلقة ( السينما) مع الشيخ الهبدان، حيث إن الاستطلاع في التقرير كان ظالماً، لأنه لا يتوافق مع المجتمع السعودي الذي يرفض السينما، وأراد عبدالعزيز قاسم ونحوه أن يتخذ منهجاً ( يزعم وسطيته ) بين الليبراليين المؤيدين للسينما في واقعها والإسلاميين الرافضين للسينما أصلاً، فذهب عبدالعزيز قاسم إلى القول بإيجاد البديل لواقع السينما المحرم، بحيث يكون هناك ( سينما إسلامية )، فألجمه الشيخ الهبدان بأن هذا القول شي وتطبيقه شي آخر مستدلاً بمواد نظام وزارة الإعلام التي لم تطبقها الوزارة،وببيانات العلماء بالإجماع على حرمة سوق السندات ومع ذلك لم يُمنع، حين ذلك ينبغي على عبدالعزيز قاسم أن يسكت أو يرد على ذات كلام الشيخ الهبدان، لا أن يتكلم يمنة ويسرة للتشغيب غير المناسب الذي فيه انتهاك للمهنة حينما وضع نفسه مناضلاً عن بديل السينما دون تقديم أي رد على ما ذكره الشيخ الهبدان سوى التشغيب المستهجن.
ثانياً: البرنامج يقوم بتلميع أهل الفكر المنحرف، ويقوم بالتسويق لهم أمام العامة، ولاشك بأن هذا خطير، لأن فيه تمكيناً للرموز المنحرفة ذات الاتجاه الليبرالي من الوصول إلى البيوت المحافظة عن طريق قناة ( إسلامية ) وثق الناس فيها، وهذا مكسب لليبراليين لم يحلموا به، خصوصاً حينما رأينا تمكينهم من إلقاء الشبهات دون رد واضح عليهم.
ثالثاً: البرنامج يقوم بتمجيد أولئك الرموز المنحرفة من خلال مدحهم في بداية اللقاء ونهايته ، وهذا ترويج لهم ، مع تناسي تاريخهم ( العفن ) وأعمالهم المفسدة، ويكمن خطر ذلك إذا ظهروا بمظهر البريء، ويساعدهم في هذا الظهور عبدالعزيز قاسم في برنامجه من خلال المدح .
رابعاً: ليس للبرنامج منهجية ثابتة، فتارةً كأنه مساعد للتيار الليبرالي في تسويق هذا المشروع، وتارةً مساعد للتيار السلفي، وتارةً يكون ضد التيار السلفي، ولا شك بأن هذا الإضطراب يفقد مصداقية البرنامج لدى النخب الثقافية، ويساهم في إثارة الشبهات لدى العامة المحافظين الذين أدخلوا قناة دليل للإستفادة، وقد ينقلب حالهم إلى عدم الإستفادة،بل إلى التشكيك في مسلمات الدين من خلال ما يسمعوه من شبهات تُلقى من ضيف البرنامج الذي نال المدح الهائل من قناة دليل ( على لسان عبدالعزيز قاسم ).
خامساً: تكمن المشكلة في سياسة قناة دليل أنها لم تجعل مقدمي البرامج ممثلين لأنفسهم وليس للقناة، بل إن المقدمين الذين يكيلون المدح لأصحاب الأفكار المنحرفة هم يتحدثون باسم قناة دليل، ومن هنا يحصل الإشكال لدى المتلقين الذين قد وثقوا في القناة من خلال تزكيات العلماء لها.
- تنبيهان:
الأول: ان عبدالعزيز قاسم لم يفعل ذلك من باب الإساءة للدين ( وهذا حسن ظننا فيه )، لكنه فعل هذا من باب سوء اتخاذ الطريقة في كسب أهل الفكر المنحرف من خلال تعامله، فقد ضل الطريق وهو يزعم أنه يحسن صنعا.
الثاني: أنه يجب أن يصل صوتنا إلى المسؤولين على القناة، حتى يقدروا مسؤوليتهم في البيوت المحافظة، ويكونوا عند حسن الظن