أخواني الكرام .. وأزيدكم من الشعر بيت ..
صفات المهدي
* كتب ابن خلدون حديث: "المهدي منّي أجلى الجبهة أقنى الأنف يملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا يملك سبع سنين". هذا ما كتبه ابن خلدون عن المهدي الذي لم يولد بعد.
* أما الحائري في كتابه (إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب) فيذكر عن المهدي الامامي المولود، والذي يعيش لحد هذا اليوم، بأنه "عربي اللون إسرائيلي الجسم".
و لم أعرف بعد ما يعني الحائري بـ "إسرائيلي الجسم"، إلا أن هاتين الكلمتين تدلان على علاقة اسطورة المهدي الاسلامية باسطورة المشيح العبرية (أو سمها اليهودية). والمعروف لدى العامة العرب، وأظن لدى المسلمين من غير العرب، أن لهم قناعة ما بأن هناك شكل من أشكال الأنوف التي ينعتون بها صاحبها بـ "أنه ذو أنف يهودي" وأنه: "لا بد أن يكون له أصلا يهوديا". وهكذا فإن الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر قيل عنه أنه من أصل يهودي لأن شكل أنفه كان "كذلك". ولا يسلم كل من له شكل "أنف يهودي" من إرجاعه إلى أصله "اليهودي" عندما يلاقي أمامه عدوا "مسلما".
* وفي مكان آخر من كتابه يذكر الحائري أن المهدي شبيه لوالده أي إذا صحّت المواصفات التي كتبها علي دخيل في كتابه (أئمتنا) عن الإمام الحسن العسكري فإنه سيكون "أسمر، أعين، حسن القامة، جميل الوجه، جيد البدن، له جلالة وهيبة"
* وعن نفس المهدي الامامي كتب دخيل أنه "ناصح اللون، واضح الجبين، أبلج الحاجب، مسنون الخد، أقنى الأنف، أشم أروع كأنه غصن يان، وكأن صفحة غرته كوكب دري، بخده الأيمن خال كأنه فاتة مسك على بياض الفضة، برأسه وفرة سمحاء سبطة تطالع شحمة أذنه، له سمت، ما رأت العيون أقصد منه، ولا أعرف حسنا وحياء."
* وللمهدي الإمامي، شأنه شأن باقي الأئمة الإثنى عشر، صفات أخرى يذكرها (الحائري) وينسب ما كتبه إلى الإمام الرضا: فهو
- "أعلم الناس وأحكم الناس واتقى الناس وأحلم الناس وأشجع الناس وأسخى الناس وأعبد الناس"
- "يولد مختونا ويكون مطهرا". وبهذه الصفة فإن الأئمة افضل من النبي إبراهيم الذي تم ختانه على عمر متقدم. إن فكرة ولادة النبي نوح مختونا موجودة أيضا في الأساطير العبرية، ويذكر ذلك (روبرت غريفز) مؤلف كتاب (الاساطير العبرية) الذي يعتمد على سفر التكوين من كتاب التوراة.
- "و لا يكون له ظل": هل يعني هذا أن إذا وقف في الشمس فلن يكون له ظل؟ أم هناك تفسر آخر؟
- "و إذا وقع إلى الأرض من بطن أمه وقع على راحتيه رافعا صوته بالشهادتين"
و يمكن للقارئ أن يجد في كتب التاريخ العربية اسطورة، كان يقول بها خال جرذي العوجة وواعظ البعثيين: خير الله طلفاح، بأنه في إحدى الحروب بين المسلمين وأعداء لهم تم قطع رأس لأحد المسلمين وفصله عن جسده. وعلى الرغم من ابتعاد الرأس عن الجسد بضعة أمتار فإن لسان القتيل المسلم نطق بالشهادتين. ظل هكذا ينطق بهما لمرات عديدة. لم يكن الرأس لمسلم شيعي كي ينطق بالشهادة الثالثة وإلا لكان طلفاح يسكت عن ذكر هذه "المعجزة" الإلهية الإسلامية!
و للأغريق اسطورة عن (أورفيو) الذي يقولون عنه أنه مخترع الناي وأنه لم يترك العزف على نايه. وتذكر الاسطورة أنه تم قطع رأس أورفيو ورميه في النهر، إلا أن شفتا أورفيو بقيتا ممسكتان بالناي ومستمرتان في العزف عليه إلى أن وصل الرأس إلى البحر فابتلعته موجاته. وأعتقد أنه إذا كانت هذه الاسطورة الاورفية اسلامية فإن المسلمين يستمرون في القول بأن الرأس وهو في أعماق البحر لا يزال مستمرا على العزف. إذ أن هذا معجزة من معجزات الله وأن الله على كل شيء قدير.
- "و لا يحتلم".
و كيف يحتلم؟ وإن هناك قولا ينقلونه عن الامام علي بأن المسلم لا يمكن أن ينام ليلته أعزبا!
- " ولا يرى له بول أو غائط لأن الله عز وجل قد وكل الأرض بابتلاع ما يخرج منه وتكون رائحته أطيب من رائحة المسك". ولا أدري بعد ما يقصده الحائري. هل أن الرائحة تعود إلى البول والغائط؟ أم إلى الإمام؟ وللعلم أن المسك نوع من أنواع الروائح التي تستخرج من غدة بالقرب من خصيتي نوع من الغزلان، يسمى بالغزال المسكي. وتوجد حيوانات أخرى ونباتات لها هذه الريحة.
* وللمهدي، برأي الشيعة الاثنى عشرية، صفة أخرى هي طول العمر، أو خلوديته، فهو حي لا يزال حي يرزق ولم يمت بعد، وأنه يظهر بين الحين والآخر لهذا المتدين أو لذاك، وأنه سيظهر لكل الناس عند اكتمال شروط خروجه وظهوره علنا.
وعن خلودية المهدي كتب (المظفر) في (عقائد الامامية): "ولا يخلو من أن تكون حياته وبقاؤه هذه المدة الطويلة معجزة جعلها الله تعالى له، وليس هي بأعظم من معجزة أن يكون إماما للخلق وهو إبن خمس سنين يوم رحل والده إلى الرفيق الأعلى".
من كلمات (المظفر) يظهر لي أن رجال الدين الشيعة قد وقعوا، ووقعت معهم الطائقة الشيعية، في مأزق عند إعطاء المهدي هذه العمر الخلودي، وظلوا يتمسكون بكليشة "المعجزة". وإن وضع إماما بعمر خمس سنوات قد حجمت عقلية الأفراد الشيعة وقولبت أدمغتهم ونقصت من قيمتهم، وهذا التحجيم والتقولب سيبقى خالدا إلى يوم "القيامة" بعد أن أعطى رجال الدين الشيعة صفة خلودية الله إلى المهدي.
لقد وقع الشيعة في مأزق "الخلود المهدوي"، وبهذا بدأ البعض يعرض لنا المهدي بأنه فكرة، وقال آخرون بعدم وجود المهدي الإثنى عشري وإنه لم يولد أبدا.
* وتستهزأ فرق اسلامية أخرى بهذا الاعتقاد الذي يقول بطول العمر على الرغم من أنها تعتقد بأن الخضر له هذه الصفات أيضا، فهو كالله حي يرزق منذ أمد بعيد، لا بل أنه يظهر بين حين وآخر ليراه هذا الإنسان أو ذاك.
* وفي قصة أصحاب الكهف الذي يذكرها القرآن شيء مشابه، في طول العمر –ثلاثمائة سنة أو نحوها-، إلا أن أصحاب لم يكونوا يظهرون للناس بين حين وآخر بل كانوا نائمين، ثم صحوا فجأة..
* وكتب محمود أبو رية في (أضواء على السنة المحمدية) أن الكيسانية تقول: "إن المهدي هو: محمد بن الحنفية وهو حي يقيم بجبل رضوى بين أسدين يحفظانه، وعنده عينان نضاحتان تفيضان ماء وعسلا ومعه أربعون"
و عن الأنبياء وآبائهم الأسطوريين الذين عاشوا طويلا كتب (روبرت غريفز) في (الأساطير العبرية) معتمدا في كتابه على سفر التكوين أن:
* آدم عاش 930 سنة.
* شيت: 912.
* أنوش (أنس الله): 905.
* كنعان: 910.
* مَـهْـلَـلْـئيل: 895
* يرد (يارد): 962
* حنوك: 365.
* متوشالح: 969.
* لامك: 777. * نوح: 950.
* سام: 600.
* أرفكشاد: 438.
* شالح: 133.
و اعتبر غريفز هذه الأعمار أعمارا متواضعة إذا ما قارنها بالأعمار التي كان ينسبها البابليون إلى ملوكهم، أشباه الآلهة، قبل الطوفان، وأنهم كانوا يضاعفون الأعمار عشرة أو مائة أو ألف مرة. وأعطى أمثالا على ذلك. فـ:
* ألوليم حكم 28.800 سنة.
* ألمار حكم 36.000 سنة.
* أنمن لوانا 43.200 سنة.
* دموزي الراعي: 36.000 سنة.
و عن عمر النبي نوح كتبت آمال محمد عبد الرحمن ربيع في (الاسرائيليات في تفسير الطبري): "ذَكر الشيخ عبد القادر المغربي في تفسير جزء تبارك من القرآن: "ذُكر في الأسفار القديمة أن نوحا ولد لسنة 182 من عمر أبيه (لامك)، ولسنة 1056 لجده الأكبر آدم، ومعنى نوح الراحة والتعزية، وكان عمر نوح 500 سنة لما أخذ يلد أولاده سام وحام ويافث، وكان عمره 600 سنة لما حصل الطوفان".
ثم كتبت آمال محمد تعليق الأزهر على "المقصود من الآية من سورة العنكبوت: "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ"، بأن الطوفان قد حدث بعد أن أمضى نوح بين قومه 950 سنة كما يُفهم من الآية وهذا يخالف ما نقله المغربي من الأسفار القديمة" من التوراة.
و هكذا فإننا إذا أردنا حساب عمر نوح الأسطوري فإنه يجب إضافة عدد السنين التي عاشها قبل مبعثه كـ "نبي" إلى قومه وكذلك عدد السنين التي عاشها بعد الطوفان فيصبح عمر نوح أكثر من 950 سنة.
و لم يحدد أيضا نوع السنوات التي عاشها نوح: هل كانت سنوات قمرية أو شمسية؟ "أرضية" أو سماوية؟ انسية أم ربانية؟ إذ أنه من المعروف أن الآية من سورة الحج تقول: "... وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ". وبهذا فإذا تقرّر استعمال الحساب الرباني فإن عمر نوح سيصبح أكثر من 365,000,000 سنة "ارضية" "أنسية" شمسية، هذا إذا اعتبرنا أن نوحا قد مات على عمر 1000 سنة وأن السنة الربانية تساوي 365 يوما.
و هناك تفسير لـ (كامل الصليبي) في كتابه (خفايا التوراة) عن عمر نوح يذكر فيه أن الـ 950 سنة التي يقال أنها عمر نوح لا يمكن أن تكون عمر شخص واحد، بل يمكن تفسير هذا العمر الطويل بأنه ليس منسوبا إلى شخص واحد بل إلى قبيلة تحمل اسم نوح، من نسل نوح أو من غيره اتخذت اسمه، كانت تعيش في شبه الجزيرة العربية طوال هذا المدة.
و ذكر الشيخ أحمد الوائلي في (أصول التشيع) وهو يكتب عن المردودات السلبية في عقيدة المهدي: "إن الإيمان بفكرة المهدي يؤدي إلى الإزدراء بالعقل لما في ذلك من مفارقات مثل طول العمر غير المعتاد، وغيبيته عن الأبصار....". وعلى الرغم من "الإزدراء بالعقل" التي تولده فكرة المهدي فإن الوائلي يجيب "باختصار" بـ "أن الشيعة لا يجعلون بقاءه هذه المدة أمرا طبيعيا وإنما هو معجزة..."
و هكذا نرى مرة أخرى التهرب من الواقع واللجوء إلى سرداب المعجزة. ويمكننا أن نرى في معتنقي "المعجزة" ترديدهم كلمات "أن الله على كل شيء قدير"، كلمات يكررونها ويستعملونها عندما يسطرون شيئا لا يعقله أحد، ولا هم أنفسهم. وبـ "معجزاتهم" يحاولون جر الله إلى أساطيرهم.
لقد كتب (طه حسين) في (في الشعر الجاهلي) وهو يتحدث عن رواة القصص أن "هناك لون من ألوان القصص كان الناس يتحدثون به ويميلون إليه ميلا شديدا ويروون فيه الأكاذيب والأعاجيب وهو أخبار المعمرين الذين مدت لهم الحياة إلى أبعد مما ألف الناس". وتطرق عن السبب الذي يدعو الرواة إلى ذلك "إنما هو ارضاء حاجات العامة الذين يريدون المعجزة في كل شيء، ولا يكرهون أن يقال لهم أن من دلائل صدق النبي في رسالته أنه كان منتظرا قبل أن يجيء بدهر طويل، تحدثت بهذا الانتظار شياطين الجن وكهان الانس وأحبار اليهود ورهبان النصارى".
إن انتظار النبي محمد الذي زعم به الرواة هو مشابه تماما للانتظار الذي يزعمونه منتظرو المهدي.
و أضاف طه حسين أن الرواة "زعموا أن القمحة كانت في العصور الذهبية تعدل التفاحة العظيمة حجما، ثم غضب الله على الناس فأخذت تتضاءل إلى حيث هي الآن".
لا أدري هل غضب الله، أو المهدي، على الناس لكي يجعل المهدي لا يحضر؟ أو يغيب عنهم بعد أن ظهر؟
و عند كتابتي عن الأعمار الطويلة، فلا بأس بأن أذكر ما كتبه الشريف المرتضى عن بعض المعمرين في كتابه (أمالي المرتضى) إذ ذكر:
1* الحارث بن كعب بن عمرو: عاش 160 سنة.
2* المستوغر، عمرو بن ربيعة بن كعب بن سعد: عاش 320 سنة.
3* دويد بن زيد بن نهد: عاش 456 سنة.
4* زهير بن جناب بن هبل: عاش 220 سنة.
5* ذو الاصبع العدواني: يقال أنه عاش 170 سنة أو 300 سنة.
6* معْدي كرِب الحِميري: لم يذكر المرتضى عمره إلا أنه نسب له بيتي الشعر:
أراني كلما أفنيت يوما.......أتاني بعده يوم جديد
يعود بياضه في كل فجر... ويأبى لي شبابي ما يعود
7* الربيع بن ضبع الفزاري: روى المرتضى أن الربيع دخل على الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان فقال له: ياربيع أخبرني عما أدركت من العمر....... قال: عشت مائتي سنة في فترة عيسى وعشرين ومائة في الجاهلية وستين سنة في الاسلام. أي انه عاش (200+120+60) سنة إضافة إلى السنين التي عاشها بعد هذا السؤال.
8* أبو الطمحان القيني: عاش 200 سنة.
9* عبد المسيح بن بقيلة الغساني: عاش 350 سنة.
وكتب طه حسين أيضا ان الرواة "زعموا أن الرجل من الأجيال القديمة كان من الطول والضخامة والقوة بحيث كان يغمس يده في البحر فيأخذ منه السمك ثم يرفع يده في الجو فيشويه في جذوة الشمس ثم يهبط بيده إلى فمه فيزدرد شواءه ازدردادا". "وزعموا أن أهل الأجيال القديمة كانوا من الضخامة والجسامة بحيث استطاع بعض الملوك، أو بعض الأنبياء، أن يتخذ فخذ أحدهم جسرا يعبر عليه الفرات".
"يريدون أن نؤمن ونطمئن إلى كل ما يتحدث به القدماء"، هكذا كتب طه حسين، "نعم نستطيع أن نؤمن وأن نطمئن لو أننا رزقنا بكسل عقلي. ولكن ليس لدينا كسل عقلي فنحن نؤثر عليه تعب الشك ومشقة البحث والقراءة" والاستنتاج.
إن الذين يريدون أن يجعلوا الخرافة حقيقة لا يريدون فقط إلغاء عقولنا فحسب بل وأيضا وجودنا الشخصي. ولهذا فهم يجعلون خرافاتهم وكأنها منزلة من السماء، من الله، ومن ينكر ما أنزل من الله فهو من الكافرين، ومن كان كافرا فجزاءه القتل.
"من يدرينا فلعل الله والإنسان شيء واحد. ولقد قال أحد الحكماء قديما: من عرف نفسه عرف ربّه". هذه الكلمات كتبها الدكتور (علي الوردي) في (خوارق اللاشعور). وتصبح كلمات (الوردي) نافعة في هذا المجال، كي يصبح:
* رب الإنسان الخرافي خرافيا،
* ورب الإعجازي إعجازيا،
* ورب الجاهل جاهلا،
* ورب المسلم مسلما. شيعيا أو سنيا. وبالطبع فإن رب المسيحي مسيحيا ولليهودي ربه اليهودي.
* ورب الإرهابي إرهابيا.
* ورب اللص لصا.
* وهكذا.
إن هناك الكثير من الناس الذين لم يألفوا البحث. إنهم يخافون من البحث في الكتب التي يقولون أنهم يعتمدون عليها في أقوالهم. فكيف بهم أن يستطيعوا نقد ما ألفوا عليه؟
عفوا "لقد نسيت! فلست أريد أن أقول البحث وإنما أريد أن أقول الشك". هذا معنى ما كتبه طه حسين.