الحمد لله هازم الأحزاب ومنزل الكتاب ومسبب الأسباب له الحمد حتى يرضى ولا حول ولا قوة إلا به ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وصفيّه وخليله صلى الله عليه وعلى آله الأطهار وصحبه الأبرار ...
الأحبة في الله ... لا عجب أن الموضوع طُرح في هذا القسم المبارك-الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم - فهو ذو صلة وثيقة به لمن وعاه !
كثر في المسلمين من يفكر بمنهج السلامة ، وقلّ من يفكر منهم بسلامة المنهج
ما معنى ذلك ..؟
منهج السلامة هو التفكير الذي ينتاب المسلم في كيفية نجاة نفسه من هذه الدنيا إلى روح وريحان وجنة نعيم ، وأن يسلم منها فيختار الشهادة في سبيل الله أقصر السبل إلى ذلك ، ولا شك أن الشهداء هم أصدق الناس وأشرف هذه الأمة ولا يزايد عليهم إلا منافق عنيد، ونحن بالتالي لا نعترض عليهم
-معاذ الله معاذ الله !- لكننا نريد المزيد ، نريد من يلهمهم الله عز وجل سُبل سلامة المنهج لعزة الأمة الإسلامية على المدى البعيد
لا نريد حصر الأمر في الاستشهاد دون النصر ، فالجميع وإن كانوا يتمنون ذلك إلا أن الجميع أيضا عطشى لنصرٍ يروي أنفسهم فيثلج صدورهم ويذهب غيظ قلوبهم
ومعنى سلامة المنهج الذي أقصده هو إما النصر أو الشهادة وهكذا علمنا القرآن الكريم، فقد كان الصحابة رضي الله عليهم أحرص الناس على ذلك ( النصر والشهادة معا ً) لا على الشهادة فحسب ، لاحظ كيف يعلمنا الله عز وجل الشق الأول من سبل سلامة المنهج (النصر)
قال تعالى (ومن يولّهم يومئذ دبره إلا متحرّفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله)
وكيف يأمرنا بتوقي الحذر
(وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم )..
والكثير من الآيات التي حددت لنا أسباب النصر وأن الرغبة في الشهادة وحدها لا تكفي ولا تفي بالغرض ، ولنا عبرة بمعركة أُحد وكيف أن الثغرة المتأتية من عدم الإلتزام بسلامة المنهج(المرابطة على الجبل)كانت السبب الرئيسي في هزيمة المسلمين ، ولنا عبرة ببداية أحداث معركة القادسية كيف كان يرى بعض القادة الأفذاذ بضرورة سحب جيش المسلمين عندما يغلب على الظن وقوع الهزيمة
والشق الثاني أدلته معلومة وهي الجود بالنفس والمال في سبيل الله
(ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون)
فالبعض قد يمر بنفس الموقف فيقول لا لن آخذ حذري ، الشهادة التي كنت أتمناها أتتني فكيف أتبطّــأ عنها وأنا العاشق لها !
لكن من يتفقه في كتاب الله سيعلم حق اليقين وليس علم اليقين فحسب أن سلامة المنهج التي تحدثت عنها الآيات البينات لهي كفيلة بأن تهب لك سبل النصر و الشهادة معا ً واقرؤوا إن شئتم سيرة الأنبياء والصحابة والله يعلم وأنتم لا تعلمون ..
ما أريده أننا كما نُسعد بشباب فيهم الشهامة والحماسة لنصر دين الله تبارك وتعالى فإنه يصيبنا الكدر في بعض الأحيان عندما نعلم أنها جهود فردية وإن لم تكن فردية فليست منهجية طويلة الأمد إذ لا يوجد لأي بلد إسلامي سلامة منهج متكامل ( ديني - تقني - إداري - تقدمي ....) ولو على المدى البعيد وهذا مما يشتت جهود المسلمين ويبعثرهم وهكذا دائما حالنا وإن لم تفعّـل وتوظّف كل هذه الطاقات فستكون أشبة بالـــ"الفورة" التي سرعان ما تهدأ ،إذ لا وقود يغذيها و ويقويها على الإستمرار فتذهب جفاءا
فيجب أن نأخذ بأسباب النصر ومنها (وليس جميعها) الإعلام ، ولنعلم أن له طرقا كثيرة مؤثرة تغير ما لا يظن الناس أن يتغير والإعلام نقصد به شيء أكبر ممن يتصوره البعض !
فبإمكانك أن تدك كل من أراد بالإسلام سوءاً عن طريقه!
ولا أقصد به الإعلام المعلوم لكني أقصد به الإعلام الإسلامي الذكي
والحمد لله رب العالمين