من شاهد مناظرة المستقلة عن الصوفية والتي أظهر الله فيها عوارهم وهرطقتهم أمام الناس يرى عجبا ..
ففي الحلقة الأخيرة من المناظرة كان في ظاهر الأمر أن الصوفي السوداني ( مالك ) هو من يغلو ويشطح - وهو كذلك - في قوله أن الرسول يسعى بجسمه وروحه بين الناس وأنه لا يستطيع أن ينكر على أحد قال أنه رأى الرسول صلى الله عليه وسلم يقظة !!
وعندما يُسال الشيخ عمر عبد الله كامل الصوفي السعودي - وحدث هذا أكثر من مره يسأل - ينكر هذا القول أشد الإنكار ويقول الرسول لا يسعى بين الناس بجسده .. ولكن بالروح يقول الله أعلم ..
ففاتت على شيخنا العرور وكنت أتمنى أن يشد عليه في هذه النقطة لأن منطلق قول الشيخ عمر هذا هو عقيدة خبيثة أيضا وهي من عقائد الصوفية التي أخذوها من الفلسفات الهندية مرورا ببوابة الرفض والتشيع الإسماعيلي منه خاصة .. ألا وهي عقيدة الحلول والتناسخ ..
فذه العقيدة هي ما أراد أن يثبتها الشيخ عمر على الأقل أمام تلاميذه وأنه لم ينكر اللقاء بالرسول صلى الله عليه وسلم يقظة ولكنه أنكر وقد فعل بكل مكر ودهاء .. أنكر رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم يقظة بجسمه ولحمه وشحمه .. ولكنه كرر أنه لا ينكر ذلك بالروح وهي عين العقيدة القائلة بالحلول والتناسخ الهندوسية الشيعية تماما وفي النهاية لا فرق بين موقف الصوفي السوداني وبين الشيخ الصوغفي عمر كامل ..
أترككم مع هذه العقيدة من كتبهم ..
حيث تقول هذه العقيدة أن الرسول والنبي والولي يمكنه أن يتشكل في أية صورة وأي شكل بعد مماته ..
كما يقول الجيلي :
( أعلم حفظك الله أن الإنسان الكامل هو القطب الذي تدور عليه أفلاك الوجود من أوله إلى آخره , وهو واحد منذ كان الوجود إلى أبد الآبدين , ثم له تنوع في ملابس ويظهر في كنائس , فيسمى به باعتبار لباس , ولا يسمى به باعتبار لباس آخر , فاسمه الأصلي الذي هو له محمد , وكنيته أبو القاسم , ووصفه عبد الله , ولقبه شمس الدين , ثم له باعتبار ملابس أخرى أسام , وله في كل زمان اسم ما يليق بلباسه في ذلك الزمان , فقد اجتمعت به صلى الله عليه وسلم وهو في صورة شيخي الشيخ شرف الدين إسماعيل الجبرتي , ولست أعلم أنه النبي صلى الله عليه وسلم , وكنت أعلم أنه الشيخ , وهذا من جملة مشاهد شاهدته فيها بزبيد سنة ست وتسعين وسبعمائة , وسر هذا الأمر تمكنه صلى الله عليه وسلم من التصور بكل صورة , فالأديب إذا رآه في الصور المحمدية التي كان عليها في حياته فإنه يسميه باسمه , وإذا رآه في صورة ما من الصور وعلم أنه محمد , فلا يسميه إلا باسم تلك الصورة , ثم لا يوقع ذلك الاسم إلا على الحقيقة المحمدية , ألا تراه صلى الله عليه وسلم لما ظهر في صورة الشبلي رضي الله عنه قال الشبلي لتلميذه : أشهد أني رسول الله , وكان التلميذ صاحب كشف فعرفه , فقال : أشهد أنك رسول الله , وهذا أمر غير منكور , وهو كما يرى النائم فلانا في صورة فلان . وأقل مراتب الكشف أن يسوغ به في اليقظة ما يسوغ به في النوم , لكن بين النوم والكشف فرق , وهو أن الصورة التي يرى فيها محمد صلى الله عليه وسلم في النوم ولا يوقع اسمها في اليقظة على الحقيقة المحمدية إلى حقيقة تلك الصورة في اليقظة , بخلاف الكشف فإنه إذا كشف لك عن الحقيقة أنها متجلية في صورة من صور الآدميين , فيلزمك إيقاع اسم تلك الصورة على الحقيقة المحمدية ويجب عليك أن تتأدب مع صاحب تلك الصورة تأدبك مع محمد صلى الله عليه وسلم , لما أعطاك الكشف أن محمدا صلى الله عليه وسلم متصور بتلك الصورة , فلا يجوز ذلك بعد شهود محمد صلى الله عليه وسلم فيها أن تعاملها بما كنت تعاملها به من قبل , ثم إياك أن تتوهم شيئا في قولي من مذهب التناسخ , حاشا لله وحاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون ذلك مرادي , بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم له من التمكين في التصور بكل صورة يتجلى في هذه الصورة , وقد جرت سنته صلى الله عليه وسلم أنه لا يزال يتصور في كل زمان بصورة أكملهم ليعلي شأنهم ويقيم ميلانهم , فهم خلفاؤه في الظاهر وهو في الباطن حقيقتهم ) الإنسان الكامل للجيلي عبد الكريم ج2 ص 74 , 75 .
وذكر فريد الدين العطار عن أبي يزيد البسطامي أنه سئل عن العرش والكرسي فقال :
( أنا العرش والكرسي , وقال : أنا إبراهيم , وأنا موسى , وأنا محمد ) انظر تذكرة الأولياء لفريد الدين العطار ص 99 ط باكستان .
وبمثل ذلك قال الفرغاني :
( وكل نبي من آدم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم مظهر من مظاهر نبوة الروح الأعظم . فنبوته ذاتية دائمة , ونبوة المظاهر عرضية منصرمة , إلا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم , فإنها دائمة غير منصرمة , إذ حقيقته حقيقة الروح الأعظم , وصورته صورة الحقيقة التي ظهر فيها بجميع أسمائها وصفاتها . وسائر الأنبياء مظاهرها ببعض الأسماء والصفات . تجلت في المظهر المحمدي بذاتها وجميع صفاتها , وختم به النبوة , فكان الرسول صلى الله عليه وسلم سابقا على جميع الأنبياء من حيث الحقيقة , متأخرا عنهم من حيث الصورة , كما قال : نحن الآخرون السابقون , وقال : كنت نبيا وآدم بين الماء والطين : وفي رواية أخرى : بين الروح والجسد : أي لا روحا ولا جسدا ) المقدمات للفرغاني مخطوط ورقة 11 إلى 14 نقلا عن كتاب ختم الأولياء ص 486 ط بيروت .