بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد:
فإن القاريء لاستدلالات الشيعة لأصول عقائدهم وأركان ديانتهم يلاحظ السطحية والعشوائية والانتقائية في حشد الأدلة وطريقة الاستدلال ,فيجدهم يستدلون بالدليل لمجرد ذكر كلمة مشابهة أو رقم من غير نظر الى المعنى المراد أو الموضوع المقصود.
والمثال على ذلك استدلالهم بحديث الاثني عشر خليفة,فما حقيقة هذا الحديث وما مدى صحة الاستدلال؟.
روى البخاري في صحيحه في باب الاستخلاف من كتاب الأحكام عن جابر بن سمرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يكون اثنا عشر أميراً. فقال كلمة لم أسمعها. فقال لأبي: إنه قال: كلهم من قريش. والحديث رواه مسلم والترمذي وأبوداود.
ولفظ مسلم: "إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة"
وفي لفظ له: "لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلاً"
وفي لفظ له أيضا: "لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة"
وفي لفظ آخر: " لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاًإلى اثني عشر خليفة"
وفي رواية أبى داود: "لا يزال هذا الدين قائماً حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم تجتمع عليه الأمة"
1-الحديث برواياته صريح في أن هؤلاء الاثني عشر يكونون خلفاءوأمراءعلى الناس، ومعلوم أن أئمة الشيعة لم يتول منهم الخلافة والإمارة سوى علي وابنه الحسن، أما البقية فمنهم من مات في السجن، ومنهم من مات أبوه وهو طفل صغير، والبقية إما مضطهد كما يقولون أو ملازمٌ بيته يُعلّم أويتعلم، فالحديث إذن في وادٍ والشيعة في وادٍ آخر! ولم تُسمِّ الروايات أي واحد من هؤلاء...!
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" ومن ظن أن هؤلاء الاثنى عشر هم الذين تعتقد الرافضة إمامتهم فهو في غاية الجهل ، فإن هؤلاء ليس فيهم من كان له سيف إلا علي بن أبي طالب ، وأما سائر الأئمة غير علي فلم يكن لأحد منهم سيف ، لا سيما المنتظر ، بل هو عند من يقول بإمامته إما خائف عاجز ، وإما هارب
مختف من أكثر من أربعمائة سنة . وهو لم يهد ضالا ، ولا أمر بمعروف ، ولا نهى عن منكر ، ولا نصر مظلوما ، ولا أفتى أحدا في مسألة ، ولاحكم في قضية ، ولا يعرف له وجود . فأي فائدة حصلت من هذا لوكان موجودا ؟ فضلا عن أن يكون الإسلام به عزيزاً.
2 - إن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الإسلام لا يزال عزيزا ، ولا يزال أمر هذه الأمة مستقيما حتى يتولى اثنا عشر خليفة ، فلو كان المراد بهم هؤلاء الاثنا عشر ، وآخرهم المنتظر وهو موجود الآن إلى أن يظهر عندهم : كان الإسلام لم يزل عزيزا في الدولتين الأموية والعباسية ، وكان عزيزا وقد خرج الكفار بالمشرق والمغرب ، وفعلوا بالمسلمين ما يطول وصفه ، وكان الإسلام لا يزال عزيزا إلى اليوم ، وهذا خلاف ما دل عليه الحديث .وأيضا فالإسلام عند الإمامية هو ما هم عليه ، وهم أذل فرق الأمة ، فليس في أهل الأهواء أذل من الرافضة ، ولا أكتم لقوله منهم ، ولا أكثر استعمالا للتقية منهم ، وهم على زعمهم شيعة الاثني عشر ، وهم في غاية الذل ، فأي عز للإسلام بهؤلاء الاثني عشر على
زعمهم .انتهى. "منهاج السنة" (8/173-174).ويقول الحافظ ابن كثير رحمه الله :" وهذا الحديث فيه دلالة على أنه لا بد من وجود اثني عشر خليفة عادلا ، وليسوا هم بأئمة الشيعة الاثني عشر ، فإن كثيرًا من أولئك لم يكن إليهم من الأمر شيء ، فأما هؤلاء فإنهم يكونون من قريش، يَلُون فيعدلون " انتهى."تفسير القرآن العظيم" (6/78)
2-- المذكور في الحديث : " اثنا عشر خليفة "، وليس " اثنا عشر إماما "، وفرق بين الأمرين ، فالإمامة عندهم أمر زائد على الخلافة والحكم ، فالإمامة تقتضي عندهم وجوب الطاعة وعصمة الأقوال والأفعال والنيابة عن الله تعالى في التصرف بهذا الكون وعلم الغيب ونحو ذلك من الغلو الذي يصل إلى حد الكفر والعياذ بالله . وأما الحديث فغاية ما فيه أنه سيأتي اثنا عشر خليفة ، وفي رواية أميرا ، ليدل على وقوع الإمارة في اثني عشر رجلا من قريش.
3-هؤلاء الاثنا عشر نسبوا في الحديث إلى قريش ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( كلهم من قريش ) ، ولو كانوا من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم لقال : ( كلهم من بني هاشم ) فإن الهاشمية أخص من القرشية ، وقد جرت العادة النسبة إلى أقرب نسب ، فلولا أنهم ليسوا كلهم من بني هاشم لما نسبهم صلى الله عليه وسلم إلى قريش.
يقول الشيخ عثمان الخميس(إن الرواية الصحيحة هي : ( كلهم من قريش ) ، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يذكر الأعم وهو يريد الأخص ، فهذا خلاف البلاغة ، والنبي أبلغ الناس صلوات الله وسلامه عليه .
فلا أقول مثلا : ( كل عربي سأعطيه مائة دينار ) فإذا أتاني مصري قلت له : أنا أقصد كل سوري . ألن يتهمني بالسفه والعي ، ويقول لي : فقل إذاً كل سوري .والنبي صلوات الله وسلامه عليه لو كان يريد عليا وأبناءه لقال : ( هم علي وأولاده ) وحتى لو قال : ( كلهم من بني هاشم ) لما كانت بليغة ، فبنو هاشم كثر ، ، وقريش أكثر ، والرواية جاءت فيهم.
4-إن عدد الأئمة عند الرافضة 13 إماما, حيث يدعي الكليني في الكافي أن اسماء الأئمة الإثني عشر كانوا مكتوبين في لوح عند الزهراء رضي الله عنها، فورد في باب ما جاء في الإثني عشر والنص عليهم،عليهم السلام:
9ـمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ ابي جعفر (عَلَيْهِ السَّلام) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله الانْصَارِيِّ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ (عليها السلام) وَبَيْنَ يَدَيْهَالَوْحٌ فِيهِ أَسْمَاءُ الاوْصِيَاءِ مِنْ وُلْدِهَا فَعَدَدْتُ اثْنَيْ عَشَرَآخِرُهُمُ الْقَائِمُ (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ثَلاثَةٌ مِنْهُمْ مُحَمَّدٌوَثَلاثَةٌ مِنْهُمْ عَلِيٌّ.
في هذه الرواية ذكر اثني عشرإماما من ولد فاطمة، وعلى هذا يكون عدد الأئمة 13 إماما بعلي بن أبي طالب، ويؤكدذالك أن الرواية تقول فيهم ثلاثة علي، والثلاثة علي من ولد فاطمة هم:
- علي بن الحسين السجاد
- علي بن موسى الرضا
- علي بن محمدالهادي
فلو قال: وأربعة علي لانتفى جزء من الإشكال!! لكن الإشكال الكبير قائم، 12 إماما من ولدها فأين عليٌ المرتضى؟
تعليــــــــــــــــــــق:
يعلق الروافض على هذا بقولهم أن العدد هو 12 يشمل الإمام علي،وأقول:
هنا خياران أمام الرافضة:
- إما أن يكون العدد 12، وواضع الرواية يريد أن يثبت الرقم 12، فيكون الإمام المعصوم أخطأ في التعبير وخرج على العصمة!! لأن المفهوم من الرواية 12 إماما من ولدها بدليل "وَثَلاثَةٌ مِنْهُمْ عَلِيٌّ"، فيكون عددهم 13 مع علي بن أبي طالب..
-أو أنه معصوم فيكون عدد الأئمة ثلاثة عشر!! لأن المعنى لمن لسانه عربي وليس فارسيا 13 وليس12فمن يكون الإمام رقم 13؟
وفي كلا الحالتين لامهرب!! سقوط للدين الإمامي الإثني عشري لتناقضه وتهافته..
ويعضد الرواية السابقة بأن عدد الأئمة13هذه الرواية في نفس الباب:
17ـ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِبْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْعُصْفُورِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِت عَنْ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ ابي جعفر (عَلَيْهِ السَّلام) قَالَ قَالَ رَسُولُ الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) إِنِّي وَاثْنَيْ عَشَرَ مِنْ وُلْدِي وَأَنْتَ يَا عَلِيُّ زِرُّ الارْضِ يَعْنِي أَوْتَادَهَا وَجِبَالَهَا بِنَاأَوْتَدَ الله الارْضَ أَنْ تَسِيخَ بِأَهْلِهَا فَإِذَاذَهَبَ الاثْنَا عَشَرَ مِنْ وُلْدِي سَاخَتِ الارْضُ بِأَهْلِهَا وَلَمْ يُنْظَرُوا.
وبهذا سقط استدلال الشيعة، وبقي عليهم أن يحددوا:
هل عدد الأئمة 12 أم 13 حسب روايات الكافي للكليني،والنتيجة تناقض وكذب وتدليس؟.
ويقول الشيخ عثمان الخميس حفظه الله :" ولسائل أن يسأل : هل الأمر
مجرد مصادفة أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم يحكم أو يلي أمرالمسلمين اثنا عشر ، ويكون عدد أئمة الشيعة اثني عشر ؟والجواب : هو أن الأمر ليس مصادفة ، والشيعة الأول لم يكونوا يقولون بإمامة الاثني عشر ، ولهذا انقسمت الشيعة إلى فرق كثيرة ، فمن الشيعة من قال بإمامة علي وحده ، وهم السبئية ، ووقفوا عنده ، وفرقة قالت بإمامته وإمامة الحسن والحسين ومحمد بن علي ، وهم الكيسانية ، ووقفوا عند محمد ، وفرقة قالت بالإمامة إلى جعفر ووقفت ، وفرقة قالت بإمامة المنتظر ، وهم الاثنا عشرية . وهناك فرق أخرى واختلافات كثيرة من أراد التوسع فليرجع إلى كتاب النوبختي في فرق الشيعة .فأنت أخي القارئ ترى أن القول باثني عشر إماما جاء متأخرا جدا ، وإلا ما كانت هذه الفرقة بين الشيعة المتقدمين ، فهي أحاديث وضعت بعد زمن من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، بل ووفاة أكثر أئمة الشيعة .فقد تبين لك أيها القارئ أن الشيعة هم الذين جعلوا هذا العدد مساويا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.وإن كان هؤلاء يحتجون بهذا الحديث لتناسب الرقم ، فما رأيهم بالحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه [2779] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( في أمتي اثنا عشر منافقا لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدُونَ رِيحَهَا حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ).
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه أجمعين.