مـــــــــــــا الــــمقصود بالفرقة الناجية ؟؟
***
-قال الحاكم النيسابوري :
القوم الذين سلكوا حجة الصالحين , وأتبعوا آثار السلف من الماضيين , ودفعوا أهل البدع و المخالفين
لسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله أجمعين ,وآثروا قطع المفاوز والقفار على التنعم في الدمن
والأوطار , وتنعموا بالبؤس في الأسفار مع مساكنة العلم والأخبار ...
قد رفضوا الإلحاد الذي تتوق إليه النفوس الشهوانية وتوابع ذلك والأهواء والمقاييس , والأراء والزيغ...
***
-و وصفهم الخطيب البغدادي :
حفظة وأوعية العلم وحملته , منهم كل عالم فقيه , وإمام رفيع نبيه , وزاهد في قبيله ومخصوص بفضيلة
وقاريء متقن وخطيب محسن وهم الجمهور العظيم , وسبيلهم السبيل المستقيم وكل مبتدع بإعتقادهم
يتظاهر وعلى الأفصاح بغير مذاهبهم لا يتجاسر.
إن لله عبادا فطنا ،،، تركوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيهما فلما علموا ،،، إنها ليست لحيي وطنا
جعلوها لجة وأتخذوا ،،، صالح الأعمال فيها سفنا .
وهذه الأستقامة هي سر غربتهم في الناس , وإنما كانوا غرباء لقلتهم في وسط كثرة منحرفة
من أهل السوء , ولذلك جاء وصفهم في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما بأنهم:
( أناس صالحون في أُناس سوء كثير , من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم ).
إسناده صحيح والمحدث أحمد شاكر رحمه الله تعالى .
وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله , ما يضرهم من كذّبهم ولا من خالفهم , حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك ).
***
إستعمالات كلمة ( الغربة ) في السنة النبوية :-
قد جاءت الغربة في السنة النبوية على معان عدة , يجمها معنى عام وأشير الآن إلى معنيين متقاربين منها :
إنها جاءت بمعنى المقيم في غير وطنه وبين قوم غير قومه , فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:
أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال :
(كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ).
قال ابن بطال :
" لما كان الغريب قليل الإنبساط إلى الناس , فهو مستوحش منهم , إذ لا يكاد يمر بمن يعرفه , فهو
ذليل في نفسه , خائف , وكذلك عابر السبيل, فشبه بهما وفي ذلك إشارة إلى إيثار الزهد في الدنيا , وأخذ
البلغة منها والكفاف ".
وكذلك المؤمن شأنه مع الدنيا ألا يتعلق قلبه بشيء منها , لتعلقه بالآخره التي إليها الرجعى وفيها المستقر ,
وللمعنى جانب ثالث وهو أن الغريب مسالم من الرذائل التي منشئوها الإختلاط بالناس والإنبساط إليهم
والإنشغال عن الخالق فهو قليل الحسد والنفاق والنزاع قليل الوقوع في أعراض الناس والوقاية منهم ,
وكان الحسن يقول :
إن أحباء الله هم الذين ورثوا طيب الحياة وذاقوا نعيمها بما وصلوا إليه من مناجاة حبيبهم , وبما وجدوا من
لذة حبهم في قلوبهم .
فكان أبو سليمان الدارني يقول :
وهمتهم غير همة الناس وإرادتهم الآخرة غير إرادة الناس , ودعاؤهم غير دعاء الناس , وسئل عن
أفضل الأعمال فبكى وقال :
أن يطلع على قلبك فلا يراك تريد الدنيا والآخرة غيره .