13/03/2001
جريدة الوطن
قضية اليوم ( تحقيق عن مرض الإيدز في السعودية )
جريدة الوطن
قضية اليوم
في ظل غياب وتخوف الإعلام..
1100 مصاب بالإيدز في السعودية وأسرهم يصارعون هموم الحياة وأهوال الموت!
عائلات ترفض وجود أبنائها فينعزلون وترتفع مشاعرهم العدوانية
إصابة كل 6 ثوان ووفاة كل 11 ثانية عالمياً
عزل مريض الإيدز ليس الحل الأمثل واختلاطه مع الآخرين ليس خطراً
تحسن معنويات المريض بعد تردده على المصحات النفسية
الدمام: نورة الهاجري
أجمعت آراء الأطباء واختصاصيي الأمراض النفسية والاختصاصيين الاجتماعيين على أن حالة أسر ضحايا مرض الإيدز وحياتهم تتراوح ما بين مأساتين متضادتين في الوقت ذاته.. الأولى مأساة بسبب معاناة ابنهم، الذي تحدد عمره وهو يصارع مصيره الحتمي، و المأساة الأخرى تتمثل في فزعهم من العدوى وحرصهم على أخذ الاحتياطات، في الوقت الذي يكونون فيه مقيدين بعدم جرح مشاعر ابنهم المريض.. إلا أن محاولاتهم تصطدم بضرورة وضوح تلك الاحتياطات.
ويتساءل المواطن السعودي في ظل غياب و تخوف الإعلام بكافة أشكاله من طرح وعرض أحوال ضحايا الإيدز وظروف أسرهم:
كيف يعيش مريض الإيدز في مجتمعنا السعودي؟. وكيف تتصرف أسرته؟. وما مدى معاناتها، ومعاناة مريض الإيدز نفسه نفسياً واجتماعياً؟. وكيف يعول المصاب أسرته أو يعول نفسه؟. وهل له الحق في الاستمرار بعمله الوظيفي؟. وكيف يجبر على اعتزال المجتمع الأمر الذي يؤدي بحياة البعض إلى الانتحار؟.
(الوطن) اقتحمت تلك الدائرة المغلقة الغامضة لتلتقي بجميع أطراف المأساة من المرضى وأقاربهم وزوجاتهم وأبنائهم والأطباء الذين احتكوا بهم، والجهات التي تدعم أسر الضحايا.
انكسار وتأنيب ضمير
أم جلال (37سنة) مواطنة سعودية، وزوجة لأحد المصابين بالمرض تقول عن ظروفها وظروف زوجها: " علم زوجي بالمرض بعد أن أصيب به بفترة وجيزة، الأمر الذي جعلني آخذ الاحتياطات لكي لا تنتقل لي العدوى على الرغم من أنني مازلت مواصلة على عمل التحاليل إلى الآن للاطمئنان. وأنا مؤمنة بقضاء الله ومقدرة لما بداخل زوجي من مشاعر ندم وانكسار واضحين، وإذا كان الله يقبل التوبة فكيف لا أقبلها أنا؟".
ولذلك، أحاول أن أجعل حياته شبه طبيعية غير أنني حرمت من الأطفال وهو كذلك، وليس لدينا غير ابن واحد، والحمد لله. ولم يخبر زوجي أيا من أهله بمرضه حتى أخوته وأمه، بل احتفظ بالسر حتى لا يشعر بأي نبذ من المجتمع لأن هذا المرض وصمة عار في مجتمعنا.
وعن إعالته تقول: " ما زال زوجي يقوم بعمله بشكل شبه طبيعي مع أخذه كافة الاحتياطات، إلا أنه شعر مؤخرا بوعكة صحية، وهو يحاول أن يطلب تقاعدا مبكرا من وظيفته، وأنا أعمل سكرتيرة في إحدى الشركات، و لا بأس بحالتنا المادية".
ولم تتمكن (الوطن) من الالتقاء بالمصاب شخصيا لحرصه و زوجته على السرية والتكتم، لأنهما أهم من العلاج، كما قالت الزوجة.
فزع الأهل أشد من الإصابة
أما الشاب السعودي (رفض نشر اسمه) والبالغ من العمر 35 سنة، فقد انتقلت إليه العدوى من ممارسات خاطئة في الخارج، فتحطمت معنوياته بعد أن علم بالحقيقة. وكان قد أصيب بالمرض منذ سنة تقريبا، وقام بإجراء تحليل دم. وأكدت التحاليل إصابته بالمرض، فكان رد فعله الأول هو الفجيعة التي يكون الفرد فيها غير مصدق. لهذا، فقد طالب بإعادة التحليل مرات عدة، وتأكد من الحقيقة، فبدأت المرحلة الثانية وهي مرحلة التساؤل: " لم أنا بالذات؟"، ومنها تبدأ حالة الاكتئاب والعزلة النفسية، فاعتزل أصدقاءه وأهله، وطلق زوجته دون أن يخبرها بالسبب إلا أنه كتم الأمر لمدة قصيرة، ثم أخبر أخويه ومن ثم والده.
وكان أشد ما يزعجه هو فزع أهله وحرصهم الواضح على بعض الأمور، التي لا تسبب العدوى. ويتبين ذلك من عزلهم له في أدوات الأكل والشرب والمبيت حتى إنه يقضي معظم وقته في غرفته لشعوره بأنه غير مرغوب في وجوده لدرجة أن تنفسه في الغرفة الواحدة يضايقهم.
انتحر داخل مصحة نفسية
وأوضح أحد الأطباء النفسيين في أحد مستشفيات الصحة النفسية في المملكة أنه كانت هناك حالة مريض سعودي من الحالات، التي أصيبت بالاكتئاب نتيجة إصابته بالإيدز إلا أن الإصابة كانت من أسباب متعددة.. فقد نقلت إليه العدوى من خارج المملكة. وأقدم المريض على الانتحار بعد إصابته بالاكتئاب الحاد عندما وجد نفسه معزولا ممن حوله (أهله وذويه). وكان عمره عند وفاته 32 سنة.
الإدمان بالهيروين والإيدز
المريض (م. ر. د) سعودي الجنسية، 34 سنة، أصيب بالمرض منذ خمس سنوات، واقترف أخطاء سلوكية وجرائم أدت به إلى السجن.
تقول أسرته إنها لا تعلم عن ابنها شيئا منذ خمس سنوات، أي منذ إصابته بالمرض.
ولإدمان المخدرات علاقة وثيقة بالإصابة بمرض الإيدز أو ما يسمى بفقد المناعة المكتسبة حيث يتم انتقال العدوى بالفيروس بسبب تعاطي المدمن الهيروين بالإبر، التي يستعملها مريض آخر مصاب بالإيدز.
ويذكر (ع. ن.. 27 سنة) طريقة انتقال المرض إليه فيقول: " كنا نجلس أنا وأصدقاء السوء في أحد الشاليهات لتعاطى الهيروين بواسطة الحقن. ولم نكن نعلم أن أحدنا مصاب بالإيدز، فبعد أن حقن نفسه بنصف ما تحويه الإبرة قدمها لي فحقنت نفسي بالمتبقي منها، وبعد فترة علمت أن الشخص مصاب بالمرض فسارعت بإجراء تحليل أثبت أني حامل للمرض.
وحاليا، أعالج من الإدمان غير أني يائس من الحياة بسبب هذا المرض، وأنتظر معجزة، وهي أن يكتشف دواء أو علاج لهذا المرض.
خسرت خطيبتي وعملي
أما الشاب (ر. ف.. 33 سنة) فقد أصيب بالمرض، ويعالج في إحدى المصحات الخاصة لزيادة الاحتياطات وضمان السرية. وعن حالته يقول: " كنت مدللا بين أهلي، وأسافر كثيرا، ولي علاقاتي في الخارج، ولا أعلم أي منها وراء إصابتي بالمرض. وعندما تقدمت لوظيفة طلبوا مني الكشف الطبي كإجراء أساسي لقبولي، وكنت واثقا من صحتي إلا أنني فوجئت بأن نتيجة التحاليل أكدت إصابتي بالإيدز".
ويواصل حديثه قائلا: " اسودت الدنيا في عيني، وتغيرت طريقة تعامل أهلي معي بعد أن علموا بالحقيقة المرة. وكنت في البداية قد امتنعت عن إطلاع أحد على سري، ولكن أمي عرفت من شدة احتياطاتي، وكثرة فحوصي المتكررة. كما عرف أبي وأفراد أسرتي".
وحول كيفية حياته قبل وبعد اكتشاف المرض، قال: " لقد تغيرت حياتي بشكل كلي.. حيث انفصلت خطيبتي عني. و بالطبع، لم أقبل في الوظيفة، وأنا الآن عاطل، وأنام طوال اليوم. ولا أحب الخروج من غرفتي لشعوري بنظرات الفزع في أعين أخواتي على أبنائهن و أخواني على أنفسهم على الرغم من أنى آخذ جميع الاحتياطات، واستخدم الأدوات الخاصة بي، وبعد أن استخدمها أغسلها بمطهر، كما أحرص على ألا أصاب بأي جرح يسبب نزف دم من جسمي لأن دمي ملوث بالفيروس".
تعامل المجتمع مع المرضى
وعن نظرة المجتمع وطريقة تعامله مع هؤلاء الضحايا، عرضت (الوطن) الموضوع على بعض شخصيات المجتمع حيث تحدث رئيس اللجنة الإقليمية لمكافحة العدوى بصحة الشرقية، والمشرف على الجمعية السعودية لطب المجتمع بالشرقية الدكتور محمد فهاد الدوسري فقال إن طرق انتقال مرض الإيدز واضحة ومحددة في نقاط معروفة، ومن خلال هذه الطرق يتضح أن ما عداها من الاختلاط أو الملامسة الاجتماعية الأخرى لا تسبب العدوى ومن ذلك مصافحة المريض بالأيدي السليمة وتناول الطعام معه، واستخدام أدواته غير الثاقبة للجلد أو استخدام المراحيض العامة وبرك السباحة والمكوث مع المريض في مكان العمل أو الدراسة أو الأماكن العامة وغير ذلك من هنا يتضح عدم خطورة الاختلاط بمريض الإيدز أو التعامل معه في الحدود الاجتماعية المعروفة.
أما مرضى الإيدز العاملون في المجالات الطبية فينبغي إبعادهم عن أي عمل يؤدي إلى ثقب جلد المريض سواء عن طريق الإبر أو المشارط أو خلافه و يمكن لهم العمل فيما سواه.
ليتناسى المجتمع أسباب الإصابة
ويضيف الدكتور الدوسري، أنه لا بد من التنويه على أنه ينبغي للمجتمع أن يستوعب مرضى الإيدز، ويخفف من آلامهم النفسية مهما تكن أسباب الإصابة حتى يبقوا أعضاء منتجين في مجتمعهم إلا من كان عدوانيا يسعى لإصابة الآخرين بنفس المرض. كما أن التوعية بالمرض وطرق الإصابة به مسؤوليات المصاب تجاه مجتمعه ومسؤولية المجتمع تجاهه، ولا بد أن تهتم بها الأجهزة الإعلامية المختلفة والجمعيات والهيئات الرسمية والأهلية ذات الاختصاص.
موقف عدائي من المجتمع
وذكر رئيس قسم الخدمة الاجتماعية بمستشفى الأمل الأخصائي الاجتماعي عبد اللطيف أحمد أن هناك وسائل وجهات صحية نفسية من المفروض أن تتدخل في إرشاد وتوعية المحيطين بالمرضى وإعطاء المرضى الأمل في الحياة ليستمر في حياته بشكل طبيعي فبتطورات العلم ربما يكشف عن علاج في أي وقت وزيادة التفصيل في الإرشاد عن طرق العدوى حتى لا يتسببوا في نقل العدوى لأهلهم وأبنائهم وزوجاتهم.
وأضاف قائلا: إنه نتيجة لبعض المضاعفات النفسية ولأن المريض يعيش في عزلة ويفتقد إلى الإرشاد اللازم ينتج عن ذلك موقف عدائي للمجتمع لأنه معزول عنه، فهو يكرهه، ويبدأ يحمل المجتمع مسئولية انتقال العدوى إليه لأنه أصيب من أحد أفراد المجتمع، ويقول في نفسه: " لماذا لا أنقله لغيري؟. ولم أنا بالذات أصاب بالمرض؟. ويتعمد نقل العدوى ليعاني الآخرون مثل معاناته. وفي هذه الحالة، تتم معاملة الحالة المرضية بشكل سليم من أجل التخفيف من الأعراض النفسية، وعدم الوصول إلى المرحلة العدوانية للمجتمع.
أسر المرضى
وأغلب الأسر التي يوجد بين أفرادها من هو مصاب بالمرض تصاب بفزع لدرجة المبالغة في تصوير المرض نتيجة لعدم معرفتهم بوسائل العدوى ويعتقدون أنه بمجرد وجود إنسان داخل دائرتهم فسيكون سببا للعدوى. وهؤلاء بحاجة لإرشاد ومعرفة بوسائل العدوى الحقيقية، وكيفية وقاية أنفسهم من هذه العدوى، وكيفية التعايش مع ابنهم المصاب بشكل طبيعي، لأنه لن يعزل عنهم فهم بحاجة إلى إرشاد وتثقيف عن كيفية مخالطة مرضى الإيدز.
ويواصل حديثه بقوله: " توجد عائلات سعودية ترفض أبناءها، وترفض الاختلاط بهم بل وحتى وجودهم حيث ينصب خوفهم على أبنائهم الصغار مما يؤدي إلى إحساس المريض بأنه داخل بيته ومعزول عن أسرته، فيبتعد عن الأسرة، وتزيد لديه مشاعر العدوانية والغضب تجاه الأسرة والمجتمع".
بين الخوف عليه والفزع منه
وتحدثت لـ(الوطن) أخت أحد المصابين بالمرض في المنطقة الشرقية قائلة: " أصيب أخي بالمرض، ولم يخبر أحدا لمدة عام، وبعد ذلك طلب منه الأطباء أن يخبر الوالد ففعل.. وفي البداية، كانت الصدمة قوية وانصب تفكيرنا عليه وكيف تكون صحته ومتى سيموت، ولكن بعد تقبلنا الوضع انصرف تفكيرنا إلى الخوف من المرض أو من العدوى.. ففصلناه في مأكله ونومه. وعندما شعر بذلك ساءت نفسيته، واجتهد بإحضار كتب توعية عن طريقة انتقال المرض وطرق العدوى، ولكن لم يتغير شعورنا بالخوف، فمكث أخي فترة يكابد إلى أن قرر أن يعتزل عنا، وأجر سكنا، ولم يأت لزيارتنا منذ سنة ونصف إلا أننا علمنا مؤخرا أنه انتقل إلى إحدى المصحات، ولكنه لم يذكر لنا اسمها".
كيف تعيش الأسر مادياً
وعن الوضع الاجتماعي والمادي لأسر ضحايا الإيدز، قال الأمين العام لجمعية البر بالمنطقة الشرقية الدكتور عبد الله بن حسين القاضي: " إن لدينا إعانات شهرية مخصصة للمرضى المقعدين عن العمل ذكورا كانوا أم إناثا حيث يرصد للمريض راتب شهري إلى أن يموت أو يكتفي بمعنى لا يحتاج للإعانة، وذلك لاسترداد صحته، وهناك المرضى بمرض مؤقت وتصرف لهم إعانات شهرية لمدة سنة أو سنتين، وتستمر الرواتب لأسرهم بعد موتهم.
أما بعد موت المستحق للإعانة، فتحول المساعدة من ملف المستحقين المرضى إلى الملف المخصص لبرنامج الأيتام أو ملف الأرامل، حيث تتم مساعدة تلك الأسر إلى أن تسقط أحقيتها بتوفر الوظائف للأيتام حين يكبرون. أما الأرامل فتستمر الإعانة لهم طوال حياتهم".
التردد على المصحات يرفع المعنويات
وعند التدقيق في حالة المريض بالإيدز النفسية و الاجتماعية، وبإجماع الأطباء النفسيين والأخصائيين الاجتماعيين، الذين قابلتهم (الوطن) اتضح أن تردد المريض بالإيدز على المصحات النفسية يساعده على رفع معنوياته، والاستمرار في حياته بشكل طبيعي.
وقد توصل الأطباء إلى أن التوتر النفسي لدى المصاب أو أي مريض بمرض آخر يتسبب في تفاعل سريع في حالة المريض، فتأثير الجهاز العصبي على الأجهزة الأخرى مباشر وفي غاية الوضوح.
الإيدز بين النساء
وتكاد نسبة الإصابة لدى النساء في المملكة لا تذكر إلا أن سببها في أغلب الحالات هو انتقال الفيروس من الزوج. وقد التقت (الوطن) بمدير مستشفى الأمل للصحة النفسية بالدمام الأخصائي النفسي محمد الزهراني (ماجستير في الخصائص النفسية للمناخ الأسري وعلاقتها بإدمان الأبناء للمخدرات) فأكد أن هناك علاقة وثيقة بين الإدمان ومرض الإيدز، حيث تنتقل العدوى من الحقنة التي يتعاطى المدمن من خلالها الهيروين إلى مدمن آخر.
وعن حالة المريض النفسية فور معرفته بالخبر، قال: " يختلف رد الفعل حسب المرحلة التي يكون فيها المريض، فإن كانت مرحلة مرضه متأخرة فقد تتدهور حالته تدهورا شديدا مما يؤدي إلى الوفاة، لأنه يصاب باضطرابات نفسية شديدة تؤدي في بعض الحالات إلى الاكتئاب، ومن ثم الانتحار".
وعن عدد الحالات التي وصلت إلى مستشفى الأمل منذ اكتشاف المرض وحتى الآن، قال: " لا يوجد أي عدد محدد للحالات التي استقبلتها المستشفى، فلا توجد إحصائية دقيقة، كما أنه لا توجد حالات نسائية مصابة بالمرض لدى المستشفى لعدم وجود قسم نسائي إلا من فترة قريبة.. وغالبا ما تأتينا حالات الإدمان مصابة بالمرض، وتكون بسبب انتقال العدوى بواسطة حقنة هيروين يستخدمها أكثر من شخص أحدهم يكون لديه المرض فينقله للآخرين. أما الحالات الأخرى فلا نجد الحرج في إيضاح الأسباب".
أحوال المريض الاجتماعية
وعن الناحية الاجتماعية للمريض، وعلاقته بأسرته، سألت (الوطن) رئيس قسم الخدمة الاجتماعية في مستشفى الأمل للصحة النفسية بالدمام الأخصائي الاجتماعي عبد اللطيف أحمد حيث أفاد أن الجوانب الاجتماعية تنقسم على مراحل السرية في مراحله الأولى و يتفاقم الأمر، و ينتشر في محيط المريض. وأوضح أن هذا المرض لا علاقة له بالفئة الاجتماعية أو فئة العمر أو النوع، وهو مرض ينتشر في الدول المتقدمة والدول الفقيرة على حد سواء.
وأضاف قائلا: " تبدو الجوانب النفسية لدى المريض في نوازع عدوانية تتضح في الرغبة في إيقاع الآخرين للإصابة بنفس المرض كأن يقيم علاقات جنسية، وهو يعلم أنه ينقل المرض للآخرين، أو يتبرع بدم أو قد يحاول إيذاء من حوله بدنيا لنقل الفيروس أو يستعمل حقنة، ويعطيها لغيره، وهو يعلم أن مرضه معد، وغالبا ما تخالجه مشاعر الاكتئاب والميول الانتحارية.
منظمة الصحة لا تسمح بعزل المريض
وبسؤال محمد الجارحي أخصائي طب نفسي ورئيس قسم الإدمان بمستشفى الأمل بالدمام، أفاد قائلا:" من النواحي الصحية الأولية نأمر بعزل المريض وأخذ الاحتياطات اللازمة ونحن بدورنا نخبر المريض عن حالته ونعرفه بطبيعة المرض و أسبابه ومدى تطور الحالة والمضاعفات التي تظهر عليه .. في البداية تظهر لديه بعض أعراض الاكتئاب و عدم الرغبة في الاختلاط بالآخرين و الانعزال و فقدان الشهية للطعام واضطراب النوم".
وأفاد أن منظمة الصحة العالمية و جهات الصحة المسؤولة عالميا لا توصي بعزل مرضى الإيدز إلا في المراحل النهائية فيمكن أن يعيش حياته بشكل شبه طبيعي لأن طرق العدوى محدودة و العدوى ليست سهلة الانتقال فهي تتلخص في نقل الدم أو الاشتراك في استخدام الحقن أو الاختلاط الجنسي المتكرر فالتعامل مع الناس في العمل و في الأسواق أو الاختلاط بالشوارع لا يؤدي إلى انتقال المرض .
المرضى السعوديون بالإيدز
تتم معالجة مرضى الإيدز مع المرضى الآخرين فيما تختص بالمرض نفسه مصحات حكومية خاصة و تابعة لوزارة الصحة السعودية. وتشكل نسبة السعوديين المصابين غالبية مرتادي تلك المصحات بسبب ترحيل الحكومة السعودية للأجانب، الذين تكتشف إصابتهم بالمرض ماعدا هؤلاء الذين تستدعي حالتهم العلاج قبل ترحيلهم.
وقد حصلت (الوطن) على بعض المعلومات من منظمة الصحة العالمية وبعض المواقع على شبكة (الإنترنت) التي تحدد إحصائيات المصابين بمرض الإيدز.
وأوضحت إحصائية منظمة الصحة العالمية أن عدد مرضى الإيدز السعوديين لا يتجاوز 1100 حالة حتى عام 1999م.. منها 414 حالة تم اكتشافها والإبلاغ عنها فعليا، تمثل ما نسبته 37,6 % من العدد الإجمالي. وذكرت الإحصائية أن أول حالة اكتشفت في المملكة كانت في عام 1986 م. وبلغت أعداد المبلغ عنهم 13 حالة، وارتفعت أعداد المبلغ عن إصابتهم بالمرض في التسعينات إلى 38 حالة في 94 19م و37 حالة عام 1995. وارتفع العدد عام 1996 إلى مائة حالة، و112 حالة في عام 1997.. وبعدها، بدأ العدد يقل فبلغ 26 حالة في العام المنصرم.
وبحسب الإحصائيات، تعتبر المملكة أقل الدول التي ينتشر فيه هذا المرض، فلا تتجاوز نسبة المرضى الحاملين للفيروس المسبب للمرض 5'0 % من إجمالي العدد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ولا تحسب نسبتها للعالم لتضاؤل النسبة لدرجة لا يمكن حسابها. كما تقوم الحكومة السعودية ممثلة في وزارة الصحة بتوفير احتياجات المرضى وعلاجهم على نفقتها، إضافة إلى جميع احتياجات أسرهم.
أرقام عالمية
مع نهاية عام 1999 قدر عدد المعايشين للإيدز في العالم و العدوى بالفيروس وصل إلى 34.3 مليون شخص.
خلال عام 1999 فقط قدر أن 5,4 ملايين حالة حديثة للإصابة بفيروس العوز المناعي البشري قد وقعت أي بمعدل إصابة جديدة في أقل من 6 ثوان.
ومع نهاية عام 1999 بلغ عدد الوفيات الناجمة عن الإيدز منذ ظهور الوباء 18,8 مليون وفاة.
وخلال عام 1999 فقط قدر أن 208 مليون وفاة قد حدثت بسبب الإيدز أي بمعدل وفاة كل 11 ثانية.
وبلغ عدد اليتامى بسبب الإيدز منذ بدء الوباء حتى نهاية العام الماضي 13,2 مليون
المتخوفون من طريقة انتقال الفيروس
يخشى البعض من نقل العدوى عبر المصافحة و السعال و استعمال الحمامات العامة أو أحواض السباحة أو حتى عبر قبلة الخد ويأتي الجواب أن فيروس الإيدز لا ينتقل من خلال العلاقات اليومية العادية مع أشخاص حاملين للفيروس أو مصابين بالمرض أما بالنسبة إلى لدغة الحشرة فتقول الدراسات إن الحشرة تمتص الدم من الإنسان و تهضمه و لا تضخه في جلد إنسان آخر عندما تلدغه، كما أن الفيروس لا يعيش في خلال الحشرة (بعكس الطفيلية المسببة للمرض الملاريا مثلا ولكن فقط في خلايا الجسم البشري
مرض الإيدز : ( HIV/AIDS )نقص المناعة المكتسب
Human Immunodeficiency Virus and Acquired Immune Deficiency Syndrome
هو اعتلال خطير ينتج عن عجز أجهزة المناعة في الجسم عن محاربة الأمراض،ويتسبب في موت الإنسان. ويعتقد أن أول ظهور له كان في أمريكا عام 1981م، ثم تتابع ظهوره في جميع أنحاء العالم.
الأسباب: هناك فيروسان يتسببان في ظهور هذا المرض هما من مجموعة فيروسات تدعى ( retroviruses ). وقد تمكن الباحثون الفرنسيون من اكتشاف هذا الفيروس عام 1983م.
ويهاجم فيروس (HIV) كريات دم بيضاء محددة تؤدي دورا مهما في وظيفة جهاز المناعة. ويتكاثر هذا الفيروس داخل الخلايا مما يؤدي إلى تحطيم الوظيفة الطبيعية لجهاز المناعة. وبذلك يصبح الشخص المصاب بفيروس " هيف " عرضة للإصابة بالأمراض الجرثومية.
الأعراض :
قد يكمن فيروس الإيدز في جسم الإنسان لعشر سنوات أو أكثر دون أن يحدث أي مرض، وتشمل الأعراض: تضخم في الغدد اللمفاوية، وتعب شديد، وحمى، وفقدان الشهية، ونقص حاد في الوزن، والإسهال، والعرق الليلي، ويصاب الدماغ بخلل في التفكير والإحساس والذاكرة.