[align=center]بسكم الله الرحمن الرحيم
الشيطان والمشركون يقرون بالربوبية :
زمن ظن أن المشركين لا يؤمنون بأن الله هو الخالق الرازق وحده فقد جهل القرآن وما كان عليه المشركون .
قال تعالى { ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولون خلقهن العزيز العليم } " الزخرف 78"
وقال { قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله } يونس 31"
إما أن تكون تقريراً في صورة استفهام يفيد تحدي الله لهم بأن يقولوا نعم , نؤمن بأن أصنامنا خالقة معك , وهم لم ولن يقولوا ذلك . وإما أن تكون الجملة استفهاماً محضاَ , وهذا غير مكن .
فهم يعترفون بأن الله هو الرب وحده ثم مع ذلك يشركون به
وانما كان شركهم شرك شفاعة وتوسل الى الله بالصالحين أنبياء وأولياء لمكانتهم ووجاهتهم عند الله ومن هذا الباب جرى تعظيمهم والعناية بقبورهم حتى صار عندهم موطن الصلة بين العباد وبين ربهم .
ولو كان مشركو قريش يعتقدون أن الأحجار والأصنام خالقون مع الله لصار مرفوعاً عنهم القلم لأنه لايقزول ذلك إلا مجنون .
وقد أمر الله رسوله أن يسأل المشركين { قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل أفلا تذكرون قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم سيقولون لله قل أفلا تتقون } ثم قال { قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل فأنى تسحرون }" المؤمنون 23"
وقال قوم عاد لأنبيائهم { لو شاء ربنا لأنزل ملائكة فإنا بما أرسلتم به كافرون } فصلت 14" فأثبتوا لله الربوبية مع أنهم مشركون .
وقال قوم يس ،{ ما أنتم الا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء } فلم يجهلوا أن الرحمن من أسماء الله الحسنى .
وهذا إبليس يقول { رب أنظرني إلى يوم يبعثون } وقال { رب بما اغويتني } " الحجر 15" بل شهد لله بالعزة قائلا { فبعزتك لأغوينهم أجمعين }.
وهاهو صاحب الجنة يشهد بربوبية الله قائلاً {ولئن رددت الى ربي لأجدن خيراً منها منقلباً } فلما أحيط بثمره قال { ياليتني لم أشرك بربي أحد } فشهد على نفسه بأنه مشرك بالرغم من شهادته لله بالربوبية .
وقال تعالى { ذلكم الله ربكم فاعبدوه } وهذا خطاب عام للمؤمنين والكافرين يثبت لنفسه بالربوبية عليهم جميعاًومن ةثم يطالبهم بتحقيق توحيد العبودية أو الألوهية .
ومن هنا تعلم أن سر العداوة بين الأنبياء وبين أقوامهم كامن في توحيد عبادة من يقرون بوحدانيته في الخلق والرزق والإيجاد .
ولو كان الشرك هو اعتقاد خالق آخر مع الله لكان الشرك نادراً والتوحيد غالباً ولكن الواقع أن المشركين على اختلاف اصنافهم لا يقولون بخالق أخر مع الله اللهم إلا نادراً وهذا بعتراف أئمة الأشاعرة كالرازي والشهرستاني .
وحتى المجوس قالوا بإلاهين زعموا أن أحدهم إله قديم والثاني شيطان صانع لشر وهو حادث كما نص عليه البغدادي في أصول الدين " ص71"
وإنما أكثر ما وقع فيه المشركون وأطال القرآن في بيانه والرد عليه وهو شرك أتخاذ الشفعاء والوسطاء من الصالحين مع الله { ما نعبدهم إلا ليقربونا الى الله زلفى } ودعاؤهم من دون الله
وكان قولهم { هؤلاء شفعاؤنا عند الله } دليلاً على أنهم لم يكونوا يعترفون ويعتقدون فيهم الخالقية , وقد سجل عليهم اقرارهم بأنهم ما يعبدونهم الا لسبب واحد فقط وهو أنهم يتوسطون بينهم وبين الله { ما نعبدهم الا ليقربونا اغلى الله زلفى }
التفريق بين الربوبية والألوهية تشهد به اللغة وكتب التفسير:
أما اللغة فتفرق بين كلمة ( إله ) بمعنى المعبود وكلمة ( رب ) بمعنى المالك للشيء والصاحب له .
وكتاب ربنا يشهد بذلك { قل أعوذ برب الناس ملك الناس اله الناس } ذكر الرب ثم الملك ثم الإله , فها تان صفتان مختلفتان ( الرب ) و ( الإله ) وهذا ليس تكاراً لا فائدة منه وإنما يظهر به التفريق بين الربوبية والألوهية , اذ لو كان الرب والاله شيئاً واحداً لكان في الآية تكراراً تنبو بع عن حد البلاغة .
ومن وجه التفريق الظاهرة في القرآن : تكرر قول الله { رب السموات والأرض } { رب العرش }ولم يقل مرة واحدة (البه السموات والأرض ) (اله العرش )وإنما خص إضافة التأليه لمن أمرهم بتأليهه وعبادته كقوله { انما الهكم الله }.
فالمشركون يقرون أن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت لكن المشكلة كانت في دعائهم غير الله واتخاذهم إلهاً أخر معه . وقد أحتج الأنبياء عليهم قائلين : إذا كنتم تؤمنون بأن الله خالق السموات والأرض فلماذا اتخذتم من دونه آلهة لا بيخلقون شيئاً وهم يخلقون ؟
وقد أنشغل الأشاعرة والمارتيدية بإثبات أن الخالق قديم وأن ماسواه محدث حتى صار محور التوحيد عندهم في حين يلاحظ المطالع للقرآن أن مسألة دعاء الله كانت محور التوحيد .وكل الآيات القرآن تندد بالمشركين الذين يدعون مع الله غيره , يؤمنمنون بالله اذا أشرك به , ويكفرون اذا دعي وحده كما قال تعالى { ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير } وبسبب ذلك فارق فتية الكهف قومهم قائلين { ربنا رب السموات والأرض لن ندعو من دونه إلهاً }
ومن كان في شك من ذلك فما عليه إلا أن يرجع الى ( المعجم المفهرس لألفاظ القرآن ) " مادة : دعا " فيطالع الآيات ليتأكد له أن شرك أهل الجاهلية كان في دعائهم غير الله . وأنهم على جاهليتهم لم يكونوا يجهلون ان خالق السموات والأرض أزلي خالق مدبر وأن ماسواه مخلوق كائن بعد أن لم يكن .
هناك بقية أرجو عدم الرد حتى نكمل الموضوع [/align]