الحلقة الأولى.
التعريف لغة: الماسونية مأخوذة من كلمة (Mason) وهو الرجل البناء.
واصطلاحا: هي منظمة أخوية اتخذت من مهنة البناء العملي قاعدة للبناء الفكري مستخدمة بذلك أدوات عمل البَناء رموزا معنوية لبناء الإنسان. ومن هنا جاء مصطلح البَنّاء الحر
(Freemason) أو البناية الحرة (Freemasonry) لتفرق بين من يتخذ مهنة البناء حرفة له، ومن هو عضو في هذه المنظمة.
نشأة المنظمة الماسمونية:
الصحيح المعتمد في نشأة هذه المنظمة أنها امتداد لنقابات وشركات البناء التي شهدت انحسارا ملحوظا في تشييد القصور والكنائس الضخمة في أوربا. فقد كانت هذه النقابات أو الشركات تجوب القارة الأوربية بحثا عن عقود عمل مع الملوك والأمراء والبابوات لبناء القلاع والقصور والكنائس، وكانت تتمتع بامتيازات جمة، إلى أن تقلص الطلب على هذه المشاريع، فبدأ نجمها بالانحسار تدريجيا. وبالطبع كانت هناك نقابات لمهن أخرى كالحدادة والنجارة وغيرها أصابها ما أصاب نقابة البنائين من انحسار عقود البناء.
وبدهيا، أنه مع انحسار الطلب على الصنعة، ينحسر الإقبال على صنعة لا سوق لها، ما يعني التحول إلى سوق عمالة أخرى. وفي مثل هذه الظروف كان من الطبيعي أن تشتد المنافسة بين الشركات العاملة وأن تغلق بعض المحاجر غير القادرة على إيجاد عمل لأعضائها أبوابها. ومن هنا، نشأت لدى أرباب العمل فكرة العضوية الشرفية لغير المهنيين تسويقا لمحافلهم، كقبول اللورد الفلاني أو الدوق العلاني عضوا في المحفل، والاستناد على اسمه ومنصبه للفوز بعقود العمل.
من هنا، نشأت فكرة قبول غير الحرفيين إلى صفوف المهنة. فسجلات محفل (محجر) كِلويننغ (Kilwinning) لعام 1672م، على سبيل المثال، تشير إلى انضمام (تسجيل) أشخاص ليسوا بنائين من حيث المهنة إلى عضوية المحفل. بل إن سجلات بعض شركات (محافل) البناء البريطانية في عام 1646م تظهر أن كامل أعضاء المحجر (المحفل) هم من غير البنائين الحرفيين. وأقدم وثيقة خطية في قبول من ليس بحرفي إلى عضوية المحجر (المحفل) توجد في المتحف البريطاني وتشير إلى تكريس جون بوزويل (John Boswell) في محجر أدنبرغ (Edinburgh) في سجل شهر 6/1600.
ومع استمرار مسلسل النقص الحاد في عقود العمل، وإفلاس بعض المحافل، لجأت أشهر أربع محاجر (محافل) في بريطانيا إلى الاندماج في 24/6/1717م، وهي: الأول (Apple Tree Tavern) والثاني (Goose & Gridiron Ale-house) والثالث (Crown Ale-house) والرابع (Rummer & Grapes Tavern). وبهذه المناسبة أقيم حفل عشاء ترأسه أنثوني ساير (Anthony Sayer) وقدم له الدرع الذي فازت به شركة لندن للبنائين سنة 1473م. والجدير ذكره أن أعضاء هذه المحافل حين الاندماج لم يتعد الخمسة عشر عضوا لكل منها إلا الأخير فقد بلغ أعضاؤه السبعون.
ومع هذا الاندماج الشهير، ظهر ما يعرف بالمحفل الأكبر، وأخذ مسلسل قبول من ليسوا بنائين بالمهنة منحى تصاعديا لهثا وراء الرسوم، إلى أن طغى تعداد غير الحرفيين على تعداد الحرفيين. شكلت هذه الظاهرة بداية عصر جديد اقتضت تحول الأعضاء إلى بنائين ولكن أحرارا من حرفة البناء، غير ملزمين بها عمليا. ومن هنا ظهر مصطلح البنائين الأحرار، وبدأ استخدام أدوات عمل البناء استخداما رمزيا، ومن ثم تحولت كلية إلى منظمة أخوية لاقت رواجا كبيرا في أوربا نظرا للأسلوب الذي اعتمدته من إضفاء السرية والخرافات التاريخية على طقوسها.
وأكتفي بهذا القدر للإجابة على تساؤلات الإخوة قبل الشروع في الحلقة الثانية، على أن تكون الأسئلة ضمن موضوع الحلقة حتى لا نستبق الموضوع، وبالله التوفيق.