[ALIGN=CENTER]بسم الله الرحمن الرحيم[/ALIGN]
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مفضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لاإله إلا الله، وحده لاشريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد
فقد علَّق (1) الإمام البخاري في "صحيحه" (1/19) عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قوله: " ثلاث من جمعن فقد جمع إيمان: انصاف من نفسك، وبذل السلام للعالم، والإنفاق من الإقتار" (2).
فأول هذه الصفات - حقيقة هي صفة الإنصاف؛ " لأن العبد إذا اتصف بالإنصاف لم يترك لمولاه حقاً واجباً عليه إلا أداه، ولم يترك شيئاً ممّا نهاه عنه إلا اجتنبه، وهذا يجمع أركان الإيمان " (3).
فبالإنصاف يعرف العبد حق نفسه أولاً، ومن خلاله يسمو إلى معرفة حق مولاه، وإلهه سبحانه وتعالى، ثم ينتجُ عن ذلك حفظ حقوق المؤمنين، وعباد الله الصالحين.
فيكف لسانه عنهم، ويحفظهم في حضورهم، ويدرأ عنهم في غيبتهم، ويلتزم بأوامر الشرع وأحكامه، وبأصوله، وآدابه في تعامله معهم، ومعاملته إياهم.
وهذا كله حق خالص لعامة المسلمين،. فكيف الحال بالخاصة منهم؛ من أهل الدين، والعلم، والسبق في الدعوة والإيمان؟!
ليس من شك أن ذلك أولى وأولى… وهذه الرسالة التي بين يديك - أخي المسلم - أنموذج حسن يتحقق من خلاله - إنشاء الله - معنى من معاني الإنصاف، وتظهر عبرن تائجه الحقوق الشرعية المطلوبة الثلاثة:
أ- حق النفس؛ بإيقافها على صدق القول، وسداد التصور.
ب- حق الرب؛ بإقامة عبوديته الخالصة، على التوحيد الصحيح.
ج-حق المسلمين؛بالوقوف على أقدارهم، ومعرفة صواب مواقفهم وحقيقة مايقال فيهم أو يذكر عنهم.
والقارئ لعنوان الرسالة يستطيع معرفة مضمونها؛ إذ هي تبحث في عقيدة شيخ مشهور بين فئات كثيرة من الناس؛ لكن شهرته هذه يتنازعها ثلاثة أطراف؛ بثلاثة مواقف:
الأول: من يصفه بالعالم، والإمام، والمجدد.
الثاني: من يصمه بالتشدد والبعد عن العقيدة الصحيحة!
الثالث: من هو متحير لايدري كوعه من بوعه!!
فما الموقف الشرعي الصحيح الواجب سلوكه لمعرفة الحق في هذا الشيخ المشهور؛ ألا وهو الشيخ محمد بن عبدالوهاب؟!
هل نأخذ حكمنا عليه من خصومه ومخالفيه ؟!
أم نأخذه من المستشرقين والمفكرين الغربيين الكائدين للإسلام والمسلمين؟!
أم نأخذه من الطرقية والمخرفين؟!
ليس من شك عند كل عاقل أن هذه المصادر - المشار إليها - تخالف صفة الإنصاف عند كل عبد مؤمن يخشى الله سبحانه ويتقيه.
فالصواب الذي لامحيص عنه، ولا مرجع إلاّ إليه هو معرفة حال الرجل من خلال مؤلفاته وكتبه، التي تعبر بصفاء عن عقيدته، وفكره، وحقيقة منهجه.
ولق نهد لتحقيق هذه المهمة؟ بمراجعة كتب الشيخ محمد بن عبدالوهاب ومؤلفاته، واستخلاص عقيدته منه أخونا الشاب النجيب والطالب الحبيب أحمد بن عبدالكريم الأطمي، وقد بذل - حفظه الله ووفقه - جهداً كبيراً فيما قام به من حيث المادة العلمية، وتنظيمها، وترتيبتها.
وزين ذلك كله - جزاه الله خيراً بإحالة كل معلومة إلى مصدرها، وعزو كل فائدة إلى موردها.
ولأخينا أمد جهود علمية أخرى منها: " معجم المصطلحات والألفاظ الإسلامية" باللغتين العربية والإنجليزية، و "الطب النبوي" للضياء المقدسي (تحقيقاً) و "كشف النقاب عن فقه الشيخ محمد بن عبدالوهاب".
ومن توفيق الله عز وجل أن تكرم بمراجعة هذا البحث فضيلة الشيخ الدكتور صالح العبود، عميد كلية الدعوة وأصول الدين سابقاً، فابدى ملحوظات قيمة جداً، استفدنا منها كثيراً جزاه الله خيراً، وكان يرغب - حفظه الله - في أن تكون المادة العلمية لهذا الكتاب مدللةً بأدلتها من القرآن والسنة، لأن الأصل في تقرير مسائل الدين وأحكامه إقامة الدليل، ولكن رغبة في الاختصار، ولكون مؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب التي أخذت منها هذه المادة مدللة، اكتفي بهذا، وعسى أن يطبع الكتاب طبعة أخرى، بأدلة المسائل، ليعم نفعه إن شاء الله.
وقد علقت على مواضع يسيرة في هذا البحث، فيما رأيته لازماً للتوضيح والبيان، وذيلت ذلك بحرف "ع" أو صدرته بعلامة نجم * سائلاً الله التوفيق والسداد، وأن يجزي كاتب هذا البحث، ومن راجعه، ومن أنفق على طبعه وتوزيعه، وأسهم في ذلك.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
[ALIGN=CENTER]كتبــه
عاصم بن عبدالله القريوتي
أستاذ مشارك بالجامعة الإسلامية
طيبة الطيبة في 26 ذي الحجة 1414هـ[/ALIGN]