العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتـــــــــديات العـــــــــــامـــة > الــــحــــــــــــوار العــــــــــــــــــام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-03-08, 04:56 PM   رقم المشاركة : 1
حبرسري
عضو ماسي






حبرسري غير متصل

حبرسري is on a distinguished road


من هنا يبدأ الانهيار فكل هذا تقدم وكل هذا انتصار بعرف النازيين الجدد أ

بقلم: علي الصراف ::


إذا كان حساب الجريمة لم يكتمل بعد، فان حساب العقاب ما يزال في أوله. وقد تختلف التقديرات، بين هذين الحدين، حول مدى "التقدم" و"الانتصار" الذي حققته الولايات المتحدة بعد خمس سنوات من الحرب، إلا ان حساب الجريمة يقول انه ما من شعب على وجه الأرض تعرض لمجزرة كالمجرزة التي يتعرض لها العراقيون. والمسألة قد تبدو مسألة حقائق وأرقام ونسب ومعدلات باردة تتداولها المنظمات الإنسانية والدولية، إلا أن المعاناة، التي تختفي وراء كل منها، تجعل من المستحيل العثور على سبيل لوصفها.

بالتأكيد، فان النازيين أنفسهم لم يجمعوا من المآسي والضحايا والعذابات، في بلد واحد، ما جمعه الأمريكيون وعملاؤهم في العراق. ويمكن للمرء أن يختار أي بلد في أوروبا غزاه النازيون، ويقارن نسب الضحايا، قياسا بعدد السكان، وسيرى ان العراقيين ذُبحوا، وما يزالون يُذبحون، في مجزرة تعسر على الفهم، حتى إذا قيل أن الذين يرتكبونها مصابون بهستيريا القتل. فحتى المجانين يرتاحون من سفك الدماء... إلا الأمريكيون، وإلا عملاؤهم.و"التقدم" مستمر. وهذا يعني، بطبيعة الحال، المزيد من أعمال القتل، والمزيد من الخراب، والمزيد من القهر والوحشية والفساد.

تتفاوت التقديرات حول عدد القتلى من المدنيين الذين سقطوا خلال هذه السنوات الخمس، إلا انه إذا أخذنا بالمقاربة الشهيرة التي اعتمدها فريق البحث الأمريكي التابع لجامعة جون هوبكنز، ونشرت في 21 اكتوبر-تشرين الأول عام 2006، (وهي المقاربة ذاتها التي قبلت الحكومة الامريكية نتائجها في تقدير عدد الضحايا في مناطق اخرى من العالم، ولكن رفضتها في العراق)، فان الغزو يودي بحياة ما بين 200-220 ألف إنسان سنويا كنتيجة مباشرة للحرب والعمليات العسكرية. وهو نفسه تقريبا عدد الضحايا الذين سقطوا في قنبلة هيروشيما النووية عام 1945 في اليابان. وبذلك يكون قد سقط على رؤوس العراقيين، حتى الآن، ما يعادل خمس قنابل نووية.

وتقول تقارير صدرت عن منظمة حقوق المرأة في العراق، إن ما بين 90 إلى 100 امرأة عراقية تترمل يوميا نتيجة أعمال العنف والقتل الطائفي. وتشير المنظمة إلى أن هناك 300 ألف أرملة في بغداد وحدها، إلى جانب 8 ملايين أرملة في مختلف أنحاء العراق، وهذا يعني أن نسبة الأرامل في العراق تشكل 35% من عدد نفوس العراق، و65% من عدد نساء العراق و80% من عدد النساء المتزوجات.
العراق، بهذا المعنى، تحول الى مجتمع أرامل؛ الى أرض سبي؛ الى بلد، له في كل بيت، ضحية ومأساة.

وكل هذا "تقدم". وكل هذا "انتصار". كما يصف النازيون الجدد نتائج أعمالهم في العراق. ويقول تقرير اصدره برنامج الامم المتحدة للتنمية ان ثلث سكان العراق البالغ تعدادهم 25 مليونا يعانون من الفقر، اي انهم يعيشون على اقل من دولار واحد في اليوم. وتقول الأمم المتحدة ان الحرب أدت الى تهجير 4 ملايين انسان داخل العراق ومليون وثمانمائة ألف آخرين خارج العراق، في أعمال ما تزال المنظمات الخاضعة للإرهاب الأمريكي تتردد في وصفها بانها أعمال "تطهير عرقي".

وتقول الأمم المتحدة ان أربعة ملايين لاجيء عراقي يواجهون صعوبات في توفير الغذاء لأنفسهم، وأن 40 بالمئة من سكان البلاد لا يجدون مياه صالحة للشرب. وتشمل البطالة نصف عدد القادرين على العمل من بين السكان. وقال راضي حمزة الراضي رئيس هيئة النزاهة السابق في العراق (وهو واحد من عملاء الإحتلال أنفسهم) في شهادة امام الكونغرس في اكتوبر – تشرين الأول الماضي: "لقد نجحنا في التحقيق في أكثر من 3000 قضية للفساد واحالتها الى المحاكم للفصل فيها، ووفقا لسجلات بلدي، فإن 241 حالة فقط تم الفصل فيها حتى الآن"...!

وأضاف "ان تكلفة الفساد التي كشفت عنها اللجنة حتى الآن عبر جميع الوزارات في العراق، قُدرت بحوالي 18 مليار دولار، وتقف على رأسها وزارة الدفاع حيث بلغ حجم الفساد 5 مليارات دولار، ثم التجارة 3 مليارات، فالكهرباء 3 مليارات، تليها التقل ملياري دولار، فالصحة ملياري دولار، تليها الداخلية مليار دولار، فالاتصالات مليار دولار، فالإسكان مليار دولار، ثم المالية 500 مليون دولار، فالنفط 500 مليون دولار". وأكد الراضي أن تلك البيانات لم تستوعب قضايا الفساد جميعها فهناك قضايا كثيرة لم يتم إدراجها لأسباب متعددة منها عدم اكتمال الأدلة، ومنها اختفاء ملفات.

وتم خلال السنوات الخمس الماضية إغتيال 5500 عالم وخبير وطبيب ومهندس، في حملة كشفت وزارة الخارجية الأمريكية نفسها ان جهاز الموساد الإسرائيلي هو الذي ينظمها في العراق. في حين يتولى "الحرس الثوري" الإيراني ملاحقة وقتل الضباط السابقين في الجيش العراقي بموجب قوائم يقدمها قادة المليشيات الشيعية. ويقول العالم العراقي الدكتور نور الدين الربيعي، الامين العام لاتحاد المجالس النوعية للابحاث العلمية، ان الغزو الامريكي للعراق يهدف الى تدمير مستقبل العراق باغتيال العلماء وحرق المجلدات العلمية في مراكز الابحاث التي تشكل خلاصة الابحاث العلمية التي انفق عليها اكثر من 10 مليارات دولار، وان 80% من عمليات الاغتيال استهدفت العاملين في الجامعات ويحمل اكثر من نصف القتلى لقب استاذ واستاذ مساعد، واكثر من نصف الاغتيالات وقعت في جامعة بغداد، تلتها البصرة، ثم الموصل، والجامعة المستنصرية، و62% من العلماء المغتالين يحملون شهادات الدكتوراه، وثلثهم مختص بالعلوم والطب.

وكل هذا "تقدم". وكل هذا "انتصار".
ولكن، ليس هذا هو كل وجه الجريمة. فأعمال التعذيب والإغتصاب شملت عشرات الآلاف ممن يعتلقون عشوائيا بتهمة "الإرهاب". ولئن كان سجن ابو غريب قد أغلق بعد الفضيحة الشهيرة، فإنما لكي يتم فتح مراكز إعتقالات وتعذيب في كل مؤسسة تسيطر عليها المليشيات الحكومية. وحتى المستشفيات نفسها، تحولت الى مسلخ لقتل المرضى والجرحى إذا ظهر انهم من السنة. وفي حين يقدر عدد الذين مروا على السجون التابعة لقوات التحالف بنحو 120 ألف إنسان، فان تقديرات الذين مروا على المعتقلات التابعة للمليشيات الشيعية والكردية تتراوح بين 300000 و500000 إنسان ألقيت جثث الآلاف منهم في الشوارع، وقرب المزابل، وتعرض معظمهم لأعمال التعذيب، بوسائل من قبيل "المثاقب الكهربائية"، وما يزال هناك نحو 150000 معتقل، من دون تهمة او محاكمة، لا تعترف حكومة المنطقة الخضراء بوجودهم في سجونها. وأصبح اغتصاب النساء أمرا مألوفا، الى حد ان العديد منهن صرن يفضلن الإنتحار بحرق أنفسهن بالنفط، او بإطلاق النار، على أن يتم سوقهن الى المعتقلات.

بل وتحوّل بعضهن (غالبا أمهات فقدن أولادهن) الى انتحاريات، وذلك في واحدة من أكبر المنعطفات في الوضع الإجتماعي للمرأة في العراق. وفي حين ظل عملاء الإحتلال يدوّرون الإسطوانة المشروخة عن "المقابر الجماعية" للنظام السابق، من دون كلل ولا ملل، فان الهجمات التي شنها الغزاة ضد العشرات من المدن والبلدات العراقية، من الفلوجة الى القائم، حولتها الى "مقابر جماعية" للأحياء الذين تُلقى على رؤوسهم آلاف الأطنان من المتفجرات، من دون ان توفر الأسلحة الكيميائية أيضا. وفي حين ان ما يسمى "مجرزة حلبجة" (وهي قرية صغيرة على الحدود مع ايران) قضت، كما يزعم الأكراد أنفسهم، على 5000 ضحية (قبل ان يضربوا الرقم بعشرة فيما بعد وكأن تلك الحلبجة صارت عاصمة بحجم باريس)، فان ضحايا الهجوم على الفلوجة وحدها عام 2004 أدى الى سقوط نحو 22000 ضحية وتهجير 250000 آخرين قضوا سنتين يعيشون في الخيام قبل ان يتمكنوا من العودة الى منازلهم المهدمة.

وبرغم ان الجنود الأمريكيين يقتلون من دون حساب، إلا ان وحشيتهم نفسها صارت ترتد عليهم. ويقول تقرير اعدته مجموعة عمل من "مجلس الجيش للصحة العقلية" (التابع للبنتاغون) عام 2007، ان 28% من الجنود الذين يُرسلون الى مناطق القتال الكثيف يعانون من اضطرابات نفسية حادة. وان عدد العسكريين الذين يعانون من مشاكل الادمان على الكحول والمخدرات والخلافات الزوجية واضطراب علاقاتهم بشكل عام، ارتفعت باكثر من 85% منذ اجتياح العراق قبل خمس سنوات. وهو ما يفسر جانبا من هستيريا القتل السائدة في العراق. فربع الجيش الأمريكي هم من المجانين رسميا، وهم يقتلون الأبرياء، ويغتصبون الضحايا، ليس لأنهم يواجهون تهديدا أمنيا بالضرورة، بل لأن نساءهم يتحولن الى عاهرات تحت مظلة الرئيس جورج دبليو بوش.

وفي يناير-كانون الثاني الماضي، أقر الجيش الأمريكي ان نسبة الانتحار شهدت ارتفاعا كبيرا. وأكد أن اكثر من الفي جندي حاولوا الانتحار أو الحاق الأذى بأجسادهم خلال 2006 مقابل نحو 375 خلال 2002. وكل هذا "تقدم"، وكل هذا "انتصار". إلا ان الجريمة لم تمر من دون عقاب، وحسابه ما يزال في أوله.

فالمقاومة التي أوقعت نحو 4000 جندي قتلى وأكثر من 25000 جريح، الكثير منهم صاروا بعاهات دائمة، ومثلهم على الأقل بين صفوف المرتزقة (الذين لا يدخلون في حسابات الخسائر الرسمية)، كانت قد قلبت من الحسابات ما هو أكثر أهمية بكثير من عدد القتلى والجرحى في صفوف الغزاة.
كل المشروع الكوني للامبريالية الأمريكية يتحول، شيئا فشيئا، الى أضغاث أحلام. ومن هنا سيبدأ الإنهيار.

الوقائع تقول ان الولايات المتحدة إذا قررت ان تواصل "التقدم" و"الإنتصار" في العراق فانها ستمضي بسرعة الى مزبلة التاريخ، وستلحق بها من الإنهيارات ما لم تتعرض له قوة دولية عظمى من قبل. حتى إنهيار الإتحاد السوفياتي السابق سيبدو مزحة أمام إنهيار الإمبراطوية الأمريكية.
كيف؟ وهل يرى الخبراء الامريكيون هذا الخطر ماثلا بالفعل؟

لقد كان البنتاغون قد قدر كلفة الحرب ضد العراق قبل خمس سنوات بحوالي 60 مليار دولار. الحرب، حسب ذاك التقدير، كانت تبدو رخيصة ومغرية. إلا ان تقديرات البنتاغون اليوم تقول ان الكلفة تصل الى 600 مليار دولار. وفي حين يقول مكتب الميزانية في الكونغرس الأميركي ان كلفة الحرب لن تزيد عن 2 تريليون دولار. فان الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل جوزيف ستيغليتز يقول بان الكلفة الإجمالية للحرب على العراق ستصل الى أكثر من 4 تريليون دولار.

هذه الأرقام قد تكون خالية من المعنى إذا جُردت من السياق الأقتصادي الذي تجد الولايات المتحدة نفسها فيه. ولكنها داخل هذا السياق يمكن ان تكون "القشة" التي تقصم ظهر البعير. وهي "قشة" ثقيلة ليس اقتصاديا فحسب، بل دبلوماسيا وإستراتيجيا أيضا.

المفارقة الأبرز هنا، هي ان الولايات المتحدة لا تمول الحرب من جيوب دافعي الضرائب، كما كان الحال بالنسبة للحرب ضد فيتنام. واشنطن تمول الحرب ببيع سندات الخزانة. أي أنها تمول الحرب بالديون. وفي النهاية فان هذه الديون يجب ان تُدفع، أو أن تُدفع، على الأقل، تكاليف خدمتها (الفوائد والأقساط).

يقول خبراء أمريكيون (حسب سي.أن.أن) أن الدين الداخلي الأمريكي أشبه بقنبلة زمنية موقوتة يمكن أن تنفجر في أي لحظة، حيث يزداد بحوالي 1.4 مليار دولار يوميا، أي بحوالي مليون دولار كل دقيقة. ويبلغ حجم هذا الدين الداخلي حالياً 9.13 تريليون دولار، وهذا يعني أن كل أمريكي، سواء أكان رجلاً أم امرأة أم طفلاً أم رضيعاً، يولد وهو مدين بـ 30 ألف دولار تقريباً.
حسنا. إذا كان الحال كذلك، فما المشكلة إذا زادت "القنبلة الموقوتة" تريليونا آخر او حتى أربعة؟

المشكلة هي ان ممولي الديون الامريكية يجدون أنفسهم في وضع لا يسمح لهم بشراء المزيد من الديون. وإذا توقف ممولو الديون عن الشراء، فان القنبلة ستنفجر. الصين واليابان ودول جنوب شرق آسيا هي المشتري الأساسي لسندات الخزانة. وهي تفعل ذلك في محاولة لإبقاء الميزان التجاري مع الولايات المتحدة يميل لصالحها. وهناك، بطبيعة الحال، الدول النفطية العربية، التي تشتري هذه السندات لإعتبارات سياسية.

ولكن كلما إشترت هذه الدول مليارا، فانها تخسر نسبة منه تساوي نسبة انخفاض قيمة الدولار. وخلال العامين الماضيين وحدهما خسر الدولار من قيمته 17%، بينما كان قد خسر 20% اخرى في الأعوام الخمسة التي سبقت، ما يجعل الإجمالي يصل الى نحو 37%. أي ان كل مليار دولار خسر من قيمته 370 مليون دولار. وكلما خرج الرئيس بوش ليقول ان إدارته "تؤيد سياسة الدولار القوي"، كانت قيمة الدولار تنخفض، لأن أسواق المال تعرف انه يكذب، وانه يحاول، بخفض قيمة الدولار، أن يخفض قيمة الديون، ويرفع قدرة الصادرات الامريكية على المنافسة، على حساب أولئك الذين يشترون سندات الخزانة أنفسهم.

ولكن "الذي يعيش بالحيلة، يموت بالفقر" (كما يقول العراقيون الذين لم تتعلم إدارة بوش منهم شيئا).
المشكلة لا تقف عند هذا الحد. فحسب تقرير التجارة الدولية، وبرغم كل الحيل، فان العجز التجاري الامريكي ظل لعدة سنوات يتراوح بين 50 و60 مليارا شهريا. وهو ما يعني ان العجز التجاري السنوي يمكن ان يصل الى ما يتراوح بين 600 مليار و720 مليار دولار.

وفي علامة واضحة على ان الكارثة آتية لا ريب فيها، أظهرت بيانات وزارة الخزانة الامريكية الصادرة الأسبوع الماضي أن صافي التدفقات الرأسمالية الاجنبية الاجمالي إلى الولايات المتحدة انخفض في يناير-كانون الثاني الى 37.4 مليار دولار ليسجل أدنى مستوى منذ أربعة أشهر مع تحاشي مستثمري القطاع الخاص للأصول الامريكية.

كيف تسدد الخزانة الأمريكية هذا النقص في التمويل؟
الجواب: طباعة المزيد من الدولارات. وهذا يعني خفضا مباشرا لقيمتها، وخفضا مباشرا أيضا لكل قيمة الديون التي أشتراها الآخرون.
ويقول محللون (حسب رويترز) إن السبب المبدئي لهبوط الدولار في السنوات الاخيرة كان العجز الكبير في الانفاق والتجارة. "ولم يكن القلق يساور سوى قلة قليلة ما دامت التدفقات الاستثمارية على الأصول الامريكية المقومة بالدولار تغطي العجز. إلا أنه مع تباطؤ الاقتصاد وزيادة المخاوف بشأن استقرار النظام المالي الامريكي وتزايد الخسائر من جراء العجز عن سداد الالتزامات الائتمانية، فقد بدأت قيمة الاوراق المالية المقومة بالدولار تتراجع في عيون المستثمرين، مما قلل الطلب على الدولار لتمويل مثل هذه الاستثمارات".

ويقول أومير ايزينر محلل الاسواق لدى "رويش انترناشيونال" في واشنطن "هذا من أسباب القلق الرئيسية، أي الخوف من أن يصل هبوط الدولار إلى نقطة يبدأ فيها المستثمرون الاجانب بيع معظم استثماراتهم وعندها سنواجه فعلا مشاكل تمويلية".
ويقول الخبراء أيضا (ا.ف.ب) إن العجز في الموازين الامريكية هو السبب الأساسي للمشاكل المتزايدة في الاقتصاد لانه يعكس ميل المستهلكين الامريكيين للانفاق بدلا من الادخار والاقتراض بلا أي قيود من الخارج لتمويل الانفاق.

ويقول كيرت كارل كبير خبراء الاقتصاد الامريكي لدى شركة "سويس ري" لاعادة التأمين في نيويورك "يتعين أن نشهد قفزة هائلة في عوائد سندات الخزانة كمؤشر على أن هذا البلد قد يبدأ في مواجهة مشاكل التمويل. ولكن الوقائع تقول عكس ذلك".
وتواجه الولايات المتحدة خطر الإنكماش الإقتصادي. ومع تفاقم أزمة القروض العقارية، لم يجد مجلس الإحتياط الفيدرالي من سبيل للحد من التدهور سوى ضخ المزيد من الأموال (أكثر من 200 مليار حتى الآن) الى الأسواق من الورق المطبوع باللون الأخضر، وفي الوقت نفسه خفض معدلات الفائدة الى 2.25%، مما يدفع الى المزيد من خفض قيمة الدولار. ويهدد برفع مستويات التضخم الى معدلات صاروخية قد تجعل من تركيا الثمانينات نموذجا للإستقرار قياسا بالولايات المتحدة في الأعوام المقبلة.

هذه العوامل بدأت تنعكس بوضوح على البورصات الأمريكية والأوروبية، وذلك في سلسلة من الإنهيارات التي تقول ان المستثمرين يهربون بأموالهم بحثا عن مراكز آمنة. ورأس المال جبان كما هو معروف. في حين ان الذين يطبعون الدولارات، من دون قيمة، هم وحدهم "الشجعان"..!

وقد يمكن للولايات المتحدة ان تنهب مليون برميل من النفط يوميا من العراق، مما يخفض كلفة الحرب عليها بمقدار 100 مليون دولار يوميا (36 مليارا في العام). ولكن بالنسبة لبلد يستورد 9.6 مليون برميل يوميا، ويدفع من اجلها أكثر من 100 دولار للبرميل الواحد، فان العجز يظل هائلا قياسا بما كانت عليه أسعار النفط قبل الغزو (50 دولار للبرميل تقريبا). وهذا يعني ان الطموح بتحويل الغزو الى مصدر للنهب والثراء، إنقلب، في الواقع، الى كارثة.

الركود سوف يحرم الحكومة الأمريكية من القدرة على زيادة الضرائب لتمويل العجز. وهو يعني في الوقت نفسه انكماش سوق الإستهلاك الذي كان يحث دولا مثل الصين واليابان على شراء المزيد من الديون الأمريكية. وما أن يجد المستثمرون انه لم يعد بإمكانهم تحمل المزيد من الخسائر في قيمة الأصول التي يحملونها فانهم سيجدون أنفسهم مضطرين الى قبول الخسارة والتخلي عن تلك الأصول.
وسبحة الإنهيار ستكرُّ من هناك "الى حيث ألقت رحلها أم قشعم".
الى الجحيم.
الى سوء العاقبة وبئس المصير.

لا قيمة للبشر. ما يهم الولايات المتحدة هو مصالحها المادية. الثقافة الغربية كلها قائمة على إستعباد البشر وقتلهم، من ناحية، وصنع المال من ناحية أخرى.
وما لم يشعر الغربيون ان "الميزان التجاري" بين قتل البشر وصنع المال صار خاسرا، فانهم لا ينسحبون ولا يكفّون عن القتل. هؤلاء الفاشيست لا يتألمون، حقيقة، إلا عندما تُوجعهم جيوبهم.

وإذا ما تنبهت قوى المقاومة الى التخريب الإقتصادي، كعنصر حاسم في المعادلة، فان إمبرطورية الشر، كيان الوحشية الأخير، سيسقط كما لم يسقط كيان آخر.






 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:19 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "