العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديات الإجتماعية > شؤون الأسرة وقضايا المجتمع

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-12-06, 07:41 PM   رقم المشاركة : 1
أم مجاهد الإماراتية
مشترك جديد







أم مجاهد الإماراتية غير متصل

أم مجاهد الإماراتية is on a distinguished road


رواية المرآة المنعكسة إهداء لبنات الرياض

رشة قبل البداية

عندما أقرأ شيئاً ثم لا يعجبني ؛ لا يعني أني أزبد وأرعد رفضاً لهذا الذوق الذي لا يناسبني ..

لكن عندما أقرأ شيئاً ثم أجده يمسّني كبنت من بنات الرياض ؛ هنا يكون لقلمي صولة وجولة ..

لن يكون بالكلام ولا الاعتراضات التي لا تقدم ولا تؤخر ..

بل لعلي بالوجه الآخر من مجتمعي الذي أعيشه وأراه وأسمع وأقرأ عنه ، لعلي أنسجه كحكاية قريبة من الواقع..

فليس هنا طريق ممهد للمبالغات الساذجة ، والحكايات السمجة ، التي لا تمثل بنات الرياض كأنموذج!

إذ ليس من المقبول أن تصور إحداهن الواقع الذي تعيشه آلاف الفتيات بحكاية يكذبها الواقع المنظور ، والمنطق المعقول!!

عندما بدأت بعرض بعض الأجزاء مما كتبت على ساحات الانترنت ؛ هالني تعطش القراء للروايات التي تحمل الطابع الاجتماعي الإسلامي..

كان للأجزاء الأولى صدى جميلٌ ، وكان له تشجيع ومتابعات لم أنتظرها ..

فعندما يقوم المشرفون في المنتديات المتعددة بتعليق رابط الرواية في أعلى الصفحة .. اعتبره تقدماً ..

وأن يطلب القراء هذه الرواية على أرفف المكتبات التجارية .. يعني تقدماً ! ..

وعندما تصلني عروض مختلفة عبر الإيميل تخدم هذه الرواية .. فهو تقدم ..

لكن أن تتطوع المصممة (نيفين) من بنات فلسطين المسلمات لتخدم هذه الرواية بتصميم موقع خاص بالرواية كتعاون مع بنات الرياض المسلمات .. هذا بحد ذاته أعتبره نجاحا باهراً .. بل وأبقى عاجزة عن الشكر والتعبير عن امتناني ..

روايتي ليست أنموذجا ساحقا وصورة مثالية أحكيها عن بنات الرياض كما قد يدعي البعض ..

بل هي الواقع كما أراه هنا أو هناك




أختكم المحبة : سارة بنت أحمد الزامل.

طالبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

كلية الشريعة

يتبع,,,,

______

منقول..







 
قديم 23-12-06, 08:05 PM   رقم المشاركة : 2
أم مجاهد الإماراتية
مشترك جديد







أم مجاهد الإماراتية غير متصل

أم مجاهد الإماراتية is on a distinguished road


(1)


- مها ..غدا لن ندرس سوى ساعتان ! البقية اعتذروا عن الحضور !

- يعني سنبقى ثلاث ساعات فارغات !..



تساءلت مع الزميلة باستغراب !!

ففي كليتي .. كلية الشريعة .. نكاد ننفجر من ضغط المحاضرات !

لكننا كنا نكرة الفراغ ..

بل ونفضل الضغط على الفراغ !

بعض زميلاتي في القاعة .. يتشاورون في مشكلة الثلاث ساعات الفارغات !

كنت أنبهر بنشاط بعض الطالبات في ردهات الجامعة ..

بل تمتلئ عيني سعادة حين أرى في وقت الفسحة حلق الطالبات على أرض كلية الشريعة ..

رغم التقاط الأنفاس الصعبة .. إلا أن الضغط ولّد إنجازاً باهرا !

وقفت أمام زميلاتي في القاعة ..

رفعت صوتي لأخمد الحريق !! ..

عفوا لأسكت ثمانون طالبة متكدسات في قاعة واحد !

- يا بنااااات .. غدا نحن فارغات ماذا نعمل في وقت الفراغ!

ردت إحداهن متململة :

- لا نحضر للجامعة !

ضحكت ثم قلت ..

- لو حرمنا من دخول اختبار الأستاذ الحاضر غدا من يشفع لنا !

ردت إحداهن قابعة في زاوية بعيدة ..

- لا لن نغيب .. نكمل دفاتر محاضراتنا الناقصة ونصور المفقود من الملازم!

- ثلاث ساعات نكمل دفاتر ونصور الفاقد ! نريد عملا آخر !

لم يتجاوب معي أحدا ..

عاد الضجيج مرة أخرى في القاعة ..

جلست مع زميلاتي في الأمام قلت مشاورة لهن ! ..

- مار أيكن أن نجلس جلسه أخوية غدا .. في حلقة كبيرة !

ردت إحداهن ..

- لن يسمع لك أحد ..

ردت أخرى معترضة ..

- أنا سأسمع لها .. بل أخبري يا مها البنات فكرتك رائعة !

وقفت ثانية صارخة :

- بناااااات فكرة جديدة !

هبط الصوت إلا من بعض الهمسات ! ..

- سنجتمع على جلسة أخوية معا !

علت الأصوات بعدها ثانية ..

واختلط الحابل بالنابل !!

ميزت أن بعضهن لم يفهمن القصة .. وبعضهن موافقات !

رفعت صوتي ثانية :

- سنجتمع على فوائد وكلمات .. وبعض الأحاديث الممتعة .. كل واحدة منكن تحضر ما تجود بها نفسها من الفوائد والمأكولات !

ضحكت طالبات القاعة ..

ثم تفرقوا بعد أن حان وقت الخروج ..

كل واحده تخبر زميلتها بما ستحضره غدا ..

حين حان الغد ..

دخلت الطالبات القاعة منتظرات انتهاء محاضرة تلقينية كالعادة من أستاذ يقرأ من كتاب لا تقيّم فيه الطالبات إلاّ قدراته الإلقائية !

الكل متشوق للجلسة الأخوية ..

ويحسبون الدقائق انتظارا لها ..

انتهى الأستاذ ..

بسرعة غير مسبوقة تدافعت الطالبات للخروج من القاعة فرحات بالوقت الخالي..

قامت بعضهن بدفع الكراسي للخلف لعمل حلقة دائرية تجمع الطالبات في الجلسة الأخوية ..

جلسنا بضع دقائق ننظر لبعضنا لا ندري كيف نبدأ!!

كان ذلك مضحكا للغاية ..

نهضت وغادرتهن قليلا ثم عدت ..

قلت لهن وأنا بعيدة ممازحه :

- أحضرت المكبر الصوتي .. لتسمع قلوبنا !!

بدأنا الجلسة بكلمة وفائدة بسيطة ..

كل طالبه تبدأ بإلقاء مواهبها إما ارتجالية أو من ورقة قد جهزتها !! ..

كان الجو جوا أخوياً بين الجدية والطرافة ..

مسَكت المكبر الصوتي إحدى الطالبات ..

تحدثت عن عظمة الله ورحمته وشدة عذابه ..

كان كلاما مؤثراً للغاية ..

انتبهت لثمة طالبات يتحدثن بمداخلات بسيطة في كل كلمة تُلقى!!

وقعت عيني على إحداهن ..

طلبت منها إلقاء أي كلمة إجباراً .. عقاباً لها !!

تمنعت ثم ألححت عليها وبالتالي ألح من حولها من زميلاتها!!

تمنعت بشده حتى هداها الله للموافقة!!

وبدأت تتحدث بدرر لم نتخيل أن تقولها!!

صارت تتحدث وهي متأثرة جدا مما تقول !!

حين انتهت ألقت نظره دائرية على بنات قاعتنا ثم قالت :

- في الحقيقة لم أعلم أني خطيبة قوية !!..

كان تعجبها من نفسها واضحاً حتى تعليقها على نفسها صادراً من انبهار غير متوقع !!

بدأت الطالبات باستلام المكبر الصوتي حتى انكسر حاجز الخجل و بدأوا بالتفاعل حتى وصل للنشيد !!

قامت إحداهن مازحة تنشد بيت حفظته مجبرة من كثر ما يردد َحتى بلغت القلوب الحناجر على حد تعليقها!!
أمي ربة بيتي ** أمي ما أحلاها !!..

ضحكت المجموعة من جرأتها !!

حتى صارت الجلسة غير متوقعة بتلك الطرافة أبدا!!

وحين قرب انتهاء الوقت ..

وصل المكبر الصوتي لطالبه هادئة وكلامها هادئا جدا ..

بدأت تتحدث عن الموت وعن أصدقاء السوء وتقرنها بالآيات كان لكلامها وقع وتأثير على الزميلات..

تفحصتُ وجوه الحاضرات فرأيت وجوه بطالبات القاعات المجاورة!!

بعد قليل دخلت طالبة ثم جلست ..

سألتها:

- من أي كلية أنت ؟!

- كلية الحاسب !

لم أتوقع أن يكون رجع الصدى مذهلا للغاية !!

ولم أحسب حساب أن يجتمع كل هذا الكم من الطالبات!

انتهى اليوم ..

وبعدها عاد روتين الأيام من جديد!!

تمنيت أن يتكرر هذا اليوم ما بين فينة وأخرى !

سرت متجهة لشراء قارورة ماء ..

انتبهت لإعلان عن محاضرة رائعة بعنوان (الرخص الشرعية) ..

موضوع مرن وجميل وموعده يوم الثلاثاء ..

عقدت العزم على حضورها..

فمثل هذه المحاضرات غنيمة لا تفوت وعدد الحضور إليها كبير وضخم ..



يتبع،،،،






 
قديم 23-12-06, 09:16 PM   رقم المشاركة : 3
أم مجاهد الإماراتية
مشترك جديد







أم مجاهد الإماراتية غير متصل

أم مجاهد الإماراتية is on a distinguished road


(2)


سمعتُ صوت رنين خافت صادر من هاتفي الجوال، فإذا به تنبيهاً وضعته منذ مدة حتى لا أنسى حضور محاضره (الرخص الشرعية)، التي أعلنوا عن إقامتها يوم الثلاثاء ، خرجت من قاعة دراستي إلى المصلى الجامعي ، تمنيت أن ترافقني صديقتي منذ الطفولة هيفاء ، ولكن لعذر لم أعرفه تخلّفت عن الحضور للجامعة ، حين وصلت للمصلى مبكرا، وجدت أن مازال المصلى يتزاحم بالطالبات للاجتماع أمام ملقية الدرس ، إذ هي لم تأتي بعد ، جلست في فرجة لمحتها في الصف الأول ، وسلّمت على من حولي ورددن السلام ..
ثم جلست أتأمل الداخلات والخارجات لحين حضور الدكتورة هدى، فسمعت همساً من طالبة تجلس بجانبي .


- السلام عليكم أختي .

- عليكم السلام ورحمة الله .

- أنت مها كنت تدرسين في مدراس التربية الأهلية صح؟ .


شكلها ليس غريباً علي ، حاولت تذكر صاحبة هذه الملامح ، وبدأت أقلب دفتر الأسماء في ذاكرتي ، ثم جلست أنظر إليها بتركيز ، وهي تنتظر الجواب ، حتى ابتعدتُ قليلا متعمقة في ذاكرتي بحثا عن اسم التي أمامي ، إذا بها تعيد السؤال :


- هل أنت مها عزيزتي ؟! .

- آه .. اعتذر نعم أنا مها .

- هل عرفتيني ؟!.

- الملامح اعرفها لكني مازالت أجهل صاحبتها .

- أنا منار .

- .........؟!

- منار أعرفك في المتوسطة لا تقولي أنك نسيتيني ..

- ........... بقيت عيناي معلقة عليها ببلاهة !

- إذا تذكرتيني أخبريني ..

- منار رئيسة فصلنا في المتوسطة ؟!

- قالت ممازحة : وبالجامعة أيضاً لماذا المتوسطة فقط ! .


لم أتخيل أبداً أن ألتقي بمنار النشيطة ، منار المرحة العاقلة ، كنت مذهولة جداً من لقياها ، نهضت بسرعة من مكاني وصافحتها ثم تعانقنا بشوق كبير ، وبدأت أعاتب منار على اختفائها ..

- منار هداك الله من أين خرجتي !!

- على الأقل عرفتك لستُ مثلك محيتيني من ذاكرتك !!

- أمحيك لقد وضعتك في المستودع يا مشاكسة .

- صرت مشاكسة هاه ، حسنا يا مها تذكريها وسنعرف من هي المشاكسة .

- اتركينا من هذا يا منار في أي قسم أنت الآن .

- الحمد لله أن تلك المحاضرة جمعتنا ، لا.. وجلستي بجانبي صدفه رائعة ، أنا لغة إنجليزية .

- ما شاء الله بلبل إنجليزي .

- الله يسمع منك وأنت ما أخبارك في أي قسم ؟!.

- أنا ..


بالمكبر الصوتي : بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ..

- منار سنكمل حديثنا بعد المحاضرة ..

- حسنا ..


حاولت أن أركز في محاضرة الدكتورة هدى ، فتارة أندمج معها ، وأخرى يأخذني التفكير إلى صباي ، إلى أيام المتوسطة ، كنت أنا ومنار صديقات بكل معاني البراءة ، كل الذكريات مرت علي في هذه المحاضرة القيمة !! ، تمنيت أن أدون ما يرد في المحاضرة لكن تزاحم الأفكار منعني من ذلك ، ذكريات الطفولة ذكريات لا ينغصها إلا حماقات الطفولة ، أتأمل حماس الدكتورة في إلقاء المحاضرة ، ثم أتمنى يوما ما أن أكون مثلها ، لا تخاف في الله لومة لائم ، قويه في إظهار الحق ، وفي إيصال المعلومة ، فأتحمس لتدوين العلم من شرحها السهل واليسير ، ثم أتذكر منار ، أتذكر أيام طفولتنا ، حين أعمل ضجة في أوقات فراغنا ، و منار تهددني قائلة : اجلسي وإلا كتبت اسمك لرائدة فصلنا لتعاقبك ، فأزيد من الضجيج و لا أسمع الكلام ، وفي النهاية أنال عقابي من معلمتي ، فأغضب من منار ، ثم أسامحها وأنسى كل ما كان ، براءة الطفولة هي التي فقدتها على أرض الجامعة ، ومنار منذ الطفولة وهي عاقلة ، كنت أحبها ولكني كثيرا ما أختلف معها في الأنشطة ،ودائما ما ترافقني وتشاركني في كل شيء ، صحيح كنا أطفال لكنها كانت ذكيه ، تغيرت منار في شكلها كثيرا .. كدت أن أصاب بالصداع من كثرة التفكير ، فحاولت التركيز ثانيه في كلام الدكتورة القيّم..

- (ومَن تتبع الرخص بلا حُكمِ حاكم ، فُسّق نصاً . قال ابن عبد البر: إجماعاً) مطالب أولي النهى ج6/ص617

جلست أفكر بعبارتها كثيرا ، الآن الكل يتتبع الرخص حتى يهرب من الحكم الشرعي ، وما دروا أن هذا فسقا ، بل أن بعض العلماء حرّموا تتبع الرخص ..
حال الناس يرثى لها ، ضعف في الإتباع ، وقلة الامتثال ، ويتمنون مع ذلك النصر ، والهزيمة على الأعداء ، لن يحصل مرادنا ، مادامت قلوبنا متنافرة..
فإذا انتشر الفساد بيننا مُنعنا النصر والتمكين..
وإذا انتشر الحسد أيضا مُنعنا المطر ..
كم أشتاق لحبات المطر لكن الحسد ما فكر يوما أن يغادر قلوب الناس لننعش ولو برائحته ، ما يصبرني إلا أنه إذا اشتد البلاء يعقبه الفجر الباسم ..


- مها .. مها ..أين ذهب تفكيرك ؟! انتهت المحاضرة انهضي!!

- بسم الله !! .. لا ادري ماذا بي هذا اليوم منذ التقيت بك والتفكير يجتاحني ، أنت تثيرين تفكيري ، هل بقيتي إلى الآن هكذا .

- أحسن! حتى لا يظل عقلك متيبساً أرطبه أنا بالتفكير .

- منار ، يكفي تعليقاً ، يبدوا أني سأغضب منك صدقاً ليس مثل المتوسطة أغضب دقيقة وأرجع ثانيه !!

- يااااه في الجامعة كل شيء متوقع .

- صدقتي الجامعة كل شيء فيها متوقع ربما المساحة الرحبة هي التي جمعت كل ذلك !!

- لكن لم تخبريني عن قسمك يا عبقرية زمانك ..

- بسم الله , توكلت على الله , دخلت الشريعة , ولله الحمد والمنّة , والله أعلم .

- ما شاء الله ، الشيخة مها لماذا لم تخبرينا أصلحك الله حتى نستفيد من علمك .

- لا تضخمي أمري!! .. لم أتقن طريقي حتى الآن !.

- حسنا لم يبقى إلا أن أبحث لك عن شيخاً يناسبك لنزوّجك إياه .

- وأنا مستعدة !

- بنات آخر زمن حتى الحياء انقشع منك .

- تعليقاتك دروس يا منار ، حسنا نلتقي مرة ثانيه عندي محاضره يا عزيزتي الفاضية أراك لاحقا ، مع السلامة .

- بحفظ الله حبيبتي .


وأنا في طريقي لقاعتي كنت أفكر بمنار صديقتي في المتوسطة ، وأفكر بهيفاء صديقتي منذ الابتدائية ، والتي من بعد مرحلتي الابتدائية لم أراها سوى بالصدفة وبلقاؤنا معاً في نفس القسم !!
هيفاء ومنار صديقات مرحات للغاية ، لا أمل حديثهن ولا ممازحتهن ، تمنيت لو كانت هيفاء موجودة لأُعرّفها على منار ، لكن غيابها اليوم أثار قلقي فهي من عادتها تخبرني إن عرض عليها عارض يمنعها من القدوم للجامعة ، حتى لو كان وقت اتصالها فجرا ، ترى ما الذي جعل هيفاء النشيطة تتخلف عن الجامعة اليوم ، فهي أحرص مني في الحضور وملازمة الدروس ..
وصلت للقاعة ، وجلست في مقعدي ، جاءتني زميلة وسألتني عن حضور هيفاء ، حتى تعمق قلقي وتفكيري بها أكثر ، خرجت من القاعة وملامحي غير الملامح التي دخلت بها ، شرعت لأختبئ في مكان ما حتى اتصل بهيفاء ، فاستخدام الجوال داخل الجامعة محظور ..
ضغطت على اسمها بقلق بالغ، ترى ماذا بها لم تكلمني اليوم؟!
وضعت الجهاز على أذني رجاء أن ترد ، فخاب أملي ، لماذا يا هيفاء أغلقني هاتفك هداك الله ، فما زاد عندي إلا قلقي فليس من عادتها إغلاق جهازها صباحا .
لم يبقى لدي إلا محاضرة واحده وتفتح بوابة الخروج ، دخلت أستاذة القرآن وراجعت لنا الثُّمن المحدد للحفظ ثم انتهى الوقت ، فخرجت بسرعة للاختباء لأعاود الاتصال ، ضغطت على الرقم الصادر الأول حيث يكون رقم هيفاء ، وبشوق بالغ وحذر شديد من أن تمر علي إحدى نساء الأمن قابضة عليّ .
جلست متقرفصة في إحدى الزوايا والهاتف بإذني وعندما سمعت أن هاتف هيفاء يتصل صرخت بفرح بالغ قائلة: الحمد لله !،
ويا للحظ ! تنبهت لي أستاذة مرت أمامي وشكّت بأني أدس مخالفه ، حاولت تدارك الوضع بإخفاء الهاتف في أي مكان ، وضبط نفسي وملامحي لكني لم أنجح ففرائصي ترتعد بلا تحكم ، ولساني تعقد من الحديث ، نظرت إلي وتساءلت :


ماذا تفعلين ؟!

وقفت مذهولة من الخوف فالجامعة لا تعرف صغيرا ولا كبيرا ، لا شيخا ولا امرأة فالمخالفة تعتبر إساءة شنيعة تستحق العقاب ربما يصل إلى الفصل ستة أشهر !!! .


يتبع،،،






 
قديم 24-12-06, 05:29 PM   رقم المشاركة : 4
أم مجاهد الإماراتية
مشترك جديد







أم مجاهد الإماراتية غير متصل

أم مجاهد الإماراتية is on a distinguished road


(3)

أجبت بتردد :


- بصراحة ، آ .. آ ، كنت اتصل على زميلتي .

- ألم تعلمي أن هذا ممنوع ، أعطيني جهازك .

- اسمحي لي هذه المرة .

- أعطيني جهازك .

- تفضلي ، ماذا ستفعلين به ؟!


جلست أنظر إليها وهي تعبث بجهازي ، ربما كانت تتأكد فيما قلت لها ، لما لا يخبرونا عن هدف مصادرة هواتفنا ، فنحن ما أحضرناها عبثاً، بل كان من الأجدر أن يثقوا بنا ، ولا نكون كأننا أمام ناصية القضاء ، انتبهت إليها وهي تضغط على الأرقام الصادرة وتتفحص تاريخ آخر مكالمة ، ضحكت في سري من تصرفها ، أعلم أن الجامعة تحاول المحافظة علينا ، لكن لم يكن المحافظة يوماً بأسلوب إلقاء التهم جزافاً ، جامعتي أفخر بحزمك لكن قليلا من الرفق فما كان الرفق في شيء إلا زانه ..

لو سمحتِ ، ما اسمك ؟

- مها .

- ألم توقعي يا مها على ورقة التعهد في عدم إحضار الجوال للجامعة ؟! ، بغض النظر عن معاقبتك ألم تعلمي أن هذا من نقض العهود .

- لكني .. أ.. أ ..

- عموماً يا مها سأعطيك جهازك ، لكن تذكري أن نقض العهود من صفات المنافقين .


استلمت هاتفي بذهول ، وطأطأت رأسي حتى غادرتني ، تنفست الصعداء ، ولحقت إلى قاعتي لأخذ عباءتي و شنطتي ، حامدة ربي وشاكرة له ، فلم أتخيل أبداً أني سأستلم جهازي من قبضتها بهذه السرعة، ولكن بحق ذكرتني بدرس لن أنساه ..
ما أجمل أن يذكر المسلم أخاه بمثل هذه المواقف ، كم أوقع هذا اليوم في نفسي امتنانا لتلك المسؤوله ، فقد كفتني شر مصادرة الجوال ، وعفت عني في غلطة كان لها عقابٌ جاهز التنفيذ! ، بل و أعطتني تذكرة لا مثيل لها في القيمة..
لم تكن الإعانة في هذا الزمن بالمنتشر بيننا أبداً .. صار الذي يقضي حوائج الناس ساذجاً ، لا يفهم !
حتى صار الناس يشتكون ويتذمرون من تعسف المجتمع وما دروا أنهم هم الذين خلقوها ..
لو ساعدهم أحد رموه بالسذاجة .. ، وإذا لم يبالي بهم قالوا متعسف !! ..
مجتمع يعاني من تناقضات أسأل الله أن يشفيهم منها ..
كل شي صار يراودني وأنا في طريقي إلى المنزل ..
عاودت الاتصال على هيفاء .. وجلست أنتظر على أمل أن ترد ..

***

توجهت إلى هاتفي الملقى على فراشي ، إذ لمحته يهتز منتظرا مني استقبال مكالمة حالية ، وجدتها مها ، جلست أنظر للهاتف وأفكر ماذا سأقول لها بخصوص الموضوع الطارئ ليلة أمس ، هل ستساعدني ، وما شأنها ، لكن ربما تخفف عني ، فقررت أن أرد على مكالمتها ..

- السلام عليكم هيفاء ، أقلقتيني أين أنت ، هل أنت بخير ؟

- عليكم السلام كيف حالك وأخبار المحاضرات ؟.

- لماذا لم تحضري اليوم ؟

- ثمة صداع خفيف .

- تضحكين علي يا هيفاء ، أنت أقوى من صداع خفيف ! .

- .....

- هيفاء ماذا بك ، تحدثي .


جلست برهة أرتب كلماتي ، فقد كانت عبرتي تسبق عبارتي ، لم يكون موضوع الأمس في ذهني منذ مدة طويلة ، ولم يطرأ سوى بالأمس ، هل سأحكي لمها كل التفاصيل ، لن آتي لها إلا بالصداع .

- هيفاء أحدثك ، لماذا لم تحضري اليوم ، حسناً سأنزل من السيارة الآن وصلت لمنزلنا وسأحدثك بعد قليل ، انتظريني.

- حسناً ، بحفظ الله .

- مع السلامة .


مها إنسانة لها نظرة أخرى للحياة ، لكن مهما حاولَت تغيير نظرتي وإقناعي ، لن أتخيل أبداً أني سأترك الجامعة بسبب هذا الموضوع ، ربما هو خير إن شاء الله .
رن هاتفي مشيرا إلى منزل مها ، استقبلت المكالمة وأنا مترددة ، هل أتركها وأتحجج بأن شغلا ما منعني من استقبال مكالمتها أم أستقبلها وأبث همي فليس أمامي سوى مها من الممكن أن تحتويني.


- السلام عليكم هيفاء .

- عليكم السلام ، أزعجتك وأقلقتك سامحيني .

- دعينا من ذلك ، ماذا بك ؟ .

- عزيزتي مشكلة بسيطة لا أريد أن اتعب بها دماغك ، كل ما في الأمر أني ضحية عادات وتقاليد باليه هذا كل شيء !
- هيفاء اتركي الفلسفة وتكلمي بلغتي القحة فقط !

- أبي سيزوجني ابن عمي ، وهو لا يناسبني ، وحجته انه لا يرعى بنات العائلة إلا ابن العم ، إلى متى نحن نعيش بهذا التخلف ، ما قرأت في كتب السيرة ولا الفقه أن بنت العم لابن عمها غصباً ، أنا لست غاضبة لشخص ابن عمي ، ولكن غاضبة لهذا التفكير الموروث المريض ، كل ليلة البارحة غادرني النوم ولزمت المصلى بكاء على هذا النصيب .
- هيفاء ما هذا الاعتراض !

- لم اعترض على قضاء ولا قدر ، معترضة على تفكير أبي وابن عمي .

- عزيزتي هل أنت رافضة لابن عمك ؟!

- حتى الآن لا أدري ، وهل بيدي الرفض أصلا.

- إذا لم تريديه ؛ فهذا من حقك ، لكن دعي التقاليد وحدثيني ما سبب رفضك للخطبة غير كونه ابن عمك.
- شيء مضحك للغاية .

- ما هو ؟!

- سأكون ربة بيت ناجحة !

- أفهم أنك ستتركين الدراسة .

- وهذا شرط ابن عمي !

- أمره يسير.

- مها يبدو أنك أنت التي تضحكين علي ؟!!

- أنا من رأيي أنه إذا كانت الجامعة هي العثرة أمام الخطوبة فأمرها سهل ، فكري بعقلك واتركي كل شيء جانباً.

- سأنظر إلى ماذا أصل بتفكيري الفذ .


أغلقت الهاتف وأنا متوقعة أن مها لن تفعل لي شيء سوى أن أرضى بهذا الأمر ، استسلمت للبكاء ثانية ، ثم حاولت استرجاع كلام مها من جديد ، بالفعل كان توجيهها ذكيا ، ماذا أنقم على ابن عمي ، غير الجامعة ، مادام أنه محافظ على الصلاة ، ولا يدخن ، طموح مئات طالبات الجامعة هذا الأمر ، ولو سمح لي بالدراسة سأكون من أسعد مخلوقات الله ..
يكاد رأسي ينفجر من التفكير ، لا أمي تفهمني ، ولا أبي يعطيني الفرصة ، مادام أن الأمر واقعا ، فالرضا والتسليم مصيري ، لن أغير العالم برفضي وتذمري ، أحمد الله حين كان نصيبي هذا الشاب ولم يكن آخر .


***

جلست أتقلب على سريري حتى أغفو قليلا ، لكن التفكير بموضوع هيفاء يكاد يقتلني ، أعرف أن مثل هذه التقاليد ما حاول صنف من المجتمع توديعها ، لكن ماذا بيد هيفاء إلا أن ترضى ! ، حاولت أن أضع نفسي مكانها ، وأرى إلى أين سيهديني تفكيري ، فما وجدت سوى أن الدراسة أمرها هين ، وتربية الأطفال هو مكان إنتاجنا نحن الفتيات ، إلى متى ونحن متعلقين بالدراسة ! ، كان الأجدر بهيفاء أن تفرح بخطبتها ، لكنها لم تدرك أن أمر الجامعة ليس بصعب إذ أن كل خريجاتها ساكنوا الدور ، وهي ستربي أطفالا يشغلون وقتها بتربيتهم ، وتكون أما منتجة صالحة ، فليس من المتعقل أن ترفض الكفء حتى تدرس ، ربما لن يأتيها غيره! .
الزواج بالرجل المحافظ أصبح عملة نادرة في هذا الوقت ، فما أرى حولي سوى عنوسة الفتيات ، وعزوبية الشباب حتى سن متأخرة من أعمارهم!
ربما حملة تغريب فتيات الإسلام قد طالتنا أيضاً !! ..
يريدون أن يقنعونا أن لابد لنا من الوظيفة تأميناً لمستقبلنا وتغافلوا أن الإسلام أولانا للأب ثم للزوج ونحن نعيش مكرّمات مصونات في منازلنا.
دخلت أمي علي وحكيت لها خطبة هيفاء ، واستاءت بشدة لهذا الفرض الظالم ، فهل التقاليد أغلى من مستقبل فتاة ربما تكون نهايتها الطلاق ، وقفت حائرة ماذا أفعل حيال مشكلتها فقررت أن أكون متفرجة فلست بمكان مواجهة أمرا لا شأن لي به..
تشاغلت باستذكار محاضرات اليوم وتحضيرها ولم يغيب أمر هيفاء عن بالي ..
في الغد ، جلست في قاعتي بانتظارها وكنت على أمل في حضورها ولم أجزم ! ،وإذا بها مقبلة داخلة بهدوئها وسلمت ثم جلست تقلب أحد الكتب ..
التفت إليها ..


- هيفاء .. لم تخبريني ماذا فعلتِ حيال موضوع الخطبة ؟!

التفتت إلي وهي مبتسمة وراضية ، لكن ما غادرتها لمحة حزن بادية ..

- شكرا لك ، ولكن أبي سيترك لي الخيار برفضه وقبوله هذه المرة فقط!! .

- يعني تستطيعين أن ترفضي ، الحمد لله .. هذا ما كنتِ تنتظرينه يا هيفاء لماذا أنت حزينة الآن !

- مادام الأمر الآن بيدي الآن أخشى لو رفضته لجاء الأسوأ وألزمني أبي به لنفس حكاية ابن العائلة الأمين !! ، أخشى كثيرا من ذلك ..

- هيفاء استخيري ، فالأمور بيد الله ولن يكون شيئاً إلا لحكمة ..


تبسمت هيفاء لي ، وعادت لتقليب الكتاب ، سلم الأستاذ معلناً حضوره عبر شاشة التلفاز المخططة بالألوان الزاهية ، ثم بدأ يتصل على القاعات الأخرى المشارِكة لنا في نفس المحاضرة ، وحين هدأ الجميع وبدأ الشرح ، لم تتحرك هيفاء بإخراج المادة بل ظلت سارحة بحيرتها إلى عالم بعيد ..

يتبع،،،






 
قديم 24-12-06, 10:48 PM   رقم المشاركة : 5
أم مجاهد الإماراتية
مشترك جديد







أم مجاهد الإماراتية غير متصل

أم مجاهد الإماراتية is on a distinguished road


(4)

لم يكن البكاء وحده حلا للحيرة التي أعيش فيها ، كل من حولي منهمك في محاضرة تلقينية كالعادة من أستاذ أخاله يدربنا على الإملاء ، وهو بدوره يجرب مهاراته الإلقائية ، تحركت لإخراج الدفتر محاوله أن أندمج بالكتابة مع الجميع ، فما شعرت بنفسي إلا أني أكتب ما أحدث به نفسي!

ترى هل ما أعيشه امتحان قد أنجح أو أفشل فيه ، يا إلهي ما أصعب أن يحدد الإنسان مصيره ، مشكلتي أني لا أعرف عن زوج المستقبل هذا سوى أنه فلان الفلاني و الأهم أنه ابن عم لي ! ، عائلتي وحدها هي التي تفرض علي ذلك ، ومن حولي قد ودعوا هذه التعقيدات! وكأن حكاية ابن العم الأمين أعمتهم عن السؤال عنه بدقه ، لم أكن أعلم أن من السهل عليهم أن يعرضون حياتي لخطر فشل الزواج ، وكأننا في لعبة ! ، أرفضه هذه المرة والمرة القادمة لن يكون الخيار لي، مضحك جدا وضعي ! !

سمعت الأستاذ يعلن عن نهاية المحاضرة ، أو تخيلت ذلك ، المهم أني رأيت أفواج الطالبات المكتظة في القاعة تتوجه إلى الخارج لأخذ نفس عميق بعد ساعة كاملة من الإملاء المضني والسريع !!

اقترَبت مني صديقتي مها تسليني ببعض الأحاديث لتشغلني عن التفكير بالهم الثقيل ، فاستأذنتني لقضاء بعض حاجتها، ثم أخرجت جدولي لأنظر ماذا بعد هذه المحاضرة ، فإذا هي مادة التفسير .

لم يمر علي أستاذ يحافظ على مستقبل طالباته مثل هذا الأستاذ ، وكثيراً ما يردد أننا على أبواب الزواج و يحرّصنا على أن لا نقبل بأي شاب إلا بعد السؤال الدقيق ، حتى يذكر لنا قصصاً من واقعنا كان الفشل فيه نتيجة التقصير في السؤال عن الخاطب ، فقد كان أبوياً وبشهادة الجميع ، بل دائماً ما يقول لو تعيش الفتاة عانس أحسن بكثير من أن تعيش مطلقة ، إذ لابد من الحرص على اختيار الزوج ، فدروس التفسير تدور على أحكام الطلاق وما حولها ، وظل يدعو لنا أن لا نكون منهن ، رغم قسوة تعامله وتحفظه من التساهل معنا، إلا أن ذلك ما كان عن عبث ، يغار علينا كبناته !
سلم الأستاذ علينا ، وبدون مقدمات بدأ الشرح كما هي عادته ! ، وفي كل آية يشرحها يعطينا بعدها أكثر من توجيه ، كان أستاذاً فذا يربط القرآن بواقعنا تماماً ..

قررت أن ألتزم بوصيته وألح بالسؤال عن ابن العم هذا ، فإن لم يناسبني سأرفض وإن كان ثمّ خشية من تزويجي بأسوأ منه مستقبلا!

دخلت المنزل ومباشرة توجهت لإخبار أمي حاملة بين جنبيّ الهم :


- أمي ما أخبار هذا الخاطب هل ما زال أبي على قرار صلاحيته !

- نحن نعرفه يا ابنتي ، ونعرف أسرته ، وأخلاقهم ، ماذا تريدين أكثر من ذلك ؟!!

- أريد أن تسالوا عنه أكثر ، ليست المعرفة السطحية كافية ، صدقوني !


فما كان منها إلا أن طمنتني كعادتها فهي لا حول لها ولا قوة !

لم أنم ليلة ذلك اليوم بل كيف يأتيني النوم وأبي لم يعطيني فرصة في التفكير إلا أسبوعاً واحداً ذهبَ منها أربعة أيام، لم أتوصل بها إلى نتيجة !! ، وما تخلّيت عن استخارتي منذ أن رافقتني الحيرة !

حين استيقظت من نومي في آخر أيام التفكير والحيرة لم يكن هناك أمراً راسخاً عندي بل ظل أمري بلا تحديد حتى دخلت والدتي علي بعد صلاة العصر ، تسألني عن قراري ..

نظرت إليها وقد غطّت الدموع غشاء عيني ، لم أتعود اتخاذ قرار ضخم مثل هذا ، يبدو أني سأرفض وأترك الأيام تفعل ما تشاء..


- هيفاء .. لي نصف ساعة أسألك ما هو قرارك ، إن شاء الله موافقة ..

مسحت دموعي ، وعلقت عيني على الأرض بلا جواب ، فماذا تريد أمي أن أقول لها فليفعلون ما يريدون ، توجهت أمي إلى الباب ثم التفت قائلة :

- هل أعتبر سكوتك موافقه ، أم لا؟

لم أرد عليها رغم عزمي على اتخاذ قرار ما، وحين أغلقت الباب خلفها، تقوقعت فوق السرير لست حزينة ولا سعيدة ، لكني أشعر أن هماً ضخماً انزاح عن كاهلي ! ، لقد حمّلت أسرتي الهم إن وافقوا كان خيراً ، وان رفضوا كان خيراً ، ولن يكون إلا الخير بإذن الله ..

حاولت تناسي الموضوع ، لكن كان ذلك صعباً للغاية ، فلست أدري ما مصيري ، ذهبت إلى أمي وفي نفسي أن أسألها ما القرار الذي أرسلوه للخاطب، فحين لمحتني أمي ، نادتني والفرحة تملؤها وتغشاها ، وهي تتمتم بالدعاء لي في أن يبارك الله في زواجي ، قابلت أمي بابتسامة خفيفة ، فلم أذكر أنها فرحت بهذا القدر مثل فرحتها بزواجي ! ..

وكّلت أمري لله فما سارت الأمور إلا لحكمة وضعها الله، و بدأوا في ترتيب أمور الزواج .

جلست أياماً أتأملهم ، وأنظر لفرحة الناس بي ، فما شعرت إلا أني صرت أشاركهم ، والسعادة والخوف تتضاربان في نفسي، إذ أن استنفارهم واهتمامهم في تنظيم حفل زواجي أنساني كل الهم بل زادني حبوراً وسعادة..

بعد أسابيع عدة قرروا عمل احتفال عائلي صغير يشمل العائلة ويجمعها ، اتصلت على مها وريم ، فزميلتي ريم تعرّفنا عليها أنا ومها حين كانت تجلس بقربنا في القاعة ، فتاة خلوقة للغاية ..


- السلام عليكم مها ..

- عليكم السلام عروستنا .. متى زواجك لقد اشتقت لأن أراك في فستانك ، والعقبى لي بإذن الله .

- وأنا بدوري اتصلت عليك أدعوك للاحتفال فالخاطب مستعجلاً للغاية ، فحددنا الخميس القادم إن شاء الله ، فقد صرت زوجة شرعية فلم يبقى إلا الاحتفال ..

- هيفاء كل هذا ولم تخبريني ، ما شاء الله أسأل الله أن يبارك لك ويتمم عليك السعادة ، أخبريني كيف الخاطب يبدو أنك محظوظة سبقتيني لتكوني أما عما قريب .

- الحمد لله أحسست بالارتياح وبالهدوء النسبي بعد أن رأيته ، في الحقيقة لم أتخيل أبداً أن النهاية هي الموافقة ، بل كنت متيقنة أني سأرفض ، كأني في أسبوع الحيرة فرّغت كل الهم الذي كان في نفسي ، بالطبع لم يكن ذلك إلا من استخارتي التي أعطتني هذه النتيجة ، كان طيباً للغاية ..

- أسعدك الله دوما ، لقائي بك في اليوم الموعود ، في حفلتك يا عروستنا بإذن الله ..

- أنت وريم أريد أن أراكما ..

- بل نحن نريد أن نراك .. متشوقة كثيرا لأتأملك وأنت فرحة في أسعد يوم في حياتك .


أغلقت الهاتف بعد أحاديث ودية بيني ومها ، ومع مضي الأيام بدأتُ رحلة التغيب الكثير عن الجامعة ، فقد تغيّرت أولوياتي تدريجياً ، إلى أن أصبحت الجامعة أمرا ثانوياً استعدادا للانسحاب منها، بالطبع كان ذلك شرط زوجي العزيز !
قرب موعد الاحتفال ، و ما أسرع الأيام ، لم أعرف عن زوجي إلا من بضع مكالمات بسيطة ، كان مهذباً ومحترماً جدا، تأهبت لذلك اليوم ، فالحفاظ على منزل وزوج وأولاد ليست لعبة زمنية أو تجربة عابرة، إنما ذلك واجب عظيم ، وبداية تكوين أسرة مسلمة جديدة والأهم أن الزواج نصف الدين لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا تزوج العبد كمل نصف الدين فليتق الله في النصف الباقي) أخرجه البيهقي. الإفصاح ج1/ص49
.


***


في ليلة الزفاف ، كنت إلى جانب عروستنا ،فالفرحة تأخذها كل مأخذ ، دعوت لها بالتوفيق والبركة ، وسلمت على أسرتها ، كانت هيفاء متوترة جدا ، رأيتها تؤنب أختها أمل على تأخير صلاة العشاء حتى خروج وقتها، في هذه اللحظات تذكرت شعراً رائعاً مؤثراً تدفعني رغبة جامحة لذكره هنا ..

خسر الذي ترك الصلاة وخابا * وأبى معاداً صالحاً ومآبا

إن كان يجحدها فحسبك انه * أضحى بربك كافراً مرتابا

أو كان يتركها لنوع تكاسل * غطى على وجه الصواب حجابا

فالشافعي ومالك رأيا له * إن لم يتب حد الحسام عقابا

والرأي عندي للإمام عذابه * بجميع تأديب يراه صوابا

ظللنا أنا وريم في عمل دءوب في ذلك اليوم فهيفاء لم يهدأ لها بال ، فلم يبقى سوى سويعات وتلتقي بزوجها في أول ليلة لهما وقد تأهبنا استعداداً لأن نزفها أمام الناس..

- هيفاء ، بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير ، هيا استعدي للظهور فأنت ملكة هذا الاحتفال.

- الخوف يتملكني في الحقيقة أخشى أن أسقط ، أعرف نفسي يا مها لن اخرج .

- دعيك من التفكير المضحك ، بسرعة الكل ينتظرك .


وبعد محاولات مني أنا وريم ، وافقت واستعدت لتسير نحو كرسي الفرح (الكوشة) ، وبخطوات حذره جدا استقرت فيه ، ونظراتها لم تفارق الأرض!!، وصوت الدف ما هدأ لحظه ! ..

تقدم الجموع إلى العروس للسلام عليها ، وأحاطوها والكل يبارك لها ويهنئها ، جلست أتأملهم وإذا بي ألمح أم عروستنا في غاية فرحتها وهي تستقبل المهنئين ، كان احتفالها جميلا وذكرى لا تنسى ، إلا أن شيئا ما أقلقني كقلقي في كل زواج أدعى إليه ، منكرات الأفراح ما فارق زواجاً قط ! ..

ملابس كاسية عارية ، كأن الزواج أبيح فيه التفسخ ، كان ذلك مدار حديثنا أن وريم ..


- تفضلي قهوتك ، ما شاء الله الحفل منظم للغاية ، مذهله هيفاء .

- صدقت ، فقد لحظت التنظيم منذ أن دخلت !

- في كل مكان فكرة دعوية أصادفها ، أنظري أول ما شد نظري تلك الورقة معلقة بهذه الفطيرة المغلفة فقد طبع عليها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : (صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ) . كانت بطاقة مذهله جداً فالحفل يحوي مخالفات شرعية عظيمة من الحاضرات ، في ملابسهن وفي تسريحاتهن ، بل صار شيئاً هيناً في نظرهن ، وأصبح المنكر معروفاً في أوساطهن ولا حول ولا قوة إلا بالله !

- بالفعل يا ريم فلو لم نقم بالتوعية لشملنا عقاب المولى سبحانه ، ذُكر ذلك في آية عظيمة رادعة {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.

- أتذكر حضرت إحدى الزواجات في الرياض ، و كان من الحضور فتاة أمريكية ! شاهدتها تنظر للفتيات وهن متخففات من ملابسهن ومتفسخات بشكل فاضح ، الذي أصعقني أكثر ؛ حين سمعتها تقول: كل مَن في الحفل نساء لماذا تلبس الفتيات هكذا !! هل تتفسخ النساء للنساء نحن نسمي ذلك شذوذا !!
لم تقل ذلك إلا استهزاء وتهكما وكأنها تحسب أن إسلامنا سمح لنا بهذا الفعل المشين !

- مؤلم حين تتغافل الفتيات بأنهن تحت نظر الخلائق، و يتناسين أنهن محاسبات على أفعالهن من رب الخلائق .


جلسنا ننظر لهيفاء وإذ بالحاضرات يبتعدنَ عن عروستنا فاسحين لها الطريق تأهباً لخروجها من قاعة الأفراح فعريسها بانتظارها في قاعة الرجال المجاورة ، كانت تسير مع أمها نحو باب القصر ، فلم أستطع منع دموعي من الانسياب بعد أن رأيتها وهي تودع أمها كان ذلك مؤثراً للغاية .

ثم توجهت المدعوات إلى قاعة العشاء فلمحت عند المدخل المؤدي لطاولة العشاء ، أشرطة دعوية وعلب صغيرة تحتوي على قفازات وجوارب وبعض الحلوى ، سعدت بذلك كثيرا فقد وقعت تلك العلب في نقطة ضعف نساء الأمة ، وهو حالهن مع الحجاب الذي يعتبر رمز الهوية الإسلامية الشامخة .

إذ أن من هشاشة اعتزاز بعضهن بحجابها أصبحنَ يستحين من لبس القفاز و الجوارب!! وما دروا أن المجتمع يعرف صلاحه بصلاح نسائه ، إن كنَّ متعففات بالحجاب وُصف المجتمع بأنه صالح وإذا رأوهن متهاونات ومتزينات وصموه بالفساد !! فالنساء هنَّ لب المجتمع بل وقشرته!! فما زال العلمانيون ينعقون بشغلهم الشاغل نساء الأمة !! ، فقط يريدون أن يشكّلونهن كما يحبون حتى يُشَكَّل المجتمع من نفسه تلقائياً فالمرأة في فوهة المدفع !!..



يتبع،،،






 
قديم 07-01-07, 09:44 AM   رقم المشاركة : 6
أم مجاهد الإماراتية
مشترك جديد







أم مجاهد الإماراتية غير متصل

أم مجاهد الإماراتية is on a distinguished road


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعتذر عن نقل باقي فصول الرواية ..لضيق الوقت وانشغالي

ومن يريد متابعة الرواية..فليتفضل هنا..

http://saraalzamil.jeeran.com/sarayadpage5.htm

ختاما/ أسأل الله أن يجزي الـأخت سارة الزامل خير الجزاء..

((وتستاهلون كل خير يا بنات الرياض))
أسأل الله أن يرد كيد الكائدين عنكن







 
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:00 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "