السلام عليكم
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الزميل الهاوي :
............... هل أصبحت الإمامة و قيادة الأمة مسألة شخصية له الخيرة في القيام بها أو تعطيلها
يستطيع أن يتخلى عنها كيفما شاء و متى شاء !؟!....... أوليست الإمامة و قيادة الأمة من الدين !!
الجواب :
........... نعم أيها الزميل كلامك صحيح ، و لكن إذا كان الإمام علي عليه السلام كان يفعل كل ذلك باجتهاد من عند نفسه من غير استناد إلى كتاب الله و سنة نبيه صلى الله عليه و آله .
أما إذا كان هناك استناد إلى الكتاب و السنة فإن الأمر يختلف .
مثلاً : قال الله تعالى { فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } فإن الذي يأخذ بهذه الآية فقط فإنه لا يعرف غير القتال و يعترض على الذين يجنحون إلى السلم .
أما من يعرف بأن الله تعالى قد أمر بأمور أخرى ، فإنه سوف يأخذ بجميع أمر الله و لا يجمد على جانبا واحدا .
مثلاً : قال تعالى { وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } فكما أن الله تعالى قد أمر بالقتال فإنه قد أمر أيضاً بالسلم .
فالشيعة لا يقولون بأن الإمام علي عليه السلام قد تنازل ، و صبر ، و سكت عن حقه و حق زوجته .
الشيعة يقولون بأن الإمام علي عليه السلام يتحرك ضمن خطة إلهية قد أخبره بها النبي صلى الله عليه و آله قبل موته ، و أن هذه الخطة تتطلب صبر في بعض المواطن و تتطلب سكوت في بعضها الآخر و تتطلب تنازل ، و لكن ليس عن الإمامة و ليس عن حقوق الله و إنما عن بعض الحقوق الشخصية و ليس الدينية .
و قد جعل الله هذه الخطة مع أنه قادر على نصر أوليائه من أجل أن يكون الإيمان اختياري و ليس إجباري .
فلو أن الإمام علي عيه السلام قام و حارب لكان إيمان الناس بالسيف و ليس بالاقتناع ، و لذهب الإسلام بعد غياب السيف . و لكن أراد الله أن يبقى الدين عن طريق الأمور الطبيعية و ليس عن طريق القوة و المعجزة .
و هذا ليس فقط في الأئمة بل حتى في الأنبياء .
فقد كان الأنبياء يقتلون مع أنهم قادرين على دفع الأذى عن أنفسهم بالمعزات و لكنهم لم يفعلوا بل صبروا
قال تعالى عن سكوت النبي هارون عليه السلام { قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي }
قال تعالى { كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُواْ وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ }
فهل نقول بأن الله تعالى قد سكت و ترك الأنبياء يُقتلون ، أم نقول بأن الله تعالى عنده خطة أو حكمة في ذلك ، و أن الذي ينفذ هذه الخطة هم الأنبياء و الأولياء و يصبرون على ذلك حتى لو اتهمهم الناس بالسكوت و التنازل ؟
و قد تنازل النبي صلى الله عليه و آله عن كتابة رسول الله بعد اسمه الشريف عند ما رفض المشركون ذلك في صلح الحديبية .
( قال: اكتب: هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو. فقال سهيل : لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك. فقال صلى الله عليه وسلم: اكتب. هذا ما صالح عليه محمدُ بن عبدالله، سهيلَ بن عمرو. )
و هذا هو السر في سكوت و صبر الأنبياء و الأئمة و هو تنفيذ خطط الله ( إرادة الله ) و ليس اجتهاد من عند أنفسهم .
ملاحظة :
............ الإمام علي عيه السلام لم يتنازل عن الإمامة لأن الإمامة مثل النبوة لا يمكن التنازل عنها ، فقد كان إبراهيم عليه السلام نبياً و إماماً مع أنه لم يكن حاكماً .
فالحكم شيء و الإمامة و النبوة شيء آخر . فالذي تنازل عنه الإمام عليه السلام هو الحكم و ليس الإمامة فهو قد بقي إمام إلى يومنا هذا و كذلك بقية الأئمة فإنهم قد بقوا أئمة مع أنهم لم يحكموا ، فالإمام المهدي عليه السلام هو الإمام اليوم و لكنه ليس هو الحاكم .