زيارة كربلاء يوم عرفة أفضل من سائر الأيام :
مما يكشف أن هذه النصوص هي ثمرة مؤامرة ضد الأمة لصرفها عن بيت ربها، والعمل على إفساد أمرها، وتفيرق اجتماعها، والحيلولة دون تلافيها في هذا المؤتمر السنوي العام، أن هذه الروايات خصت زيارة الحسين يوم عرفة بفضل خاص، تقول: " من أتى قبر الحسين عارفاً بحقه في غير يوم عيد كتب الله له عشرين حجة، وعشرين عمرة مبرورات مقبولات ... ومن أتاه في يوم عيد كتب له مائة حجة، ومائة عمرة، ومن أتاه يوم عرفة عارفاً بحقه كتب الله له ألف حجة، وألف عمرة مبرورات متقبلات، وألف غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل "[1].
وتكاد بعض رواياته تصرح بالهدف، فهذا جعفرهم يقول : " لو إني حدثتكم بفضل زيارته، وبفضل قبره لتركتم الحج رأساً، وما حج منكم أحد، ويحك أما علمت أن الله اتخذ كربلاء حرماً آمناً مباركاً قبل أن يتخذ مكة حرماً [2]. فأنت تلاحظ أنه صرح من طرف خفي أن ترك الحج وزيارة كربلاء أولى .
وقال : " إن الله يبدأ بالنظر إلى زوار قبر الحسين بن علي عشية عرفة قبل نظره إلى أهل الموقف ( قال الراوي وكيف ذلك ؟ ) قال أبو عبد الله - كما يزعمون - لأن في أولئك أولاد زنا وليس في هؤلاء أولاد زنا[3].
وأولاد الزنا عند الرافضة هم جميع المسلمين - كما سلف - وسيظهر من رواياتهم أن لهذه الأساطير تأثيرها حتى قال أحد نقلة هذه الأسطورة ورواتها بعد سماعه دعاء من جعفر لزوار قبر الحسين قال: "والله لقد تمنيت أني زرته ولم أحج"[4].
وتتحدث رواية أخرى أن من أراد : " أن يتنفل بالحج والعمرة فمنعه من ذلك شغل دنيا، أو عائق فأتى الحسين بن علي في يوم عرفة أجزأه ذلك من أداء حجته، وضاعف الله له بذلك أضعافاً مضاعفة، قال الراوي : ( قلت : كم تعدل حجة، وكم تعدل عمرة ؟ قال: لا يحصى ذلك، قلت : ألف، قال: وأكثر ؛ ثم قال: وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها)[5] وأنت تلاحظ أن صدر النص يشير إلى أن الحج أفضل، وأن زيارة الحسين هي البديل عند حصول عائق، بينما عجزه يشير إلى خلاف ذلك .
قال شيخهم الفيضي الكاشاني في التعليق عما تذكره رواياتهم من فضائل زيارة قبر الحسين : ( إن هذا ليس بكثير على من جعله الله إماماً للمؤمنين، وله خلق السماوات والأرضين، وجعله صراطه وسبيله، وعينه، ودليله، وبابه الذي يؤتي منه، وحبله المتصل بينه وبين عباده من رسل وأنبياء، وحجيج وأولياء هذا مع أن مقابرهم - رَضِيَ الله عَنْهُم - فيها أيضاً إنفاق أموال، ورجاء آمال، وإشخاص أبدان، وهجران أوطان، وتحمل مشاق، وتجديد ميثاق، وشهود شعائر، وحضور مشاعر ) [6].
تأمل هذا الغلو، حيث جعل الحسين هو الحبل والواسطة بين الله وعباده وأنه عين الله وبابه !! ولاحظ توجيهه لفضل زيارة قبر الحسين بفعل أسباب الوقوع في الشرك نفسه من شد الرحال إلى القبر، وإنفاق الأموال لها، أو عندها طلباً لشفاعتها، وتعليق الآمال عليها إلى آخر ما ذكره من أعمال الشرك وأسبابه، ومع ذلك فهذا عندهم من أفضل الطاعات[7] !!! .
([1]) انظر: الكليني، فروع الكافي (1/324)، ابن بابوية، من لا يحضره الفقيه (1/182)، الطوسي، التهذيب (2/16)، ابن قولوية، كامل الزيارات ص(169)، ابن بابوية، ثواب الأعمال ص(50)، الحر العاملي، وسائل الشعية (10/359) .
([2]) بحار الأنوار (101/33)، كامل الزيارات ص(266) .
([3]) الفيض الكاشاني، الوافي، المجلد الثاني (8/222) .
([4]) وسائل الشيعة (10/321)، فروع الكافي (1/235)، ثواب الأعمال ص(35) .
([5]) الوافي، المجلد الثاني (8/223) .
([6]) الوافي، المجلد الثاني، (8/224) .
([7]) ولكن لماذا يعمل شيوخهم بهذه الروايات ويدعو الحج ...؟ الواقع أنهم لم يفعلوا، لعل ذلك لأسباب منها ليتمكن هؤلاء من نقل شرهم لسائر العالم الإسلامي عبر هذا المؤتمر العظيم، وخشية التشنيع عليهم من قبل المسلمين، فيفقدوا الأرضية الصالحة لنشر دعوتهم سيما أنهم يرون الفريضة لابد منها، على الرغم من أن هذه الروايات لا تجعل في قلب المؤمن بها أي حنين إلى حج بيت الله الحرام، ولذا ما أسهل أن يصدروا قراراً بمنع الأتباع من الحج لأدنى خلاف سياسي لأنهم قد خدعوهم بمثل هذه الروايات المنسوبة للآل - زوراً - كذلك لولا الخمس الذي يأكلونه من أموال الأتباع والذي يفرض على سبيل الفور لمن أزمع الحج - كما مر - وكذلك الرغبة في تحقيق الفتنة في أرض المشاعر لما طالبوا بزيادة عددهم في الحج .