تعجبت كما تعجب معي الكثيرون من المقال الذي سطره النائب «صالح عاشور» بعنوان «تعالوا الى كلمة سواء حول
صيام عاشوراء»، في جريدة الوطن 6/2/2006. وسبب العجب هو اننا نعرف عاشور نائبا في مجلس الامة، ولم نعلم بأنه
مفتٍ ضالع في الافتاء, أما السبب الآخر فهو أن عاشور قد أفتى في قضية تخص أهل السنة ولا دخل له بها، بل هناك
عشرات المفتين ممن يرجع لهم الناس دون الحاجة الى فتواه, وواضح أن أحداً لم يقتنع بما قاله، وللأسف أن عاشور قد
بدأ مقاله بآية زاجرة، «إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهنيا»، وبما أن
المقال كله عبارة عن زجر لمن يصوم عاشوراء، فقد يفهم من كلامه أن الآية تنطبق على من يصوم عاشوراء، كذلك فقد
خلط عاشور في الأدلة التي استقاها من كتب أهل السنة خلطا لا مثيل له، وفسرها كما شاء ليصل الى أن الاحاديث حول
صيام عاشوراء لا أصل لها وموضوعة ولم يكن المسلمون ولا اليهود ولا النصارى يصومون ذلك اليوم، والسؤال هو: إذا
لماذا ساق عاشور احاديث من صحيح مسلم وغيرها تبين أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، صام عاشوراء وأمر بصيامه
ثم ينفيها، فهل يعتقد بأنها أحاديث صحيحة وأدلة أم العكس؟!
نقل عاشور كلاما جميلا عن شيخ الاسلام ابن تيمية وابن الجوزي تنهى عن اظهار السرور في يوم عاشوراء، وهذا أمر لا
خلاف فيه ولم يقل أحد بأن صيام عاشوراء هو يوم عيد أو فرح بل هو سنة مستحبة أمر الرسول، صلى الله عليه وسلم،
بها في بداية هجرته الى المدينة, وذكر بأنه اليوم الذي نجى الله فيه موسى عليه السلام من الغرق, ثم لما فرض الله
صيام رمضان جعله سنة مستحبة، وقول عاشوراء بأن كلمة عاشوراء، لم تكن معروفة قبل استشهاد الحسين عليه
السلام هو كلام غريب، فعاشوراء تعني العاشر من الشهر، ولاشك ان مقتل الحسين رضي الله عنه سبط رسول الله،
صلى الله عليه وسلم، وريحانته، وهو مع أخيه الحسن رضي الله عنهما سيدا شباب أهل الجنة، لاشك أن مقتله على يد
فئة مارقة يعتبر مناسبة حزينة تتفطر لها قلوب المسلمين في كل مكان حزنا وكمدا، وليرجع عاشور الى ما كتبه أهل
السنة من روايات في مقتل الحسين ليعلم أن الحزن على الحسين ليس مقتصرا على طائفة دون الأخرى، ولكنها فاجعة
تاريخية تستحق الحزن والتذكر، وحبذا لو خصص عاشور مقالا ينهى فيه أولئك الذين يلطمون الصدور ويشقون الجيوب
ويعذبون أنفسهم في تلك المناسبة الحزينة، فهذا ليس من هدي النبي، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه في الاحزان.
المهم ان صيام عاشوراء ليس له ارتباط من قريب او من بعيد بمناسبة مقتل الحسين، رضي الله عنه، وهو ليس من معاني
الفرح التي يعتقدها البعض وسحقا وبؤسا لمن يفرح بمقتل سيد شباب أهل الجنة، سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم.
المقال للدكتور/وائل الحساوي
09-02-06, 09:05 PM
العرض العادي
