لماذا اضطرب المالكي من تحالف المطلك وعلاوي؟
مهنا الحبيل
في بغداد أعلن داخل العملية السياسية التي يرعاها الاحتلال عن قيام ما سمي بالحركة الوطنية العراقية بين حركة الوفاق بقيادة إياد علاوي وبين جبهة الحوار بقيادة صالح المطلك وكان هجوم المالكي المباشر على هذه الوحدة مؤشراً لحجم القلق الذي يعتري الحركات الطائفية المستقدمة مع الاحتلال من الدور المستقبلي لهذا المشروع العلماني الذي يأتي في توقيت دقيق
وصلت فيه حالة التعفن الطائفي إلى أقصاها وهي حالة طائفية لاعلاقة لها بالمشروع الإسلامي الحضاري والكفاح الفكري والإنساني للتبشير به منذ منتصف الثلاثينات
خاصة أن الجانب الأبرز في حالة التعفن هو ما صدّرته النسخة الإيرانية بعمقها القومي الفارسي وقلقها المذهبي وصراعاته .
وكان هجوم المالكي على البعثيين كرديف رمزي لكون الشخصيتين لها ماضي مع الحزب وقد حُسبت حتى في الآونة الأخيرة على بعض شخصيات حزب البعث أو أجنحته المتوارية من خارج مربع المقاومة وهي قضية مهمة للغاية قد تحمل مؤشرات قرأها المالكي مبكراً وأحس مع تنظيمه بأنها قد تفضي إلى نجاحين قد يقضيان على مستقبله السياسي .
أما النجاح الأول - مؤكدين مجددا أنّ هذا الحراك وفقاً لقواعد
اللعبة السياسية التي يديرها الاحتلال وليست ضمن المشروع الوطني العراقي التحرري – فهذا النجاح يكمن في حصد هذا التحالف الجديد لأصوات شرائح متعددة من أبناء الطائفتين
وخاصة الامامية المفجوعة من مستوى الانحطاط القيمي والثقافي والفساد الاقتصادي الضخم والتلقيح الصناعي الفج للعمل السياسي الذي صُبّ على العراق فيما بعد الاحتلال
فخلق ثقافة متخلفة مهترئة تسود فيها الخرافة وتنبذها قيم التقدم والفكر الإسلامي الراشد بل تُدفن فيها مسيرة العقل الإنساني المبدع والتطور الحضاري ولغة الإنسانية الراقية التي كان العراق تاريخيا احد معاهده العالمية
فأضحت عباءة الدين المنحرف مضلة للبغاء السياسي والرشوة والمدخل لسرقة الإنسان وحريته ومصادرة قدراته التفكيرية .
ومع كل ذلك كان ذلك
الزخم الطائفي الذي رعته إيران والمتبادل مع جماعات العنف الوحشي القادم من خارج الحدود وبعض تُجّار الصفقات الآثمة في العملية السياسية من الطائفة الأخرى جسراً لاهراق الدماء وتروية الأرض بأشلاء الأطفال والنساء والمدنيين ومع كل وجبة مفجعة يُسعّر الخطاب الطائفي لمصلحة عمامة الطائفية السياسية فيُشترى بدماء الأبرياء مزيداً من صفقات النفوذ , هذه التعبئة التي ثبت أنها متواجدة في داخل الشارع الانتخابي كما أثبتت انتخابات المحافظات السابقة يراهن التحالف الجديد على حصد أصواتها ولذا فزع المالكي من إعلان قيامه .
أما النجاح الثاني الذي سيرتب أمريكيا بامتياز فهو إعادة تهيئة هذا التحالف (البعثي) الجديد ليكون النسخة الأمريكية المناسبة لاستلام المشروع القادم ما بعد الانسحاب إلى القواعد واستكمال تطبيق الاتفاقية الأمنية ومرحلتها الانتقالية من خلاله وهي ذات جانبين
الأول استبدال المالكي بطاقم مناسب للمرحلة يكون فُرص علاقته بالأمريكيين اكبر من الجانب الآخر المزدوج في ولائه بين طهران وواشنطن والجانب الثاني هو ضرب المشروع السياسي لحزب البعث المقاوم بغض النظر عن جناحيه من خلال تطمين الشارع الموالي مؤقتاً لفرص إعادة الضبط الأمني وهيمنة الدولة التي برز فيها حزب البعث تاريخياً ولكن هذه المرة
بنسخة أمريكية مقبولة وفريق يُنفّذ باقي مهمات الاتفاقية الأمنية برؤية واشنطن وان تمرد بعض الشيء على تفاصيل الاتفاقية .
غير أن استكمال هذا الدور وانتقاله إلى مرحلة التسليم سيكون رهناً لفوزه في الانتخابات وهو أمرٌ لا يمكن الجزم به
خاصة مع سيطرت الإيرانيين على المفاصل الميدانية للعمل السياسي والأمني العراقي والثاني هو قدرة إيران على تصفية رموز هذا التحرك الجديد وإعادة خلط الأوراق في المشروع الأمريكي , على كل حال يبدوا أن الأيام حُبلى في العراق مع تطور التوتر الإقليمي
وتدهور واشنطن في جبهة أفغانستان المتزامن مع استعادة المقاومة العراقية لقدرات التوجيه والضرب المركزي وتوحيد فصائلها في إطارين ضخمين
وهذا التفوق للمقاومة يُحاط بتعتيم إعلامي ضخم وهو التفوق الميداني والوحدة الأهم التي يخشاها كلا الطرفين .
19-11-09, 08:00 PM
العرض العادي
