العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الحــوار مع الــصـوفــيـــة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-12-06, 03:49 AM   رقم المشاركة : 1
ابن الخطاب
عضو ماسي







ابن الخطاب غير متصل

ابن الخطاب is on a distinguished road


الصوفية تحت الرعاية الأمريكية

التدين الخرافي تحت الرعاية السامية

من إعداد: عبد الحق بوقلقول

في حديث له مع قناة الجزيرة الفضائية، قال الباحث المتميز الدكتور عبد الوهاب المسيري مجيبا عن سؤال حول حقيقة توصية لجنة الحريات الدينية التابعة للكونغرس الأمريكي بضرورة تشجيع 'حركات الإسلام التقليدي و الصوفي": ".. ومما له دلالته، أن العالم الغربي الذي يحارب الإسلام، يشجع الحركات الصوفية. ومن أكثر الكتب انتشاراً الآن في الغرب مؤلفات محيي الدين بن عربي وأشعار جلال الدين الرومي" ثم يضيف: "لقد أوصت هذه اللجنة بأن تقوم الدول العربية بتشجيع الحركات الصوفية. فالزهد في الدنيا والانصراف عنها وعن عالم السياسة يضعف ولا شك صلابة مقاومة للاستعمار الغربي.."



في هذا الكلام وضوح شديد أن ظاهرة استفحال و عودة مظاهر التدين الخرافي الذي ظل الاعتقاد بأن صفحتها طويت بشكل نهائي من واقع الأمة الإسلامية بشكل عام منذ عقود طويلة بفضل جهود كبار المصلحين الإسلاميين مباشرة مع أولى سنوات المخاض الكبير الذي شهده الشرق الإسلامي و قيام حركة الإحياء التي كان الشيخ جمال الدين الأفغاني أول أقطابها منذ منتصف القرن التاسع عشر.

في العام الماضي، صدر عن إحدى مؤسسات الثينك تانكس الأمريكية تقرير مطول عن واقع حالة العالم الإسلامي و لقد جاء بشكل كتاب هو في حقيقته، عبارة عن بحث تفصيلي يهدف إلى التعرف على الحركات والمذاهب الدينية القادرة على التغيير والتأثير في المشهد الديني والسياسي في العالم الإسلامي ، واستكشاف أهم الاختلافات في العالم الإسلامي ، وتحديد منابع الراديكالية الإسلامية (وفق تصور الذين أشرفوا على إعداده بطبيعة الحال) و أما إذا أردت أن تعرف 'هؤلاء' الذين ساهموا في تحقيق هذا البحث فيكفيك أن نورد لك أن من بينهم يمكنك أن تجد اسم شيريل بينارد وهي زوجة السفير الأمريكي الحالي في العراق زلماي خليل زاده، ثم إن هذا البحث كان قد تلقى تمويله مباشرة من المجلس القومي للاستخبارات في واشنطن، فضلا على أنه يقع في 567 صفحة من أهم ما ورد فيها بمناسبة الحديث عن الطرق الصوفية في العالم الإسلامي ما ترجمته: " أفرادها يشكلون غالبية المسلمين اليوم وهم محافظون على معتقداتهم الإسلامية وتقاليدهم المحلية، غير متشددين، يعظمون قبور القديسين ويؤدون عندها الصلوات، يؤمنون بالأرواح والمعجزات و يستخدمون التعاويذ، ومجموعة الاعتقادات هذه أزالت تماما التعصب التشدد الوهابي وأصبح الكثيرون منهم لا يرون تضارباً بين معتقداتهم الدينية وولائهم لدولهم العلمانية وقوانينها".



--------------------------------------------------------------------------------
أوردت مجلة "يو إس نيوز" الأمريكية ما مخلصه أن الولايات المتحدة تسعى لأجل تشجيع ودعم الصوفية باعتبارها واحدة من أهم وسائل التصدي للجماعات الإسلامية.

--------------------------------------------------------------------------------


أما في معرض تناوله لماهية الصوفية فالبحث يورد: "إنها تهتم بعالم الروحانيات الداخلية والتجارب العاطفية والشخصية للشيوخ، وتعتبر في غالب الأحيان "الإسلام الشعبي"، أتباعها كثيرون عبر العالم الإسلامي وتشكل الطرق الصوفية وأخوان الطريقة قاعدة مهمة من الهيكل الاجتماعي. والقيادة المؤثرة في الصوفية هم الشيوخ، وفي كثير من البلدان الإسلامية يلعب مشايخ الصوفية على اختلاف طرقهم التي ينتمون إليها دورًا مركزياً في السياسة والدين، وفي طقوسهم المعروفة بالذكر، يقومون بتراتيل و حركات تمايل و غناء، هدفها بلوغ النشوة الروحانية التي يعتقدون أنها تقربهم من الله".

ليس هذا كل ما في الأمر، فلقد أوردت مجلة "يو إس نيوز" الأمريكية ما مخلصه أن الولايات المتحدة تسعى لأجل تشجيع ودعم الصوفية باعتبارها واحدة من أهم وسائل التصدي للجماعات الإسلامية. هذا و يعتقد بعض كبار الاستراتيجيين الأمريكيين أن أتباع الصوفية ربما كانوا من بين أفضل الأسلحة الدولية ضد "القاعدة"، وغيرها من الإسلاميين المتشددين.



ثم تتحدث ذات المجلة بما يفيد أن المتصوفين و أساليبهم الغامضة، يمثلون اختلافًا واضحًا مع الطوائف الأصولية الإسلامية، كالطائفة الوهابية، مثلما تقول المجلة و كانت الأضرحة الصوفية قد تعرضت للتحطيم في إطار الصراع الطويل بين الصوفية الحركة الوهابية قبل قيام الدولة السعودية الأولى حينما تحالف الإمام محمد بن عبد الوهاب مع الإمام محمد بن سعود لأجل إتمام ذلك و يذكر التاريخ أن تلك الحرب كانت طاحنة كادت نيرانها تمتد عبر كامل العالم الإسلامي لو لا أن الظروف الدولية وقتها حالت دون ذلك لأسباب عديدة سوف نكتفي بالقول هنا أن أهمها كان التواجد الاستعماري، البريطاني و الفرنسي على السواء، و سيطرته على معظم بلاد المسلمين مثلما يعرف الجميع.



الواقع أن الجميع يكون قد لاحظ الآن أن الصوفية التي اهنزمت سابقا، تسعى إلى العودة و مما يزيد في قوتها الحالية، أن أعداد أتباع مختلف طرائقها على امتداد رقعة العالم الإسلامي، آخذ في التزايد بشكل محير لا يمكننا القبول بأنه مجرد مصادفة تاريخية جديدة فليس مقبولا عقلا أن تتحرك هذه الأفكار مجددا و فغي نفس الوقت من أفغانستان، إلى وسط و جنوب آسيا وصولا إلى غرب أفريقيا لتشمل ملايين المسلمين هكذا ببساطة.

قبل فترة ليست بالبعيدة، صرح أحد أكبر المتخصصين في علم الآنتروبولوجيا و هو المسمى: "روبرت دانين"، و الذي كان قد درس المتصوفين الأفارقة، يقول: "سيكون من الحماقة تجاهل الاختلافات بين الصوفية والأصولية، فالصراع بين المدرستين يشبه حرب العصابات" و بما أن كلاما كهذا يعد، بكل المقاييس، خطيرا وذا دلالات مفصلية في واقع الحرب العالمية على الإسلام بدعوى الحرب على الإرهاب، فإن القضية استرعت انتباه صناع السياسة الأمريكية. صحيح أن قيام الأمريكيين أنفسهم بدعم الصوفيين بشكل مباشر، أمر متعذر و غير ممكن من الناحية الأخلاقية، على الأقل، فإن هؤلاء يسعون إلى دعم كل من هو على علاقة بها.





--------------------------------------------------------------------------------
من بين التكتيكات السياسية في هذا الشأن، استخدام الدعم الأمريكي لاستعادة الأضرحة الصوفية حول العالم، وترجمة مخطوطاتهم التي ترجع إلى العصور الوسطى، وكذلك دفع الحكومات لتشجيع نهضة الصوفية في بلدانهم. و من هنا يمكننا الاستشهاد مثلا بما ينتهجه ملك المغرب الأقصى الحالي، "محمد السادس" فهذا الأخير بادر إلى جمع زعماء الصوفية المحليين هناك، و قدم لهم ملايين الدولارات كمعونة لاستخدامها حصنا ضد الأصولية المتشددة و أما في الجزائر عندنا فإن الأمر يأخذ طابع الإستراتيجية السياسية المتكاملة.

--------------------------------------------------------------------------------


من بين التكتيكات السياسية في هذا الشأن، استخدام الدعم الأمريكي لاستعادة الأضرحة الصوفية حول العالم، وترجمة مخطوطاتهم التي ترجع إلى العصور الوسطى، وكذلك دفع الحكومات لتشجيع نهضة الصوفية في بلدانهم. و من هنا يمكننا الاستشهاد مثلا بما ينتهجه ملك المغرب الأقصى الحالي، "محمد السادس" فهذا الأخير بادر إلى جمع زعماء الصوفية المحليين هناك، و قدم لهم ملايين الدولارات كمعونة لاستخدامها حصنا ضد الأصولية المتشددة و أما في الجزائر عندنا فإن الأمر يأخذ طابع الإستراتيجية السياسية المتكاملة.

طيلة كامل العام الذي سبق انتخابات الثامن أبريل الأخيرة، عمت الدهشة كل المراقبين الذين كانوا يتابعون تطورات الساحة السياسية الجزائرية بسبب المظهر الجديد الذي بدت عليه الأحداث. لقد أمكننا وقتها أن نتابع و مباشرة عبر كاميرات التلفزيون أطوار لعبة القط و الفأر بين الرئيس بوتفليقة (المترشح لخلافة نفسه) و عدد كبير من التنظيمات الدينية الصوفية التي تسمى عندنا: الزوايا.

فالأول و من خلال تركيز كامل و معونات مالية، كان يبحث عن الدعم العلني و الرسمي من قبل شيوخ أكبر الزوايا في البلاد من أجل الفوز بعهدة ثانية و أما الأخيرون فلم يكن همهم غير إطالة أمد اللعبة في سبيل الحصول على أكبر قدر من المساعدات المادية في مقابل تقديمهم للدعم المطلوب.

لم يكن المراقبون -أو أكثرهم على الأقل- على أية حال، قد فهموا شيئا من هذا الإصرار الذي كان الرئيس يبديه في الحصول على دعم هذه الزوايا (دعم علني يأخذ هنا طابع المباركة من لدن الشيوخ ليستغل ذلك إعلاميا ببراعة) لأجل تأمين العهدة الثانية ثم إنه و في سبيل تحقيق ذلك، لم يتورع الرئيس بوتفليقة في أن يبدو بمظهر الرجل البسيط على خلاف تلك الشخصية المتميزة التي عهدها الجزائريون عن رئيسهم فصار يحرص على أن يعبر عن مشاعر المودة و حتى الاحترام الكبير تجاه كل شيوخ الطرقية في الزوايا التي زارها إلى درجة تُناقض أحيانا كل مميزاته الشخصية التي عُرفت عنه من قبل و هذا دليل على الاهتمام الخاص الذي يوليه شخصيا لزعماء هذه "المنظمات الدينية".

من هنا، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو حول هذه الزوايا - و هي التي كانت بالأمس محل انتقاد عنيف بسبب جمودها الديني و الاجتماعي فضلا عن دورها المشين حينما لعبت دور اللواحق بالنظام الاستعماري- و قدرتها عن إقرار عملية انتخاب ثم إعادة انتخاب الرئيس الجزائري. لقد كانت إبان العهدة الرئاسية الأولى، و بفضل دعم ذكي من لدن رئيس حريص على توسعة قاعدته الانتخابية، قد استطاعت أن تتحول إلى أداة حقيقية في سبيل إدامة عهد السلطة بشكل عام. لقد كان النظام الجزائري قد أدرك وقتها و تمكن من أن يستقطب خلال العشرية الماضية، ما لهذه الزوايا من أثر يمكن جعله إيجابيا بقصد الموازنة و من بعدها، توقيف عجلة حركة مركز الثقل الذي يملكه الإسلام السياسي بما أن هذا الأخير كان يهدد النظام الذي تأسس منذ الاستقلال في العام 1962 بشكل وجودي صريح.

من هنا فإن الهدف من تأسيس الجمعية الوطنية للزوايا في الجزائر، كان: إعادة الاعتبار للإسلام "التقليدي" و الحقيقة أن هذه التوجهات كانت قد سبقت وصول الرئيس بوتفليقة إلى سدة الحكم في ربيع العام 1999 لأن الواقع يثبت أنه و بداية من أواخر ثمانينيات القرن الماضي و حينما كانت السلطة تحس بتعاظم حضور و نفوذ الحركة الإسلامية عبر كامل التراب الجزائري، بدأ العمل جديا في البحث عن أنجع الطرق لأجل إعادة إحياء الزوايا التقليدية و بعث دورها على الساحة الاجتماعية و من ثمة، السياسية بالتالي، على الرغم من أنها كانت حتى تلك اللحظة، مهمشة بشكل تام بمعنى أنه كان يتعين الاستعانة بثقلها في سبيل مواجهة المد الدعوي الإسلامي و الذي لا شك أن أهمه كان تيار الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجارف الذي كان يضم السلفيين خصوصا بعد أن نال هؤلاء حق العمل السياسي اعتبارا من العام 1989. لقد كانت الصفة التي ميزت الزوايا بعدها عن الطموحات السياسية فهي كانت دائما راضية بالنظام الحاكم و هذه بلا شك، كانت النقطة التي التقت عندها، طموحات قادتها مع الذين خططوا لأجل تخليد نظام الحكم السياسي في الجزائر. لقد كان هذا اللقاء المصلحي، صمام أمان للماسكين بمقاليد السلطة من جهة و للقائمين على الزوايا من الجهة الأخرى و هو الذين ضمنوا بهذا، موردا ماديا رسميا و تشجيعا علنيا على الانتشار و التوسع خصوصا في الأوساط الريفية؛ و إن اقتضت الأمانة منا القول أن تأثير هؤلاء على الريفيين كان حاضرا دائما على الرغم من أن هذه الحقيقة كانت منفية و غير معترف بها بشكل صريح.



أما فيما يتعلق بالرئيس بوتفليقة فإن هذا الأخير استطاع أن يستوعب و بشكل سريع، مبدأ أن تحكمه في هذه القوى سوف يمنحه سلطات قوية و حضورا فعليا كفيلين بضمان استمرارية عهده بما أن الزوايا كانت تؤمّن له مهمة التواصل مع شرائح عريضة من السكان الذين ما يزال عدد كبير من بينهم يمجد "المرابطين". من هنا و بما أن العملية تتطلب تحركا فعليا لأجل المساعدة على نشر مثل هذه الأفكار، جرى تسريب إشاعة رسمية مفادها أن الرئيس نفسه هو من المنضوين تحت لواء إحدى الطرق و التي كان يحضر إليها بشكل روتيني خلال "رحلته الصحراوية" لأجل التنسك و الدعاء ثم إن الرجل و لحسابات سياسية، قرر أن يمنح هذه الزوايا المنتشرة عبر طول البلاد و عرضها دورا حاسما من الناحية التأطيرية حتى يتمكن من أن يحشد الجزائريين و بشكل قطعي، وراء المنطق السياسي للسلطة و هذا هو ما وقع فعلا في انتخابات 8 أبريل 2004، فخلال معظم تنقلاته عبر البلاد حتى قبل انطلاق الحملة الانتخابية التي سبقت ذلك الموعد، لم يخلف الرئيس مناسبة إلا و زار فيها إحدى هذه الزوايا حيثما حل موزعا عليها مبالغ مالية مهمة طالبا من شيوخها أن "يدعوا" الله له في سبيل أن يتمكن من استكمال ما بدأه من عمل سياسي إصلاحي و يحقق ما رسمه من أهداف إستراتيجية و لقد كان ينجح في كل مرة في الحصول على مباركة أولئك الشيوخ و الزعماء الطرقيين و قناعتهم بضرورة أن يحصل الرجل على عهدة ثانية، يواصل فيها ما بدأه في الأولى. باختصار، لقد تم له ذلك و أعلن المشايخ مساندتهم للرجل بشكل صريح.



بديهي أنه قد حاول عدد من المراقبين أن يشكك في مدى نجاعة هذه التحركات التي كان بوتفليقة يصر عليها بما أن هؤلاء المتابعين، كانوا يتخوفون من أن يؤدي هذا إلى عودة الجمود الديني و الاجتماعي بما أن هذا، وفقا لرأي هؤلاء، لا يقل خطورة عن الإسلام المتطرف فضلا عما يمثله من انحسار لصالح دعاة السلفية. لم يكن بوسع هؤلاء المراقبين أن يفقهوا معنى أن يعلن الرئيس علنا انتماءه إلى "الإسلام المنفتح على الحداثة و العالمية" ثم اعتماده على الزوايا و الطرقية المعارضة لكل تطور و تجديد و هي المرتبطة بكل قيم التقليد و الجمود التي حاربتها سابقا "جمعية العلماء المسلمين الجزائريين" للشيخ عبد الحميد بن باديس. لم يكن بوسع جل المراقبين إذن، أن يدركوا حجم التأثير الحقيقي الذي تملكه الزوايا من الناحيتين السياسية و الاجتماعية بما أنهم لم ينتبهوا إلى أن هذه الأخيرة لم تتعرض إلى حملة التصفيات خلال عقد المواجهات المسلحة في التسعينيات الأخيرة و تحولها إلى هدف مباشر من قبل 'الإرهابيين' إلا بسبب موقفها الرافض لذلك و بسبب أنها كانت تمثل أيضا، جيوب مقاومة في وجه الأيديولوجيا الإسلامية و انتشارها بمعنى أنه كان يتعين على الأخيرة التخلص منها و محوها.

إذن و على الرغم من أن هذا العدو الجديد حاول القضاء عليها بالحديد و النار، استطاعت الزوايا أن تحافظ على وجودها و استمراريتها بل و حتى في مواصلة تنظيمها لمهرجاناتها الدينية (المواسم، الزردات و الزيارات) مع ملاحظة أن أعداد المواظبين على هذه المناسبات ما انفك يتزايد و يضطرد حتى بين سكان المدن. من هنا فإنه يمكننا أن نعتبر الزاوية من وجهة النظر التاريخية، مؤسسة فعلية قامت و ارتبطت بها كل مناحي الحياة في المناطق التي تواجدت و تأسست فيها: أماكن للصلاة و الذكر إلى جانب أماكن أخرى خصصت للتعليم و تحفيظ القرآن و لكنها أيضا، كانت أماكن يتم فيها التباحث حول المشكلات و الأزمات العائلية فضلا عن تنظيم العمل في المناطق الزراعية كما هي حالة "التويزة" مثلا.

لقد ظهرت الزوايا في الجزائر (الرحمانية، التيجانية، القادرية، السنوسية، الدرقاوة و أخرى كثيرة..) ابتداء من القرن الخامس عشر الميلادي تحت تأثير زعماء دينيين أقوياء 'الصالحين' (ما يقابل القديسين عند المسيحيين) كانوا يحظون بالتبجيل و التقدير من قبل الجميع ثم إن التعلق بهؤلاء الناس و على مر الأيام، تحول و أصبح يقترب من حد العبادة و التعلق الروحي بشكل يشبه الوثنية القديمة و هذا ما كان يطرح مشكلة صعبة فالمنظرون الدينيون كانوا يعتبرونه مساسا صريحا بصلب عقيدة التوحيد إذ أن عملية تشييد القباب على أضرحة الصالحين و ما كان يجري حولها من طقوس يقوم بها 'الأتباع' الذين يعرفون باسم 'الخوان' و هم الذين يحرصون على زيارة تلك القبور طالبين من المدفونين تحتها، الشفاعة و التوسط لهم عند البارئ -تبارك و تعالى- فضلا عن الشعوذة و أعمال الدجل التي كانت تقام هناك، كل هذه الأسباب مجتمعة، جعلت من الزوايا هدفا مباشرا لم يتوانى المنظرون الإسلاميون في مهاجمته و حربه بما أنهم يعتبرون ذلك انحرافا صريحا عن جادة الدين. أما في القرنين التاسع عشر و العشرين الميلاديين، فإن رواد النهضة الإسلامية كجمال الدين الأفغاني و محمد عبده ثم محمد رشيد رضا، قاوموا هذه التوجهات المنحرفة عبر العالم الإسلامي برمته أما في الجزائر، فإن فضل البدء في هذه الحرب يعود إلى جمعية العلماء سابقة الذكر التي أسسها و قادها الشيخ عبد الحميد بن باديس و هذا الأخير، هاجم بلا تردد تلك التصرفات "المنافية للإسلام" و الشعوذة التي كانت تمارسها هذه الزوايا بعد تحولها إلى خطر حقيقي بات يتهدد عقيدة الجزائريين بشكل صريح.

إن النضال الذي خاضه إصلاحيو جمعية العلماء بالتنسيق مع معظم توجهات الحركة الوطنية، استطاع أخيرا أن يهمش هذه الزوايا خصوصا بعد أن اُتهمت هذه الأخيرة بالضلوع مباشرة في المخططات الاستعمارية بما أنه و بعد طول مواجهة بينها و بين الفرنسيين (ثورة الأمير عبد القادر، أولاد سيدي الشيخ، بوعمامة، المقراني و الحداد و غيرهم) انتهت هذه الزوايا أخيرا إلى دخول الأجندة الاستعمارية و جرى ترويضها حتى أصبحت ملحقة بالإدارة الفرنسية التي وظفتها في سبيل تأمين استمرارية هيمنتها على البلاد و العباد.

لا يعني هذا بالضرورة القول بأن كل أتباع الزوايا كانوا من الخونة و المتخلفين عن نصرة وطنهم فالحقيقة أبعد ذلك لأن غالبية هؤلاء التحقوا مباشرة و بشكل شخصي و فوري تقريبا بصفوف المقاومة بمعنى أن الزوايا ككيان و مؤسسة إلى جانب قياداتها هي من فضلت البقاء ضمن مخطط اللعبة الاستعمارية و حينما تحقق الاستقلال في 1962، تأكد تهميش هذه الزوايا و إقصاءها عن الحقل السياسي على الرغم من أن حضورها و نشاطها الاجتماعي ظل متواصلا و حاضرا لأجل هذا، كان يمكننا إبان عهد "الاشتراكية النوعية" أن نلاحظ بين الفينة و الأخرى، مواسم و زردات ذات طابع علني و لم يكن من النادر وقتها أن تقرأ إعلاناتها عن مواعيد تنظيم تلك التظاهرات فوق الصحف الحكومية و دعوة الأتباع من كل مكان حتى المهاجرين من بينهم، إلى الحضور.

بوصول الرئيس بن جديد إلى تولي مقاليد السلطة في بداية العام 1979، بدأ العمل الجدي في سبيل توطيد و تمكين دور الزوايا حيث أن الإشاعات 'الرسمية' وقتها كانت تتندر بالقول أن الجزائر لا تحكم لا من المرادية و لا حتى من "لي تاغارا" -حيث المقر العام لوزارة الدفاع الوطني- بل من مدينة مازونة في أقصى الغرب حيث كانت توجد الزاوية التي تنتمي إليها السيدة بن جديد. و حاليا و مع بداية القرن الحادي و العشرين، يمكننا القول أن لا شيء قد تغير فعلا إذ يبدو جليا أن الزاوية قد عادت و بشكل أكثر قوة لتشغل موقعا مهما لدى جماهير فقيرة من الناحية الروحية و مهيأة جيدا -بفضل منظومة مدرسية ما تزال تعتبر أجيال الجزائريين، عينات اختبار و تجربة لا فرق بين النجاح و الفشل فيها عند منظري التربية عندنا- و على الرغم من أنه من غير المعقول الالتصاق بأدبياتها إلا أنه من الواضح جدا أن كثيرين من بين الجزائريين عادوا يلتصقون بتلك الخوارق و القدرات غير الطبيعية التي يملكها 'سيدي أمحمد بوقبرين' أو الشيخ 'محند أوالحسين' أو حتى 'شعيب بومدين' و غيرهم من "الصالحين"، أكثر من أي إمام من أولئك المنظرين و المفكرين مهما كان شأن هؤلاء الأخيرين. هذا يعني الحضور القوي للزوايا و تأثيرها على نمط تفكير أتباعها و بالتالي، خياراتهم السياسية المتعلقة بالمشايخ.

لا يعني هذا بأية حال من الأحوال، أن الرئيس بوتفليقة يخطط في سبيل تحويل هذه الزوايا و تطويرها لتصبح أحزابا سياسية و لا حتى لواحق لهذه الأخيرة لأنها سوف تفقد مصداقيتها و تأثيرها على أتباعها لو أنها اختارت المضي في هذه الطريق فضلا على أنه لا ينبغي الإبقاء على تواجدها في مجال العمل السياسي حتى ذلك المتناغم مع السلطة بما أن هذا سيكون كفيلا بقتلها أيضا و إنما، التفكير في الاستفادة من تأثيرها خلال المناسبات السياسية المهمة و هذا يعني أنه سوف يلجأ إليها خلال الانتخابات التشريعية و المحلية القادمة قصد ضمان الأغلبية المريحة للتحالف الرئاسي -مهما يكن شكله مستقبلا- علاوة على أن خدماتها سوف تستحضر خلال موعد الاستفتاء على تعديل الدستور أيضا بما أن هذا الموعد الأخير في نظر الرئيس بوتفليقة هو "نقطة المحرق" في إستراتيجيته للخروج من الأزمة بشكل عام.



ختاما، إنه و على الرغم من أن هذه الظاهرة هي توجه عالمي يتحرك وفقا لإملاءات تأتي من وراء المحيطات و لن يسعنا هنا الحديث عن إمكانية نجاحها أو فشلها إلا أنه من الضروري الانتباه إلى أن مواجهة تهديد من هذا الحجم لا يمكن أن يكون بمجرد الاعتماد على إقامة الملتقيات فضلا عن كتابة المقالات أو الخطابات لأن القضية أكبر من أن تتراجع هكذا و هي فعلا، تتطلب عملا توعويا متكاملا يتجاوز العقد الآنية و الحسابات السياسية المصلحية لأنها ببساطة، لم تعد قضية جماعة و لا حزب و لا حتى دولة واحدة.

مؤخرا، نشرت مؤسسة "راند" الشهيرة و التي واحدة من أهم روافد الفكر المسيحي المتصهين الحاكم في الولايات المتحدة حاليا، وثيقة عنوانها: "الإسلام المدني الديمقراطي: شركاء، موارد و إستراتيجيات" من أهم ما ورد فيها أن قسمت العالم الإسلامي و التيارات السائدة فيه إلى أربع هي: التقليديون، الحداثيون، الأصوليون ثم العلمانيون. ثم خلصت على أنه يتعين مساعدة التيارين الأولين باعتبار أنهما الأقرب إلى تحقيق "لتجانس" مع القيم الغربية فالأول لا يجد مانعا في القبول بسلطة الآخر و أمنا الثاني فإن هذا 'الآخر' هو في الحقيقة غايته و إن إدعى أن هدفه هو تطوير الدين الإسلامي و جعله قابلا في الاندماج في الواقع العالمي الأمريكي الجديد.

و بالتالي فإنه يظهر أمامنا من هنا أن الفريق المحافظ المهيمن على دواليب الحكم والإدارة في الولايات المتحدة، لم يعد يكتفي بمطلب بناء الأمم والدول –مثلما كان يدعو فرانسيس فوكوياما صاحب نظرية نهخاية التاريخ- و إنما، صار يراهن على إنجاز مهمة كبيرة يسميها 'إعادة بناء الديانات والثقافات'، ورغم أن الوثيقة هذه تسلم ابتداء، بان هذه المهمة شاقة وتحتاج إلى طول نفس، خاصة إذا ما تعلق الأمر بدين كبير بحجم الإسلام، إلا أنها مع ذلك تدعو إلى خوض غمار هذه التجربة وتحمل مشاقها بما يحقق المطلب المنشود في صياغة إسلام «مدني ديمقراطي» متقبل لقيم العلمنة والحداثة، وهذا معناه أن مسألة القيم ونظام الثقافة العامة لم تعد شأنا محليا واختياريا للأمم والشعوب بقدر ما غدت خاضعة لاختيارات الخارج ولعبة مصالحه وسلم أولوياته و إن اقتضت التفسيرات الإعلامية إدراجها تحت سلّم الدفاع عن القيم المدنية والديمقراطية الغربية.







التوقيع :
عن عباس بن يزيد عن ابي عبدالله عليه السلام قال: قلت له: ان هؤلاء العوام يزعمون ان الشرك اخفى من دبيب النمل في الليلة الظلماء.. فقال: لا يكون العبد مشركا حتى يصلي لغير الله أو يذبح لغير الله أو يدعو لغير الله عز وجل..»


وسائل الشيعة 341/28
وبحار الانوار 96/69
والخصال 136/1.
من مواضيعي في المنتدى
»» شيعة مصر يصفون السيسي بأنه عاهرة
»» تطور جديد في الدين الفارسي المدرسة الحيدرية لا أصولية ولا إخبارية
»» إتهام الرافضة للعباس عم النبي صلى الله عليه وسلم -- باللواط
»» أربعة عشر قولاً في الخمس حال غيبته!!!
»» هل التنصيب هنا لله ام للناس؟ إذا إجتمعوا على رجل فسموه إماما كان ذلك رضا
 
قديم 01-01-07, 02:16 PM   رقم المشاركة : 2
ابن القيم الجوزية
عضو فعال






ابن القيم الجوزية غير متصل

ابن القيم الجوزية is on a distinguished road


بارك الله لك







 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:07 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "