قد ردد الشيخ عائض القرني غير مرة أن فاطمة رضي الله عنها..أفضل من عائشة رضي الله عنها بلا خلاف بين أهل العلم..
وقبل بيان مجانبة ذلك للصواب أؤكد أن هذه قضية يسوغ فيها الخلاف..ولا ينبني عليه قدح في أصل ولا فرع..
كما أؤكد..أن كون فاطمة أفضل أو كون عائشة أفضل..لا ينقص من قدر أحدهما بحال..بل هما عظيمتان إحداهما زوج رسول الله في الجنة..والأخرى بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وليس الفرق في الفضل بينهما إن كان ثمة فرق بالشيء الجلل..بل هما متقاربتان في المنزلة..كما أن أبابكر وعمر كذلك..
وإنما المقصود بيان المسألة العلمية البحتة..حيث نقل القرني الإجماع..والحق خلاف ذلك..
يقول الإمام العلامة الحافظ بن القيم :
"فالتفضيل بدون التفصيل لا يستقيم ، فإن أريد بالفضل كثرة الثواب عند الله عز وجل : فذلك أمر لا يطلع عليه إلا بالنص ؛ لأنه بحسب تفاضل أعمال القلوب لا بمجرد أعمال الجوارح وكم من عاملين أحدهما أكثر عملا بجوارحه والآخر أرفع درجة منه في الجنة .
وإن أريد بالتفضيل التفضيل بالعلم فلا ريب أن عائشة أعلم وأنفع للأمة وأدّت إلى الأمة من العلم ما لم يؤد غيرها واحتاج إليها خاص الأمة وعامتها .
وإن أريد بالتفضيل شرف الأصل وجلالة النسب : فلا ريب أن فاطمة أفضل فإنها بضعة من النبي صلى الله عليه وسلم وذلك اختصاص لم يشركها فيه غير أخواتها .
وإن أريد السيادة : ففاطمة سيدة نساء الأمة .
وإذا ثبتت وجوه التفضيل وموارد الفضل وأسبابه صار الكلام بعلم وعدل .
وأكثر الناس إذا تكلم في التفضيل لم يُفصِّل جهات الفضل ولم يوازن بينهما فيبخس الحق ، وإن انضاف إلى ذلك نوع تعصب وهوى لمن يفضِّله تكلم بالجهل والظلم
"
ولو كانت المسألة محل إجماع لما أدلى برأيه وتوقف..
هذا مع كون ابن القيم لا يتوقف في تفضيل خديجة على عائشة..رضي الله عنهما
وتوقف شيخ الإسلام في تفضيل خديجة على عائشة..وبين أن لكا سابقتها فخديجة في مبدأ الإسلام..وعائشة في منتهاه..
أما الإمام أبو محمد بن حزم..فبالغ حتى جعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من كل الصحابة..وهو رأي شاذ..حيث فضل أمهات المؤمنين على أبي بكر..!
ومما استدل به ابن حزم في الرد من قال بفضل فاطمة على عائشة لحديث "سيدة نساء العالمين"..ما نقله عن ابن عمر رضي الله عنهما""كان أبو بكر خيراً وأفضل من معاوية. وكان معاوية أسود من أبي بكر"..كأنه قال لايلزم من لفظ السيادة التفضيل المطلق..
أكتفي بهذا..
فعلم أن حكاية الإجماع غير دقيقة..
والله تعالى أعلم