وسائل الإعلام تباينت في فهم البيان والقراء بين مؤيد ومعارض

بيان القرضاوي أثار ردود فعل متباينة
القاهرة - ردود أفعال إعلامية متباينة أثارها البيان الذي أصدره مكتب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين د. يوسف القرضاوي في وقت متأخر من مساء أمس الأربعاء ردا على اتهام علماء شيعة له بتكريس الفرقة بين السنة والشيعة على خلفية تصريحات صحفية له حذر فيها من نشر التشيع في الدول السنية.
ففي الوقت الذي اقتصرت فيه عناوين بعض الموضوعات بالصحف والمواقع الإلكترونية على الوصف المجرد للبيان، مثل "القرضاوي يرد على علماء شيعة وينفي تهم الطائفية"، أتت بعض العناوين لتحمل تقييما للبيان، مثل "القرضاوي يكرر حملته على محاولات الغزو الشيعي للمجتمعات السنية".
من جهة أخرى ركزت بعض العناوين على أجزاء من البيان تصب في اتجاه تهدئة الأجواء ودعم التقارب، مثل "القرضاوي: خلافنا مع الشيعة ليس أكبر من خلاف المذاهب السنية"، بينما تجاهلت وكالة أنباء "مهر" الإيرانية، التي كانت أول من بادر بانتقاد تصريحات القرضاوي، التعليق على البيان، وحذت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" حذوها.
وكان الشيخ القرضاوي قد صرح في حوار مع جريدة "المصري اليوم" المصرية المستقلة بأن "الشيعة مسلمون، ولكنهم مبتدعون، وخطرهم يكمن في محاولتهم غزو المجتمع السني".
وأكد في بيانه أنه صارح برأيه السابق آيات الله حينما زار إيران منذ نحو عشر سنوات، حيث قال لهم: "هناك خطوط حمراء يجب أن تراعى ولا تتجاوز، منها سب الصحابة، ومنها نشر المذهب (الشيعي) في البلاد السنية الخالصة، وقد وافقني علماء الشيعة جميعا على ذلك".
ووصف المرجع الشيعي الشيخ محمد حسين فضل الله تصريحات د. القرضاوي بأنها "حديث فتنة"، وتساءل: "هل الخطورة عند الشيخ القرضاوي فيما لو أن شيعيا أقنع سنيا بالتشيع؟! هل يعتبر هذا غزوا كغزو المبشرين للمسلمين أو الملحدين؟! فما رأيه بأن بعض السنة في لبنان أقنعوا بعض الشيعة بالتحول إلى المذهب السني، فهل نقول: إن هناك غزوا سنيا؟!".
أما الشيخ محمد علي تسخيري، نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ورئيس مجمع التقريب بين المذاهب في إيران، فقد دعا د. القرضاوي للتراجع عن هذه التصريحات قائلا: "إنها تدفع الأمة في اتجاه الفرقة، وتتنافى مع أهداف الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي قام القرضاوي من خلال جهوده الواسعة بتأسيسه من أجل القضاء على التعصب والتفرقة".
بيان خطير
صحيفة "المصريون" الإلكترونية وصفت بيان د. القرضاوي بـ"الخطير"، وكتبت تقريرا بعنوان "القرضاوي يؤكد اتهاماته للإيرانيين بنشر التشيع وتمزيق وحدة الأمة".
وأوردت الصحيفة أن الشيخ "أكد اتهاماته للإيرانيين بالعمل على نشر المذهب الشيعي في البلاد السنية، مما يحرك الفتن ويبعد عن مطلب الوحدة الإسلامية التي يتحدثون عنها"، وأنه وصف الاتهامات التي وجهتها إليه وكالة أنباء "مهر" الإيرانية بالطائفية وغيرها بأنها "مسفة".
أما صحيفة الحياة اللندنية فقد نوهت إلى أن د. القرضاوي "يكرر حملته ضد محاولات الغزو الشيعي للمجتمعات السنية".
وذكرت الصحيفة قول د. القرضاوي في البيان: "إن تحذيري من هذا الغزو هو تبصير للأمة بالمخاطر التي تتهددها نتيجة لهذا التهور، وهو حماية لها من الفتنة التي يخشى أن يتطاير شررها، وتندلع نارها، فتأكل الأخضر واليابس".
توضيح لا تراجع
وبعنوان "القرضاوي يؤكد: الشيعة الإمامية مسلمون مبتدعون" ركز موقعا "إسلام أون لاين.نت" و"الإسلام اليوم" في عرضهما لبيان د. القرضاوي على تأكيد الشيخ أنه يعتبر الشيعة الإمامية مسلمين لكنهم مبتدعون وليسوا كفارا، وأن بيانه إنما جاء لتوضيح مقصده من التصريحات السابقة، وليس تراجعا عنها.
وعرض الموقعان حصر البيان للبدع التي على أساسها ينطبق وصف المبتدعة على الشيعة قائلا: "وللشيعة بدع عملية مثل تجديد مأساة الحسين كل عام بلطم الوجوه وضرب الصدور إلى حد سفك الدم"، ومنها كذلك "الشركيات عند المزارات والمقابر التي دُفن فيها آل البيت، والاستعانة بهم ودعاؤهم من دون الله.. من أجل ذلك نصفهم بالابتداع، ولا نحكم عليهم بالكفر البواح أو الكفر الأكبر المُخرِج من الملة".
كما تناول الموقعان تشديد القرضاوي في بيانه على أن ما صرح به لصحيفة "المصري اليوم" هو ما يعلنه دائما في كافة مؤتمرات التقريب بين السنة والشيعة قائلا: "هناك خطوط حمراء يجب أن تراعى ولا تتجاوز، منها سب الصحابة، ومنها نشر المذهب (الشيعي) في البلاد السنية الخالصة، وقد وافقني علماء الشيعة جميعا على ذلك".
وأشارا إلى أن قول القرضاوي إنه من المؤمنين "بوحدة الأمة الإسلامية بكل فِرَقها وطوائفها ومذاهبها، فهي تؤمن بكتاب واحد، وبرسول واحد، وتتَّجه إلى قِبلة واحدة، وما بين فِرَقها من خلاف لا يُخرِج فرقة منها عن كونها جزءا من الأمة"، مشيرا إلى أن تحذيره من الدعوة للتشيع في البلاد السنية إنما يأتي حرصا على وحدة الأمة ومنأة بها عن الصدامات الطائفية.
نفس المعنى دار حوله موضوع نشر بموقع "الجزيرة.نت" الإلكتروني بعنوان "القرضاوي يرد على علماء شيعة وينفي تهم الطائفية"، كما أورد الموضوع نفي د. القرضاوي أن يكون قد اتهم الشيعة بتحريف القرآن الكريم استنادا إلى نفي علمائهم على مر العصور ذلك.
قِبلة واحدة
ومن جهتها عنونت صحيفة "الشرق" القطرية تقريرها عن بيان د. القرضاوي بـ"خلافنا مع الشيعة ليس أكبر من خلاف المذاهب السنية"، الذي ركزت في مقدمته على قول الشيخ: "أؤمن بوحدة الأمة بكل طوائفها، فهي تؤمن بكتاب واحد وبرسول واحد وتتجه إلى قِبلة واحدة.. ما بيننا وبين الشيعة من الخلاف هنا ليس أكبر مما بين المذاهب السنية بعضها وبعض".
وحرصت الصحيفة على إبراز تأكيد البيان على وحدة الأمة والتقارب بين أبنائها على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم، ثم عرضت نص البيان كاملا.
صحيفة "الراية" القطرية حذت نفس النهج في موضوع بعنوان: "العلامة القرضاوي يرد على الشيخين فضل الله والتسخيري حول موقفه من الشيعة وما قالته وكالة أنباء مهر الإيرانية".
وأورد التقرير تأكيد د. القرضاوي العلاقات الطيبة بينه وبين بعض المراجع الشيعية التي انتقدته، كالشيخ محمد حسين فضل الله الذي يعتبره من علماء الشيعة المعتدلين.
كما أوضح د. القرضاوي أنه رغم تحفظه على محاولات الاختراق الشيعي للمجتمعات السنية فإنه ساند بقوة الحق الإيراني في امتلاك أسلحة نووية، كما ناصر حزب الله اللبناني الشيعي في الحرب التي خاضها ضد إسرائيل في يوليو 2006، ورد على فتاوى بعض علماء السنة الذين وقفوا ضد الحزب آنذاك.
تباين القراء
وتباينت تعليقات القراء على البيان في مختلف وسائل الإعلام بين مؤيد ومعارض من منطلقات مختلفة.
فقد سجل البعض تعليقات تنفي إمكانية أي تقارب بين السنة والشيعة وتلوم د. القرضاوي لوصفه إياهم بأنهم مسلمون مبتدعون لا كفار.
ومن بين هؤلاء عمر علي أحمد في موقع "الجزيرة.نت" قائلا: "إلى القرضاوي: محاولاتك للوصول إلى كلمة سواء مع الشيعة لن تفلح، اعتقادات الشيعة تتناقض جذريا مع الإسلام الصحيح، وهم لن يغيروها".
وفي نفس الاتجاه جاء تعليق حامد من السعودية على موقع "الإسلام اليوم" الذي قال فيه: "لو وقع - أي د. القرضاوي - بأيدي مليشياتهم (الشيعة) في العراق لتعرف عليهم أكثر، وأصبح إراقة دمهم من الاعتدال في الحكم".
في المقابل تفاخر بعض القراء الشيعة بما أسموه المد الشيعي، مثل تعليق مقداد الموي البصري قائلا: "ما كان لله ينمو، وإذا كان مد الحق الشيعي ينمو في البلاد الإسلامية السنية فهذا يدل على أن الله تعالى يمده بالحق".
من جانبه قال "أحمد" على موقع الجزيرة: "أنا أكن لك كل الاحترام ولكن أجد أن الظرف والزمان يتطلب ذكر جوانب التقريب معهم والقواسم المشتركة بين المذهبين وغير ذلك، فمن الأفضل الاعتذار عن إجابة السؤال بأبسط قواعد الدبلوماسية".
تجده على هذا الرابط :
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1221720131110&pagename= Zone-Arabic-News/NWALayout