ملامح التلفيق الظاهرة في دعوى نسبة الترفُّض إلى العترة الطاهرة .
COLOR="Navy"]ملامح التلفيق الظاهرة
في دعوى نسبة الترفُّض إلى العترة الطاهرة .
بسم الله الرحمن الرحيم
يدَّعي سدنة المذهب الشيعي أنهم ورِثوا مذهب الرفض عن أهل البيت النبوي رضي الله عنهم ، و يُشيعون ذلك عنهم ، كما هو مقتضى المذهب الرافضي ، وخلاصة روايات الرافضة في كتبهم المشهورة ، و لكن في الحقيقة فإنَّ تلك الدعوى الواهية تصطدم بعِدة عقبات تاريخية كبرى ، و تتجاوز بل تُغضي عن كثيرٍ من التناقضات التاريخية الصارخة التي تًُناقِض تلك المزاعم .
ـ فهناك عدة إثباتات جوهريَّّة تدل على أن دين الشيعة دين ملفق مختلق مزوَّر ، لفَّقَه أعداء الإسلام من المجوس الفُرس الحاقدين على الاسلام و أهله ، لا سيما الصحابة الكرام ، و بالأخص الفاروق ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ الذي قوَّض دولة الفرس المجوس ، ثمَّ نسَبوا ذلك المذهب المهلهَل إلى أهل بيت النبوة ترويجاً لباطلهم وعصبيةً لدينهم المجوسي و سعياً في إعادة دولتهم الفارسية المجوسية .
و قد وجدوا أعواناً لهم من اليهود الحاقدين على الاسلام و أهله لا سيما مِمَّن أخرجهم الفاروق رضي الله عنه من جزيرة العرب .
فمِمَّن تلبَّس بدعوتهم من اليهود عبدالله بن سبأ اليهودي ، وميمون بن ديصان و ابنه عبيدالله و ذريتهما ـ من بعد ُـ من العُبيديين الباطنيين .
و هذا معنى قول علماء الإسلام من السلف الصالح عن مذهب أهل الرفض أنَّه نبتةٌ نصرانية في أرض مجوسية بأيدِ يهودية .
مقدمة في تاريخ أهل البيت:
ـ و في هذا البحث المختصر سندلِّل للقارئ عبر استقراء الثوابت الراسخة ـ و المتفق عليها بين المؤرخين سنة و شيعة ـ من تاريخ أهل البيت النبوي الطاهر رحمهم الله على كون أهل البيت النبوي بعامَّة كانوا ـ و ما زلوا ـ على مذهب أهل السُّنة والجماعة .
ـ فقد اتفق المؤرخون قاطبةً من السنة و الشيعة على أنَّ أهل البيت النبوي كانوا يعيشون في مدينة الرسول عليه الصلاة والسلام بين ظهراني أهل السنة ، و قد كان الخلفاء يريدونهم على الخروج من المدينة النبوية وهم يأبَونَ ذلك .
ـ نعم خرج "موسى الكاظم" ـ من بعدُ ـ الى العراق بناءً على طلب الخليفة العباسي هارون الرشيد ، فكان في ضيافة العباسيين ،وتوفي في بغداد عام 183 هجرية ، فقبرُه هنالك ، و تُسمَّى ـ الآن ـ المنطقة التي دُفِن بها ـ رحمه الله ـ بالكاظمية نسبةً الى قبره .
ـ كما استدعى المأمون "عليَّاً الرضا" رحمه الله ليجعَلَه ولياً للعهد من بعدِه ، فخرج الرضا إلى خراسان ، فتوفِّي بها رحمه الله عام 203 هجرية ، و قبره في مدينة "مشهد" .
ـ أمَّا أول من خرجَ من المدينة من أهل البيت المعدودين في الأئمة ـ من قِبَل الاثني عشرية ـ فهو : "علي الهادي" بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق ، و هو لم ينتقل للكوفة بل انتقل إلى سامرَّاء إجابةً لرغبة الخليفة العباسي المتوكل رحمه الله ، و توفي "علي الهادي" هنالك عام 254 هجرية. ـ رحمه الله ـ عن ابنين هما الحسن المعروف بالعسكري : "لأنه سكن سامراء و هي بلاد عسكر المتوكل " ، و جعفر الذي تنعته الرافضة بالكذاب لأنه نفى وجود ابنٍ للحسن ففضحهم ، فلذلك فإقامة أولئك الأئمة خارج المدينة كانت مُدَّة يسيرة جِداًّ ، وعلى غير مُرادِهم رحمهم الله .
التلفيق التاريخي عند الشيعة:
و من هنا تنبُع عِدة تساؤلات منطقية حول مذهب العترة الطاهرة ، بل أدِلَّة واضحةٌ لكلِّ ذي لُب ممَّا لايستطيع الشيعة المعاصرون و لا السابقون لها رداًّ و لا تحويلاً :
فمن تلك الأدِلَّة الدالَّة على التلفيق التاريخي لدعوى انتساب أهل البيت لمذهب الرفض تمثيلاً لا حصراً :
1ـ أنَّ علياً رضي الله عنه كان داخلاً في طاعة الخلفاء الراشدين من قبله وموالياً لهم ، والشيعة تزعمُ ضِدَّ ذلك ، و لو كان مخالفاً لهم في المعتقد ـ كما تزعم الشيعة ـ ومجانباً لهم لخرج من المدينة التي لم تُبايِعه إلى غيرها من بلاد المسلمين لا سيما البلدان التي افتتحت حديثاً كالعراق و فارس مثلاً ، فإنَّ أهل تلك الأقاليم كانوا قد دخلوا في الإسلام حديثاً ، وطُلبتهم الحق ، و لو علموا أنَّ علياًّ مُنع الحقَّ لنصروه ، ولكن ما حدث أنَّ علياً رضي الله عنه لم يخرج من المدينة إلاَّ بعد أن بُويِع بالخلافة لا العكس ممَّا يوهِن مزاعم الرافضة .
2ـ لم يخرج أحدٌ من ذرية الإمام علي من الأئمة الأحد عشر رحمهم الله على الخلافة العادلة ، إلاَّ ما كان من أمر الحسين رضي الله عنه و استشهاده في وقعة كربلاء ، ومع ذلك فخروجه كان بسبب مظالم يزيد ، وقتله للصحابة في وقعة الحرَّة بالمدينة المنورة لا طلباً من الحسين رضي الله عنه الخلافة لنفسه ، و إن كان أحقَّ الناس بها في ذلك الوقت .
ولذلك فعندما ناظر زيدٌ بن علي أخاه محمداً الباقر في مسألة اشتراط الخروج في وقوع الإمامة وكان زيدٌ يشترطها ، استدلَّ محمد عليه بأنَّه على أصله ذلك لا يكون أبوهما "عليٌ بن الحسين " إماماً لأنَّه لم يخرج و لم يأمر بالخروج .
3ـ كيف يقيم أهل البيت النبوي ـ فيما بعد ـ بين أهل السنة إذا كانوا رافضة كما يدَّعي الشيعة ، وكيفَ يدَعون الإقامة في المدن و الأقاليم التي كان تعجُّ بِمَّن يدَّعي محبَّتهم ونُصرتهم من أهل الرفض و غُلاة الشيعة مثل الكوفة أو خراسان ، لا سيما و أن إقامتهم بالمدينة كانت تحت أنظار الخلافة العباسية ، بعكسِ ما إذا انتشروا في الآفاق .
4ـ لم يكُن أحدٌ ممَّن خرج من أهل البيت على الخلافة على مذهب الرفض ، بل كان خروجهم سياسياً لا مذهبياً ، ومن أقام منهم دولة كانت دولته بعيدةً عن الرفض >
فمِمَّن كان على مذهب أهل السنة والجماعة ممَّن قامت له دولةٌ من أهل البيت :
أـ إدريس بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب منشِئ دولة الأدارسة بالمغرب ، بل إن إدريس بن الحسن هو سبب انتشار مذهب مالك في المغرب ، وذلك لأن الإمام مالك ما كان يرى صِحَّة خلافة أبي جعفر المنصور الذي كان قد بايع من قبل لمحمد بن عبدالله بن الحسن المعروف بالنفس الزكية "أخي إدريس"، فبالتالي يرى انشغال ذمة أبي جعفر ببيعةٍ شرعية لمحمد بن الحسن ،و قد أوذي الإمام في ذلك و لم يرجع عن قوله .
وكانت تلك البيعة قد انعقدت سراً لمحمد ، و ممن بايعه اخوته و والده عبدالله بن الحسن ، و أبو جعفر المنصور و أخوه أبوالعباس و جعفر الصادق الذي تصنفه الشيعة إماماً سادساً ، وغيرهم من أعلام أهل البيت النبوي .
ب ـ أشراف مكة الحسينيون الذين حكموا مكة في العصور المتأخرة.
ج ـ و كذلك الأشراف الحسَنيون الذين حكموا المدينة .
5ـ وكذلك من كان على مذهب الزيدية من أهل البيت ، فهؤلاء و إن كانوا على المذهب الزيدي فإنهم لم يتلبَّسوا بالرفض ، وإنما اقتصر تشيعهم على تفضيل علي رضي الله عنه على الشيخين ، واشتراطهم تولية الفاضل على المفضول ، مع تولِّيهم لجميع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ممَّا يُعرف تاريخيا باسم التشيع السياسي لا المذهبي .
فمِمَّن قامت له دولةٌ منهم "ممَّن كان على المذهب الزيدي"، و لم ينلبَّسوا بشيءٍ من الرفض :
أـ محمد بن يوسف الأخيضر ، و هو محمد بن يوسف بن إبراهيم بن موسى الجون بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب مؤسس دولة الأخيضريين باليمامة ، ثم ذريته من بعده ، ومحمد هذا هو الذي قدم اليمامة من الحجاز فأقام الدولة الأخيضرية سنة 252 هـ (866 م) .
ب ـ و كذلك الحسين بن القاسم الرسي . منشئ الدولة العلوية في صعدة وصنعاء باليمن عام 280 هـ ، و والده هو القاسم الرسي هو صاحب رسالة "الرد على الرافضة " و هي مطبوعة مشهورة ، ومثل هذه الرسالة كان ينبغي أن يكون لأهل السنة بها مزيد عناية ، لأنها تجلو الغمة وتُنير البصيرة في الوسط الشيعي الزيدي .
ج ـ الناصر للحق الحسن الملقَّب بـ"الأطروش" لقِلَّة سمعه ، صاحب دولة العلويين بالديلم ، وكان السبب في إسلام سكان الجيل والديلم، وقد امتد نفوذه إلى طبرستان ففتح (آمل) ودخل (جالوس) سنة(301هـ) واستقر له الحكم إلى وفاته عام (304هـ.) أيام المقتدر العباسي (295-320هـ) ، و قد خلَّف تراثاً علمياً كبيراً ليس فيه شيءٌ على مذهب أهل الرفض ، و منه كتاب "البساط" حققه مؤخراً الأستاذ عبد الكريم جدبان، وتمت طباعته الأولى عام 1997م- دار التراث بصعده.
6ـ مع أن كثيراً من أهل البيت النبوي رحمهم الله معدودون في عداد علماء أهل السنة و الجماعة ، ومنهم غالب الأئمة الأحد عشر "لأن الثاني عشر مختلق مزعوم" ، كالحسنين و زين العابدين والباقر و الصادق والكاظم و غيرهم من أئمة أهل البيت .
بل إن الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبد الله بن ابن يزيد بن المطلب بن عبد مناف بن قصي القرشي المطّلبي الشافعي ، الذي هو إمام أحد المذاهب الأربعة عند أهل السنة رحمه الله يمتُّ بصلة وثيقة للبيت النبوي فهو مطَّلِبي مُناِفي قرشي ، وآل المطَّلب من أهل البيت ، فلذلك فمذهب الجمهور أنهم لا يحل لهم أخذ الزكاة .[/COLOR]
.