28 نبوءة لم تتحقق
3- خروج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه .
أولاً: الأحاديث
أخرج البخاري بسنده عن ابي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
(لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوقُ الناس بعصاه).
أخرج مسلم بسنده عن ابي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
(لا يذهب الليل و النهار حتى يملك رجل من الموالي يُقالُ له جَهْجَاه) .
ثانياً : دراسة المسائل العقدية في الأحاديث
- مسألة : خروج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه ، علامة من العلامات قبل الساعة ، لإخبار النبي صلى الله عليه و سلم ، فيجب اعتقادها و التسليم بوقوعها كما دلت على ذلك الأحاديث .
- مسألة : هل خرج هذا القحطاني ؟ و ما معنى يسوق الناس بعصاه ؟ .
أما خروجه ، فلم يخرج إلى زماننا هذا ، و لو خرج لظهر و استفاض عند الناس .
و ذكر السفارييني ، ان خروجه بعد موت المهدي ، و قال ابن حجر : و هذا الحديث يدخل في علامات النبوة من جملة ما أخبر به صلى الله عليه و سلم قبل وقوعه و لم يقع بعد .
أما معنى سَوقُ الناس بعصاه ، فقال القرطبي في التذكرة : قوله : "يسوق الناس بعصاه" كناية عن غلبته عليهم و انقيادهم له ، و لم يرد نفس العصا ، لكن في ذكرها إشارة إلى خشونته عليهم و عسفه بهم ، و قد قيل إنه : يسوقهم بعصاة حقيقية ، كما تساق الإبل و الماشية ، لشدة عنفه و عدوانه ، قال : و لعله جهجاه المذكور في الحديث الآخر و أصل الجهجاه : الصياح ، و هي صفة تناسب ذكر العصي ، قلت : و يرد هذا الإحتمال ، إطلاق كونه من قحطان ، فظاهره أنه من الأحرار ، وتقييده في جهجاه بأنه من الموالي ، ما تقدم بأنه يكون بعد المهدي .
- مسألة : أخرج مسلم بسنده عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (لا تذهب الأيام و الليالي حتى يملكَ رجل يُقال له الجهجاه) . و قد اخرجه مسلم بعد حديث القحطاني . و أخرج البخاري بسنده قال : كان محمد بن جبير يحدث انه بلغ معاوية رضي الله عنه -و هم عنده في وفد من قريش- أن عبدالله بن عمرو يُحدث انه سيكون ملك من قحطان فغضب ، فقام ، فأثنى على الله بما هو أهله له ثم قال : اما بعد فإنه بلغني ان رجالاً منكم يحدثون احاديث ليست في كتاب الله و لا تؤثر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و أولئك جهالكم ، فإيكم و الأماني التي تضل اهلها فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: (إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم احد إلا كبه الله في النار على وجهه ما اقاموا الدين). أخرجه البخاري .
و عند ابن حجر -في تعليقه على الحديث بعد الإشارة إلى حديث أبي هريرة في خروج القحطاني -فإن كان حديث عبد الله بن عمرو مرفوعاً موافقاً لحديث ابي هريرة ، فلا معنى لإنكاره اصلاً ، وإن كان لم يرفعه و كان فيه قدر زائد يشعر بأن خروج القحطاني يكون في اوائل الإسلام ، فمعاوية رضي الله معذور في إنكار ذلك عليه ، و قال بعض العلماء : سبب إنكار معاوية أنه حمل حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه على ظاهره و قد يكون معناه ان قحطانياً يخرج في ناحية من النواحي فلا يعارض حديث معاوية رضي الله ، و إنما انكر معاوية رضي الله عنه خشية ان يظن احد ان الخلافة تجوز في غير قريش .
قال بعضهم : الذي انكره معاوية رضي الله عنه في حديثه ما يقويه لقوله : ما اقاموا الدين . فربما كان فيهم من لا يقيمه فيتسلط القحطاني عليه و هو كلام مستقيم .
- مسألة : اخرج الإمام أحمد بسنده عن ذي مخمر ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: (كان هذا الأمر في حِمْيَر فنزعه الله عزوجل منهم فجعله في قريش و سيعود إليهم). ذكر هذا الحديث ابن حجر في سياق كلامه على حديث القحطاني و قال : و سنده جيد و هو شاهد قوي لحديث القحطاني فإن حِمْيَر يرجع نسبها إلى قحطان ، و به يقوى أن مفهوم حديث معاوية رضي الله عنه "ما اقاموا الدين" و انهم إذا لم يقيموا الدين ، خرج الأمر عنهم .
------
موسوعة أشراط الساعة ، في مسند الإمام احمد و زوائد الصحيحين جمعاً و تخريجاً و شرحاً و دراسة .
لـ د/ خالد بن ناصر بن سعيد الغامدي .