صاحب البدعة ملعون وممنوع من الشفاعة المحمدية
والنبي صلى الله عليه وسلم بريء منه ، لما روي انه صلى الله عليه وسلم قال : (( حلت شفاعتي لأمتي ، إلأا صاحب بدعة )) [ذكره الشاطبي في الاعتصام] .
والبدعة رافعة للسنن التي تقابلها ، وليس لصاحبها توبة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن الله حجر التوبة عن كل صاحب بدعة )) [كذا في الشاطبي] .
وهو ملعون شرعاً لقوله عليه السلام : (( من أحدث حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين )) [ذكره الشاطبيعن مالك] ، ومعلوم لكل ذي لب : أن هذه الطرق كلها محدثة ، لأن ما لم يكن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم دينا فهو بدعة باتفاق السلف والخلف .
ويبعد صاحبها عن حوض النبي صلى الله عليه وسلم لحديث رواه مالك في الموطأ ، ولفظه : (( فليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال ، أناديهم : ألا هلم هلم ، فيقال : إنهم قد بدلوا بعدك ، فاقول : فسحقا ، فسحقا ، فسحقا )) .
وقد تبرأ الله ورسوله من أصحاب البدع ، وقال تعالى : { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء )) ، وفي الحديث : (( أنا برئ منهم ، وهم برآء مني )) [ذكره الشاطبي في الاعتصام] .
وعن يحيى بن أبي عمر الشيباني ، قال : ( كان يقال : يأبى الله لصاحب بدعة بتوبة ، وما انتقل صاحب بدعة إلا إلى شر منها ) .
وقال عمر بن عبد العزيز سن رسول الله صلى الله عليه وسلم سننا ، وسن ولاة الأمر من بعده سنناً الاخذ بها تصديق لكتاب الله واستكمال لطاعتة الله وقوة على دين الله ، ليس لأحد تغييرها ولا تبديلها ولا النظر في شيء خالفها ، من عمل بها مهتد ومن انتصر بها منصور ، ومن خالفها اتبع غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيراً ) .
ومما يعزي لأبي إلياس الألباني : ( ثلاث لو كن في ظفر لوسعهن ، وفيهن خير الدنيا والآخرة ، اتبع ولا تبتدع ، اتضع ولا ترتفع ، ومن ورع لا يتسع ) .
كذا في الشاطبي عنهم ، والآثار هنا كثيرة جداً ، حاصله ان صاحب البدعة لا توبة له ، لأنه إذا خرج عنها إنما يخرج إلى ما هو شر منها ، كما في حديث أبي ذر ، ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( سيكون من أمتي قوم يقرؤن القرآن لا يجاوز حلاقيمهم ، يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية ، ثم لا يعودون فيه ، هم شرار الخلق والخليقة )) .
فهذه شهادة ان المبتدع لا توبة له ، وسبب بعده عن التوبة أن الدخول تحت أوامر الشريعة صعب على النفس ، لأنه أمر يخالف الهوى ، ويصد عن سبيل الشهوات ، فيتقل عليها جداً ، لأن الحق ثقيل والنفس غنما تنشط بما يخالف هواها لا بما يخالفه ، وكل بدعة فللهوى فيها مدخل لأنها راجعة إلى نظر مخترعها ، لا إلى نظر الشارع ، فكيف يمكنه الخروج عن ذلك ؟! ودواعي الهوى تحسن له ما تمسك به ؟ فتراه منهمكاً في أوراده ليلاً ونهاراً ، لا يفتر عن ذلك ، ومع ذلك فمثواه النار ، قال تعالى : { وجوه يومئذ خاشعة * عاملة ناصبة * تصلى نارا حامية } ، وقال : { هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً * الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً } ، وما ذاك إلا لخفة يجدونها في ذلك الالتزام ، ويرى أن أعماله أفضل من أعمال غيره ، أفيفيد البرهان مطلباً { كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء } .
علم مما تقدم أن المبتدع لا توبة له ، وحينئذ يخاف عليه سوء الخاتمة والعياذ بالله ، لأنه مرتكب إثماً عاص لله تعالى ، فيخشى عليه عند موته أن يستفزه الشيطان ، ويغلبه على قلبه ، حتى يموت على التغيير والتبديل ، حيث كان مطيعاً له فيما تقدم من زمانه .
فلنقتصر على ما ذكرنا وبالله التوفيق .
قد أتم الله هذا الدين قبل الطريقة التيجانية وغيرها
قال تعالى : { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً } .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما ، كتاب الله وسنة رسوله )) [رواه مالك في الموطأ] .
وقال الإمام مالك رحمه الله : ( قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تم هذا الدين واستكمل ، وإنما ينبغي أن نتبع آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم ) [ذكره الشاطبي في الاعتصام] .
فكل من أحدث بدعة - وكان ممن يعقل - يعلم علماً ضرورياً أنه ما آمن بقول الله تعالى : { اليوم أكملت لكم دينكم ... الآية } إذ لو آمن بها ما ابتدع بدعة .
وذكر وهب عن ابي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( سكون في أمتي دجالون كذابون ، يأتونكم ببدع من الحديث لم تسمعوه أنتم ولا آباؤكم ، فإياكم وإياهم لا يفتنونكم )) [رواه ابن وضاح] .
وعن عائشة رضي الله عنها ، قال : ( من أتى صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام )) .
وروى مسلم نحو الأول : وعن ابن مسعود رضي الله عنه : ( انه رأى جماعة يجلسون في المسجد وبينهم رجل يقول لهم : سبحوا الله كذا وكذا ، واحمدوا الله كذا وكذا ، وكبروا الله كذا وكذا ، فقال لهم : والله لقد جئتم ببدعة ظلماً ، أو فقتم محمداً وأصحابه علماً ، إنكاراً عليهم ) [رواه الدارمي] .
وهذا عين الطريقة التيجانية وغيرها من الطرق الصوفية ، إنما أنكر عليهم لأنهم اشتقوا لأنفسهم صفة في الذكر لم تكن في زمن النبوة .
فعليكم باتباع نبيكم ، وترك كل ما أحدثه المحدثون ، لأن الإيمان لا يكمل إلا بالقول ، ولا قول إلا بالعمل ، ولا عمل إلا بالنية ، فلا إيمان ولا قول ولا عمل ولا نية إلا بموافقة السنة النبوية .
كما قال ابن ابي زيد القيرواني في رسالته ، فسبحان الله العظيم ، تقرأون في الرسالة ليلاً ونهاراً ولاتفهمون معناها ، بماذا تفسرون قوله : ( إلا بموافقة السنة ) ؟ وهل هذه الطريقة التيجانية كانت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فإن لم تكن في زمانه كانت مما احدثه المحدثون ، ومن ادعى أنها كانت في زمن النبوة فليأت بالبرهان ، وتاريخ موت صاحبها الذي ابتدعها لدينا محفوظة .
وإن الله لم يكلف نبيه بعد الموت بشيء ما ، ولم يترك شيئاً مما أمر بتبليغه إلا بلغه في حياته ، انظر تفسير سورة النصر ، لا كما يزعم التيجانيون .
تبرؤ أهل البدع بعضهم من بعض يوم القيامة
قال الله تعالى : { إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب } ، معناه : تبرأ الذين يزعمون أنهم يتبعونهم في الدنيا لما رأوا العذاب ، وتقطعت بهم الاسباب : يعني المحبة التي كانت بينهم في الدنيا ، كذا قاله ابن عباس ، فلما رأوا ذلك قالوا : { لو ان لنا كرة } أي رجعة في الدنيا { فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا } .
أيها الأخوان : انبذوا هذه الطريقة التيجانية وغيرها وراء ظهوركم ، قبل نزول هذه الندامة ، التي قال الله في اصحابها { وما هم بخارجين من النار } لأن كل من اتبع أحداً في شيء ما أنزل الله به من سلطان - أي من حجة - تبرأ المتبوع منه يوم القيامة ، وأنى لهم الكرة ؟! هيهات ، هيهات .
أخبر الله سبحانه وتعالى عن قولهم يوم القيامة : { ربنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا * ربنا آتهم ضعفين من العذاب وألعنهم لعناً كبيراً } ، قال الشوكاني في تفسيره : ( المراد بالسادة والكبراء : هم الرؤساء والقادة الذين كانوا يمتثلون أمرهم في الدنيا ويقتدون بهم ) اهـ
وفيه وعيد صريح لكل من يتبع أحداً في البدع والضلالات ، لأن قولهم هذا لا ينفعهم يوم القيامة .
إخواني : امعنوا النظر ، واستعملوا عقولكم في معنى هذه الآية ، ولا أظن يفهم معناها عالم غيور في دينه راغب في سنة نبيه ثم يتمسك ببدعة ، مستدلاً بقوله : " لو كانت باطلاً ما فعلها فلان " !! وهذا عين قوله تعالى : { ربنا أطعنا سادتنا وكبراءنا ... الآية } ، ولا نفع لهم في ذلك ، والعالم الحقيقي لا يأخذ بقول أحد إلأا بعد عرض ما يقول على الكتاب والسنة .
قال ابن كثير عند تفسيره هذه الآية : ( قال طاووس : سادتنا يعني أشرافنا ، وكبراءنا يعني علماءنا ، رواه ابن ابي حاتم ، أي اتبعنا السادة ، وهم الأمراء والكبراء من المشيخة ، وخالفنا الرسول ، واعتقدنا أن عندهم شيئاً وأنهم على شيء فإذا هم ليسوا على شيء { ربنا آتهم ضعفين من العذاب } أي بكفرهم وإغوائهم إيانا { والعنهم لعناً كبيراً } ) اهـ قوله .
الامتثال للعلماء في غير أمر الله عبادة لهم
قال الله تعالى : { اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله } ، قاله رداً على اليهود والنصارى ، وكل من فعل فعلهم فالآية حجة عليه .
وجاء تفسيرها في الحديث عن عدي بن حاتم رضي الله عنه : انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية ، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم : إنا لسنا نعبدهم ! ، فقال عليه الصلاة والسلام : (( أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ، ويحلون ما حرم الله فتحللونه ؟)) فقلت : بلى ، قال : (( فتلك عبادتهم )) [رواه أحمد والترمذي] .
تفكروا يا اخواني في معنى هذه الآية ، فإنها عبرة لكل من اتبع سادته وكبراءه في حدث وباطل ، فلا بد من التفكير والتفقه في الدين (( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين )) ، وهو نظير قوله تعالى : { فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام } أي يفهمه أمور دينه ليفرق بين السنة والبدعة ، { ومن يرد أن يضله يجعل صدره حرجاً ضيقاً كأنما يصعد في السماء } أي يجعل على قلبه أكنة لا يقبل شيئاً من أمور الإسلام الصحيح .
والذي نرشدكم إليه هو الصراط المستقيم ، جعلنا الله وإياكم ممن سمع الحق واتبعه ... آمين .
الشروع في تفصيل ما ينكره أهل السنة على التيجانية وغيرها
ساذكر لكم يا إخواني بعض ما أنكرناه في هذه الطريقة التيجانية ، مع بيان مأخذ كل مقالي ، والإشارة إلى رقم الصحيفة من كتب التيجانية ، ليتبين لكل مسلم غيور على دينه كفريات التيجانية وبدعهم وضلالاتهم ، وجميع ما أنقله من كتبهم : أما كفر أو كذب على الله وعلى النبي صلى الله عليه وسلم ، والعياذ بالله من الخذلان وعمى البصيرة .
العقيدة الأولى :
قال في جواهر المعاني : ( إن هذا الورد ادخره لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يعلمه لأحد من أصحابه ) ... إلى أن قال : ( لعلمه صلى الله عليه وسلم بتأخير وقته ، وعدم وجود من يظهره الله على يديه ) [ص91] .
ففي قوله : ( ادخره لي ولم يعلمه لأحد من أصحابه ) : رد على قوله تعالى : { يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك } ، ومعلوم أن الكتمان محال على الأنبياء والرسل ، لأنه خيانة للأمانة .
وقال ابن عاشر المالكي في توحيده :
يجب للرسل الكرام الصدق أمانة تبليغهم بحق
محال الكذب والمنهى كعدم التبليغ يا ذكي
ولا شك أن نسبة الكتمان إليه صلى الله عليه وسلم كفر بإجماع العلماء .
وفي قوله : ( عدم وجود من يظهره الله على يديه ) : نفضيل لنفسه على أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، حيث لا يقدر أن يحمل هذا الورد ، وهذا كلام في غاية الفساد ، بل في غاية الوقاحة .
العقيدة الثانية :
قال في جواهر المعاني : ( إن المرة الواحدة من صلاة الفاتح تعدل كل تسبيح وقع في الكون ، وكل ذكر ، وكل دعاء كبير أو صغير ، وتعدل تلاوة القرآن ستة آلاف مرة ) [ص96/ طبع مطبعة التقدم العلمية/ الطبعة الأولى] .
وهذا كفر وردة وخروج عن الملة الإسلامية ، وهل يبقى في الدنيا مسلم لا يُكفر قائل هذا القول ، بل من لم ينكر عليه ورضي به فهو كافر في نفسه ، يستتاب ، فإن تاب وإلا قتل .
أليس الله قد جعل لكم عقولاً تعقلون بها ؟ أفلا تتفكرون ؟ وأي شيء يكون أفضل من القرآن ؟ وهل ينزل الله على رجل شيئاً بعد النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فضلاً ان يكون خيراً من القرآن ؟ إن هذا لشيء عجاب !
وأظن قائل هذا القول ما درى دين محمد صلى الله عليه وسلم ، وما درى بما جاء محمد ، ولم يدرك لم بعث محمد صلى الله عليه وسلم !!
فداك أبي وأمي يا رسول الله ، لقد أديت الأمانة ، وبلغت الرسالة ، وجاهدت في الله حق جهاده حتى أتاك اليقين ، جزاك الله عنا أفضل ما جزى نبياً عن أمته ، أشهد أنك خاتم الأنبياء ، وشريعتك ناسخة لكل شريعة ، ولن تنسخ إلى يوم القيامة ، ولم يأت بعدك أحد قط بمثل ما جئت به ، واشهد أن من ادعى أن هناك وحياً ينزل أو يوحى إليه فقد أعظم الفرية على الله { إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون * متاع قليل ولهم عذاب أليم } .
أفلا تعظمون كتاب ربكم ؟
أيها الناس : أتركوا هذه الطريقة الكفرية التي هي أفضل من القرآن في زعم قائلها ، فنعوذ بالله من كل شيطان مارد آمر بمثل هذا .
وهل أنتم تعبدون الله بشيء أفضل من القرآن ؟ إذن والله فقد فُضلتم على النبي صلى الله عليه وأصحابه ، ولقد صلى الله عليه وسلم يجعل لنفسه ورداً كل ليلة من القرآن وهكذا أصحابه رضوان الله تعالى عليهم أجمعين .
وقال صلى الله عليه وسلم : (( أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي " لا إله إلا الله " ... الحديث الخ )) ... وقد ثبت أنه قال : (( فضل كلام الله على كلام الخلق كفضل الله على خلقه )) [رواه الترمذي وغيره] .
أليس هذا صداً للجهال العوام عن القرآن ؟ وهل يتمسك بهذه الطريقة - بعد ما سمع أنها أفضل من القرآن - إلا جاهل بكتاب الله وسنة رسوله ؟
وهل يستقر في عقل صحيح كون مرة واحدة من صلاة الفاتح أفضل من ذكر واحد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فضلاً عن جميع الأذكار التي وقعت في الكون ؟ أفلا تعقلون ؟
أيها الناس : أما كان آدم ونوح وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام أجمعين يذكرون الله ؟ وهل يكون مبتدع هذه الطريقة أفضل من هؤلاء الأنبياء ؟ كلا وحاشا ، فانا لله وإنا إليه راجعون .
العقيدة الثالثة :
قال في الإفادة : ( من لم يعتقد أنها - أي صلاة الفاتح - من القرآن لم يصب الثواب فيها ) [ص80] .
ونحن نقول : من اعتقد أنها من القرآن فقد كفر كفراً ظاهراً ، لأن كلام الله لا ينزل بالوحي إلا على الأنبياء ، وهذه الصلاة لم نجدها في كتاب الله ، ولا حتى في حديث موضوع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهل الذي نزلت عليه صلاة الفاتح نبي أو ولي ؟ فإن كان ولياً ، فالولي لا ينزل عليه الوحي .
الناس في هذه الطريقة فرقتان :
فرقة : اعتقدت أنها من القرآن ، خرجت من الملة الإسلامية .
والثانية : إن اعتقدت أنها ليست من القرآن ، خرجت عن طريقتهم ، لأنها ليس لها ثواب فيها .
العقيدة الرابعة :
قال في الإفادة الأحمدية [ص74] : ( يوضع لي منبر من نور يوم القيامة ، وينادي مناد حتى يسمعه كل من بالموقف : يا أهل الموقف هذا إمامكم الذي كنتم تستمدون منه من غير شعوركم ) ، وذكره أيضاً في كتابهم بغية المستفيد [ص173] .
وهذا القائل قد نصب نفسه في مقام النبوة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو خطيبهم يوم القيامة ، كما ذكره الترمذي عن أنس بن مالك ، وفي قوله تصريح بأن الأنبياء والرسل كانوا يستمدون منه ، لأنهم شملهم الموقف ، وهذا محال ولا يقوله إلا من ادعى الربوبية .
العقيدة الخامسة :
قال في جواهر المعاني [ص105] : ( لا تقرأ جوهرة الكمال إلا بالطهارة المائية ) .
اقول : هذا كتاب الله تجوز قراءته بالطهارة وبغيرها ، كما كان صلى الله عليه وسلم وأصحابه يقرؤون القرآن على غير وضوء .
وهذا تشريع جديد لم يأذن به الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ، وفساد هذا القول يغني عن الخوض فيه .
العقيدة السادسة :
قال في الإفادة الأحمدية [ص57] : ( نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التوجه بالاسماء الحسنى ، وأمرني بالتوجه بصلاة الفاتح ) .
وهذا عين الضلال والكفر ، كيف ينهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء أمر الله تعالى به في قوله : { ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها ) ، وهذا أيضاً كذب على رسول الله وجرأة على الشريعة المحمدية .
العقيدة السابعة :
قال في جواهر المعاني [ص145/2] : إن ولياً - ذكر اسمه - كان كثيراً ما يلقى النبي صلى الله عليه وسلم ويعلمه الشعر .
كيف ؟ وقد قال الله تعالى : { وما علمناه الشعر وا ينبغي له } ، وهذا كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وافتراء عليه .
العقيدة الثامنة :
قال في جواهر المعاني [ص170] : ( من حصل له النظر فينا يوم الجمعة أ, الأثنين يدخل الجنة بغير حساب ولا عقاب ) .
وفي بغية المستفيد : ( ولو كان كافراً يختم له بالإيمان ) .
انظر يا أخي إلى سخافة هذا القول وجرأته ، قال تعالى : { ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً ليضل الناس بغير علم } .
جعل نفسه أفضل من الأنبياء ، فقد قعد رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عمه أبي طالب سنين ومع ذلك مات كافراً ، ونظر أبو جهل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع ذلك مات كافراً ، ومات ابن نوح عليه السلام كافراً ، ومات أبو ابراهيم عليه السلام كافراً ، ولم ينفع أحداً منهم نظر ولا صحبة .
وقال في الإفادة الأحمدية [ص40] ما نصه : ( طائفة من أصحابنا لو اجتمع أكابر أقطاب هذه الأمة ما وزنوا شعرة من أحدنا ) .
وفي شرح منية المريد [ص172] :
طائفة من صحبه لو اجتمع أقطاب أمة النبي المتبع
ما وزنوا شعرة من فرد منها فكيف بالإمام الفرد
أنظر يا أخي إلى هذا القول الشنيع والجرأة العظيمة ، حيث فضل أصحاب بدعته على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أكابر هذه الأمة ، نعم لا يقول هذا إلا جاهل بقدر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أئمة الهدى ومصابيح الأنام رضي الله تعالى عنهم أجمعين .
العقيدة التاسعة :
قال صاحب الرماح - الذي بهامش جواهر المعاني - في الفصل الثاني والعشرين [ص153] ما نصه : ( إنهم لا ينطقون إلا بما يشهدون ، ويأخذون عن الله وعن رسوله الأحكام ، الخاص للخاصة لا مدخل فيها للعامة ، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يلقي إلى أمته الأمر الخاص للخاص ، قاله شيخنا أحمد التيجاني كما في جواهر المعاني ) اهـ
تباً لهذه المقالة ، وبئس قائلها أو مفتريها ، وسواد ظلامها يغني عن الخوض فيها .
أقول : تفكر أيها العالم في هذه المقالة ، هل أهل الطرق كانوا أنبياء ؟
وانظر إلى التناقض في كلامهم ، لأنهم - بزعمهم الكاذب - بعد ما أخذوا عن الله تعالى لا يحتاجون إلى الرسول ، لوجود التساوي بينهم في الدرجة ، أو يزيدون على الأنبياء - بزعمهم - لأن الرسل كانوا يأخذون عن الله تعالى بالوحي ، وأرباب الطرق يأخذون عن الله - بزعمهم - بغير واسطة ، لوجود من يقول منهم : إنه ينظر إلى اللوح المحفوظ إذا اراد أن يأخذ حكما من الأحكام ، وما ذاك إلا لوح الشيطان { يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً } .
وقال في الرماح - في الفصل المذكور - : ( إن الكامل منهم ينزل عليه الملك بالأمر والنهي ) .
أقول : أما كان يكفيهم أوامر القرآن ونواهيه ؟! والله سبحانه وتعالى يقول : { ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء * ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله * ولو ترى الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون } .
العقيدة العاشرة :
قال في الرماح - الفصل الثاني والثلاثون - [ص211] : ( أن الشرط في طريقتهم أن لا يلقن لمن له ورد من أوراد المشايخ ، إلا إن تركه وانسلخ عنه ، لا يعود إليه أبداً ) ... إلى أن قال : ( فلا بد له من هذا الشرط ، ولا خوف عليه من صاحبه أيا كان من الأولياء الأحياء والأموات ، وهو آمن من كل ضرر يلحقه في الدنيا والآخرة ، لا يلحقه ضرر لا من شيخه ولا من غيره ، ولا من الله ولا من رسوله ، بوعد صادق لا خلف فيه ) اهـ
أقول : تفكر أخي واستعمل قريحتك في فهم هذا الكلام ، لأن فيه التحريض على الأمن من مكر الله ، وقد قال تعالى : { افأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون } .
ومعناها كما قال ابن كثير في تفسيره : ( { أفأمنوا مكر الله } : أي بأسه ونقمته وقدرته عليهم وأخذه إياهم في حال سهوهم وغفلتهم ، { فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون } : ولهذا قال الحسن رحمه الله تعالى : " المؤمن يعمل بالطاعات وهو مشفق وجل خائف ، والفاجر يعمل بالمعاصي وهو آمن " ) اهـ
وفيه أيضاً الحث على التفريق بين المسلمين ، والحال أن ربهم واحد ونبيهم واحد وكتابهم واحد ، ففيم التفرق ؟ وقد نهاهم الله عنه في قوله تعالى : { ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات أولئك لهم عذاب عظيم } .
أنظر يا أخي إلى هذا التشريع الجديد ، والافتراء على الله بما لا مزيد ، والمسارعة إلى نار عذابها شديد ، ومع ذلك يوقنون أن القصد من ذلك الاختلاف دخول الجنة بغير حساب ولا عقاب ، قال تعالى : { قل هل أنبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً * أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً * ذلك جزاؤهم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزواً } .
وتفسيره كما في الجلالين : ( قوله { هل أنبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا } بطل عملهم { وهم يحسبون } يظنون { أنهم يحسنون صنعاً } عملا يجازون عليه { أولئك الذين كفروا بآيات الله } بدلائل توحيده من القرآن وغيره { ولقائه } أي بالبعث والحساب والثواب والعقاب { فحبظت أعمالهم } بطلت { فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً } أي لا نجعل لهم قدراً { ذلك } أي الأمر الذي ذكرت من حبوط أعمالهم وغيره { جزاؤهم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزواً } أي مهزوءاً بهما ) .
قال الشاطبي في الاعتصام [1/94] : ( قال الله تعالى : { قل هل أنبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً } وما ذاك إلا لخفة يجدونها في ذلك الالتزام ، ونشاط بداخلهم يستسهلون به الصعب بسبب ما دخل النفس من الهوى ، وإذا بدا للمبتدع ما هو عليه رآه محبوباً عنده لا ستعباده للشهوات ، وعمله من جملتها ، ورآه موافقاً للدليل عنده ، فما الذي يصده عن الاستمساك به والازدياد منه ، وهو يرى أن أعماله أفضل من أعمال غيره ، واعتقاداته أوفق وأعلا ، أفيفيد البرهان مطلباً ، { فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء } ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الدين النصيحة " ، قلنا : لمن ؟ ، قال : " لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم " [رواه مسلم] ) .
إخواني : لا تستبعدوا التوبة ، ولاتأنفوا من الاستغفار ، فقد كان صلى الله عليه وسلم يستغفر كل يوم مئة مرة ، وشروط التوبة مذكورة في قوله تعالى : { وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً ثم اهتدى } .
وقال تعالى : { وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين } ، وما جمعت هذه العجالة إلا رغبة في أن يهدي الله تعالى بها فرداً من المسلمين ، لقوله صلى الله عليه وسلم لعلي : (( لان يهدي الله بك رجلاً واحداً خي لك من حمر النعم )) .
وما توفيقي إلا بالله ، عليه توكلت وإليه أنيب
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
هذا حاصل ما جمعته لكم من كتبهم ، نصيحة لكم ، والسلام