السلام عليكم ,,
بسم الله الرحمن الرحيم .
لقد ادعى الصوفية بأن الأولياء يعلمون الغيب كله وأنه لا يغيب عنهم شيء حتى أنهم ليعلمون ما في اللوح المحفوظ فضلاً عن الأشياء الموجودة في هذا الكون معنا بل أنهم يعلمون العوالم كلها على ما هي عليه بكل ما فيها من فروق من مبدأ إلى ميعاد وأنهم يعلمون كل شيء كيف كان وكيف هو كائن وكيف يكون ويعلمون ما لم يكن لو لم يكن يعلمون كل ذلك علماً أصلياً حكمياً كشفياً ذوقياً وأنه لا يخفى عليهم شيء في الإرض ولا في السماء وهذا ما سيتضح مما يزعمه شيخهم عبد الكريم الجيلي فقد زعم بأنه رأى العوالم العلوية والسفلية بعد أن كشف الله له الحجب وأنه شاهد الملائكة جميعاً وتبادل الحديث معهم والرسل والأنبياء .
وإليك أخي القارئ نص كلامه في هذا المجال ... قال :
[ وفي هذا المشهد اجتماع الأنبياء والأولياء بعضهم ببعض أقمت فيه بزبيد بشهر ربيع الأول سنة ثمانمائة من الهجرة النبوية فرأيت جميع الرسل والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين والأولياء والملائكة العالين والمقربين وملائكة التسخير ورأيت روحانية الموجودات جميعها وكشفت عن حقائق الأمور على ما هي عليه من الأزل إلى الأبد وتحققت بعلوم الإلوهية لا يسع الكون أن نذكرها فيه .
ثم زعم بأنه رأى نوحاً عليه السلام في السماء الثانية جالساً على سرير خلق من نور الكبرياء بين أهل المجد والثناء فسلم عليه وتمثلت بين يديه فرد عليّ السلام ورحب به وقام ..... إلى أن قال : وروحانية الملك الحاكم على جميع ملائكة هذه السماء عجائب من آيات الرحمن وغرائب من أسرار الأكوان لا يسعنا إذاعتها في أهل الزمان ].
ثم واصل الجيلي افتراءاته فادعى بأنه رأى في السماء الثالثة يوسف عليه السلام وأنه دار بينهما حديث وأنه كان يعلم تلك العلوم التي أخبره بها يوسف قبل أن يتفوه بها .
حيث قال : [ اجتمعت في هذه السماء مع يوسف عليه السلام فرأيته على سرير من الأسرار كاشفاً عن رمز الأنوار عالماً بحقيقة ما انعقدت عليه أكلة الأحبا محققاً بأمر المعاني مجاوزاً عن قيد الماء والأواني فسلمت عليه تحية وافد إليه فأجاب وحياً ثم رحب بي ] ثم زعم الجيلي أن السماء الرابعة هي قلب الشمس وأن فيها إدريس وأن أكثر الأنبياء في دائرة هذا الفلك المكين مثل عيسى وسليمان وداود وإدريس وجرجيس .... وغيرهم .
وهنا كما نرى ذكر الجيلي اسم نبي لم نجد له ذكر في القرآن ولا في السنة فمن أين علم ذلك ؟!!
ثم واصل الجيلي وصفه للسموات وما تحتويها فقال في وصف السماء الخامسة :
[ وهي سماء الكوكب المسمى بهرام وحاكم هذه السماء هو الملك المسمّى عزرائيل وهو روحانية المريخ صاحب الانتقام التوبيخ ].
وذكر الجيلي أيضاً أنه رأى في السماء السادسة موسى عليه السلام ودار بينهما حديث طويل .
ثم قال : إنه رأى في السماء السابعة إبراهيم عليه السلام قائماً في هذه السماء وله منصة يجلس عليها على يمين العرش من فوق الكرسي وهو يتلو آية { الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إن رب لسميع الدعاء ...}.
إلى أن قال إنه صعد سدرة المنتهى وأنه رأى هناك الملائكة وأنها على هيئات مختلفة وأمامهم سبعة ثم ثلاثة ثم ملك مقدم يسمى عبد الله وأنهم أخبروه أنهم لم يسجدوا لآدم .
ثم بدأ عبد الكريم الجيلي في وصف الأراضي السبعة فقال :
[ أما الطبقة الأولى من الأرض فأول ما خلقها الله تعالى كانت أشد بياضاً من اللبن وأطيب رائحة من المسك فاغبرت لما أهبط آدم عليها بعد أن عصى الله تعالى وهذه الأرض تسمى أرض النفوس ....... دورة كرة هذه الأرض مسيرة ألف عام وستة وستون عاماً ومائتا يوم وأربعون يوماً ...... ثم سلك الإسكندر الجانب الجنوبي وهو الظلمات حتى بلغ يأجوج ومأجوج وهم في الجانب الجنوبي من الأرض لم تطلع الشمس على أرضهم أبداً ثم سلك الجانب الشمالي حتى بلغ محلاً منه لم تغرب الشمس فيه وهذه الأرض بيضاء على ما خلقها اله تعالى عليه هي مسكن رجال الغيب وملكها الخضر عليه السلام وهي قريبة من أرض بلغار وبلغار , بلدة في العجم لا تجب فيها صلاة العشاء أيام الشتاء لأن شفق الفجر يطلع قبل غروب شفق المغرب فيها ..... وهذه الأرض أشرف الأراضي وأرفعها قدراً لأنها محل النبيين والمرسلين والأولياء والصالحين ] . أنظر " الإنسان الكامل " لعبد الكريم الجيلي ( 2/97_112).
ثم تطرق الجيلي لذكر المعجزات التي وهبها الله لداود وسليمان عليهما السلام وصرح بأن هذه المعجزات ليست مقصورة عليهما بل الأقطاب والأفراد من الأولياء يشاركونهم فيها بل يزيدون عليها وهذا نص كلامه :
[ وهذا الأمر الذي جعله الله لداود وسليمان عليهما السلام غير محصور عليهما وإلا فكل واحد من الأفراد والأقطاب له التصرف في جميع المملكة الوجودية ويعلم كل واحد منهم ما اختلج في الليل والنهار فضلاً عن لغة الطيور وقد قال الشبيلي رحمه الله : ( لو دبت نملة سوداء على صخرة صماء في ليلة ظلماء ولم أسمعها لقلت أني مخدوع أو ممكور بي ) وقال غيره : ( لا أقول ولم أشعر بها لأنها لا تدب إلا بقوتي وأنا محركها فكيف أقول لا أشعر بها وأنا محركها ) ] " الإنسان الكامل " لعبد الكريم الجيلي (1/122).
أقول : إذا نظرنا في النصوص السابقة نجد أن عبد الكريم الجيلي صرح بأن الأولياء يعلمون الغيوب بشتى أصنافها فليس هناك من حاجة تخفى على الأولياء كبرت أو صغرت وهذا طبعاً حسب زعمه وإلا فالغيب علمه خاص بالله عز وجل لا يشركه فيه أحد من خلقه .
وقال عبد الكريم الجيلي في مكان آخر من كتابه " الإنسان الكامل "
في معرض حديثه عن الأولياء :
[فإذا كشف الحجاب وفتح لهم الباب علم العوالم بأجمعهم على ما هي عليه من تفاريعها من المبدأ إلى المعاد وعلم كل شيء كيف كان وكيف هو كائن وكيف يكون وعلم ما لم يكن ولم لا يكون ما لم يكن ولو كان ما لم يكن كيف كان يكون كل ذلك علماً أصلياً حكمياً كشفياً ذوقياً من ذاته لسريانه في المعلومات علماً إجمالياً تفصيلياً كلياً جزئياً مفصلاً في إجماله ومنهم من تجلى الله عليه بصفة السميع فيسمع نطق الجمادات والنباتات والحيوانات وكلام الملائكة واختلاف اللغات وكان البعيد عنه قريب ] " الإنسان الكامل " لعبد الكريم الجيلي (1/63_64).
وهكذا كما رأينا في النصوص السابقة التي أوردتها عن عبد الكريم الجيلي نرى بوضوح كامل بأنه ادعى أن الأولياء يعلمون علم الغيب وأنه بهذا القول فقد زعم بأن الأولياء يشاركون الله في هذه الخاصية التي أخبرنا بأنها خاصة به وأنه لا يعلم الغيب إلا هو .