"حسن نصرُ الله".. هل ينصرُهُ الله؟!
محمد الغباشي
لم أضع استفهامًا في عنوان المقال لأتكفل بإجابته هنا, فنوعية تلك الأسئلة قد تبدو في علم الغيب, لكنها ولا شك تحتاج إلى مقدمات وبراهين وأدلة, تفصح عن مدلولاتها وتبين متعلقاتها.
من أجل هذا وغيره علينا أولاً أن نحدد طبيعة الحرب التي يخوضها "حسن نصر الله" زعيم حزب الله الشيعي اللبناني, وطبيعة العدو الذي يهدف إلى أن ينتصر عليه, كما علينا أن نستقرئ الواقع والتاريخ في وضع صفات ذاك العدو ومحددات تلك الحرب التي دومًا ما يشعرنا "حسن عبد الكريم" أنه يخوضها!!
هناك قاعدة عقلية مستنبطة من قول نبوي مبارك مفادها أن "لكل امرئ ما نوى", فقد يعلن الإنسان شيئًا ويضمر في دواخله شيئًا آخر, إلا أن أفعاله وفلتات لسانه تكشف عن طبيعة طويته تصديقًا للقول المأثور: ما أسرّ أحد سريرة إلا أظهرها الله على قسمات وجهه وعلى فلتات لسانه.
وإذا تأملنا قليلاً في "العدو" الذي يضمر "حسن نصر الله" عداوته في نفسه والذي ـ كلما مرّ يوم ـ بان وظهرت ملامحه, سواء استقرأنا ذلك عبر تاريخ الرجل كتلميذ نجيب لآيات قم, أو عضو فعال في حركة أمل, أو تابع مطيع لمرشد الثورة الإيرانية, فسوف نتأكد من أن عدوه الحقيقي ليس أمريكا "الإسرائيلية" أو "إسرائيل" الأمريكية كما يزعم, وإنما عدوه هو من يعكر عليه صفو تحقيقه لأهدافه وأهداف ما ينتمي إليه, سواء على المستوى الأيديولوجي العقدي أو العملي الواقع على الأرض.
الدولة الإيرانية بكل ما فيها توجه الآن كل اهتمامها, وتنشر أذرعها يمينًا وشمالاً للدفاع عن الرجل المتورط بعد انكشاف سوأته وظهور عورته في مصر, على يد الخلية الشيعية التي أوقفت فيها لاعتزامها ممارسة أعمال تخريبية ونشرها للملة الشيعية المخالفة لما عليه أهل مصر من انتماء للمنهج السنّي الوسطي المعتدل, وترسل طهران إشاراتها وتلميحاتها ـ بل وتصريحاتها ـ بمدى ارتباط التنظيم بالدولة الإيرانية ونظام الملالي الذي يسعى لنشر التشيع و"فرسنة" منطقة الخليج وما وراءها.
الرجل وبكل وضوح ـ وإن تخفى وراء شعارات ثورية وخطب رنانة تشنف الآذان ـ يخفي أجندة فارسية سابّة لصحابة النبي صلى الله عليه وسلم, ومكفرة لأغلبهم, ومحرفة للقرآن الكريم, ومتهمة للأصحاب الكرام بتحريفهم له وحذفهم لكمّ كبير من آياته, ومتهمة لأحب زوجات النبي صلى الله عليه وسلم إليه بالفاحشة, ومتعاونة ـ من وراء الستار ـ مع العدو الصهيوني الذي تدّعي عداوته, في الوقت الذي تحرس فيه حدوده الشمالية من أي عملية تستهدف قواته.
أنياب الرجل الذي يظنه الكثير بظهورها مبتسمًا, لطالما كشّر عنها تجاه أبناء السنة في لبنان, وما زالت الخطابات المسجلة يوم اجتياح حزبه للبنان السنية والعوث فيها فسادًا وتقتيلاً وتفزيعًا, وفي جنوب لبنان حيث الولاية الشيعية في الضاحية الجنوبية التي تحكم بالحديد والنار, وحيث لا يطلق عليه هناك إلا اسم "السيد", ويتبرك الناس به ويشربون من مرق غسيل يديه!!
فالعدو الأول لـ"حسن نصر الله" هو كل شعار يرنو ولو من بعيد إلى أهل السنة وينصر قضاياهم, بل إن عدوه هو كل شعار إسلامي يرفع راية السنة والتوحيد, وما العراق وأفغانستان ببعيد, فقد اعترفت الدولة الإيرانية ـ بكل تبجح ـ بمؤازرتها ومساعدتها لقوات الاحتلال الأمريكية وحلفائها على دخول البلدين وتثبيت أقدامهم فيهما إمعانًا في معاداة السنة هناك, أضف إلى ذلك ما تواتر فضحه من مراكز التعذيب والقتل الشيعية التي انتشرت في جنبات العراق والتي تستهدف أبناء السنة, وما اضطهاد أهل السنة في إيران ذاتها أيضًا ببعيد, فلا تزال مسالخ فرق الموت ومعتقلاتهم ملأى بالمعارضين للمذهب الشيعي, والمدافعين عن انتمائهم السني.
ولم تكن قضية فلسطين وغزة ـ التي استغلها "حسن نصر الله" بجدارة في خطابه التليفزيوني الموجه إلى مصر ـ سوى الفزّاعة التي أراد من خلالها إحراج النظام المصري, والتي يحسن "حزب الشيطان" استخدامها جيدًا ورقةً رابحةً وستارًا لأعماله ومخططاته في العالم الإسلامي. ولا تزال صورة مسجد قبة الصخرة التي يكمل بها الرجل "ديكور" الصورة من ورائه ماثلةً في أغلب خطاباته؛ ليرسّخ هذا المفهوم في أذهان المشاهدين من السذج والبسطاء, الذين لطالما سألوه وعيونهم تملأها الحسرة عن مواقفه العملية بينما تنتهك حرمة غزة في الوقت الذي يؤمّن فيه حدود إسرائيل من جهة لبنان!!
مسلسل الخيانة الشيعي لم ولن ينتهِ إلا بمواجهة وتحجيم عملاء هذه الدولة في الدول الإسلامية في شتى المجالات؛ فالدولة الإسلامية على مر العصور لا تزال تعاني منذ بداية نشأتها من مسلسلات الخيانة والعمالة التي يغرق فيها أمثال "حسن نصر الله" حتى أذقانهم, منذ تسهيلهم لدخول التتار وحتى كشف خلية "حزب الشيطان" في مصر.
لكن على النقيض من ذلك لنا أن نتساءل: أين كانت الدول العربية والإسلامية وسوسة الخيانة الرافضية تنخر في جسد الأمة قرونًا طويلة؟! أين كانت أجهزة الاستخبارات وغيرها من الأجهزة الأمنية؟! أين كل هؤلاء والمؤامرات تحاك من جانب الدولة الإيرانية وحلفائها لاختراق والتغلغل في جسد الأمة الإسلامية السنية؟! هل علينا أن نصحو من غفلتنا لنجد آلافًا مؤلفة من الشيعة في مصر يؤذّن مؤذنهم بالأذان الرافضي في مدينة السادس من أكتوبر؟! ومثلهم من الإيرانيين يمولون الحوثيين في اليمن؟! وعشرات الآلاف يخترقون دول الخليج العربي الذي تسعى طهران إلى تحويله إلى "خليج فارسي"؟!
لقد كشفت خلية "حزب الشيطان" الموقوفة في مصر والخلايا الأخرى في الدول الإسلامية عن مدى الخلل الأمني الذي شربت منه دولنا الإسلامية حتى الثمالة, قبل أن تكشف عن عداوة هؤلاء, بينما لا يزال المخلصون من أبناء الصحوة تتعالى أصواتهم, وتتقطع حبال حناجرهم من التحذير من الشيعة وأخطارهم على مدى الزمن, ولكن من يسمع ومن يبصر؟!
ومع الأسف لم يكن الدافع الأبرز في مواجهة بعض الدول لهؤلاء مراعاة قضايا المسلمين العليا, ولا مخالفة الرافضة لمنهج أهل السنة في التلقي والعقيدة, وإنما كان المبعث الأساس على مواجهتهم هو الخوف على الكراسي التي بدأت تميد وتضطرب تحت وقع تحركات ميليشيات "حزب الشيطان" وخلاياه "النائمة" التي لم تكن يومًا نائمة, ولكنها كانت مغلقة عينًا وفاتحة أخرى كما الذئاب المتربصة بضحاياها هنا وهناك.
لقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن "حسن نصر الله" ومن على شاكلته ليسوا سوى يدٍ طولى لنظام الملالي في طهران, الذي يسعى بنفوذه وإمكاناته التي يمد بها الحزب, سواء بالسلاح أم بالتدريب أم بالأموال التي لا حصر لها أم بالدعم الإعلامي المتنفذ, يسعى في بثّ منهجه في العالم الإسلامي كله, ذلك المنهج الذي يوالي المنتمون إليه النظامَ الإيراني أكثر من موالاتهم لبلادهم التي ولدوا على أرضها وعاشوا في أكنافها.. ترى هل هم بتلك الرؤية ينتظرون "نصر الله؟!"..