وأنا في القاهرة لم يهن علي أن أُحرم من وقفة مباركة عند رأس الحسين / يكرم راس الحسين

[الفاروق2]

عقدت العزم والنية على الولوج لداخل المسجد الذي يقع في جزء منه نصب معدني مزركش وملون ومزين بالورود الصناعية يزعم من خلاله

الزاعمين أنه ضريح يحوي رأس الحسين بن علي رضي الله عنهما . والحكاية أولاً وأخيراً في هذا الشأن يعرفها كل مؤرخ وباحث صادق أن

حكاية الرأس ليست إلا حركة من حركات ( النص كم ) (وشغل ألبنضا) واستكراد قام به العبيدي المجوسي والمدعى زوراً وبهتاناً أنه ( المعز لدين الله حفيد فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين) وتكرم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا الدعي ناشر

الشرك والبدع في قاهرة عمر بن العاص والعز بن عبد السلام وأبطال معركة عين جالوت وحرب رمضان ..ـ

وقبل أن ألج لموضوعي هذا يجب عليكم ياقارئين ياكرام أن تستمعوا لنصحي وترجعوا في هذا الشأن للمصادر التاريخية المعتبرة والتي

تتحدث عن هذا الرأس الذي جاء به العبيدي ثم دفنه في هذا المكان ليبقى المشهد قائماً يٌتعبد به مع الله ..ماهي لكم طويلة

تسللت من بين أروقة المسجد كما يتسلل المريب الذي يكاد أن يقول خذوني ، وقصدت الضريح بخطى متعثرة متأمرة معها نفسي الآمارة بالسوء

التي تصيح في داخلي مهددة ومتوعدة أنني ساتعرض لعظائم الأمور وأشنع الشرور إذا ما تعرضت لقدسية الضريح المزعوم ، وكدت أن أنسحب

مؤثراً السلامة من باب ( ياغريب كن أديب والهريبة ثلثين المرجلة ) لكنني وبطبع أحمله أصررت على المضي وأنا أصيح من داخلي

( غريب مين ياعم وهريبة أيه ، )وهل بعد رؤية المرء لشركيات عيني عينك في بلد إسلامي بوزن مصر يتبقى شيء من الغرابة وإيثار السلامة

مش مهم ... خلونا في المفيد :ـ

وصلت للضريح الذي تجمع عنده باقة من العوام وغير العوام ..

وقفت بكل أدب وخشوع مختلطان بدقات لقلبي سائلاً الله الطمأنينة والسكينة ..

جلت ببصري في المكان وتفرست في بعض الوجوه التي لاحظت عليها الإجهاد والعناء من ضنك الحياة الذي يلقى بظلاله على هذه الوجوه

ولكن توقفت كثيراً عندما مجموعة من النساء يغلب علي هيئتهن أنهن لسن من العوام ولكنهن من علية القوم يتقدمهن امرأة يبدو من

هيئتها أنها قد تجاوزت سن اليأس بقليل ، بينما البقية من الواقفين عند الضريح يغلب عليهم هيئة أهل الأرياف ورائحتهم البلدي المميزة

لكني تركت كل هؤلاء متأملاً رجل يجلس على الأرض تذكرنا هيئته بالعماليق الذين سمعنا عنهم ولم نراهم وقد غَرٍق في تجليات وهمهمات

جعلتني أعرف جيداً أنه ( واخذته الجلالة ) كما يقولون

ظن هؤلاء جميعهم أنني جئت من قلب الجزيرة العربية لأطل المدد والغوث والعون من الرأس ... وفي الحقيقة لم يشغلني ظنهم هذا كثيراً

كما أشغلني طريقة دخولي في الموضوع بكل حرفة واقتدار

وبتوفيق من الواحد الأحد الفرد الصمد قاضي الحاجات وفارج الكربات إهتديت للطريقة ..

وبدأت بسم الله متوكلاً على الله :ـ

كان يقف بالقرب مني امرأة ريفية متقدمة قليلاً في السن ... رأيتها خاشعة متضرعة عند الضريح ، فقلت لها بصوت عالٍ قصدت أن يسمعوه كلهم

قلت لها : ياحجة الله يرضى عليكِ نوريني ، هل كل شيء سأطلبه من الحسين سينفذه لي ؟

قالت دون تلعثم وتردد: آه إزاى ده أيتها حاجة تطلبها منه يعملهالك طوالي

قلت لها يكشف كربتي ويقضي حاجتي ..

قالت بكل ثقة : آه أي حاجة ..

لاحظت بدقة أن تلك المرأة التي هي من مظهرها تبدو انها من علية القوم والمتقدمة لمجموعة من النساء تنظر إلى من خلال عين بدت

، تنفث شرراً وقد وضعت نظارتها الطبية على طرف أرنبة أنفها متوقفة عن القراءة من الكتاب الذي تحمله جعلتني تلك النظرة أعرف جيداً

أن ( الولية ) قد عرفت أن وراء الأكمة ماورائها

دخلت مباشرة في الموضوع قائلاً بصوت يسمعونه جميعاً :

الحسين يقضي الحاجات ويكشف الكربات ويعين على نوائب الدهر :فاأين الله ؟

قطع ذلك كله صوت هز المكان من الجالس على الأرض بعدما أيقظته الكلمات ، وقد رأيته يوجه نحوي نظرات تهديد ووعيد تقطر شراً

صائحاً : الله الله حي حي

أكملت موعظتي الصغيرة مصراً على أن يسمعوها للأخير ، وأنه إذا صح أن رأس الحسين هنا ، فهو رأس ميت لايسمع ، لاينفع لايضر

وتكهرب الجو عند الضريح وارتفع اللغط ، وعندما رأيتهم قد أشربوا الشرك في الدعاء مع الله ، وجهت نصيحتي للمرأة الريفية التي

سبق وأن اجابتني على سؤالي ..قلت لها ( إسمعي ياست ربنا يصلح حالك ويصلح حال أولادك وأولاد أولادك )إستبشرت من هذا

الكلام وكسى وجهها طمأنينة وأظهرت لي أنها مستعدة بسماع كل ماسأقوله :ـ

قلت لها : من الحي ؟

قالت : الله

قلت لها دعي الموتى وخلي صلتك بالحي هوا اللي حايسمعك وهوا اللي حايقضي لكِ حاجتك

قالت : صح ..صح

لكن المرأة الواضعة على طرف أرنبتها النظارة إستمرت بتوجيه النظرات النارية لي وهي صامتة صمت أبي الهول ..

لم تطل موعظتي وآثرت المغادرة قبل أن ندخل في جدال عقيم ، أو يحدث مالا تحمد عقباه ..

خرجت للساحات المحيطة بمسجد الحسين وشاهدت المنكرات حوله من سائحات وغيرهن قد تبذلن تبذل فاحش في لبسهن

وصور شبه عارية بالمحلات التي تحيط بالمسجد وقد انتشر عدد من المجذوبين والمتسولين وناس يبدو من هيئتهم أنهم ( عايشين

في الطراوة على طول)ـ

غادرت الحسين هامساً : الحمدلله الذي أكرم حسيناً أن يكون رأسه في هذا المكان الذي يعج بالمنكرات والشركيات والبدع


منقول