بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وارض اللهم على صحابته أجمعين، والعن أعداءهم من الروافض ومن يلبس ثيابهم إلى يوم الدين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
* تقية الروافض = النفاق.
التقية تعريفها عند أهل السنة: اتَّقَيْتُ الشيء، وتَقَيتُه أتقِيه وأتَّقيه تقَى وتَقِيّةً وتقاء: حَذِرته[1].
ولهذا قال ابن حجر: التقية: الحذر من إظهار ما في النفس من معتقد وغيره للغير (فتح الباري: 12/314)، وهذا يعني الكتمان، وقد يضطر لإظهار خلاف ما في النفس بلسانه، قال ابن عباس: "التقية باللسان، والقلب مطمئن بالإيمان" وقال أبو عالية: التقية باللسان وليس بالعمل (تفسير الطبري: 6/314-315، تحيق شاكر، فتح الباري: 12/314).
فالتقية: إظهار خلاف ما في الباطن (انظر: النهاية لابن الأثير: 1/193)، وأكثر العرب ينطقون التقيّة «تقاة»، ولهذا جاء في القرآن: {إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران، آية: 28]. وإن كان نطقها تقية صوابًا كما قال الفراء، وقد قرئ: "تقية" (انظر: معاني القرآن للفراء ص205، تفسير الطبري: 6/317)].
تعريفها عند الروافض:
يعرف المفيد التقية بقوله: "التقية كتمان الحق، وستر الاعتقاد فيه، وكتمان المخالفين، وترك مظاهرتهم بما يعقب ضررًا في الدين أو الدنيا" [شرح عقائد الصدوق: ص261 (ملحق بكتاب أوائل المقالات)].
فالمفيد يعرف التقية بأنها الكتمان للاعتقاد خشية الضرر من المخالفين -وهم أهل السنة كما هو الغالب في إطلاق هذا اللفظ عندهم- أي هي إظهار مذهب أهل السنة (الذي يرونه باطلاً)، وكتمان مذهب الرافضة الذي يرونه هو الحق، من هنا يرى بعض أهل السنة: إن أصحاب هذه العقيدة هم شر من المنافقين؛ لأن المنافقين يعتقدون أن ما يبطنون من كفر هو باطل، ويتظاهرون بالإسلام خوفًا، وأما هؤلاء فيرون أن ما يبطنون هو الحق، وأن طريقتهم هي منهج الرسل والأئمة.[2]
وروى الكليني في "الكافي": عن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ الْجُعْفِيِّ، وَمُعَمَّرِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَامٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، وَزُرَارَةَ، قَالُوا: سَمِعْنَا أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام)، يَقُولُ: (التَّقِيَّةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ يُضْطَرُّ إِلَيْهِ ابْنُ آدَمَ فَقَدْ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ).
وروى الكليني أيضا في "الكافي" عن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ: (التَّقِيَّةُ فِي كُلِّ ضَرُورَةٍ وَصَاحِبُهَا أَعْلَمُ بِهَا حِينَ تَنْزِلُ بِهِ).
وفي التقية روى الإمامية عدة أحاديث، منها:
روى الكليني في "الكافي": من طريق هِشَامٍ الْكِنْدِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) يَقُولُ: (إِيَّاكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا عَمَلًا يُعَيِّرُونَا بِهِ فَإِنَّ وَلَدَ السَّوْءِ يُعَيَّرُ وَالِدُهُ بِعَمَلِهِ كُونُوا لِمَنِ انْقَطَعْتُمْ إِلَيْهِ زَيْناً وَلَا تَكُونُوا عَلَيْهِ شَيْناً صَلُّوا فِي عَشَائِرِهِمْ وَعُودُوا مَرْضَاهُمْ وَاشْهَدُوا جَنَائِزَهُمْ وَلَا يَسْبِقُونَكُمْ إِلَى شَيْءٍ مِنَ الْخَيْرِ فَأَنْتُمْ أَوْلَى بِهِ مِنْهُمْ وَاللَّهِ مَا عُبِدَ اللَّهُ بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الْخَبْءِ قُلْتُ وَمَا الْخَبْءُ؟ قَالَ: التَّقِيَّةُ).
روى الكليني في "الكافي": من طريق مُعَمَّرِ بْنِ خَلَّادٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ (عليه السلام) عَنِ الْقِيَامِ لِلْوُلَاةِ فَقَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام): (التَّقِيَّةُ مِنْ دِينِي وَدِينِ آبَائِي وَلَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا تَقِيَّةَ لَهُ).
يقول مرتضى الأنصاري، وهو يرد على من يتهم أصحاب التقية بالنفاق:
ولا يعلم أن التقية: إيمان في القلب وإظهار خلافه في الخارج لأسباب، كالخوف و...
والنفاق: كفر في القلب وإظهار الإيمان في الخارج لا يتجاوز اللسان.
فهل يا ترى التقية والنفاق متساويان؟!!
قلت: بالطبع لا، التقية تقية، والنفاق نفاق، فالتقية لا تكون إلا مع خوف القتل مع سلامة النية.
والمسلم إذا خاف على نفسه القتل والإذاية والتنكيل به من الكافر استعمل معه التقية وثبت على عقيدته، بل لو دعت الضرورة لأن يظهر الكفر أمام الكافر خوفا على نفسه من القتل أو التنكيل به فالإسلام شرع له ذلك.
بدليل قوله تعالى: (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ).
فقد أحل القرآن الكريم هذه التقية عند الضرورة، وهي لا تكون إلا في حال خوف المسلم من بطش الكفرة أعداء هذا الدين، أما مع الأمن والعزة والقوة فلا تقية حينئذ.
يقول معاذ بن جبل –رضي الله عنه-، ومجاهد –رحمه الله-: «كانت التقية في جدة الإسلام قبل قوة المسلمين، أما اليوم فقد أعز الله المسلمين أن يتقوا منهم تقاة».
وروي عن جعفر بن محمد الصادق –رحمه الله- أنه قال: التقية واجبة، إني لأسمع الرجل في المسجد يشتمني فاستتر منه بالسارية لئلا يراني، وقال: الرياء مع المؤمن شرك، ومع المنافق في داره عبادة.
وقال يحيى البكاء: قلتُ لسعيد بن جبير في أيام الحجّاج: إنَّ الحسن كان يقول لكم: التقيَّة باللسان والقلب مطمئن بالإيمان.
قال سعيد بن جبير: ليس في الإسلام تقيَّة إنَّما التقيّة في أهل الحرب.
وقال صعصعة بن صوحان لأسامة بن زيد –رضي الله عنهما-: أنا كنت أحبُّ إلى أبيك منك، وأنت أحبُّ إليَّ من أبي ولذا أوصيك بخصلتين: خالص المؤمن وخالق الكافر؛ فإنَّ الكافر يرضى منك بالخلق الحسن، ويحق عليك أن تُخالص المؤمن.
وروى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ أَخَذَ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال لأَِحَدِهِمَا: أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّهِ؟ قَال: نَعَمْ. نَعَمْ. نَعَمْ. قَال أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُول اللَّهِ؟ قَال: نَعَمْ وَكَانَ مُسَيْلِمَةُ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُول بَنِي حَنِيفَةَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول قُرَيْشٍ، ثُمَّ دَعَا بِالآخَرِ، فَقَال: أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّهِ؟ قَال: نَعَمْ.
قَال: أَفَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُول اللَّهِ؟ قَال: إِنِّي أَصَمُّ، قَالَهَا ثَلاَثًا، كُل ذَلِكَ يُجِيبُهُ بِمِثْل الأَْوَّل، فَضَرَبَ عُنُقَهُ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُول اللَّهِe فَقَال: ((أَمَّا ذَلِكَ الْمَقْتُول فَقَدْ مَضَى عَلَى صِدْقِهِ وَيَقِينِهِ، وَأَخَذَ بِفَضْلِهِ، فَهَنِيئًا لَهُ.
وَأَمَّا الآْخَرُ فَقَبِل رُخْصَةَ اللَّهِ فَلاَ تَبِعَةَ عَلَيْهِ)).
ولكن التقية التي يدين بها الروافض هي مخصصة فقط مع المسلمين خاصة أهل السنة لأنهم يرونهم أشد كفرا من اليهود والنصارى، لأن منكر إمامة الإثنى عشر أشد كفرا ممن أنكر النبوة.
إلا أنه كما جاء في مسائل موسى جار الله التي رُفعتْ إلى المدعو شرف الدين الموسوي –على حد زعمه- بواسطة جمعية الرابطة العلمية الأدبية النجفية أخزاها الله تعالى المؤرخة في 21 ذي القعدة سنة 1353هـ ووردت عليه من طريق آخر أيضاً. فما وقف عليها حتى أوجس –كما يزعم- من مغازيها خيفة على الوحدة الإسلامية أن تنفصم عروتها، وتتفرق جماعتها، إذ وجد فيها –كما يزعم- من نبش الدفائن وإثارة الضغائن ما يشق عصا المسلمين ويمزقهم تمزيقاً...
قال موسى جار الله: صرحت كتب الشيعة أن كل الفرق الإسلامية كلها كافرة ملعونة خالدة في النار إلا الشيعة الخ.
قال شرف (الطين) الموسوي كما في "أجوبة مسائل جار الله" (ص:35): نعوذ بالله من تكفير المسلمين، والله المستعان على كل معتد أثيم، هماز مشاء بنميم، كيف يجوز على الشيعة أن تكِفّر أهل الشهادتين والصلاة والصوم والزكاة والحج والإيمان باليوم الآخر، وقد قال إمامهم أبو عبد الله جعفر الصادق عليه السلام -في حديث سفيان بن الصمت-: الإسلام هو الظاهر الذي عليه الناس، شهادة أن لا إَله إلا الله، وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصيام شهر رمضان. انتهى كلام الموسوي، وكلامه هذا شبيه بكلام المنافقين الذين يقولون خلاف ما يبطنون، فما صدر منه هذا الكلام إلا بعدما شعر بالهزيمة النكراء التي مني بها أبناء جلدته من الروافض على أيدي أهل السنة.
--------------------
[1] "لسان العرب" لابن منظور، (مادة: وقي).
[2] "رسالة في علم الظاهر والباطن"، ضمن مجموعة الرسائل المنيرية، لشيخ الإسلام ابن تيمية (1/248).