أثارت قضية استقالة إمام جمعة اصفهان جلال الدين طاهري من مسؤولياته وتنحيه عن مهمة إمامة صلاة الجمعة في مدينة اصفهان التي تعتبر من كبريات المدن الإيرانية، هزة بالغة في الأوساط الدينية والسياسية الإيرانية المختلفة.
وجاءت الرسالة المفتوحة الشديدة اللهجة للسيد طاهري التي نشرتها الصحف المحسوبة على التيار الإصلاحي الأربعاء 10 تموز يوليو 2002م، بمثابة الشرارة التي فجرت المشكلة، لما تضمنته من احتجاج وإدانة شديدة لما وصفه بـ(الفوضى والفساد العام على كل مستوى، ولما وصل إليه الظلم السياسي والاجتماعي والاقتصادي).
ومما قاله إمام جمعة اصفهان المستقيل في رسالته: (لقد كلفني الإمام الخميني منذ ثلاثين عاماً أن أكون إماماً في اصفهان، لكنني مع الأسف وبعدما وصلنا إليه لا يسعني إلا الاستقالة).
وأعرب طاهري برسالته وقوفه إلى جانب المرجع آية الله العظمى الشيخ حسين علي المنتظري، ومطالبته بإنهاء الإقامة الجبرية المفروضة عليه منذ أكثر من عشر سنوات في منزله بمدينة قم المقدسة وقال: (إني أتساءل بأي حكم عقلي ومنطقي وباستناد إلى أية آية أو حديث أو مبدأ عرفي أو شرعي أو سياسي يصار إلى فرض الإقامة الجبرية على رجل دين بارز ومناضل مضحي ومرجع تقليد كبير كان ثاني اثنين من قادة الثورة ومن أساطين النظام الإسلامي وأوتاد الحوزة العلمية ومن أعاظم الفقهاء وافاخم الشخصيات في البلاد)؟
وأضاف (إن هذا الرجل بلغ من العلم ذلك المستوى الذي جعل الإمام الخميني يوكل له إصلاح شأن النظام والحوزة العلمية، وان فرض الإقامة الجبرية وغير الإنسانية واللامعهودة على رجل دين مجتهد كمنتظري له عاقبة سيئة ونتائج مشؤومة ونهاية مذمومة، وان الملك يبقى مع الكفر ولا يبقى مع الظلم).
وبرر طاهري استقالته (بالأوضاع المخيبة والفوارق الهائلة بين الفقراء والأغنياء والاقتصاد المريض والفساد والرشاوى، وعدم كفاءة السلطات وهشاشة البنية السياسية)، مشدداً على أن ذلك (يهدد بلدنا في وجوده ويهدد شعبنا). واتهم طاهري المتشددين الذين يهيمنون على مراكز القرار، بأنهم وراء هذا التردي، وقال في رسالته (ليس بوسعنا أن نوجه الاتهام في ذلك لا إلى الشاه ولا إلى الولايات المتحدة لكي نداري التقصير والجهل).
هذا وقد أعرب 125 نائباً في مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) عن تأييدهم ودعمهم للسيد طاهري في رسالة وجهوها لسماحته الأربعاء 11 تموز يوليو، وأعلن هؤلاء النواب في رسالتهم التي تلقت منها وكالة الأنباء الإيرانية نسخة عبر الفاكس، عن أسفهم وتأثرهم للرسالة التي وجهها طاهري إلى الشعب الإيراني وتنحيه عن مسؤولية إمامة الجمعة في اصفهان.
وجاء في رسالة النواب أن نيتكم الخيرة وموقفكم النابع من التقوى ولسان الصدق الذي تحليتم به في الفترات المهمة والحساسة التي مرت على البلاد كانت مؤثرة في إصلاح شؤون المجتمع، وأضافوا إننا ندرك ما يؤلمكم ونأمل بأن تكون هناك أذن صاغية، قبل أي رد فعل سيئ، تسمع تألمكم ومطلبكم الذي فيه لله رضى، وأن يمهدوا السبيل لتحقيق مطالب الشعب.
من جانب آخر ذي صلة أرسلت القيادة المركزية لقوات الأمن وقيادة الحرس الثوري في إيران وحدات إضافية، بينها وحدات من الكوماندوس والمغاوير، إلى مدينة اصفهان بعد انتشار أنباء عن عزم أهالي المدينة على إقامة مسيرة كبيرة للإعراب عن استنكارهم لممارسات السلطات العليا التي أدت إلى استقالته.