نحن عرب والقرآن عربي مبين
فتعالوا لنحاول فهم الآية سويا دون خضوع للموروث الذي قد يكون خاطئا
فلا كلام مقدم على كلام ربنا ولا حجة أبلغ من حجته ومن تحرى الرشد في غيره ضل
ولن يحاسبنا الله تعالى بإعتقاد وفهم غيرنا ممن كان قبلنا أو معاصر لنا مهما بلغ من العلم
بل سيحاسبنا على قدر ما أعطانا من الفهم والعقل الذي نفهم به حجة الله علينا وهو القرآن وهذا بديهي
الآن لنحاول دراسة الآية دراسة موضوعية حيادية
من يدري فقد نتوصل لأشياء كانت غائبة عنا جميعا
أولا : " فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ "
آية الغار اثبات لنصرة الله لنبيه فلو كان سيدنا أبا بكر مضاد لتلك النصرة لما ذكره الله هنا
أو على الأقل لذمه فهو في مجال الإحتجاج بثبوت نصرته لنبيه
فقد ذكر الله تعالى أن نصرته قد حصلت للرسول صلى الله عليه وآله وسلم وقت إخراج الذين كفروا له
وقد ذم ذلك الإخراج له عليه السلام إذ وصف من أخرجه بالكفر فقال عنهم " الَّذِينَ كَفَرُوا "
وقال بأن نصرته تلك لسيدنا محمد قد حصلت وقت أن كان مع صاحبه في الغار
ولم يذم ذلك الصاحب بشئ بل أضافه لنبيه بقوله " لِصَاحِبِهِ "
وقال أن تلك النصرة للنبي عليه السلام قد حصلت وقت أن كان النبي يقول لصاحبه لاتحزن
ولم يذم الله تعالى قوله لصاحبه " لاتحزن "
كما تلا حظون فقد تكررت كلمة " إذ " وهي ظرف زمان وتعني " في الوقت الذي "
فذم الله فعلا حصل في ذلك الظرف الزماني وهو الإخراج ولم يذم غيره من الأفعال المرتبطة بذلك الظرف
فيكون المعنى
إذا لم تنصروه أيها المؤمنون فقد نصره الله
وهو مخرج مبعد وثاني اثننين في الغار بلغ بهما الحال أن أحدهما يطمئن صاحبه ويواسيه
بسبب حزنه من شدة اقتراب المشركين من مكانهما الذي هما فيه مختبئان فيقول له " لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا "
فمن استطاع أن ينصره وهو في هذا العدد القليل ( اثنين ) وفي تلك الظروف فإنه يستطيع نصرته بدونكم
ثانيا : " إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ "
زعم بعض من جعل عداء أصحاب محمد دينا أن وصف الصديق بأنه صاحب لمحمد ليس فضيلة له
و سنراجع سويا صحة هذا الإدعاء الجائر على الله عز وجل قبل أن يكون على عبده الصديق
نقول :
لم يصف الله بنفسه أحدا بأنه صاحب لأحد في القرآن الكريم إلا في حالتين وفي كلتيهما فضل للصديق رضي الله عنه
1- الحالة الأولى : عندما يكون الصاحب من نفس جنس صاحبه من ناحية الإيمان والكفر وذلك كقوله تعالى :
" فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ " (القمر:29 )
فهو كافر وهم كفار ومن وصفه بأنه صاحب لهم هو الله تعالى
2- الحالة الثانية : هي تزكية من وصفه الله بأنه صاحب لغيره وذلك كقوله تعالى
" أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ " (لأعراف:184 )
فقد وصف الله النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنه صاحب للكفار
وقوله تعالى :
" وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً " (الكهف:34 )
في الآية السابقة نجد أن المؤمن هو الصاحب المخاطب
وفي الآية التالية نجد أن المؤمن هو الصاحب المتحدث
" قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً " (الكهف:37 )
فنجد في القرآن الكريم أن الله تعالى يصف المؤمن بأنه صاحب للكافر لأن المؤمن ناصح يريد الخير للكافر
ولكنه أبدا لم يصف الكافر بأنه صاحب للمؤمن لأن الكافر لايكون إلا عدوا للمؤمن يبغضه ولا يريد له الخير
وهنا أتحدى أي كان ممن فتن الله تعالى بالعداء لإصحاب محمد عليه الصلاة والسلام
أن يأتيني بآية من كتاب الله تعالى يصف الله ( بنفسه وبقوله ) فيها أحد بالصحبة لأحد خارج هذين المعنيين
فإذا لم يجد فقد ثبت لطالبي الحق أن وصف الله تعالى للصديق بانه صاحب للنبي من أعظم الفضائل
وأشكر أخي وحبيبي ذو الفقار فقد تم إقتباس هذه النقطة من بحثه في لفظ الصحبة في القرآن
يتبع