جريدة السياسة الكويتية 7-ذو الحجة-1430هـ / 24-نوفمبر-2009م
نصر الله "استنجد بالدولة بعد "إفلات" تجارة المخدرات من أيدي "حزب الله"
لم تمض أسابيع ثلاثة على تساؤلات اللبنانيين والدول المعنية بالقضية اللبنانية الساخنة حول الأسباب الحقيقية وراء "سماح" حزب الله للأجهزة الأمنية بدخول مربعه الأمني الأول الأكثر تحصينًا في الضاحية الجنوبية من بيروت حيث مقار قياداته السياسية والعسكرية والروحية, والانتشار فيه على نطاق واسع, كما لم يمض أسبوعان على إعلان أمين عام الحزب الإيراني حسن نصر الله "حربه على المخدرات" في آخر كلمة له وجهها إلى محاربيه في ذكرى "يوم الشهيد", والتي استحوذ الحديث عنها خمس الكلمة تلك, حتى خرج أحد جنرالات إسرائيل أول من أمس ليكشف النقاب عن خلفيتي عودة القوى الأمنية إلى الضاحية الجنوبية
وتركيز نصر الله على موضوع المخدرات هذا, عندما أكد أن
"خلايا تهريب المخدرات إلى الأراضي الإسرائيلية من لبنان التي تحظى بتسهيلات من السلطات العبرية, ليست سوى جزء يسير من مجموع الشبكات التي تستخدمها إسرائيل للحصول على معلومات استخبارية",
ما يؤكد أن صرخة الأمين العام لحزب الله لها ما يبررها فعلاً.
إلا أن هذا الأخير لم يجب في خطابه على السؤال الفوري الذي تبادر إلى أذهان الناس: "من أين تأتي هذه المخدرات إلى ضاحية بيروت الجنوبية لتعم بكمياتها الهائلة في ما بعد كل شرائح المجتمع اللبناني وخصوصا طلاب المدارس والجامعات وأبناء الطبقتين الفقيرة والغنية على حد سواء?
منظمة "دي اي اي" dea الأميركية الدولية لمكافحة المخدرات المنتشرة في مختلف دول العالم, أجابت عن هذا السؤال عبر أحد ممثليها في لبنان الذي أكد أن "نحو 70 في المئة من مخدرات الحشيش والهيرويين والكوكايين هي من إنتاج لبناني محلي تزرع في المناطق البقاعية الواقعة
تحت سيطرة "حزب الله" و"حركة أمل",
كما أن قسما منها يزرع في مناطق الجنوب المحظور دخولها على قوى الأمن اللبنانية, ثم يجري تكريرها في مصافٍ يديرها عناصر من الحزب الذين يؤمنون عمليات توزيع 50 في المئة منها في لبنان, والباقي يحاولون نقله إلى بعض الدول العربية والأوروبية وخصوصا إلى إسرائيل لينقل منها الى الخارج...
فتحت جهات إيرانية داخل الحرس الثوري على حسابها خطوط تصدير مخدرات إلى مجموعات مستقلة من "حزب الله", وكلتاهما تعملان للكسب الشخصي خارج الأطر التي يحددها الحرس والحزب كجزء مهم من الدعم المالي, بحيث يظهر الثراء السريع والعلني واضحا على بعض قادة الحزب السياسيين والعسكريين وبعض قادة كوادره ومجموعات كبيرة من عناصره".
وأكد موظف الـ"dea" أنه خلال السنوات الثلاث التي أعقبت حرب يوليو لعام 2006 التي اصابت تداعياتها الشريحة الكبرى خصوصا من الطائفة الشيعية التي تعرضت للقتل والتهجير والخراب والدمار, توسع انتشار المخدرات في مناطق هيمنة "حزب الله" بشكل خطير بحيث خرجت ادارة عمليات توزيعه عن قدرة مسؤوليه وعناصره ليتفشى بصورة خطيرة, ويبلغ شرائح شيعية قريبة جدا من عائلات قادة هذا الحزب, كما ان كميات هائلة من المخدرات التي تنشرها عادة عناصر تابعة لاستخبارات الحزب داخل المدارس والجامعات في صفوف الشباب" المسيحي" والسني بشكل خاص, وجدت طريقها إلى آلاف الطلاب الشيعة أنفسهم, ما حمل نصر الله على دق ناقوس الخطر بعدما افلت زمام الأمور من أيدي حزبه, فاستنجد بالدولة وقواها الأمنية وجيشها لإنقاذ مناطقه من هذه الآفة المميتة".
وأماط مسؤول المنظمة الأميركية لمكافحة المخدرات اللثام عن "أن كميات المخدرات التي تنسق أجهزة الأمن الإسرائيلية مع خلاياها الشيعية في جنوب لبنان عمليات تهريبها إلى إسرائيل تذهب مباشرة إلى أوروبا أو مصر أو بعض الدول الخليجية, من دون أن تنتشر في المجتمع الاسرائيلي, فيما أثمان هذه المخدرات توزع على تلك الخلايا كرواتب مقابل المعلومات التي كشف المنسق السابق للشؤون الإسرائيلية في لبنان الجنرال ديفيد اغمنون الجمعة الفائت النقاب عن انها تصل اليهم مقابل السماح بعمليات التهريب المضبوطة والمقننة".
وقال المسؤول إن
"صرخة حسن نصر الله الأخيرة ضد المخدرات واستنجاده بالدولة اللبنانية للحد من انتشارها في مناطقه, لم تكن وليدة حرص الحزب على مكافحة هذه الآفة في صفوف الطائفة الشيعية فحسب بل لأن موجات الإدمان على تعاطي المخدرات اجتاحت صفوف عناصر حزبه بشكل مخيف رغم العقوبات الصارمة التي تتخذها القيادة بحق المدمنين وبعض المهربين الخارجين على طاعتها".