الحمد لله الذى رفع منـار الحق وأوضحه . وخفض الكذب والزور وفضحه . وعصم شريعة الإسلام من التزييف والبهتان . وجعل الذكر الحكيم مصوناً من التبديـل والتحريف والزيادة والنقصان . بما حفظه فى أوعية العلم وصدور أهل الحفظ والإتقان . وبما عظَّم من شأن الكذب على رسوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المبعوث بواضحات الصدق والبرهان . وبعد ... من المجمع عليه عند جماهير الشيعة والرافضة ؛ أن الكلينى أبا جعفر محمد بن يعقوب الرازى الشيعى ، هو جهينة أخبارهم ، وسابق مضمارهم ، الذى لا يشق له غبار ، ولا تعرف له كبوة ولا عثار . فهو عندهم إمام المحدثين والفقهاء ، المقدَّم على سائر الأصحاب والنظراء ، والمتفق على إمامته ، والمجمع على جلالته . وكتابه (( الكافى )) على أكف قبولهم مرفوع العماد ، وعليه معتمدهم بلا ريبة ولا عناد ، يلوح فى أفقهم كالكوكب السارى ، كما لاح فى أفق أهل السنة صحيح البخارى .
ومن عجبٍ ، قد احتوى هذا السفر المعظَّم أخباراً كيف صدَّقها عقلاؤهم ، وعمل بمقتضاها فقهاؤهم ، وهى من المضحكات المبكيات ، والأباطيل المنكرات ، وقد نُسبت زوراً وبهتاناً إلى فضلاء آل البيت التقى ، وسلالة الفرع الزكى .
وقد وجب ، بادئ ذى بدء ، أن نعرفك بوسائل الشيعة الإمامية إلى تحصيل وتصحيح المسائل الشرعية ، أعنى الأصول التى يعتمدونها فى تصحيح الأخبار وقبولها .
قال البهاء العاملى فى رسالته التى ألفها فى دراية الحديث ، والموسومة بـ (( الوجيزة ))(ص183) : (( جميع أحاديثنا إلا ما ندر ينتهى إلى أئمتنا الاثنى عشرية عليه السلام ، وهم ينتهون فيها إلى النَّبىِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فإن علومهم مقتبسة من تلك المشكاة ، وما تضمنه كتب الخاصة من الأحاديث المروية عن أئمتهم تزيد على ما فى الصحاح الست للعامة بكثير ، كما يظهر لمن تتبع كتب الفريقين . وقد روى راوٍ واحدٌ ، وهو أبان بن تغلب عن إمام واحد ـ أعنى الصادق عليه السلام ـ ثلاثين ألف حديث . وكان جمع قدماء محدِّثينا ما وصل إليهم من كلام أئمتنا فى أربعمائة كتاب تسمى الأصول . ثم تصدى جماعة من المتأخرين لجمع تلك الكتب وترتيبها ، تقليلاً للانتشار ، وتسهيلاً على طالبى تلك الأخبار ، فألفوا كتباً مضبوطةً مهذبةً ، مشتملة على الأسانيد المتصلة بأصحاب العصمة عليهم السلام ، كـ (( الكافى )) و (( من لا يحضره الفقيه )) و (( التهذيب )) و (( الاستبصار )) و (( الأمالى )) و (( عيون الخبار )) اهـ .
وأقول : فقد بان بوضوح أنه ليس عندهم قاعدة معتمدة فى تصحيح أحاديثهم ، إلا زعمهم أن علوم أئمتهم الاثنى عشرية مقتبسة من مشكاة النبوة بلا واسطة ، فلا غرو إذن أن يحتجوا بالمنقطع والمعضل والمرسل ! . وأعجب شئٍ فيما يعتمدونه من قواعد الجرح والتعديل : معرفة من ترد روايته ويحكم بفسقه وكفره ، فهو على ما أصلَّه البهاء العاملى فى كتابه (( مشرق الشمسين )) حيث قال : (( المستفاد من كتب علمائنا المؤلفة فى الجرح والتعديل : أنَّ أصحابنا الإمامية كان اجتنابهم لمن كان من الشيعة على الحق أولاً ، ثم أنكر إمامة بعض الأئمة فى أقصى المراتب ، بل كانوا يحترزون عن مجالسهم والتكلم معهم ، فضلاً عن أخذ الحديث عنهم ، بل كان تظاهرهم بالعداوة لهم أشد من تظاهرهم بها للعامة ، فإنهم كانوا يتاقون العامة ويجالسونهم ، وينقلون عنهم ، ويظهرون لهم أنهم منهم خوفاً من شوكتهم ، لأن حكَّام الضلال منهم . وأما هؤلاء المخذولون ، فلم يكن لأصحابنا الإمامية ضرورة داعية إلى أن يسلكوا معهم ذلك المنوال ، وخصوصاً الواقفية ، فإن الإمامية كانوا فى غاية الاجتناب لهم ، وكانوا يسمونهم الممطورة ، أى الكلاب التى أصابها المطر ، وأئمتنا كانوا ينهون شيعتهم عن مجالستهم ومخالطتهم ، ويأمرونهم بالدعاء عليهم فى الصلاة ، ويقولون إنهم كفار مشركون زنادقة ، وأنهم شر من النواصب ، ومن خالطهم فهو منهم )) .
وأقول : أرأيتك حكمهم بتكفير من لم يعتقد معتقدهم فى أئمتهم الاثنى عشرية ، سواء من كان منهم ثم خالفهم ، وهم الواقفية ، ومن كان من غيرهم كأهل السنة ، وهم النواصب ، ومن خالط أيَّاً من الطائفتين ، وهم العوام المقلدون .
والآن . إليك نتفاً من هاتيك البواطيل فى أعظم كتبهم ، ومجمع علومهم ، وهو كتاب (( الكافى )) للكلينى الرازى . ولا يغيبن عنك أنه : قد بان للناقد البصير كذبُها ، وتبوأ مقعدَه من النيران كذَّابُها :
[ كتاب النكاح ]
باب : وجوب الغيرة على الرجال(1)
الكلينى بإسناده إلى إسحاق بن حريز عن أبى عبد الله عليه السلام قال : (( إنَّ شيطاناً يقال له القفندر ، إذ ضُرِبَ فى منزل الرجل أربعين صباحاًَ بالبربط ، ودخل عليه الرجال ، وضع ذلك الشيطانُ كلَّ عضوٍ منه على مثله من صاحبِ البيت ، ثم نفخ فيه نفخةً ، فلا يَغارُ بعد هذا ، حتى تؤتى نساؤه فلا يَغار )) .
باب : كراهة الكلام عند الجماع
(2) الكلينى بإسناده إلى جعفر بن محمد عن آبائه فى وصية النَّبىِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعلى عليه السلام قال : (( يا على ! كره الله لأمتى العبث فى الصلاة ، والمنَّ فى الصدقة ، وإتيان المساجد جنباً ، والضحك بين القبور ، والتطلع فى الدور ، والنظر إلى فروج النساء أ لأنه يورث العمى ، والكلام عند الجماع ، لأنه يورث الخرس )) .
باب : كراهة الجماع فى محاق الشهر وأوقات أخرى
(3) الكلينى بإسناده إلى سليمان بن جعفر الجعفرى عن أبى الحسن عليه السلام قال : (( من أتى أهله فى محاق الشهر ، فليسلم لسقط الولد )) .
(4) الكلينى بإسناده إلى عبد الرحمن بن سالم عن أبيه عن أبى جعفر عليه السلام : قلت له : هل يكره الجماع فى وقت من الأوقات وإن كان حلالاً ؟ ، قال : (( نعم ، ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، ومن مغيب الشمس إلى مغيب الشفق ، وفى اليوم الذى تنكسف فيه الشمس ، وفى الليلة التى ينكسف فيها القمر ، وفى الليلة واليوم اللذين يكون فيهما الريح السوداء أو الريح الحمراء ، واليوم والليلة اللذين يكون فيهما الزلزلة ، ولقد بات رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند بعض أزواجه فى ليلة انكسف فيها القمر ، فلم يكن منه فى تللك الليلة ما يكون منه فى غيرها حتى أصبح ، فقالت : يا رسول الله ألبغض كان هذا منك فى هذه الليلة ؟ ، قال : لا ، ولكن ظهرت هذه الآية ، فكرهت أن أتلذذ وألهو فيها ، وقد عيَّر الله أقواماً فقال (( وإن يروا كسفاً من السماء ساقطاً يقولوا سحاب مركوم فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذى فيه يصعقون )) ، ثم قال أبو جعفر عليه السلام : وأيم الله ، لا يجامع أحد فى هذه الأوقات التى نهى عنها رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وقد انتهى إليه الخبر ، فيرزق ولداً ، فيرى فى ولده ذلك ما يحب )).
(5) الكلينى بإسناده إلى أبى الحسن موسى عن أبيه عن جده : كان فيما أوصى به رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علياً عليه السلام : (( يا على لا تجامع أهلك فى أول ليلة من الهلال ، ولا فى ليلة النصف ، ولا فى آخر ليلة ، فإنه يتخوف على ولد من يفعل ذلك الخبلُ ، فقال علىٌّ عليه السلام : ولم ذلك يا رسول الله ؟ ، فقال صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إن الجنَّ يكثرون غشيان نسائهم فى أول ليلة من الهلال ، وليلة النصف ، وفى آخر ليلة ، أما رأيت المجنون يصرع فى أول الشهر ، وفى وسطه ، وفى آخره )) .
[ تنبيه وإيقاظ ] فقارن هذا الوصايا المبتذلة ، بما استفاض عند أهل السنة ، من حياء الحشمة والوقار الذى كان عليه علىُّ رضى الله عنه ، حتى استحيا أن يسأل رسولَ الله عن المذى ، فسأل المقداد أن يسأل رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك . فقد أخرجه الشيخان فى (( الصحيحين )) من حديث مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ رضى الله عنه : كُنْتُ رَجُلاً مَذَّاءً ، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ ، فَسَأَلَهُ ، فَقَالَ : (( فِيهِ الْوُضُوءُ )) .
(6) الكلينى بإسناده إلى مسمع بن سيَّار عن أبى عبد الله عليه السلام قال : قال رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( أكره لأمَّتى أن يغشى الرجلُ أهلَه فى النصف من الشهر ، أو فى غرَّة الهلال ، فإنَّ مردة الجن والشياطين تغشى بنى آدم ، فيجيئون ويخبلون ، أما رأيتم المصاب يصرع فى النصف من الشهر ، وعند غرَّة الهلال )) .
(7) الكلينى بإسناده إلى أبى سعيد الخدرى فى وصية النَّبىِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعلى عليه السلام قال : (( يا على لا تجامع أهلك فى آخر درجة إذ بقى يومان ، فإنه إن قُضى بينكما ولد ، يكون عشاراً ، وعوناً للظالمين ، ويكون هلاك فئام من الناس على يده )) .
[ تنبيه وإيقاظ ] أرأيتك هذا الكذب المكشوف ، أيصدر مثله عمن لا ينطق عن الهوى ؟ .
باب : كراهة انزال النساء الغرف وتعليمهن الكتابة وسورة يوسف
(8) الكلينى بإسناده إلى السكونى عن أبى عبد الله عليه السلام قال قال رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( لا تنزلوا النساء الغرف ، ولا تعلموهنَّ الكتابة ، وعلموهنَّ المغزل ، وسورة النور )) .
(9) الكلينى بإسناده إلى يعقوب بن سالم رفعه قال قال أمبر المؤمنين عليه السلام : (( لا تعلموا نساءكم سورة يوسف ، ولا تقرؤوهنَّ إيَّاها ، فإن فيها الفتن ، وعلموهنَّ سورة النور ، فإنَّ فيها المواعظ )) .
باب : استحباب معصية النساء ولو فى المعروف
(10) الكلينى بإسناده إلى عبد الله بن سنان عن أبى عبد الله عليه السلام قال : ذكر رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النساء فقال : (( اعصوهنَّ فى المعروف ؛ قبل أن يأمرنكم بالمنكر ، وتعوذوا بالله من شرورهنَّ ، وكونوا من خيارهن على حذر )) .
[ تنبيه ] لفظة (( عليه السلام )) هكذا هى فى أصل كتاب (( الكافى )) ، وليس من تصرفى . فليتنبه !
يتبع من كلام الشيخ / ابو محمد الألفي .