صحيح (وما أُوتيتم من العلم إلا قليلاً )
هل تستنكرون علم الامام على
الشكوى لك يا رب فى ناس تنظر الى ملكوت السماء والارض كما هى بعين العبد البائس الجاهل الحقير الذى لا يعلم من الامر شيئا ويستنكر ويجحد ويكفر بما لا يعلم
ينكرون علم ومكانة رجل قال كلمة لم يقلها رجل قبلة ولا رجل بعدة حين قال سلونى قبل ان تفقدونى
الرواية لعلكم تتفكرون
سم الله الرحمن الرحيم
عن الأصبغ بن نباتة قال: لما جلس علي عليه السلام على الخلافة وبايعه
الناس, خرج الى المسجد متعمما بعمامة رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم, لابسا بردة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متنعلا نعل رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم متقلدا سيف رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم, فصعد المنبر وجلس عليه متمكنا وشبك أصابعه ووضعها أسفل بطنه.
ثم قال: معاشر الناس سلوني قبل أن تفقدوني هذا سفط العلم هذا مازقني
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زقا زقا, سلوني فإن عندي علم
الأولين والآخرين , أما والله لو ثنيت لي الوسادة فجلست عليها لأفتيت
لأهل التوراة بتوراتهم حتى تنطق التوراة فتقول : صدق علي ماكذب لقد
أفتاكم بما أنزل الله فيّ.
وأفتيت أهل الإنجيل بإنجيلهم حتى ينطق الإنجيل فيقول : صدق علي ماكذب
لقد أفتاكم بما أنزل الله فيّ .
وأفتيت أهل القرآن بقرآنهم حتى ينطق القرآن فيقول : صدق علي ماكذب لقد
أفتاكم بما أنزل الله فيّ .
وأنتم تتلون القرآن ليلا ونهارا فهل فيكم أحد يعلم مانزل فيه؟
ولولا آية في كتاب الله لأخبرتكم بما كان وما يكون وما هو كائن الى يوم
القامة, وهي هذه الآية(( يمحو الله مايشاء ويثبت وعنده أم الكتاب)).
ثم قال : سلوني قبل أن تفقدوني فوالله الذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو
سألتموني عن آية آية في ليل نزلت أو في نهار أنزلت , مكيها ومدنيها,
سفريها وحضريها, ناسخها ومنسوخها, محكمها ومتشابهها , وتأويلها
وتنزيلها, لأخبرتكم.
فقام اليه رجل, يقال له ذعلب وكان ذرب اللسان بليغا في الخطب شجاع
القلب.
فقال : لقد ارتقى ابن أبي طالب مرقاة صعبة لأخجلنه اليوم لكم في مسألتي
اياه .
فقال : ياأمير المؤمنين هل رأيت ربك؟
فقال سلام الله عليه : ويلك ياذعلب ! لم أكن بالذي أعبد ربا لم أره,
فقال ذعلب : فكيف رأيته صفه لنا.
فقال: ويلك ياذعلب! ان ربي لايوصف بالبعد ولا بالحركة ولا بالسكون ولا
بالقيام قيام انتصاب ولا بمجيء ولا ذهاب, لطيف اللطافه لايوصف باللطف,
عظيم العظمة لايوصف بالعظم, كبير الكبرياء لا يوصف بالكبر, جليل
الجلالة لايوصف بالغلظ, رؤوف الرحمة لايوصف بالرقة, مؤمن لابعبادة ,
مدرك لابمجسة قائل لا باللفظ.
هو في الأشياء على غير ممازجة خارج منها على غير مبائنة, فوق كل شيء
فلا يقال شيء فوقه, وأمام كل شيء ولايقال له أمام, داخل في الأشياء لا
كشيء في شيء داخل , وخارج من الأشياء لاكشيء من شيء خارج.
فخر ذعلب مغشيا عليه ثم قال: تالله ماسمعت مثل هذا الجواب والله لاعدت
لمثلها.
ثم قال عليه السلام: سلوني قبل أن تفقدوني..
فقام الأشعث بن قيس وقال : ياأمير المؤمنين كيف يؤخذ من المجوس الجزية
ولم ينزل عليهم كتاب ولم يبعث اليهم نبي؟
فقال: بلى ياأشعث قد أنزل الله عليهم كتابا وبعث اليهم رسولا, حتى كان
لهم ملك سكر ذات ليلة فدعا بابنته الى فراشه فارتكبها, فلما أصبح تسامع
به قومه فاجتمعوا الى بابه فقالوا: أيها الملك دنست علينا ديننا
فأهلكته, فاخرج نطهرك ونقيم عليك الحد.
فقال لهم: اجتمعوا واسمعوا كلامي فان يكن لي مخرج مما ارتكبت والا
فشأنكم, فاجتمعوا فقال لهم: هل علمتم ان الله لم يخلق خلقا أكرم عليه
من أبيه آدم وأمنا حواء؟
قالوا : صدقت أيها الملك .
قال: أوليس قد زوج بنيه بناته وبناته من بنيه؟
قالوا صدقت هذا هو الدين.
فتعاقدوا على ذلك فمحى الله مافي صدورهم , من العلم ورفع عنهم الكتاب,
فهم الكفرة يدخلون النار بلا حساب والمنافقون أشد حالا منهم.
فقال الأشعث: والله ما سمعت لمثل هذ الجواب والله لاعدت لمثلها ابدا.
ثم قال عليه السلام : سلوني قبل أن تفقدوني.
فقام اليه رجل من أقصى المسجد متوكيا على عصاه فمازال يتخطا الناس حتى
دنا منه
ثم قال : ياأمير المؤمنين دلني على عمل إذا انا عملته نجاني الله من
النار؟
فقال له : اسمع ياهذا ثم افهم ثم استيقن , قامت الدنيا بثلاثة: بعالم
ناطق مستعمل لعلمه وبغني لايبخل بماله على أهل دين الله وبفقير صابر.
فإذا كتم العالم علمه وبخل الغني ولم يصبر الفقير فعندها الويل والثبور
وعندها يعرف العارفون لله أن الدار قد رجعت الى بدئها أي الكفر بعد
الإيمان.
أيها السائل فلا تغترن بكثرة المساجد وجماعة أقوام أجسادهم مجتمعة و
قلوبهم شتى,
أيها السائل انما الناس ثلاثة : زاهد وراغب وصابر, فأما الزاهد فلا
يفرح بشيء من الدنيا أتاه ولا يحزن على شيء منها فاته , وأما الصابر
فيتمناها بقلبه فان أدرك منها شيء صرف عنها قلبهلما يعلم من سوء
عاقبتها, وأما الراغب فلا يبالي من حل أصابها أم من حرام.
قال له : ياأمير المؤمنين فماعلامة المؤمن في ذلك الزمان؟
قال: ينظر الى ماأوجب الله عليه من حق فيتولاه وينظر الى ماخلفه فيتبرأ
منه وان كان حميماً قريباً.
قال: صدقت ياأمير المؤمنين.
ثم غاب الرجل فلم نراه ثم طلبه الناس فلم يجدوه فتبسم علي سلام الله
عليه على المنبر ،
وقال: مالكم هذا أخي الخضر عليه السلام.
ثم قال: سلوني قبل أن تفقدوني .
فلم يقم اليه أحد فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه صلى الله عليه
وآله وسلم,
وبعد هذا فمن يتكلم عن الامام على بشى وينكر فضلة فقد كفر لا اشك بذلك ابدا