الإفصاح الوقح القبيح
في استطاعة بعض الناس الاعتقاد بما شاؤوا الاعتقاد به عن صحابة الرسول صلى اللّه عليه وسلم، وعن أمهات المؤمنين زوجاته الطاهرات، فلا أحد له سُلطة على مكنونات الضمائر والسرائر والخواطر، وحتى المنافقون كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يأخذ ظاهرهم، ويتعامل معه بما يقولون بألسنتهم من قول مسموع، ثم يفوّض أمرهم إلى اللّه، عالماً بحقيقتهم وحقيقة نفاقهم، وكان صلى اللّه عليه وسلم يقول: «ما بُعِثتُ لأنقّب عن القلوب« أو كما قال.
أيْ ان هذا البعض يستطيع الإيمان بكفر الصحابة ونساء الرسول، ويُخرجهم من مِلّة الإسلام، ويتهمهم بالخيانة، ويلعنهم لعناً كبيراً، ويصِمهم ويصفهم بأنواع الفجور، وبالزنى والشذوذ الجنسي، وله ان يتمادى في ذلك على راحته، ما دامت اعتقاداته مضمَرة بينه وبين الخالق العليم الخبير، أو ما دام يردد هذه الأقوال في المجالس التي مزاجها يجانس مزاجه وتسعد لما يقول ويفتري، إلا أنها تصبح مسألة خطيرة أخرى عندما هو يُفصح عن اعتقاداته ويذيعها ويشيعها جهاراً. أحد المواقع البحرينية على «الإنترنت« ظهرتْ فيه «فتوى« من أحد «الشيوخ« (ولقد أرسلها لي الزميل الأستاذ عقيل سوار الذي هاجمها أربع مرات واستنكرها في عموده في «الوطن« البحرينية) يقول فيها هذا «الشيخ« إنّ سيدنا عمر بن الخطاب، رضي اللّه عنه، فيه شذوذ جنسي (أبَنَة) لا يعالجها إلا «ماء الرجال« (المني)، كبُر من قول ومن قبح ووقاحة في الإفصاح هكذا عن هذه المعتقدات. ثم لا يقول عن أهل السنة والجماعة، وفيهم علماؤهم الأقدمون والمحدثون، إلا «النواصب«. وبالطبع مَنْ يعتقد هذا الاعتقاد عن الصحابي العظيم عمر بن الخطاب أسهل عليه أنْ يتهم رسول اللّه في عرضه، فيقول عن عائشة رضي اللّه عنها إنها زانية. ومع ذلك فالأمر يمكن السكوت عنه وعليه ما دام مكنوناً في الخواطر والسرائر والضمائر، فاللّه يتولّى أمور الخلائق يوم العرض الأكبر عليه تعالى، ولكنّ هذا الإفصاح إنما يوالي تربية مشاعر البغضاء والغل والضعينة عند الاجيال الجديدة من القوم، وهو الى ذلك يستفزّ أهل السنة والجماعة ويثير مشاعرهم، مع كل ما يعقب هذه البلبلة من تمزيق للنسيج الاجتماعي وشقّ للتلاحم الوطني. أيْ فيلؤمن القوم بما شاؤوا الإيمان به، على ان يحصروا ذلك في صدورهم وضمائرهم وسرائرهم وخواطرهم، واللّه الكفيل بهم يوم الحساب والعقاب.
http://www.akhbar-alkhaleej.com/Arti...213536&Sn=shkh