السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الدور الصوفي في تخلف الأمة
" قصة "
روى الجبرتي في أحداث السنة ألف ومائتين من الهجرة هذه الحادثة التي وصفها بالمستهجنة ـ رغم أنه صوفي النزعة والتربية ـ والتي تدل على مدى الدور الذي قامت به الصوفية في تخلف هذه الأمة، فيقول: إن امرأة تعلقت برجل من المجاذيب يقال له الشيخ 'علي البكري' مشهور ومعتقد عند العوام، وهو رجل طويل حليق اللحية يمشي عريانًا حافيًا فصارت هذه المرأة تمشي خلفه أينما توجه وهو بإزارها وتخلط في ألفاظها وتدخل معه إلى البيوت، وأشاع الناس أن الشيخ قد لحظها وجذبها! وصارت من الأولياء! ثم ارتقت في درجات الجذب وثقلت عليها الشربة فكشفت وجهها ولبست ملابس الرجال ولازمته أينما توجه، وصار يتبعهما الأطفال والصغار وهوام العوام، ومنهم من اقتدى بهما أيضًا ونزع ثيابه وتحنجل في مشيه.
فقال الناس إنه اعترض على الشيخ والمرأة فجذبه الشيخ أو لمسه بيده فصار من الأولياء، وزاد الحال وكثر خلفهم أوباش الناس حتى صاروا بأعداد كبيرة يحدثون الفوضى في كل مكان يعبرون فيه مع ضجة عظيمة، وإذا جلس الشيخ في مكان وقف الجميع للفرجة عليه، ثم تصعد المرأة على مكان وتتكلم بفاحش القول ساعة بالعربي وساعة بالتركي، والناس تنصت لها ويقبِّلون يدها ويتبركون بها، وبعضهم يضحك، وبعضهم يقول، الله الله. وبعضهم يقول: دستور يا أسيادي. وهكذا، وإذا حاول بعضهم الاعتراض نهاه الناس وخوفوه بعقاب الشيخ والشيخة.
واستمر الحال هكذا حتى تدخل قاضي القاهرة بمعاونة أمير الجند ويقال له 'جعفر الكاشف'، فقبضوا على الشيخ والشيخة وجيش المجاذيب التابع لهما، وضربهم ضربًا شديدًا، ثم أطلق سراح الشيخ وأودع المرأة المارستان عند المجانين، وأطلق باقي المجاذيب بعدما أعلنوا توبتهم ولبسوا ثيابهم وطار الجدب من عقولهم، وعادوا إلى صوابهم وحياتهم العادية.