[align=center]
أبو العباس بن عطاء الازدي الزاهد
هو أحمد بن محمد بن سهل بن عطاء ، كان من مشايخ الصوفية المشهورين بالعبادة والزهد ، إلا أنه كان يوافق الحلاج على زندقته حتى أن موافقته كان سببا في قتله ، ولا حول ولا قوة لا بالله . ونذكر هذه القصة التي ذكرها الحافظ ابن حجر في لسان الميزان في ترجمة حسين بن منصور الحلاج قال :
(( وقال أَبُو بَكْرِ بن ممشاذ: حضر عندنا بــ «الدينور» رجل ومعه مِخْلاَةٌ، فما كان يفارقها بالَّليْل ولا بالنَّهَارِ، ففتشوا المِخْلاَةَ، فوجدوا فيها كتاباً للحلاج عنوانه: من الرحمن الرحيم إلى فلان ابن فلان ، فوجه إلى «بغداد»، قال: فأُحضر وعرض عليه فقال : هذا خطّي . وأنا كتبته، فقالوا له: كنت تدعي النبوة، فصرت تدعي الربوبية فقال: ما أدعي الربوبية ، ولكن هذا عين الجمع ، هل الفاعل إلا الله وأنا واليد آلة ، فقيل : هل معك أحد؟ قال: نعم، أبو العباس بن عطاء ، وأبو محمد الجريري، وأبو بكر الشّبلي، فأُحضر الجريري فسئل فقال: هذا كافر يُقْتَلُ. وسئل الشبلي فقال: من يقول هذا يمنع. وسئل ابن عطاء عن مقالة الحلاج فقال بمقالته فكان سبب قتله. )) ص 359 / 2 .
ولقد انكر الذهبي رحمه الله أنه قتل مع الحلاج ، ولكنه ذكر له قصصا يقشعر له البدن ، قال الذهبي في ترجمة الحلاج :
(( وقال السُّلمي : حدثنا محمَّدُ بن عبد الله بن شاذان قال كان الوزير حين أُحضر الحلاَّجُ للقتل حامد بن العباس ، فأمره أن يكتبَ اعتقاده، فكتب اعتقاده، فعرضه الوزير على الفقهاء ببغداد، فأنكروه، فقيل لحامد : إن ابن عطاء يصوِّب قوله . فأمر به. فعُرض على ابن عطاء ، فقال : هذا اعتقادٌ صحيح ، ومَنْ لم يعتقد هذا فهو بلا اعتقاد . فأحضر إلى الوزير، فجاء ، وتصدَّر في المجلس، فغاظ الوزير ذلك ، ثم أُخرج ذلك الخط فقال : أتصوِّب هذا ؟ قال : نعم ، ما لك ولهذا ؟ عليكَ بما نُصِبتَ له من المُصادرة والظُّلم ، ما لك وللكلام في هؤلاء السَّادة ؟ فقال الوزير: فَكَّيْهِ. فضُرِبَ فكّاه ، فقال أبو العبـاس : اللهم إنك سلطت هذا علي عقوبة لدخولي عليه . فقال الوزير : خُفَّه يا غلام. فنزع خُفّه . فقال : دماغه. فما زال يضرب دماغه حتى سال الدم من مَنْخِرَيه. ثم قال : الحبس . فقيل : أيها الوزير ؟ يتشوش العامة . فحمل إلى منزله . )) ص 328 / 14 .
وقال أيضا : (( وروى أبو إسحاق البرمكي ، عن أبيه ، عن جده قال : حضرت بين يدي أبي الحسن بن بشار ، وعنده أبو العباس الأصبهاني ، فذاكره بقصة الحلاج ، وأنه لما قُتل كتب ابن عطاء إلى ابن الحلاج كتاباً يعزيه عن أبـيه ، وقال : رحِمَ الله أباك ، ونسخ روحه في أطيب الأجساد . فدل هذا على أنه يقول بالتناسخ ، فوقع الكتاب فـي يد حامد ، فأحضر أبـا العباس بن عطاء وقال : هذا خطك ؟ قال: نعم . قال : فإقرارك أعظم . قال : فشيخ يكذب ؟ فأمر به ، فصفع ، فقال أبو الحسن بن بشار : إني لأرجو أن يدخل الله حامد بن العباس الجنة بذلك الصفع . )) سير أعلام النبلاء ترجمة الحلاج ص 329 / 14 .
وقال ابن كثير : ((أبو العباس بن عطاء أحد أئمة الصوفية: وهو أحمد بن محمد بن عطاء الآدمي. حدث عن يوسف بن موسى القطان، والمفضل بن زياد وغيرهما، وقد كان موافقاً للحلاج في بعض اعتقاده على ضلاله ، وكان أبو العباس هذا يقرأ في كل يوم وليلة ختمة ، فإذا كان شهر رمضان قرأ في كل يوم وليلة ثلاث ختمات ، وكان له ختمة يتدبرها ويتدبر معاني القرآن فيها. فمكث فيها سبع عشرة سنة ومات ولم يختمها، وهذا الرجل ممن كان اشتبه عليه أمر الحلاج وأظهر موافقته فعاقبه الوزير حامد بن العباس بالضرب البليغ على شدقيه، وأمر بنزع خفيه وضربه بهما على رأسه حتى سال الدم من منخريه ، ومات بعد سبعة أيام من ذلك ، وكان قد دعا على الوزير بأن تقطع يداه ورجلاه ويقتل شر قتلة. فما مات الوزير إلا كذلك. )) (البداية والنهاية ص 171 /11 )
وكان أبو العباس هذا ممن نشر علوم الاشارة كتبا ورسائل كما ذكر ذلك أبو بكر الكلاباذي في كتاب التعرف على مذهب التصوف ص 12 .
====================
كتبه
الفقير إلى عفو ربه أبو عثمان[/align]