العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الــــحــــــــــــوار مع الاثني عشرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-02-04, 03:15 AM   رقم المشاركة : 1
الوسمي
مشترك جديد





الوسمي غير متصل

الوسمي


حـــزب الله البناء بالحرب!! ( 3 )

حـــزب الله .. رؤية مغايرة!!

البناء بالحرب!!
عبد المنعم شفيق
فـي 18 فـبـرايــر من عام 1974م، وقبل بداية الحرب الأهلية اللبنانية بعام تقريباً، وقبل اندلاع الثورة الإيـرانــيـــــة بسنوات قليلة، وقف موسى الصدر أمام حشد كبير من شيعته ليقول: "إن اسمنا ليس الـمَـتَاوِلة، إننا جماعة الانتقام، أي هؤلاء الذين يتمردون على كل استبداد، حتى إذا كان ذلك سـيـكـلـفـنـا دمَنا وحياتنا، إننا لم نعد نريد العواطف، ولكن نريد الأفعال، نحن تعبون من الكلمات والخـطابات، لقد خطبت أكثر من أي إنسان آخر، وأنا الذي دعا أكثر من الجميع إلى الهدوء، ولـقــد دعوت إلى الهدوء بالمقدار الذي يكفي، ومنذ اليوم لن أسكت أبداً، وإذا بقيتم خاملين، فأنا لست كذلك"(1).
"لقد اخترنا اليوم فاطمة بنت النبي، يا أيها النبي، يا رب، لقد اجتزنا مرحلة المراهقة، وبلغنا عمر الرشد، لم نعد نريد أوصياء، ولم نعد نخاف، ولقد تحررنا، على الرغم من كل الوسائل التي استخدموها لمنع الناس من التعلم، ولقــد اجتمعنا لكي نؤكد نهاية الوصاية، ذلك أننا نحذو حذو فاطمة، وسننتهي كشهداء"(2).
وبهـذا الإعلان "الثوري" كانت بداية جديدة للحركة السياسية الشيعية في لبنان، وكانت نقطة الانطلاق التي اتفق فيها الصدر مع فضل الله.
"أمل" تبعث الأمل:
قـصــــة البداية: بعد حرب العام 1948م لجأ إلى لبنان أكثر من 150 ألف فلسطيني، وفي منتصــف السبعينات الميلادية وصل هذا العدد إلى أكثر من 400 ألف، وفي أعقاب الصدام العنيف في "أيلول الأسود" من عامي 1970، 1971م بين المنظمات الفلسطينية، والسلطات الأردنيـــة، لجأ كثير من هذه المنظمات إلى لبنان، وبطبيعة الحال فإن هذه المنظمات كانت أفضل تسليحاً وتنظيماً من أي قوة أخرى في الجنوب، في ذلك الوقت كان المجتمع الشيعي في حالة صحـوة كما مر، واجتمع للشيعة عدة عوامل تزيد من عدم رغبتهم في هذا الوجود الفلسطيني، ومنها:
1 ـ عامل التاريـخ: وهـــو ذلك العداء القديم لأهل السنة؛ فهاهم الآن في معقل من معاقلهم "جبل عامل" وبقوة مسلـحــــــة تستطيع تهديدهم بشكل مباشر ولهذا كان الشيعة أول من سارع لمساندة الجيش اللبناني "الـمــوارنـــة" فـي الاشـتـبـاكـات التي جرت مع المنظمات الفلسطينية، بل ومساعدة اليهود في ذلك أيضاً؛ فالموارنة لا يريـــدون تكثير "السنة" لأجل إنشاء دولتهم النصرانية، واليهود لا يريدون الفلسطينيين في لبنان لئلا يتهـــدد أمنهم مــن الشمال، والشيعة لا يريدونهم كذلك؛ لأنهم يمثلون عائقاً أمام تحـقـيـق وجـودهم وكيانهم الذي يسعون من أجله.
2 ـ عامل الجغرافيا: وهو الرغبة في عدم إثارة الدولة اليهودية "الجارة" وهذه الإثارة تنتج عـــن مـهـاجـمـــة الـمـنظـمات الفلسطينية لأي أهداف إسرائيلية سواء من داخل لبنان أو خارجها، وذلك أن دولة اليهـود دأبت على تأديب سكان الجنوب كلما حدث ذلك لتزيد من النقمة الشيعية على الفلسطينيين.
3 ـ عامل الأيديولوجيا الثوريـــة: حيث إن الشيعة في حال جديدة رغبة في التطلع لوضع سياسي واجتماعي يدفعهم نـحـــو الـدولــــــة الحلم في لبنان، والتمكين للطائفة في الواقع اللبناني، وحيث إن الجنوب هو معقلهم التاريخـــي، فلا مناص إذاً من التخلص من هذا العائق الكبير الذي يقف أمام هذا الحلم.
ولهذا فقد كان من الضروري التعامل مع هذه القضية الشائكة بحذر وجدية في الوقت ذاته.
فـالـحــــذر: كــان لاعتبار تلك النداءات التي أطلقها الصدر من أنهم يحملون هَمَّ القضية الفلسطينية وأنها قلب دعوتهم كما جاء في ميثاق حركته:
"فلسطين، الأرض الـمـقــدســـة التي تعرضت - ولما تزل - لكل أنواع الظلم، هي في قلب حركتنا وعقلها، وإن السعي إلـى تحـريــرها أول واجباتنا، وإن الوقوف إلى جانب شعبها وصون مقاومته والتلاحم معها شرف الحركة وإيمانها"(3).
كما كان من دواعي الحذر أن الصدام السـريــع مـــع الـمـنـظـمات الفلسطينية سوف يكون لصالحها لا محالة.
وأما الجدية: فكانت في إيجاد حركة مسلحة تستطيع تحقيق الأمن الذي تحتاجه الطائفة الشيعية، والتخلص من هذا الهمِّ الجاثم على صدورهم، وكــان أن أُعلن عن إنشاء "اتحاد محرومي لبنان"(4) أو "أفواج المقاومة اللبنانية" والتي عرفــت فيما بعد باسم "أمل". ومن العجيب أن هذا الاسم الأخير "أمل" كان من اقتراح ياسر عرفـات على موسى الصدر(5)، وكانت هذه الحركة هي "الجناح المسلح" لحركة المحرومين التي تم التدثر بها ابتداءاً.
"ومضى الصدر إلى أبعد من مجرَّد الدفاع الداخلي عن حقوق طائفـتـه، فنراه يقيم علاقات وثيقة مع المقاومة الفلسطينية، وهكذا نجده يخرج عن تحفظه في موضـوع الـعـلاقـات بين الدولة اللبنانية والمنظمات المسلحة التي كانت تعمل ضدّ (إسرائيل) بدءاً من جنوب لبنان، وكان تحـالفه معها يتيح لرجل الدين الإيراني أن يستفيد من دعم عسكري لكي يقف بقوة أمـــــام الرؤساء التقليديين لجبل عامل، وأن يجد بعد عام 1975م دعماً شخصياً (كتقديم أسلحة، وتدريب) عندما أسست الميليشيا العسكرية لحركة أمل"(6).
وكما تدربت ميليشيا أمل على يد "فتح" فقد كانت المنظمة تقدم خدماتها بهذه الصورة إلى ما هو أكـبـر وأوســـع من دائرة أمل، فقد وسعت هذه الخدمة لتشمل النشاط الشيعي على مختلف الأصعدة، وكأنهم يقولون لهم: هكذا تذبحوننا!!(7).
وعندما وجد الصدر مـن جماعته القوة التي تستطيع أن تواجه المنظمة ـ التي دربته ـ قلب لها ظهر المجن، فبـعـد أن اشتعلت الحرب المدنية اللبنانية، بدأ الصدر يغير موقفه بشكل واضح من المنظمات الفـلـسطينية، وقد نقل عنه كلمات قاسية جداً ضدها، قالها - قبل أن يختفي - لأحد رجال السياسة الموارنة القريب من الطلائع المارونية:
"إن المقاومة الفلسطينية ليست بثورة، إنها لا تقبل البرهان على قضيتها بالشهادة. إن هذه مكنة عسكرية ترهب العالم العربي؛ فمع السلاح يحصل عرفات على المال، وبواسطة المال يمكنه أن يغذي الصحافــة، وبفـضـل الصـحـافـــة يستطيع أن يجد آذاناً صاغية في الرأي العالمي، إن المنظمة (فتح) عامل اضطراب في الجـنــوب، وقد نجح الشيعيون بالتغلب على عقدة نقصهم تجاه المنظمة الفلسطينية(8).
فـي الـوقـت ذاتــه كــان الـصدر لا يريد أن يفقد علاقته مع حلفائه من الموارنة في السلطة الحاكمة فأعلن أن "أمل" عـــــون ومدد للجيش اللبناني في الجنوب في التصدي للهجمات الإسرائيلية!! وبهذا الفعل حصل الصدر على عدة مكاسب:
1 ـ اكتساب شرعية لميليشياته من الدولة اللبنانية، وعدم خسارة العلاقة معها.
2 ـ إضعاف سلطة الفلسطينيين فـي الجـنــوب بوجود قوة أخرى "لبنانية" مشتركة، وكان التعاون بينهم في هذا الجانب واضحاً(9).
3 ـ كان هناك كذلك مكسب هام ـ وإن كـــان إعلامياً ـ وهو الادعاء بأنه ما زال يدافع عن القضية الفلسطينية، وها هي قواته تقاتل في الجنوب ضد العدو الصهيوني، وهو ما اعتبره الصدر انتزاعاً لانفراد المنظمات الفلسطينية بالمواجهة، وعليه؛ فقد تم التفريق بين القضية الفلسطينية وبين مواجهة الفلسطينيين.
الخروج إلى بيروت:
بـعـد هـــذا الاستقواء الذي تـم للحركة طالب الصدر أتباعه في خطاب جماهيري باحتلال القصور في بـيـروت، واعـتـبـر الشيعة ذلك نداءاً مقدساً، واحتلوا من بيروت مناطق وقصور "أهل السنة".
يـقـول عـبـد الله الغريب: ويـغـلــب على ظني أن استيطان الشيعة في بيروت في الستينات وقبلها كان عفوياً، أما بعد الستينات فكانت أهدافهم واضحة، وكان موسى الصدر مهندس هذه الخطة ومن ورائه النهج الـنـصـرانـي، ومـــــــن الأدلة على ذلك أن العمال والموظفين القادمين من الجنوب والبقاع والشمال كانوا يبنون مـنـــازلهم في جنوب بيروت على أملاك الغير، وكان ذلك يحدث تحت سمع السلطة وبصرها، بل وكان أصحاب الأراضي من أهل السنة يطالبون الأجهزة المسؤولة بوضع حدٍ لهذا العـبـث، ورغم ذلك فالسلطة تترك قُطَّاع الطرق يفعلون ما يشاؤون. ولو كان هذا الذي يحدث في بيروت الشرقية أو في أي منطقة من مناطق النصارى لما صمت قادة الموارنة لحظة واحدة.
وعـنـدمــــا سأل الصحفيون نبيه بري عن الأسباب التي دفعته إلى احتلال بيروت الغربية أجاب: بـيـروت الـغـربـيـــة عاصمة لبنان وملك لجميع المواطنين وليست حكراً على أهل السنة(10).
وشـــاع في وسط المهجرين الخروج عن القوانين العامة وعـــن الأعـراف، مثـــال ذلك: أن 88% مـــــن الـ 4400 مبنى التي أحصاها المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بالرمل العالي والأوزاعي وشــاتـيلا والجناح، وهي من نواحي الحركة الإسلامية "الخمينية"، شيّدت في الأملاك العامّة أو في أملاك الغير (اغتصبت عنوة)، وهذه الحال استمرت على الوجه نفسه إلى العام 1996م، وسوف يستمر هذا الاغتصاب حتى يتم إنجاز ما يسمّى مشروع "اليسار" وبناء هذا الجزء مـــن ضـــواحي بيروت بناءاً جديداً في نصف العقد الآتي، ومع استهلال الألف الثالثة، فإن ما يقـرب من 20% من المقيمين ببيروت الغربية كانوا منذ العام 1986م واستمر معظهم على حـالــــه إلى 1995 ـ 1996م يقيمون في منازل تسلّطوا عليها واحتلّوها احتلالاً "14%"، أو ينزلون مؤقتاً ببيوت يملكها أقارب أو أصحاب "5.8%" (11).
غياب الصدر:
وصل الصدر إلى لـيـبـيا مع اثنين من رفاقه هما الشيخ محمد شهادة يعقوب، وشفيع عباس بدر الدين في 25 أغسـطـس عام 1978م في زيارة غير محددة المدة والغرض. وقد صرح أحد رفاق الصدر القريبين منه بأن الزيارة كانت استجابة لدعوة من الزعيم الليبي معمر القذافي، وقَبِل الصدر هذه الدعوة على أساس أنها سعي نحو تحقيق السلام في لبنان.
وكثرت الروايات حول أســباب اختفاء الصدر، ولعل من أبرز الأسباب هو ما تمحور حول مسألتين:
الأولـى: طموح الصدر؛ فقد سُئل علي الجمال، وهو أحد المقربين لموسى الصدر، ومن كبار ممولـي حـركته بالمال والسلاح، سُئل عن طموح الصدر فقال: أما طموحه فكان الوصول إلى الأمانة العامة للطائفة الشيعية في العالم(12).
الثانية: وهـي نـتـيـجة للأولى وسبب مباشر لها؛ حيث إن هذا الطموح لم يكن خافياً على الخميني مما اعتبره مـنـافـساً قوياً وخطيراً له كما أشار بذلك الخبراء والقريبون من مصادر المعلومات الجيدة(13).
عـلـى الـرغــم من أن الغموض الذي يحيط باختفاء الصدر لا يزال قائماً، فإن هذا الاختفاء شكل أهمية رمزية لحركة أمل؛ فقد ارتفع الصدر إلى مرتبة الشهيد القومي عند العديد من الشيعة اللبنانـيـيـن، وتـصـــدرت صــــوره افتتاحيات صحف أمل، كما أعيد طبع خطبه وتعليقاته مصاحبة بصوره، وأطلق أعـضــــــاء الحــركــــة على أنفسهم ـ من حين لآخر ـ "الصدريين".
لـقــــد حقق اختفاء الصدر فوائد عدة لحركة أمل؛ فقد وجد العديد من الشيعة في "الإمام المختفي" رمزاً ملزماً للتعبير عن عدم الرضا الذي يشعرون به، وقد أكمل اختفاء الصدر هذا المزاج السياسي للشيعة وغذاه، وكان وسيلة ملائمة للتعبير عبر الحركة التي خلفها وراءه.
كما أن هــنـاك بـعـضـــاً من قادتهم من يسلم بأن اختفاءه كانت له قيمة كبيرة في التعبئة السياسية لجماهير الـشــيـعــة، لم يكن يحققها وجوده ذاته، كما أدى أيضاً إلى قلة حدة الانتقادات التي توجه للحركة بسبب تبجيلها لذكراه واعتباره رمزاً لها(14).
وهكذا فقد حقق اختفاء الصدر هدفين في وقت واحد: التخلص من طموحه، وإعطاء دفعة معنوية لحركة أمل إلى حين.
كمون "حزب الله":
كان حسين فضل الله في ذلك الوقت يمارس دوره بهدوء بعيداً عن ضوضاء الصدر وحركته، وكانت عناية فضل الله ـ كما ذُكر قبل ـ متوجهة إلى التربية المنهجية لإعادة العِلم الإمامي الديـنـي وتوطينه وتطويره، ولم تكن تلك المهمة لتمتد أكثر من ذلك، فقد بدأ الزرع يُخرج بعض الثمار، فبدأ "أبناء فضل الله" بالانتشار في نسيج المجتمع اللبناني، ومد أذرعهم في جنباتــه، وبـالـرغم من هذه الخطوة إلا أنهم لم يستطيعوا الإعلان عن هويتهم؛ إذ ما زال فيهم من الضعف ما يمنعهم من ذلك، فكان لا بد من الاحتماء بـ "أمل".
"فكانت الحركة الـصــدريــة واقي أنصار الدعوة والإسلاميين الخمينيين في حال ضعفهم، وحتى إعلانهم الاستقلال السياسي والعسكري، إلا أنهم في هذه الأثناء كانوا يعملون عملاً حثيثاً على بناء النواة التي في مستطاعهم إنشاء معقلهم حولها"(15).
وبالرغم من هذا الاحتماء بـ "أمــل" إلا أنه لم يكن في حسبان الحركة الشيعية في لبنان أن تكون "أمل" هي صورتها الدائـمــة والمستقبلية ولا قائدة مسيرتها؛ إذ الصورة المطلوبة هي ذلك المثال "الإيراني" لا المثال "العـلـمـاني" الذي تدين به أمل، ولسوف يأتي اليوم الذي يخرج فيه الطائر ويكسر "قشرة البيضة" التي احتضنته لا محالة.
وفي ذلك الوقت لم تكن ـ كذلك ـ قد تـبـلــــورت الأفكار والمناهج والتصورات السياسية لـ "حزب الله" بل لم تكن تسمت هذه المجموعـــــــة بهذا الاسم، إلا أنها كانت تعيش أهم مستلزمات العمل الثوري، وهو ما أسمته الحركة بــ "الحـالــــة الجـهـــادية" أو "الحالة الـثـورية" أو "الذهنية الثورية" وكان الوصول إلى هذه الحال أساس التعليم الإمــامــي فـي الحــوزات والحسينيات، فكان "لا بد للعلم من جهاد يكمله ويتكامل معه" وكان من لوازم التـخـرج من الحوازات العلمية أن تنتقل به إلى "ساحات الجهاد" وأصبحت هذه "الحالة الجهادية" هي الحال التي يتمنى كل فرد منهم الوصول إليها؛ إذ هي تصــل بصاحبهــا لـ "الشخصية المتكاملة" ولقد كان السعي لها لتتحقق أمنية الأماني: التمـتع برؤية "الإمام الحسين"!!
فهذا "أبو هادي" كان على هذه الحال، وهو فتى في الثالثة عشرة، سمع أحد العلماء يتكلم عـن استقبال الحور العين للشهيد حين يسقط على الأرض مضرجاً بدمه، فصرخ في العالم، وقـال:"دع الحـــور الـعـيـن لـك أنـت وحـــــدك، أما أنا فحدثني كيف وأين أرى الإمام الحسين"!! ويعلق وضاح شرارة على ذلك فيقــول: وهذه ـ أي رؤيا الحسين ـ هو ما يردد الرغبة فيه كل شهداء المقاومة الإسلامية بلبنـان، وما يعربون عن الأمل في الحصول عليه، ويقاتلون في سبيله، ويرون فيه ثمناً لبذلهم دمهم وحياتهم(16).
الخروج من الشرنقة:
أولت الحركة الإسلامية الخمـينية في لبنان أمر المساجد والمدارس الدينية الاهتمام الكبير؛ إذ هي في تلك المرحلة محاضنـهــــا وبـيـوتـهـا التي تحميها من حمأة الانصهار في جحيم المجتمع بحربه المستعرة والحركة ما زالت في مـهــدهــا "الثوري"، وإذ هي مدارس العلم وحوزاته كذلك.
ولهذا فقد اتخذت الحركة طريقها الأول عند الخروج مـــن الـشــرنـقـــــة لعمل حزام من الحسينيات والمصليات تتحصن بها، ولتؤدي من خلالها دورها المنوط بـهــــــا من تحويل المجتمع إلى وجهة أخرى، وكان لهذا الحزام دور هام في انتشار الحركة وتوسعها على ما نرى.
كـمــا أن هذا الحزام ساعد أبناء الحركة على مد أيديهم لإخوانهم من الشيعة بإحلالهم محال غيرهم ومنازلهم.
أما المصليّات فكانت أربعة:
الـمـصـلى الأول: (الإمام الباقر) ناحية الروشة، غير بعيد من الصخرة، أقيم مكان مقصف وعلبة لـيـــل رخـيـصـة كانت تحفهما فنادق ومطاعم ومقاهٍ، بعد أن اتخذها الفلسطينيون المسلحون موئلاً ومعقلاً وملجأ، ولم يكد الفلسطينيون يخلونها حتى حل في أبنيتها التي لم تكتمل بعض أهالي الجـنــوب، وتبـعـهـم أهــالي كيفون، والقماطية، والبلدتان سكانهما من الشيعة وتقعان بدائرة "عاليه" الانتخابية التي يقـتـسـمـهــا الدورز والموارنة والأرثوذكس، ووقعت عشرات الأبنية ومنها ثلاثة فنادق سابقة في قبضة الـمـسـلـحـين، فأسكن المسلحون الشيعة المهاجرين والمهجّرين من الضاحية، وأنشؤوا مصلى الإمام الباقــر في وسط المهجرين الـشـيـعـة، ونصبوا مذياعاً للصلوات والأدعية، وأقاموا من أنفسهم مطوعــــة أو "شــرطــة أخلاق"، فـمـــدوا طــرفهـم إلى المطعم القريب، وحرّموا تناول المشروبات الكحولية في شهر رمضان، وفي الأيام الـعـشــــرة الأولى من محرم، وزينوا المصلى بالأعلام والصور، واتخذوه قاعدة للدعوة بالصورة والصوت.
أما المصلى الثاني (الإمام الـصـــادق) فـكــــان فـي بناء من أبنية الحمراء يقع خلف سينما ستراند، في شارع احتُل بعضُ أبنيته الجديدة التـي لــم يتم إنشاؤها، وبعضُ أبنية المنطقة القديمة التي كانت شققها مكاتب تجارية أو مكاتب مـهـن حرة، وأُنزل فيها الأهالي الذين نزحوا من حي فرحان ومن حي "ماضي"، وأُخليت إحــــــدى الشقق في بناء يقع بالطرف الغربي من بناء صالة ستراند، وأُخرج مكبر صوت إلى الـشــــــــوارع التجارية الكبيرة وإلى الأبنية التي يقيم في معظم شققها من بقي من مسيحيي رأس بيروت، ومن الأرمن والسنَّة.
وأقيم المصلى الثالث (الإمام الحسين) في ناحية القنطاري غير بعيد من برج المر.
وأقيم المصلى الرابع (المصطفى) بعين المريسة، في وسط ناحية يـتـنازعها السنة الذين سبقوا إليها، والدورز، والشيعة الذين وجدوا بها ملاذاً شعبياً رخيصاً في العقد الخامس، ثم طرأ على الناحية تغير عميق من جراء انتشار الفنادق الفخمة والشقق الـمـفـــروشـــــة والمقاهي والمقاصف وعلب الليل. وهذه الفنادق والشقق أخلتها الأعمال الحربية ودمرتها وأسكنت في بقاياها وبين أنقاضها الذين قسروا على النزوح من برج حمود والنبعة... إلخ.
ولا تـقـتـصــر شــبــكــة الحركة "الخمينية" على المساجد والنوادي الحسينية والمصليات البيروتية هذه، فانضـمــت إليها حسينيات وادي أبو جميل ومدينة الكرامة (حي السلم)، وبرج البراجنة، ومسجــد الطيونة؛ إلا أن هذه الأماكن لا يرد ذكرها ولا يشار إلى استعمال الحركة "الخمينية" لها إلا في معرض خطبة أو تأبين، وقلما يتجاوز الخبر هذا المعرض إلى غيره.
أمــا خارج بيروت، فيدور نشاط الخمينيين على عدد من المساجد والحسينيات التي يتولى الصـــلاة فيها أو يرعى شؤونها دعاة الحركة من علماء الدين، وغالباً ما يتفق الاحتفال في البلدة مــــع سقوط أحد أفراد الحركة من أهل البلدة فتكون إحياء ذكراه جسراً إلى أقربائه وإلى أهالي بلدته.
وتتصدر بلـدات الـجـنــوب اللبناني بمساجدها وحسينياتها نشاط الدعاة الخمينيين؛ ففي صور؛ حيث مدرسة مــن المدارس الدينية الإيرانية حسينية تستقبل على الدوام تظاهرات "الخمينيين"، ونادي الإمام الصادق الذي يقوم مقام حسينية ثانية.
وتعد صور من بين الأريـــــاف اللبنانية الفقيرة التي تأخرت هجرة أهلها إلى بيروت، لكن هجرة أهل الساحل هذا كـانــت مبكرة جداً إلى فلسطين وإلى المهاجر الإفريقية والأمريكية، وإلى ذلك؛ فقد أدت هجرة الريـف الصوري إلى صور إلى طبع المدينة البحرية بطابع سكاني وطائفي جديد؛ فبعد أن غلب الـسـنــة والمسيحيون على المدينة، انتقلت الغلبة إلى الشيعة المهاجرين من الأرياف العاملية القريـبتـة على نحو حاد، من غير أن تملي المدينة الصغيرة على المهاجرين إليها التطبع بطباع مدنيـة أو التأدب بآداب جديدة. ولم يبق من أهل صور الأولين إلا ضعفاؤهم وفقراؤهم وغير القادرين منهم على "الاختلاط بالأشغال مع المسيحيين في بيروت وصيدا وجبل لبنان".
أما في البقاع فتتصدر بعلبك نشاط الإسلاميين قبل مقدم الحرس الثوري في صيف 1982م وبعده.
هذه الخريطة لأبرز المساجد والحسينيـات والمـصليات التي يتخذ منها الخمينيون "خلايا" دعوة وتعبئة"(17).
الانقلاب على "أمل"!!
يـقـول ميثاق حركة أمل: "إن حركة أمل ليست حركة دينية، وميثاق الحركة الذي تمت صيـاغـتــه في عام 1975م، من قِبَل 180 مثقف لبناني معظمهم من المسيحيين!! يدعو إلى إلغاء النظام الطائفي في البلاد وإلى المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمييز"(18).
وعـنـدمـا نجحت الثورة الإيرانية، كانت نقطة تحول كبيرة في الحركة الشيعية في لبنان؛ فقد تحقـق جــــزء كبير من حلم الدولة الثلاثية، وأصبحت هناك دولة دينية شيعية آلت على نفسها منذ اليوم الأول لها تصدير ثورتها لنصرة المستضعفين في كل مكان.
وكان على هذه الدولـــــة الجديدة أن ترد الجميل لأهلها في لبنان، فقد احتضنوهم بالمأوى والتدريب، وكان رد الجميل سريعاً، فأمدوهم ـ بعد الدفعة المعنوية الكبيرة بنجاح الثورة ـ بالمال والسلاح والرجال والتخطيط.
وهكذا - وبسرعة أيضاً - تم الإسفار عن الوجه المطلوب إظهاره في لبنان، وهو ذلك الوجه الكامن المختبئ إلى حـيـن، وجـــــــاء موعد خروجه من كمونه، ولكن ما زالت "أمل" هي الصورة الواضحة في لبنان كممثل رسـمــــي لشيعته، ولكن "أمل" بهذه الوجهة "العلمانية" أصبحت مرحلة مضت يجب تجاوزها؛ لأنها ستمثل عائقاً في طريق إكمال السعي للأهداف الجديدة، وبما أن الهدف من إيجاد "أمل" كان إخراج الفلسطينيين وحماية الشيعة منهم؛ فها هو الاحتلال الإسرائيلي لبيروت قد أخــــرج الفصائل المسلحة منها، كما أنه قد تمت تصفية عدد كبير منهم في مذابح مروعة قام بها اليهود والموارنة والشيعة.
وهكذا لم يعد لأمل دور تستطيع الدفاع عنه أو تـنــــــازع حوله، وعلى هذا فقد تم اتخاذ فرامانات عدة لزحزحة أمل من قلب الصورة إلى هامشها، وكان من ذلك:
1 ـ الضلـوع في إخفاء الصـدر أو قتله ـ كما مــر ـ لإضــعاف الحركة في أحد مراحلها.
2 ـ بروز خلافات "علنية" بين نبيه بري، ومحمد مهدي شـمـــس الـديـن الذي كان نائباً لرئاسة المجلس الشيعي الأعلى؛ حيث كان الصدر ـ الغائب ـ لا يزال الرئـيـــس، وسبب ذلك: عدم القبول بتصرفات بري ومنهجه "العلماني" !!
وقـــد نقل راديو "صوت لبنان الكتائبي" أن المكتب الخاص لنائب رئيس المجلس الشيعي الأعـلــــى أعلن أنه لم تعد للقيادة الحالية لحركة أمل أي علاقة مع سماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين، وقد أُبلغت القيادة الحالية لحركة أمل بهذا القرار في حينه(19).
3 ـ تـصـفــية بعض الرموز المهمة في حركة أمل، أمثال: مصطفى شمران الذي كان له دور بارز في الحـركـــة، وكان المسؤول التنظيمي فيها، كما تسلم إدارة المدرسة المهنية في جبل عامل التي أشرفــت على تخريج كوادر أمل العسكرية بعدما حضر إلى لبنان يحمل خطاب تزكية من الخميني(20).
وبعد أن قامت الـثـورة اســتـدعي لشغل منصب وزير الدفاع في إيران، وتم قتله أثناء زيارة للجبهة في الحرب مع العراق في ظروف غامضة(21).
4 ـ كان الخط الذي اتبعته "أمل" منذ بداياتها مع الصدر هو مد حبال الصلة مع الحكومة اللبنانية، وتمسكها "الظاهري" بـشــرعـية الدولة، والسعي من خلال هذا الطريق لاستنقاذ حقوق الشيعة وكان الاستمرار على هذه الـطـريقة هو مما يتعارض والهدف الجديد للحركة الشيعية في لبنان.
وجــــاء الاجتياح الإسرائيلي لبيروت، ودعا الرئيس اللبناني ـ وقتها ـ إلياس سركيس إلى اجتـمـاع "هيئة الإنقاذ الوطني" وكان نبيه بري عضواً فيها، وقبلت القيادة الدينية حضور بري(22) بـاعـتـبـار أن هـــــذه الهيئة ستتحول إلى حكومة وطنية، وهو أحد أهداف بري وحركته في أن يكون لهم تواجـــــــد حكومي قوي. وهنا أعلن أحد أبناء الحركة الخمينية الكامنة والمتدثرة بـ "أمل" انشقاقه عن "أمل" ورفضه لهذه المشاركة وأعلن "أمل الإسلامية" وكان هذا الرجل هو: حسين الموسوي، نائب رئيس حركة "أمل" وبهذا الانشقاق تم تفريغ "أمل" من كوادرها الخمينيين الذين انـضـمـــوا إلـى "أمــل الإسلامية" وكان ذلك الإعلان الرسمي الذي تحول فيما بعد إلى "حزب الله".
لماذا استمر بري(23) بـ "أمل "!؟
الـســؤال الذي يطرح نفسه: إن كان تم الانقلاب على "أمل" بهذه الطريقة، فلماذا استمر بري فـي صـدارة الصورة "السياسية" الشيعية، بل لا زالت "أمل" لها من الوجود نصيب؟
هناك قاعدة هـامـة يجب الالتفات إليها أولاً، وهي: أن معيار الظهور السياسي الشيعي في لبنان مرتبط ارتبـاطــــاً وثيقاً بإيران ومطالبها في لبنان، وذلك حسب الخيارات والأهداف المرحلية التي تنتهجها(24).
ثانياً: استخدام إيران لبري بعد الصدر(25) كان لعدة اعتبارات:
1 ـ كان هناك إقرار وموافقة من قِبَلَ "الفقهاء" أصحاب السلطة الحقيقية - عـلـــى بــري ومنهجه والدور الذي سيؤديه، وإلا لما كان له وجود ابتداءاً باعتبار اليد الطولى للملالي.
2 ـ أن الــواقع الطائفي اللبناني أفرز عدداً من الشخصيات الشديدة التعصب لمذهبها، وإن لم تكن "مـتـديـنــة" في سلوكها، وكان بري من تلك النماذج، وهو ما تقتضيه المرحلة.
3 ـ هذه المرحلة تحول فيها الشيعة إلى العمل المسلح الظاهر، وأضحى هدفهم بالتخلص من الفلسطينيين "الســنـة" معلناً، وكان من الصعب أن تلصق المذابح التي أعدوا لها وقاموا بها بأحد الآيات أو الحـجــج، كــيـف ذلـك وهـم يـنـــــادون بالتقارب مع أهل السنة وإزالة الحواجر، وعندما وقعت ألصقت بـ "علمانيي" المنهج.
وعـلـــى ما سبق فالود باق مع بري، ولا نُغفل هنا عقيدة "التقية" التي هي من أصول دين الإمامية، وعلى هذا فيبقى في الأخير أن الأدوار توزع حسب الحالة، وليس أدل على ذلك من البـيـان الذي صدر في 8-10-1983م؛ حيث أعلن عبد الأمير قبلان ـ المفتي الجعفري الممتاز ـ باســم المجلس الشيعي الأعلى ما يلي: "إن حركة أمل هي العمود الفقري للطائفة الشيعية، وإن مــــــا تعلنه (أمل) نتمسك به كمجلس إسلامي شيعي أعلى، وبالتالي فإن ما يعلنه المجلس الشيعي تتمسك به الحركة"(26).
وجاء هذا الإعلان بـعـد البيان الذي أذيع في 27-2-1983م من أن حركة أمل لم يعد لها علاقة بالمجلس الشيعي الأعلى!!
4 ـ جاء هذا التأييد ـ الـســـابق ـ للحركة بعد الانشقاق الذي خرجت به "أمل الإسلامية" وبعد "الحضور الفعلي" لحزب الله على أرض الصراع.
5 ـ كان للسياسة الإيرانية في لبنان خطان تستعملهما في تحقيق أهدافها:
خط أول: يتلمس سبل طي الـحـــــــرب المستمرة والمقيمة ولو من خلال التفاوض مع ممثل "القوات اللبنانية"، وفي رعاية وسيط أمـكـنـــه من القيام بالوساطة احتلالٌ إسرائيلي يطوق بيروت والقصر الجمهوري ويرزح بثقله على الجنوب وعلى الجبل.
وخط آخر: رأى في الاحتلال وفي ما حفَّه مـن أدوار سياسية ودبلوماسية أمريكية وأوروبية وعربية ذريعة إلى تجديد الحرب، وإلى اخـتــبـــــار الاستراتيجية الإيرانية في ميدان غير إيران.
وبـيـنـما أملت الخط الأول عصبية شيعية لبنانية حفظت من الروابط المحلية والعالمية ومن اعــتـدال النخبة الصدرية الأولى قسطاً كان لم يزل فاعلاً، فقد أملت الخط الثاني نزعة إلى توسـيـع الـنـزاع، وإلـى تأجـيـجـــــه وتوجيهه وجهة ضم جبهة لبنان إلى جبهة الخليج والجبهات الإقليمية المشرقية، وإلى اســــتـدراج القوى الغربية التي تلعب دوراً راجحاً في النزاع الإقليمي، ولو من غير الاشتراك في الاشتباك مع المجابهة المباشرة(27).
ونختم هنا بكلام لحسن نصر الله، الأمين الـعـــــام لحزب الله، يقول: إننا حريصون على علاقة طيبة مع "أمل" ونحن نعمل على تطوير هــذه العلاقة، وهناك لجنة ثنائية من أحد قادة "أمل" مع أخيه في حزب الله ينظرون في كل الأمــــــور المـشتركة سياسية وعسكرية، وسياستنا تقول: إن الموضوعات التي نتفق عليها نتعاون معاً، ومــــا نختلف عليه لا يؤدي الخلاف في وجهة النظر إلى نزاع، حتى الخلافات تم تنظيمها، الطـابــــع الـعـام لعلاقتنا الإيجابية والتنسيق والتعاون، وقبل أسابيع حضرت لقاء مع الرئيس "بري" لتـثـبـيت هذه الصيغة وتفعيلها(28).
وبـهـذا يـتـضــــح أنـــه لم يكن هناك إبعاد كبير للحركة بقدر ما هو زحزحة من الصورة "العسكرية" والمواجهة إلى الساحة "السياسية" واستبقاؤها لأدوار أخرى تتوافق والمتغيرات السياسية لإيران وملفاتها في لبنان.
ثورة تحمي .. الثورة:
إذا أراد شخص ما أن يحقـق لـعـمـلــــه الهدوء والاستقرار، والأشخاص المحيطيون به لا يوفرون له ذلك، بل لا يريدون له ذلـك، فــلا بد من التفكير والسعي لأن يصنع لهم شيئاً يشغلهم عنه ويلتهون به، وهذا ما فعلته إيران بعد ثورتها.
"فمنذ بداية انتصار الثورة الإيرانية عام 1979م، طـالـب الـتـيـــار الداعي لتصدير الثورة باعتبار تصدير الثورة إحدى سبل حمايتها في الداخل، وبعدم الاكتفاء بالدعاية الخارجية للنموذج الإيراني بل بتقديم مساعدات ودعم لقوى سياسية خارج إيـــران، وخاصة القوى الراديكالية المعادية للنظم القائمة في العالم الإسلامي لإنشاء حكومات على النمط الإيراني.
وقــد طـالـــب الخميني منذ البداية بتكرار ثورة إيران في البلدان الإسلامــيــة الأخـــرى، باعتبارها خطوة أولى نحو التوحد مع إيران في دولة واحدة يكون مركزها إيران في المواجهة مع من أسـمـاهـم بأعــــــداء الإسلام في الشرق والغرب. والتزم بتدمير من أسماهم بالأنظمة الفاسدة التي تقمع المسلمين واستبدالها بما اعتبره حكومات إسلامية، كما ربط بين تصدير الثورة وبين مواجهة الإمبريالية وتحرير فلسطين.
وأضفى الخميني على رؤيـتــــه قدراً من الواقعية عندما ذكر أن عدم تصدير إيران لثورتها سيضعفها أمام أعدائها.
وقــد ســوَّغ الـدكـتور حسن آيات ـ أحد منظري الحزب ـ تدخل الثورة الإيرانية في شؤون الدول الإسلامية الأخــــرى بأن على إيران نصرة المستضعفين في كل مكان حتى يتم ضمان استمرارية الثورة واتساع دائرة إشعاعها.
وقد جاءت تصريحات لعـدة مسؤولين إيرانيين لتؤكد أن إيران لن تأمن من مؤامرات الدول الكبرى إلا إذا حدثت ثـورات ممـاثـلـة في العالم الإسلامي، ووعدت بمساعدة كل حركات التحرير والحركات الإسلامية الراديكالية في أي مكان في العالم"(29).
كما بذلت إيران ما في وسعها منذ قــيــام الثورة لإدماج الأقليات الشيعية الأجنبية سياسياً تحت قيادة الإمام، وهكذا دعمت في فــــتـرة أولى تمتد حتى عام 1982م، كافة الحركات الشيعية الصرفة مثل حركة أمل في لبنان.
بـعــــد ذلــــك راحت تطلب المزيد من الراديكالية والمزيد من التخلّي - في آن معاً - عن المرجعية الوطنية والاندماج في بنى إيرانية محضة، وهذه الفترة الثانية هي الفترة التي بدأ فيها ظهور الأحزاب التي دُعيت بأنها أحزاب الله، سواء في لبنان أو أفغانستان، وإلى قيام تنظيمات باسداران لدى الشيعة.
وهكذا، فإن السفارة الإيرانية في بيروت أصبحت بمثابة قيادة الأركان الشيعية الحقيقية في لبنان؛ حيث شــــرع حزب الله وأمل الإسلامية التي نشأت عام 1982م في معارضة حركة أمل، مع الابتعاد عن رجال الدين الأكثر تقليدية (مثل الشيخ محمد مهدي شمس الدين).
أما المرحلة التالية فكان قوامها توجيه المجموعات الشيعية لشنّ هجمات ضد خصوم إيران وهي المرحلة التي حولت لبنان بخاصة إلى ساحة حرب ضد الرعايا الغربيين (تدمير مركز قيادة الأركان الفرنسية والأمريكية عام 1983م)(30).
وتفلسف أحد قادة الحركة في لبنـان وهو إبراهيم الأمين ـ وقال: إن تصدير الثورة لا يعني تسلط النظام الإيراني عـلــى شــعـوب منطقة الشرق الأوسط، وإنما المفروض أن تعيش هذه المنطقة الإسلام من جديد!! ـ أي إسلام؟ ـ فيكون المتسلط على هذه الشعوب الإسلام وليس الإنسان، على هذا الأساس نحن نـعـمـل في لبنان من خلال المسؤولية الشرعية ومن خلال القناعة السياسية أيضاً، حتى يصبح لبنان جزءاً من مشروع الأمة في منطقة الشرق الأوسط، ولا نعتقد أنه من الطبيعي أن يكون لبنان دولة إسلامية خارج مشروع الأمة(31).
وكان الحرس الثوري الإيراني هو المؤسسة الرسمية الرئيسة التي تحمي وترفع راية مبادئ الثورة الإسلامية ومُثُلها التي حددهــــــا الخميني، وقد لعب الحرس دوراً هاماً في ترسيخ أفكار الثورة وزعيمها(32).
وانطــلاقاً من هذه السياسة الإيرانية بعد نجاح الثورة وبلوازم الدور الذي يقوم به الحرس الثوري لـتـصـديـــــر هـذه الثورة، ولتحقيق الأمل الآخر بقيام الدولة الأخرى في لبنان فقد ساعدت مفرزة الحرس في لبنان على تأسيس "حزب الله"، وعلى تدريبه ودعمه فيما بعد، بهدف إقامة جمهورية إســلامية في ذلك البلد، وعموماً كانت قيادة مفرزة الحرس وأفراده في لبنان ـ وقوامها 2000 مقاتل ـ تضم أكثر رجال الحرس راديكالية من الناحية العقائدية وإلى جانب المساندة والتدريــب العسكريين المباشرين لحزب الله لعب الحرس دوراً عقائدياً وسياسياً كبيراً في وادي الـبـقـــاع اللـبـنـانـي؛ حيث بثوا معتقداتهم بين السكان المحليين وأسسوا المدارس والمستشفيات والمساجد والجـمـعـيــــات الخيرية، واكتسبوا التأييد للثورة الإسلامية وأمدوا حزب الله بالمجندين.
كما لعب السفير الإيراني السابق في سوريا ووزير الداخـلـية علي أكبر محتشمي، وهو أحد المتشددين البارزين، دوراً فاعلاً بالتعاون مع الحرس في تشـكـيـل حزب الله، ويبدو أنه لا يزال يتمتع بنفوذ قوي في لبنان. كما تسعى السفارتان الإيرانيتان في سوريا ولبنان مع وزارة الخارجية الإيرانية وبعض الزعماء الإيرانيين، إلى السيطرة على أنشطة الحرس والسياسة الإيرانية في لبنان(33).
البناء بالحرب!!
حين وصلت الحركة الجديدة إلى "الحالة الثورية" كان لا بد من الاستجابة للنداء المقدس من ضرورة تحويل لـبـنــــــان إلى دولة أخرى، وحيث الروح المعنوية عالية، والمدد المادي والعسكري والتنظيمي متوفر بكثافة وبكرم يفوق الخلق العربي فكان لا بد من الخروج الكلي والإعلان الواضح عن الحركــــــة، وكان من الطبيعي أن يتوجه الجهد العسكري لمحاربة الاحتلال وتطهير الأرض اللبنانــيـة من "رجس اليهود" والسعي إلى إخراجهم من "الأرض المقدسة" إلا أن ذلك لم يكن هدف الحركة!!
يقول وضاح شرارة: لم يصرف الإســــلاميون اللبنانيون - والقيادة الإيرانية من ورائهم - جهدهم إلى عمليات ضد الإسرائيليين وقــــــوات احتلالهم، في الأشهر الأولى التي أعقبت صيف 1982؛ فمصدر الخطر الأول على "مجـتـمــع الـحـــــرب" أو "الحالة الجهادية"، يومذاك ليس الاحتلال الإسرائيلي!! فكان المصدر الذي يتهددهــــا هــــو استقرار الدولة اللبنانية وحملها اللبنانيين على تسليم أمورهم وشؤونهم إليها وإقرارهم بشرعيتها، وهذا ـ أي التسليم والإقرار بالشرعية ـ ما كان يبعد أن يحظى به الاحتلال الإسرائيلي.
ويبرز الفرق جلياً بين الإسلاميين وبين الأحـــزاب والقوى السياسية التي أمـــدت المقاومة الوطنية اللبنانية بالمقاتلين والسلاح والخطط، في هذه المسألة، وما احتجاج الـشـيـوعـيـيـن اللبنانـيـين على سبقهم في هـــذا الميدان إلا إمعاناً فـــي الغلط، وفي التعامي عن الاختلاف في تقدير الأوضـــــاع؛ فـذهــب الـحــــزب الشـيـوعـي اللبناني، والحزب السوري القومي الاجتماعي، وبعض فصائل حركة "أمل"، والمرجح أن قـسـمـاً من الفلسطينيين تابعهم على رأيهم، إلى أن الأمــــر الملحّ والداهم هو عرقلة الاحتلال الإسرائـيـلـي، والـحـــــؤول دون استـتـبـابــه، والمضي على المقاومة التي جابهت العملية الإسرائيلية، ولو اختلف في تقويم هـــذه المقاومة؛ وعقـدت الأحــــزاب والمنظمات آمالها علــــى قيامها بـ "حرب التحرير" هذه، ورجت أن تـقـطــــف ثمار عملها قوة جديدة تمكنها من أخذ موقع سياسي راجح في الميزان اللبناني.
اطَّـــرح "الإســــــلاميون" هذا الرسم من غير مواربة ولا تأخر، فقدَّموا على سائر المهمات والأعمال مهمة الحـــــؤول بين الأبنية السياسية والإدارية اللبنانية وبين انتزاع الاعتراف بشرعيتها من جديد؛ والـسـبـب فـي ذلـك أن مـثـل هذا الاعتراف يحكم على الإسلاميين وفيهم، وعلى غيرهم، بالخروج على الشرعية، وعلى ما هو مُجمَع عليه، ويدينهم بعرقلة مسيرة السلم والعودة إلى الحياة السياسية الآمنة. ودفــــع الإسلاميين لهذا الإطراح عواملُ كثيرة، منها: أنفتهم من تناول الأمور تناولاً وطنياً ومـحـلـيـاً، ومنها بروز الوجه الإقليمي والدولي للحرب الإيرانية والعراقية، واختبار قادة طهران جـــــــدوى التعبئة الجماهيرية عسكرياً وسياسياً وانتقالهم بعــــد ربيع وصيف 1982م إلى مرحلـــة الهجوم، وسعيهم إلى انتزاع مكاسب إقليمية ثابتة في نهاية هجــومهم المأمـولة.
ولم يكن خافياً أن استقرار أبنية الدولة اللبنانية تبع لمساعدة أمريكية وأوروبية تحوط هذه الأبنية، وترعى ذراعها المسلحة، وتحول بين القوى الإقليمية والمحلية وبين بعثها المعاقل التي تقطع جسم الدول. ولما كانت الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، من وجه آخـــر، تقف عائقاً دون إحراز القوات الإيرانية انتصارات عسكرية تقوض النظام الإقليمي في الخـلـيج، تحالفت السياسة الإيرانية والسياسة السورية، والمصالح المحلية على ضرب القوة الأوروبـيـة والأمريكية التي تملك حوط الدولة اللبنانية وإحباط الانتصارات الإيرانية معاً.
وضــــــربُ مثل هذا الغرض ـ القوات المتعددة الجنسية(34) ـ قمين إذا ما أفلح - بحرمان الدولة اللبنانية الرعاية التي لا قيامة لها من دونها، وبإباحة لبنان أرضاً ومجتمعاً للمعاقل المختلفة، وهو قمين أيضاً بإطلاق اليد السورية في غير ناحية من لبنان، وبتعويض التراجع الذي منـيـت بـه القوات السورية في صيف 1982م، وبمد جسر إيراني إلى قلب المشكلات العربية يحول دون تـألـيــب الإسلام العربي "السني" عليها، وتحويل إيران إلى قوة عربية عن طريق محاربة القوات الإســــرائـيـلـيـة والعلاقة بالمنظمات الفلسطينية على أرض دولة عربية(35).
ويعـنـي هذا الأمر، بعبارة أخرى، وفي ضوء الثورة الإسلامية الإيرانية وتجربتها يومذاك، أن الحرب وحدها في مستطاعها أن تظلل إنشاء المعقل الإسلامي، وأن ترد عنه غائلة حياة اجتماعـيــــــة وسياسية وثقافية مستقرة، لذا كان الإسلاميون الشيعة ذوو الهوى الإيراني والخميني في الصفوف الأولى من كل أعمال الكر والهجوم على "العدو العام": على القوات الإسرائيلية، وعـلـى الـوحـــــدات الأمريكية والفرنسية، وعلى "القوات اللبنانية"، وعلى الجيش اللبناني، وعلى المواطنين اللبنانيين المسيحيين والمواطنين الأجانب، وعلى "جيش لبنان الجنوبي"، وعلى السفارات الأجنبية والعربية، وعلى القوات الدولية، وعلى بعض المواطنين اللبنانيين المسلمين الذين يخالفون الإسلاميين في الهوى والمشارب، وعلى المراقبين السوريين الذين سبق قدومـهـــم الانـتـشــار السوري في بيروت أواخر شباط 1987م، وعلى مسلحي "أمل" بالضاحية الجنوبية في صـيـف 1988م، وعلى الـمـسـلـحـيـن الفلسطينيين المتحالفين مع "أمل" في حروب المخيمات الطويلة (1985 ـ 1990م) فهؤلاء كـلـهم، الذين كانــوا أو مـــــــا زالوا هدفاً لأعمال الخمينيين الحربية، تسهم حربهم في إنشاء الجـيـب الإسلامي الإيرانـي وفي إطالة الأمد الذي يحتاج إليه أصحابه من أجل إرسائه على أسس يظنونها ثابتة.
فـإلـى الــدور الـــــذي تضطلع به هذه الحرب الكثيرة الوجوه في الوصول بمآرب السياسة الإيرانية إلى غاياتـهــا الإقليميـة والدوليـة، تضطلــع بــدور آخـر لا يقـوم الدور الأول إلا به، وهو تشييد أبنية المجـتـمـع الإســــلامـي الــــــذي تتعهـده ولايــة الفقيـه ويتعهـده وكلاؤه"(36).
بـهــــذه الـبـدايـــات "المتفجرة" بدأ "حزب الله" إثبات وجوده في الساحة اللبنانية طبقاً للأهداف الإيرانية، وعلى الجهـة الأخـــرى كانت ســوريا على الخط اللبناني الساخن، واستخدمت سوريا "حزب الله" كـمــــا استخدمت أمل من قبل، فهل ينجح حزب الله في خدمة سيدين!؟
وعـلـى الصعيد الداخلي اللبناني كان على "حزب الله" وسادته أن يقوموا بتأمين المجتمع وإغراقـه "بالإحسان" والخدمات الاجتماعية ليكسبوا التأييد الشعبي للحزب، فما هي هذه الخدمـــات؟ وهل حققت أهدافها؟ وما هي النجاحات التي حققها "حزب الله" في الصراع المتبادل مــــع الـيـهــود؟ كما يطرح سؤال مهم نفسه: مع تغير اللهجة الإيرانية واتباعها للمنهج البراجماتي في سـيـاســتـهـا الجديدة، ومع خوض سوريا في مفاوضات تسوية، هل يستمر حزب الله في الدور نفسه الذي بدأ به؟
كل هذه الأسئلة وغيرها نجيب عليها - بإذن الله - في الحلقة الرابعة والأخيرة.
الهوامش:
(1)الإمام المستتر، فؤاد عجمي، ص155.
(2)الإسلام الشيعي، عقائد وأيديولوجيات، يان ريشار ترجمة: حافظ الجمال، دار عطية للنشر والترجمة ـ بيروت، ط/1/1966م،ص199،200.
(3)عبد الله الغريب، أمل والمخيمات الفلسطينية،ص157.
(4)انظر هذه التسمية عند باتريك سيل في كتابه: الأسد، الصراع على الشرق الأوسط، دار الساقي، ط2/1989م.
(5)انظر حوار نبيه بري مع مجلة الوسط، العدد :274/28/4/1997م.
(6)يان رينشار، الإسلام الشيعي، 200.
(7)انظر:الحرس الثوري الإيراني، نشأته وتكوينه، ودوره، كينيث كاتزمان، ص46،52،53، وانظر: وضاح شرارة، دولة حزب الله، ص109.
(8)فؤاد عجمي ، الإمام المستتر، ص178
(9)راجع في ذلك أمل والمخيمات الفلسطينية لعبد الله الغريب، وراجع حرب الألف عام في لبنان ، جوناثان راندال، ترجمة فندي الشعار دار المروج1984،ص33
(10)عبد الله الغريب ، أمل والمخيمات الفلسطينية، ص155وانظر فصلي دول الجماعات، وبناء المعقل الإسلامي في كتاب دولة حزب الله لشرارة.
(11) دولة حزب الله 211.
(12)حوار مع مجلة الشراع اللبنانية العدد:898،6/9/1999م بمناسبة الذكرى الحادية والعشرين لاختفاء الصدر.
(13)انظر الصدر ودوره في حركة أمل، ضمن حلقات الإسلام والكونجرس الأمريكي، مجلة المجتمع، العدد957،ص47.
(14) المصدر السابق،47
(15)انظر دولة حزب الله ، 197ـ199
(16)المصدر السابق، 282.
(17)دولة حزب الله،235،239 بتصرف.
(18)أمل والمخيمات الفلسطينية، ص155.
(19)انظر: حركة أمل، مرحلة ما بعد المصدر، مجلة المجتمع،العدد: 958، ص51، وانظر: أمل والمخيمات، ص177.
()انظر:الإسلام الشيعي، ص211، وانظر حوار نبيه بري مع مجلة الوسط، العدد: 278/26/5/1997م.
(21)انظر: حركة أمل، مرحلة ما بعد الصدر، مجلة المجتمع، العدد/958،ص50.
(22)انظر ذلك في حوار بري مع الوسط، العدد:274،ص18،والعدد،277،ص33.
(23)انظر ترجمة له في أمل والمخيمات، لعبد الله الغريب، ص167ـ 171، انظر: حكام لبنان، مجلة، العدد: 795،13/4/1995م، ص44.
(24)راجع:آ.ر. نورتون، لبنان : الصراع الداخلي والارتباط بإيران،ص116ـ137 عن الإسلام الشيعي، ص211.
(25)شغل حسين الحسيني منصب الأمانة العامة لحركة أمل بعد غياب الصدر إلى أن تولى بري عام 1980.
(26)أمل والمخيمات،184.
(27)دولة حزب الله،ص118ـ119.
(28)حوار أجرته مجلة المصور المصرية في شهر مارس 1999،ونشرته مجلة المقاومة في العدد:40/إبريل/1999م،ص26.
(29)انظر:د.وليد عبد الناصر، إيران: دراسة عن الثورة والدولة، دار الشرق، ط1/1418هـ،ص70ـ75.
(30)انظر: أولفيه ورا، تجربة الإسلام السياسي،ص182ـ183.
(31)دولة حزب الله/210.
(32)انظر: الحرس الثوري الإيراني،نشأته وتكوينه ودوره، ص26ـ27.
(33)المصدر السابق، 139ت140،178،180،وانظر: دولة حزب الله، ص277. وانظر: مجلة المقاومة العدد:31،ص4.
(34)راجع تفاصيل العمليات التي قام بها حزب الله ضد الآهداف الأمريكية والفرنسية بمساندة الحرس الثوري، د.سعد أبو دية، دراسة تحليلية في العمليات الاستشهادية في جنوب لبنان،1407هـ.
(35)دولة حزب الله، 231ـ232،269، 217بتصرف.
(36)المصدر السابق /121ـ122.







التوقيع :
لاخير فى دين تسعة اعشاره التقية

[FLASH=http://www.geocities.com/almrsal2003/15.swf]WIDTH=400 HEIGHT=141[/FLASH]
من مواضيعي في المنتدى
»» سعدنا كثيراً بعودتك
»» حـــزب الله رؤية مغايرة ( 1 )
»» حـــزب الله فدائيون أم .. عملاء؟ ( 4 )
»» من يعرف عن هذا الفايروس الجديد ؟
»» من متى كان للمرأة الشيعية حقوق فى مذهبهم
 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:51 AM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "