السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا جزء من كتاب إرشاد الاخيار إلى تعليم الوضوء والصلاة وآداب الدعاء ومهمات الاذكار، أخذته من موقع الشيخ حامد العلي...وإليكم نصه فيما يتعلق بالوضوء والصلاة:
الحمد لله رب العالمين ، أشهد أن لا إله إلا هو ، وليّ الصالحين ، وأشهد أن محمداً صلّى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّم عبده ورسوله ، وبعــــد :
فهذه نبذة مختصرة لتعليم الوضوء والصلاة للمبتدئ على طريقة السؤال والجواب ، ويتلوها شيء من آداب الدعاء ، وفضل الذكر ، وأهم أذكار اليوم والليلة ، نسأل الله تعالى أن ينفع بها المسلمين وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم ، ويتقبلها منّا أنه هو السميع العليم.
أولا : صفة الوضوء
س: ما هو أوّل شيء أبدأ به إذا أردت الوضوء ؟
ج : إذا قمت إلى الصلاة ، وأردت الوضوء ، فابدأ أوّلاً بالنيّة ، وهي أن تنوي بقلبك أن تتوضّأ للصلاة ، أو تنوي رفــع الحدث .
س: وكيف تكون النية ؟
ج : تكون النية بالقلب ، ولا يتلفّظ بها اللسان ، بمعنى أن تستحضر بقلبك أن غسل هذه الأعضاء ، هو وضوء لفعل الصلاة ، أو لرفع الحدث ، وليس للتبرّد ، أو للتنظف مثلا ، واعلم أن هذه النية تأتي تلقائيا في الغالب ، ولا تحتاج منك إلى تكلّف استحضارها مادمت قائما للصلاة .
س: وما معنى الحدث ؟
ج : الحدث هو كون الإنسان على وصف في بدنه يمنع من الصلاة ، مثل أن يكون قد أخرج ريحا ، أوقضى حاجته ، ولم يتوضأ بعـدُ للصلاة .
س : ثم ماذا أفعل بعد النية ؟
ج : تُسمِّى اللهَ تعالى قائلا ( بسم الله ) .
س : وكيف أصنع إن كنت في موضع يكره فيه ذكر الله تعالى كالحمّام ؟
ج : تسمى الله في نفسك بلا تلفظ بلسانك ، ويكفي إن شاء الله تعالى .
س : وماذا لو نسيت التسمية ؟
ج : التسمية تسقط بالنسيان ، فإن نسيتها صح الوضوء ، ولا يجب عليك إعادته .
س : ثم ماذا أصنع بعد التسمية ؟
ج : تغسل كفيّك ثلاثا ، ثم تتمضمض بإدخال الماء إلى الفم ، وتدويره فيه ثم تمجُّه لتخرجه منه ، ثم تستنشق الماء بإدخاله داخل الأنف بجذب النفس قليلا ، ثم تستنثر ، بمعنى تخرج الماء من الأنف بدفعه بالنفس خارجاً ، حتى تغسل داخل الفم والأنف .
س: هل يكون غسل الفم والأنف بالمضمضة والاستنشاق والاستنثار بغرفة واحدة ، أم بغرفتين اثنتين ، واحدة للفم ، وواحدة للأنف ؟
ج : السنة أن يكون بغرفة واحدة تأخذ بعضها في الفم ، وبعضها تستنشقه بالأنف ، وإذا فعلت بغرفتين أجزأ وصح .
س: ثم ماذا بعد المضمضة والاستنشاق ؟
ج : تغسل وجهك من منابت الشعر أعلى الوجه إلى الذقن ، ومن الأذن إلى الأذن بما فيه البياض الذي بين الأذن والعارض ، وتغسل ظاهر اللحية فقــــط ، إلا إن كانت اللحية خفيفـــــة ، ويُرى الجلـــــــد من تحتهـــــا ، فتغسل ظاهرها ، وما تحتها أيضا.
س: ثم ماذا بعد غسل الوجه ؟
ج : تغسل يديك مع مرفقيك ، بحيث تستوعب جميع العضو بمرور الماء عليه ، ثم تمسح جميع ظاهر الرأس من حد الوجه ، إلى ما يسمى قفا ، ومنه البياض الذي فوق الأذنين ، والافضل أن تمر بيديك من مقدم الرأس إلى القفا ، ثم تقبل من القفا إلى مقدم الرأس ، وأما ما استرسل من الشعر زيادة على ما فوق الرأس فلا يجب غسله ، وبنفس الماء الذي مسحت به الرأس ، تكمل فتمسح الأذنين ، باطنهما وظاهرهما ، بإدخال السبابتين في الصماخ ، وأما الإبهامان فتمسح بهما ظاهر الأذنين ، فعن ابن عباس (أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه ، وأذنيه ظاهرهما وباطنهما ) رواه الترمذي وصححه .
س: ثم ماذا بعد مسح الرأس ؟
ج : تغسل الرجلين غسلا كاملا ، مع الكعبين والعقبين ، والكعبان هما العظمان اللذان في أسفل الساق ، فلكل قدم كعبان بارزان على الجانبين أسفل الساق ، والعقب هو آخر شيء القدم من الخلف .
س: كم مرة أغسل كل عضو من هذه الأعضاء .
ج : يكفي مرة واحدة ، والأفضل ثلاث مرات ، إلا مسح الرأس فيكون مرة واحدة .
س: هل هناك سنن أخرى يستحب فعلها ؟
ج: نعم ما تقدم كلّه واجب ، ويستحب أن يزيد المتوضىء تخليل اللحية الكثيفة ، أما الخفيفة التي يرى الجلد من تحتها فقد تقدم أنه يجب غسل ما تحتها ، لكن الكثيفة يغسل ظاهرها فقط ، ويستحب مع ذلك تخليلها بأن يدخل يده المبللة بالماء داخلها كالمشط .
ويستحب أن يبالغ في الاستنشاق إلا إذا كان صائما، لئلا يدخل الماء إلى الجوف .
ويستحب أيضا تخليل الأصابع بأن يدخل أصابع اليد بين أصابع القدمين ويخلل ما بينها بالماء.
ويستحب أن يقول بعد الفراغ : أشهد أن لاإله إلا الله ، وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، قال النبي صلى الله عليه وسلم (من قالها بعد الوضوء فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء ) رواه مسلم0
ويستحب أن يكون مستحضرا بقلبه أنه في عبادة لله تعالى من أول الوضوء إلى آخره ، فانه بذلك يعظُمُ ثوابه ، وتكثر حسناته .
س : وماهي نواقض الوضوء ؟
ج : نواقض الوضوء هي : خروج الريح ، والبول ، والغائط ، وزوال العقل بإغماء أو نوم ، ومس الذكر بدون حائل ، وأكل لحم الإبل 0
س : هل يجب الإستنجاء بمعنى غسل الذكر والدبر قبل كل وضوء ؟
ج : لايجب إلا إذا قضى حاجته ببول أو غائط ، فمن أخرج ريحا أو استيقظ من النوم ، ولا يحتاج إلى فعل البول أو الغائط ، فله أن يتوضأ بلا غسل ذكره ودبره 0
س: من استيقظ من النوم هل يدخل يديه في الإناء مباشرة ليتوضأ ؟
ج : من استيقظ من نوم الليل خاصة ، لا يدخل يديه في الإناء حتى يغسلهما ثلاثا خارج الإناء أولاً ، وهذا الغسل ليس من الوضوء ، وانما يكون بعد الاستيقاظ من نوم الليل فقط وقبل الوضوء ، قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه قبل أن يدخلهما في الإناء ثلاثا ، فان أحدكم لا يدري أين باتت يده ) رواه مسلم
س : ما هو الحديث الوارد في صفة الوضوء ؟
ج : عن عثمان رضي الله عنه أنه دعا بإناء فأفرغ على كفيه ثلاث مرات فغسلهما ثم أدخل يمينه في الإناء فمضمض واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاثا ويديه إلى المرفقين ثلاث مرات ، ثم مسح برأسه ثم غسل رجليه ثلاث مرات إلى الكعبين ثم قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا ) متفق عليه
ثانيا : صفة الصلاة
س: ما هو أوّل شيء أبــدأ به إذا أردت الصلاة ؟
ج : أول شيء هو النية ومحلّها القلب، ولا تتلفظ بها بلسانك ، ومعنى النية أن تستحضر في قلبك أنك تريد الصلاة ، وتعينّها بقلبك إن كانت فريضة الوقت ، أو نافلة ، أو صلاة الكسوف مثلا ، أو صلاة جنازة ، فتتذكر بقلبك قبل أن تكبّر تعيين الصلاة التي تريد أن تصلّيها .
س : ثم ماذا بعد النيّة ؟
ج : أوّل شيء تفعله بعد النية أن تستقبل القبلة ، وأنت منتصب قائما ، إلا إن كنت مريضا عاجزا عن القيام فلا بأس أن تصلّى جالسا ، فان لم يستطع المصّلى أن يصلّي جالسا ، فإنّه يصلّى مضطجعا، ويستقبل القبلة بوجهه .
س : ثم ماذا أفعل ؟
ج : ثم ترفع يديك حذو منكبيك ، أو إلى فروع أذ************ مكبرا قائلا ( الله أكبر )، ولك أن ترفع ثم تكبر ، أو تكبر ثم ترفع ، واجعل يديك ممدودتين مضمومتي الأصابع ، واستقبل بكفيك القبلة ، ، ويجب أن تسمع نفسك تكبيرة الإحرام ، أو تحرك لسانك بالحروف على الأقل ، ولا يكفي أن تمررها على قلبك فحسب.
س : ثم ماذا أفعل ؟
ج : ثم تضع كفك اليمنى ، على ظهر كفك اليسرى والرسغ والساعد ، على صدرك ، بحيث تكون الكف اليمنى منبسطة ، بعضها على ظهر الكف اليسرى ، وبعضها على رسغ اليسرى ، وبعضها على أول جزء من الساعد ، أو إن شئت فاقبض باليمنى على اليسرى .
س: وأين يكون موضع بصري ؟
ج : ثم ترمي ببصرك إلى موضع سجودك ، ولا تلتفت ، ولاترفع بصرك إلى السماء ، فإنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، زجر عن رفع البصر إلى السماء في أثناء الصلاة .
س : ثم ماذا أقول ؟
ج: ثم تقرأ دعاء الاستفتاح وهو ( سبحانك اللهمّ وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدك ، ولا إله غيرك ) ، ومعنى جَدُّك أي سلطانك وملكك ، أي تعالى سلطانك فلا يماثله ، ولا يعلو عليه سلطان .
ثم تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ، فتقول ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) أو ( أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ) .
ثم تقول ( بسم الله الرحمن الرحيم ) .
س : ثم ماذا أقرأ ؟
ج : ثم تقرأ الفاتحة ، بجميع حروفها ، ويجب عليك إخراج الحروف بطريقة صحيحة ، فإن اللّحن فيها إذا كان يغيّر المعنى يبطلها ، فتبطل الصلاة ، ولاتصح الصلاة بدون قراءة الفاتحة في كل ركعة منها .
ثم تقول آمين بعد قراءة الفاتحة ، سواء كنت إماما ، أو مأموما ، أو منفردا ، لكن إن كنت مأموما فلا تسبق بها الإمام ، بل قلها معه .
س : ثم ماذا أقرأ بعد الفاتحة ؟
ج : ثم اقرأ بعد الفاتحة سورة ، أو ما تحفظ من القرآن ، وقراءة سورة كاملة ولو قصيرة أفضل ، وإذا كنت في الركعة الثالثة والرابعة لصلاة رباعية ، مثل الظهر، أو العصر ، أو العشاء ، فاقرأ الفاتحة فقط ، وكذلك في الركعة الثالثة لصلاة المغرب ، وإذا أردت أن تزيد بعد الفاتحة قراءة سورة ، فلابأس أن تفعل ذلك أحيانا .
س : ثم بعد القراءة ماذا أصنع ؟
ج : ثم اركع رافعا يديك ، كما رفعتهما في أول تكبيرة دخلت بها الصلاة قائلا ( الله أكبر ) ، فإذا انحنيت راكعا ، فضع كفيك على ركبتيك قابضا عليهما ، وفّرج أصابعك ، وباعد عضديك عن جنبيك ، وابسط ظهرك لا تجعله محنيا ، ولاتقوّسه ، لكن اجعله مستقيما منبسطا ، واجعل رأسك في مستوى الظهر حياله ، لا تخفضه إلى أسفل ، ولاترفعه إلى أعلى ، واطمئن في ركوعك حتى تستقر الأعضاء ، وقل سبحان ربي العظيم وبحمده ، أو سبحان ربي العظيم ، مرة على الأقل ، وثلاث مرات أفضل ، وكلما زدت فهو أفضل ، إلا إذا كنت إماما ، فلا تشق بطول الركوع على الناس .
وان شئت زد على قولك ( سبحان ربي العظيم ) هذا الذكر : ( سُبّوح قدّوس ، ربُّ الملائكة والروح ) أو ( سبحان ذي الجبروت ، والملكوت ، والكبرياء ، والعظمة ) ، ولا تقرأ القرآن في الركوع ، ولافي السجود .
س : لكنيّ إن كنـــت في صلاة الجماعـــــــة ، فباعدت عضــــدي عن جنبي قد يتأذى جاري في الصف ؟
ج : إن كنت في صلاة الجماعة ، وخشيت أن تؤذي جارك فلا تفعل في الصلاة ما يؤذيه ، وإن كنت منفردا فاجتهد أن تفعل من السنن ما تقدر عليه.
س : ثم ماذا أفعل بعد الركوع ؟
ج : ثم ارفع رأسك من الركوع حتى تعتدل قائما ، ويرجع كل عظم إلى موضعه ، ارفع حتى تعتدل قائلا (سمع الله لمن حمده) ، فإذا اعتدلت قائما ، فارفع يديك كما رفعتهما أول دخولك الصلاة ، وكما رفعتهما عندما أردت الركوع ، وقل ( ربنا ولك الحمد ) ولا تزد (والشكر ) فان النبي صلى الله عليه وسلم لم يقلها هنا ، وإن شئت فزد على قولك ( ربنا ولك الحمد ) هذه الزيادة ( ملء السماوات وملء الأرض ، وما بينهما ، وملء ما شئت من شيء بعد ، أهل الثناء المجد ، أحق ما قال العبد ، وكلنا لك عبد ، اللهم لامانع لما أعطيت، ولامعطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ) رواه مسلم .
واحذر أن تخل بهذا الركن، وهو الإعتدال قائما ، وعليك أن تطمئن فيه ، ذلك أن من سجد قبل أن يعتدل قائماً لم تصح صلاته.
س : وكم مرة أرفع اليدين مع التكبير في الصلاة ؟
ج : رفع اليدين في الصلاة في أربعة مواضع : عند تكبيرة الإحرام ، وعند الركوع ، وعند الرفع منه ، وعند القيام من التشهد الأول كما سيأتي بعد قليل .
س : ثم إذا فرغت من القيام بعد الركوع كيف أسجد ؟
ج : ثم اسجد مكبّراً ، وانزل على ركبتيك أولاً ، ثم يديك ، وضع في سجودك جبهتك ، وأنفك ، وراحة يديك ، وركبتيك ، وأطراف قدميك على الأرض ، أي ضع بطون أصابع الرجلين على الأرض ما استطعت، ولا يصح السجود إلا إن كان بجميع هذه الأعضاء ، فكانت كلها موضوعة على الأرض .
واعتدل في السجود لاتضم جسدك إلى بعضه ، فارفع بطنك عن فخذيك ، ولكن لاتمد جسدك مداً ، واجعل سجودك معتدلا بين هذا وهذا ، وابعد عضديك عن جنبيك، وارفع ساعديك عن الأرض ، لاتبسط ساعديك على الأرض ، واجعل كفيك على الأرض في محاذاة المنكبين، مستقبلا بأصابعهما القبلة ، مضمومة الأصابع ممدودة نحو القبلة ، واجعل أصابع قدميك مثنية إلى اتجاه القبلة ،لاتمدهما منبسطتين إلى عكس اتجاه القبلة .
س : وهل يجب الاطمئنان في السجود كما يجب في الركوع ؟
ج : نعم يجب الإطمئنان في السجود بأن تستقر هذه الأعضاء على الأرض ، ويقول المصلّي (سبحان ربي الأعلى ) أو ( سبحان ربي الأعلى وبحمده ) يقولها مرة على الأقل ، وإذا قالها ثلاثا فهو أفضل ، وكلما زاد فهو أفضل مالم يكن إماما ، فليتجنب أن يشق على النّاس ، وان شئت قل مع ذلك ( سُبّوح قدّوس ، ربُّ الملائكة والروح ) أو ( سبحان ذي الجبروت، والملكوت ، والكبرياء ، والعظمة ) ، ولا تقرأ القرآن في السجود ، وأكثر من الدعاء ، فانه موضع يستجاب فيه الدعاء .
س : ثم ماذا أفعل بعد السجود ؟
ج : ثم ارفع رأسك من السجود مكبراً ، واجلس حتى تطمئن جالساً ، وصفة الجلوس أن تفرش قدمك اليسرى وتجلس عليها ، وتنصب قدمك اليمنى وتثنى أصابعها نحو القبلة ما استطعت ، وهذه الهيئة تسمى الافتراش ، واجعل يدك اليمنى على فخذك اليمنى ، ويدك اليسرى على فخذك اليسرى ، ويجب الاطمئنان في هذا الجلوس ، بحيث يستقر المصلى جالسا مطمئنا ، فلا تستعجل في العودة إلى السجود الثاني ، قبل أن تجلس هذه الجلسة بين السجدتين مطمئناً .
س : وماذا أقول في هذا الجلوس ؟
ج ـ تقول ( رب اغفر لي ، رب اغفر لي ) وكلما زدت فهو أفضل ، وإن زدت هذا الدعاء : ( اللهم اغفر لي ، وارحمني ، واهدني ، واجبرني ، وعافني ، وارزقني ، وارفعني ) فهو أفضل .
ثم كبّر واسجد السجود الثاني على صفة الأوّل ، ثمّ كبّر وانهض قائما ، معتمدا على ركبتيك ، وإن شئت أن تجلس جلسة خفيفة قبل النهوض فلا بأس ، فإذا اعتدلت قائما للركعة الثانية ، فافعل فيها مثل ما فعلت في الأولى ، فإذا رفعت رأسك من السجود الثاني من الركعة الثانية مكبراً ، فاجلس للتشهد .
س : وكيف أجلس للتشهد ؟
ج : اجلس كما تجلس بين السجدتين ، افرش قدمك اليسرى واجلس عليها ، وانصب اليمنى واجعل أصابعها مَثنيّة باتجاه القبلة ، وضع كفك اليسرى على الفخذ اليسرى وركبتها ، والكف اليمنى على الفخذ اليمنى ، واقبض بالإصبع الصغرى والتي تليها من اليد اليمنى ، فاجعلهما إلى باطن كفك اليمنى كهيئة القابض ــ أي اقبض من اليمنى الخنصر والبنصر ــ وحلّق بالوسطى مع الإبهام حلقة ، مشيراً بالإصبع السبابة إلى القبلة ، وإن قبضت بكل الأصابع إلا السبابة تشير بها فحسن ، واقرأ التشهد وهو ( التحيات لله والصلوات والطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لااله إلا الله ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ) أو ( وأشهد أن محمداً رسول الله ) .
س : ثم ماذا أفعل بعد الفراغ من التشهد ؟
ج : ثم انهض على صدور قدميك ، معتمدا على ركبتيك مكبرا حتى تعتدل قائما ، وصل الركعتين الثالثة والرابعة إن كانت الصلاة رباعية ، كما صليت الأولى والثانية ، لكن لا تقرأ دعاء الاستفتاح قبل الفاتحة ، فانه لا يُقرأ إلا في أوّل الصلاة .
س : هل هذا الجلوس الذي فيه التحيات هو التشهد الوحيد في الصلاة ؟
ج : هو التشهد الوحيد لو كانت الصلاة ركعتين فقط ، فإن كنت في صلاة ثلاثيّة كالمغرب ، أو رباعيّة كالظهر والعصر والعشاء ، فانه يجب عليك الجلوس للتشهد الثاني ، وذلك بعد أن تكمل ركعات الصلاة ،فتجلس في آخرها قبل التسليم جلسة التشهد الثاني .
س : و كيف اجلس في التشهد الثاني ؟
ج : تجلس كما جلست في التشهد الأول ، لكن لا تفرش قدمك اليسرى وتجلس عليها ، بل قدمها إلى الأمام قليلا تحتك ، بحيث تكون تحت رجلك اليسرى ، واجلس بمقعدتك على الأرض ، واجعل القدم اليمنى منصوبة كما هي في التشهد الاول ، واجعل أصابعها مثنية باتجاه القبلة ، وصفة اليدين على الفخذين، كصفتها في التشهد الأول ، والسبابة تشير بها إلى القبلة .
س : وماذا أقول في هذا التشهد الثاني ؟
ج : تقرأ التحيات كما قرأتها في التشهد الأوّل ، وتزيد هنا الصلاة الإبراهيميّة وهي ( اللهمّ صلّى على محمّد وعلى آل محمّد ، كما صلّيت على إبراهيم و آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم و آل إبراهيم انك حميد مجيد ) .
س : وهل يستحب الدعاء هنا بعد الصلاة الإبراهيميّة ؟
ج : نعم يستحب الدعاء ، فادع بما شئت قبل السلام فان الدعاء في هذا الموضع مستجاب ، وأفضل شيء أن تقول ( اللهم أني أعوذ بك من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيى والممات ، ومن شر فتنة المسيح الدجال ) .
س: وإن كانت الصلاة ركعتين فقط ، فماذا أقول في الجلوس الذي قبل السلام ؟
ج : تجمع بين قول التحيات والصلاة الإبراهيميّة في هذا الجلوس وتدعو بعدهما بما شئت ، والأفضل أن تأتي بالدعاء الذي ذكرته آنفا .
س : وكيف أخرج من صلاتي ؟
ج : تخرج من صلاتك بالتسليمتين ، التفت عن يمينك بوجهك التفاتا كاملا قائلا السلام عليكم ورحمة الله ، ثم التفت عن يسارك بوجهك التفاتا كاملا قائلا السلام عليكم ورحمة الله .
س : وماهي الأمور التي لاتصح الصلاة بدونها ؟
ج : أما الأركان فهي : القيام في الفرض للقادر، وتكبيرة الإحرام ، وقراءة الفاتحة في كل ركعة ، والركوع ، والرفع منه ، والاعتدال قائما ، والسجود على سبعة أعضاء ، فيمكّن جبهته وأنفه وكفيه وركبتيه وأصابع قدميه من الأرض ، والرفع من السجود ، والجلوس بين السجدتين ، والطمأنينة في هذه الأعضاء ، والتشهد الأخير ، والصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلم فيه ، والجلوس له ، والجلوس للتسليمتين ، والتسليمتان ، وترتيب الأركان كما ذكر ، فهذه لاتسقط عمدا ولاسهوا ولاجهلا .
والواجبات هي : التكبيرات في الإنتقال بين الحركات ،وقول ( وسمع الله لمن حمده) ، وقول ( ربنا ولك الحمد) ، وقول (وسبحان ربي العظيم) مرة على الأقل في الركوع و(سبحان ربي الأعلى) مرة على الأقل في السجود ، وقول (رب اغفر لي) بين السجدتين مرة على الأقل ، ، والتشهد الأول ، والجلوس له ، فهذه واجبات يجب الإتيان بها ، من تركها عمدا بطلت صلاته ، ومن تركها سهوا يسجد للسهو سجدتين قبل السلام ويسلّم ، وإن نسي السجود قبل السلام ، يسجد بعد السلام ، ويسلم مرة ثانية ، من غير أن يكرر التشهد ، ومن نسي حتى خرج من المسجد ، سقط عنه سجود السهو وصحت صلاته.
س : وماحكم باقي الأفعال والأذكار والأقوال في الصلاة ؟
ج :كل ما سوى الأركان والواجبات فهو سنة ، إذا أتيت بها فهو أفضل وما تركت منها ، فإنّ تركه لا يبطل الصلاة وإن كان عمدا .
س : ثم إذا فرغت من الصلاة ، ماذا أصنع ؟
ج : يستحب للمصلّى إذا فرغ من صلاة الفريضة أن يأتي بالأذكار التالية :
1ـ يقول ( أستغفر الله ) ثلاثا ، ثم يقول بعدها : ( اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والإكرام ) .
2ـ يقول ( لاإله إلا الله وحده لاشريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، لاحول ولا قوة إلا بالله ، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه ، له النعمة ، وله الفضل ، وله الثناء الحسن ، لاإله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ، اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولامعطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجَدّ منك الجَدّ ) .
3ـ يقول ( سبحان الله ) ثلاثا وثلاثيـــــن ، ( الحمد لله ) ثلاثا وثلاثين ، ( الله أكبر ) ثلاثا وثلاثين ، ويقول تمام المائة ( لااله إلا الله وحده لاشريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ) .
4ـ يقرأ آية الكرسي .
5ـ يقرأ سور الإخلاص ( قل هو الله أحد ) سورة الفلق ( قل أعوذ برب الفلق ) ، وسورة الناس ( قل أعوذ برب الناس ) ، ويكررها ثلاث مرات بعد صلاة الفجر والمغرب .
6ـ يقول بعد المغرب وبعد صلاة الفجر هذا الذكر ( لااله إلا الله وحده لاشريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ) عشر مرات .
س: وهل هناك سنن يستحب فعلها مع الفرائض ؟
ج : نعم يستحب المحافظة على السنن الرواتب ، وهي اثنتا عشرة ركعة : أربع قبل الظهر ، وثنتان بعدها ، وثنتان بعد المغرب ، وثنتان بعد العشاء ، وثنتان قبل صلاة الصبح .
أما إن كنت في حال السفر فيستحب المحافظة على راتبة الفجر ، وصلاة الوتر ، وصلاة الوتر هي : أن تصلي ركعتين بعد راتبة العشاء ، ثم بعد التسليم منهما ، تصلى ركعة واحدة فقط ، تدعو فيها بعد أن تعتدل قائما من الركوع ، أو إن شئت قبله بعد أن تنتهي من قراءة القرآن ، تدعو بدعاء عمله الرسول صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي رضي الله عنه وهـو : ( الهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، وإنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ، تباركت ربنا وتعاليت ) رواه أصحاب السنن ، وإن شئت فادع بغيره من الدعاء ، وإن لم تدع فلابأس.
ويجوز لك أن تصلي صلاة الوتر ، ثلاث ركعات متصلات بتسليمة واحدة ، غير أنك لا تجلس في هذه الصلاة للتشهد الأول ، وإنما تجلس لتشهد واحد إذا انتهيت من الثلاث ركعات في آخر الصلاة .
س : واخبرني عن الخشوع في الصلاة ما هو وكيف يحصل للمصلّي ؟
ج : لقد سألت عن عظيم ، اعلم أن الخشوع في الصلاة هو روحها وثمرتها وغاية المقصود منها ، ومعناه أن يكون القلب حاضرا فيها ، لا يغفل عن معاني مافيها من أقوال وأفعال ، فيتذكر عظمة الله إذا كبّر واستفتح صلاته ، ويتفكر في معاني سورة الفاتحة ويتدبّر ما يقرأ من القرآن ، ويركع بالخضوع ، ويسجد بالذل والعبودية ، ويعقل صلاته كلّها على هذا النحو ، يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه ، واعلم أن ثواب الصلاة على قدر ما يعقل العبد فيها ، واعلم أن المصلّى إذا خشع في الصلاة ، ولم يحدث نفسه فيها، لم ينفتل إلاّ وهو كيوم ولدته أمّه ، قد غُفِرت له ذنوبه ، وذلك دليل على عظم فضل الصلاة .
أما كيف يحدث الخشوع للمصلّي ، فإنما يحصل ذلك إن خلا القلب من ذكر الدنيا ، وتفرغ لذكر الآخرة ، وحضر في الصلاة ، يتدبّر أفعالها وأقوالها ، ومن أعظم ما يعين على هذا ، أن يتهيأ العبد للصلاة بالتهجير إليها ، أي التبكير إليها ، ويجلس مطمئنا يذكر الله تعالى ، أو يقرأ شيئا من القرآن ، ويفرغ قلبه من ذكر الدنيا ، ويتذكر ذنوبه فيستغفر منها ، فإن هذا كله مما يعين على حضور القلب والخشوع في الصلاة 0
وإنما يحصل للعبد الخشوع في الصلاة ، بحسب قوة إيمانه وتقواه ، وسلامة قلبه من الذنوب والخطايا ، ومن حضر كل صلاة بتوبة جديدة صادقة ، حصل له من الخشوع ، وحضور القلب ، وانشراح الصدر ، وراحة البال في الصلاة ،شيء عظيم لا يعرفه حق المعرفة إلاّ من جّربه ، وهو أفضل نعيم الدنيا ، ومفتاح كل نعيم الآخرة.
س : وما هو حكم من ترك الصلاة ؟
ج : اعلم أن ترك الصلاة كفر بالله العظيم ، وقد جعله الله تعالى من أعظم الذنوب الموجبة لدخول النار ، قال الله تعالى ( ما سلككم في سقر ، قالوا لم نك من المصلين ) المدثر 42، 43 ، وقال تعالى ( ويل يومئذ للمكذبين ، كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون ، ويـــــــل يومئذ للمكذبين ، وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ) المرسلات 47،48، وعن بريده قال النبي صلى الله عليه وسلم ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي .
س : وماهي فوائد الصلاة للمسلم ؟
ج: الصلاة عمود الدين ، ومنجاة للعبد من عذاب النار وعذاب القبر ، وأعظم أسباب الفوز بالجنة والرضوان ، وهي مع ذلك نور في قلب المؤمن ، ينشرح بها صدره ، وتقر بها عينه ، ومن يحافظ على الصلاة يبارك له في رزقه وعمره وولده ، وهي أعظم الذكر ، تنهى العبد عن الفحشاء والمنكر ، وتفتح للعبد أبواب الخير في الدنيا والآخرة .
س : وأين أدي الصلوات الخمس ؟
ج : تؤديها في المسجد ، إذا سمعت النداء وكان بيتك قريبا من المسجد ، وحضور الصلوات الخمس في جماعة المسجد واجب لا يجوز للمسلم أن يتخلف عنها مالم يكن معذورا ، وفي الحديث الصحيح عن أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم : لقد هممت أن آمر فتيتي ، فيجمعوا لي حزما من حطب ، ثم آتي قوما يصلون في بيوتهم ، ليس بهم علة ، فأحرقها عليهم) رواه مسلم وأبو داود .
وحضور الصلاة في جماعة فيه فضل عظيم ، فعن ابن عمر رضي الله عنه قال : صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة ) متفق عليه ، وعن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من غدا إلى المسجد أوراح ، أعد الله له نزلا في الجنة ، كلّما غدا أو راح ) متفق عليه ، والنزل كرامة الضيف .
وصح أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم : ذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ، ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة ، لم يخط خطوة ، إلا رفعت له بها درجة ، وحط عنه بها خطيئة ، فإذا صلّى لم تزل الملائكة تصلى عليه مادام في مصلاه مالم يحدث : اللهم صلّ عليه ، اللهمّ ارحمه ، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة ) رواه البخاري ومسلم .
انتهى المقال.....المصدر موقع الشيخ حامد العلي.