الرافضة لا بضاعة لهم في الجرح والتعديل ... مثل بحديث انا مدينة العلم
بسم الله الرحمن الرحيم
- ما كانت الرافضة لتعتني بحديث النبي عليه الصلاة والسلام من ناحية الصحة والضعف ، ولذا تجد كتبهم طافحة بالأحاديث الضعيفة والمنكرة والموضوعة ، فالجرح والتعديل علم لم ينل منه الرافضة نصيباً وافراً فكان التخبط والانحراف ، ومن كان فقيراً في هذا العلم فلا تعجب حينما ترى الشطط والضلال في تقرير مسائل الشرع وعقائده .
ولا بأس أن أستعرض حديثاً يستدلون به كثيراً ، روته الرافضة في كتبهم ، ورواه بعض أهل السنة أيضاً دون إثبات لصحته ، ومن صححه منهم فقد جانبه الصواب .
وما اختياري لهذا الحديث إلا لما أراه من تكرار له في كل مناسبة وحوار ، وإلا هناك أحاديث قد انعقد الإجماع عند العلماء المعتبرين على بطلانها .
هذا الحديث ورد عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم :
ولتكن البداية برواية عبدالله بن عباس رضي الله عنه :
ولفظه ( أنا مدينة العلم ، وعلي بابها ، فمن أراد المدينة ، فليأت الباب ) ، مع التنبيه لوجود بعض الاختلاف في ألفاظ بعض رواياته :
هذا الحديث يرويه الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس
وله عن الأعمش أربع طرق :
الأولى : يرويها أبو معاوية :
وله عن أبي معاوية أحد عشر طريقاً :
1 – يرويها أبوا لصلت عبد السلام بن صالح عن أبي معاوية .
أخرجه الحاكم في المستدرك ( 3 \ 126 ) والطبري في تهذيب الآثار ( ص 105 رقم 173 من مسند علي ) ، والطبراني في الكبير ( 11 \ 65 ) ، وابن عدي في الكامل ( 5 \ 1722 ) ، والخطيب في تاريخه ( 11 \ 48 ) ، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات ( 1 \ 351 ) .
وهذا الإسناد فيه أبو الصلت : وهو عبد السلام بن صالح بن سليمان القرشي مولاهم :
وثقه ابن معين والحاكم ، ووصفه ابن معين بالتشيع ، وقال أبو داود : كان حافظاً ...
-
وسئل الأمام أحمد عن أبي الصلت هذا ، فقال : روى مناكير . ولما ذكر له هذا الحديث : " أنا مدينة العلم " قال : قبح الله أبا الصلت .
وقال النسائي : ليس بثقة . وقال الساجي : يحدث بالمناكير ، وهو عندهم صدوق .
وقال أبو حاتم : لم يكن بصدوق ، وهو ضعيف . وضرب أبو زرعة على حديثه ، وقال : لا أحدث عنه ، ولا أرضاه .
وذكره العقيلي في ضعفائه ، وقال : كان رافضياً ، خبثاً ، غير مستقيم الأمر .
وقال مرة : كذاب .وقال الدار قطني : كان رافضياً خبيثاً ( وذكر حديث ) ثم قال : وهو متهم بوضعه .
وأعدل الأقوال فيه ، ما ذهب إليه الذهبي في كتابه المغني في الضعفاء ( 2 \ 394 ) بأنه متروك الحديث .
2 – يرويها عمر بن إسماعيل بن مجالد عن أبي معاوية :
أخرجه العقيلي في الضعفاء ( 3 \ 150 ) ، وابن عدي في الكامل ( 5 \ 1722 ) ، والخطيب في تاريخه ( 11 \ 204 ) ، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات ( 1 \ 351 ) .
وعمر هذا قال عنه ابن حجر في التقريب ( 2 \ 52 ) : متروك .وقد كذبه ابن معين .
3 – يرويها محمد بن جعفر الفيدي عن أبي معاوية :
أخرجه الحاكم ( 3 \ 127 ) .
والفيدي هذا قال عنه ابن حجر في التقريب : مقبول .
إلا أن الدارقطني رجح أن الفيدي قد سرق هذا الحديث من أبي الصلت ، كما نقله عنه ابن الجوزي في الموضوعات ( 1 \ 355 ) .
4 – يرويها أبو هارون إسماعيل بن محمد بن يوسف ، عن أبي عبيد القسم بن سلام ، عن أبي معاوية :
أخرجه ابن حبان في المجروحين ( 1 \ 130 ) ، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (1\352) .
وأبو هارون كان يسرق الحديث ، قال عنه ابن حبان : كان ممن يقلب الأسانيد ، ويسرق الحديث ، لا يجوز الاحتجاج به . وكذبه ابن طاهر .
انظر المجروحين ( 1 \ 130 ) ، واللسان ( 1 \ 432 )
5 – يرويها أبو الحسن العدوي عن الحسن بن علي بن راشد عن أبي معاوية :
أخرجه ابن عدي في الكامل ( 2 \ 752 ) ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات ( 1 \ 352 )
وأبو الحسن العدوي : وهو الحسن بن علي بن صالح بن زكريا ، قال عنه ابن عدي في الكامل ( 2 \ 750 ) : يضع الحديث ، ويسرق الحديث ، ويلزقه على قوم آخرين .
6 – يرويها إبراهيم بن موسى الرازي عن أبي معاوية :
أخرجه الطبري في تهذيب الآثار ( ص 105 رقم 174 مسند علي ) .
الرازي هذا قال عنه الطبري : هذا شيخ لا أعرفه ، ولا سمعت منه غير هذا الحديث .
7 – يرويها موسى بن محمد الأنصاري الكوفي عن أبي معاوية ، بلفظ : ( أنا مدينة الحكمة ، وعلي بابها )
أخرجه خيثمة بن سليمان الطرابلسي في حديثه ( ص 200 ) .
الراوي عن موسى : محفوظ بن بحر الأنطاكي ، كذبه أبو عروبة ، وذكر الذهبي هذا الحديث في ترجمته في الميزان ( 3 \ 444 ) وعده من بلاياه .
8 – يرويها أحمد بن سلمة أبو عمرو الكوفي عن أبي معاوية :
أخرجه ابن عدي في الكامل ( 1 \ 193 ) ، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات ( 1 \ 352 )
وأحمد هذا يسرق الحديث ، وانظر ترجمته في الكامل ( 1 \ 192 ) .
9 – يرويها جعفر بن محمد البغدادي عن أبي معاوية :
أخرجه الخطيب في تاريخه ( 7 \ 172 ) ، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات ( 1 \ 350 ) .
قال الذهبي في الميزان ( 1 \ 415 ) : فيه جهالة . وقال ابن الجوزي : هو متهم بسرقة هذا الحديث .
10 – يرويها رجاء بن سلمة عن أبي معاوية :
أخرجه الخطيب ( 4 \ 348 ) ، ومن طريقه ابن الجوزي ( 1 \ 350 )
وقد نص ابن الجوزي على أنه ممن سرقه أيضاً .
11 – يرويها الحسن بن عثمان عن محمود بن خداش عن أبي معاوية :
ذكره ابن الجوزي في الموضوعات ( 1 | 352 ) وعزاه لابن مردويه .
والحسن هذا كذاب يضع الحديث . انظر اللسان ( 2 \ 219 ) .
الطريق الثانية :
يرويها سعيد بن عقبة عن الأعمش :
أخرجه ابن عدي في الكامل ( 2 \ 1248 ) ، ومن طريقه ابن الجوزي ( 1 \ 352 ) .
وسعيد هذا ، قال عنه ابن عدي في الكامل ( 3 \ 1247 ) : مجهول غير ثقة .
وفي سنده أيضاً : أحمد بن حفص السعدي ، وهو واه ليس بشيء كما في ديوان الضعفاء ( ص 3 رقم 28 ) .
الطريق الثالثة :
يرويها عيسى بن يونس عن الأعمش :
أخرجه ابن عدي ( 3 \ 1248 ) ، ( 5 \ 1823 ) .
وفي سنده : عثمان بن عبدالله الأموي ، وهو كذاب يضع الحديث ويسرقه .
انظر المجروحين ( 2 \ 102 ) ، واللسان ( 4 \ 143 ) .
الطريق الرابعة :
يرويها سفيان بن وكيع عن أبيه عن الأعمش :
أخرجه ابن عدي ( 3 \ 1248 ) .
قال ابن عدي عن هذه الرواية : وحدثناه عن بعض الكذابين عن سفيان بن وكيع عن أبيه عن الأعمش .
الحكم عليه من حديث ابن عباس :
الطريق الأولى : ضعيفة جداً .
الثانية : ضعيفة جداً .
الثالثة : ضعيفة .
الرابعة : موضوعة .
الخامسة : موضوعة .
السادسة : ضعيفة جداً .
السابعة : موضوعة .
الثامنة : موضوعة .
التاسعة : موضوعة .
العاشرة : موضوعة .
الحادية عشرة : موضوعة .
أما بالنسبة للطرق الثلاث عن الأعمش :
فالثالثة والرابعة : الحديث موضوع .
والثانية : ضعيفة جداً .
وللحديث شاهدان ، الأول من حديث جابر ، والآخر من حديث علي رضي الله عنهما .
وسيأتي الحديث عنهما في وقت لاحق بإذن الله