س/ من المعلوم يا شيخ لديكم أنه يوجد عندنا في المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام كثير من الرافضة ويدرسون معنا في المدارس كلها فيسأل بعض المدرسين فيقول هل يجب علي أن أعدل بينهم وبين الطلاب الذين هم من أهل السنة أما أقصر في حقهم ولا أعطيهم حقهم؟
الجواب / أولا أعجبني قولك المدينة النبوية لأن المشهور عند الناس المنورة والصواب المدينة النبوية لأن النور كان من مكة أيضا قبل أن يكون في المدنية .
ثانيا : الواجب على المدرس أن يحكم بالعدل قال الله عز وجل : [ يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا ] يعني لا يحملكم بغض قوم على ألا تعدلوا [ أعدلوا هو أقرب للتقوى ] سورة المائدة الآية 8 . حتى قال العلماء يجب على القاضي إذا تحاكم إليه خصمان أحدهما مسلم والثاني كافر أن يجلسهم من مجلسا واحدا لا يقول للمسلم تعال هنا والكافر أذهب هناك يجعلهما جميعا أمامه وأن يعدل بينهما في الكلام لا يغلظ الكلام على الكافر ويرفق الكلام للمسلم لا يقول للمسلم صبحك الله بالخير ولا يقول للكافر بل ليجعلهما سواء في باب المحاكمة لأن هذا هو العدل .
فهؤلاء التلاميذ إذا قدموا أجوبتهم فليغض النظر عن كونه من هؤلاء أو أولئك وليصحح على ما كان أمامه من قول إن كان صوابا فهو صواب وإن خطأ فهو خطأ كما أنه لا يجوز أن ينظر إذا كان يعرف صاحب الجواب إلى حال الطالب من قبل لأن بعض الناس أو بعض المدرسين يقدر درجات التلاميذ على حسب ما كان يعرفه منهم لأعلى حسب الجواب وهذا خطأ وغلط يجب أن يقدر الدرجات أو الترتيب على حسب ما رفع إليه الجواب النهائي لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إنما اقضي بنحو ما أسمع " وكثير ما يكون الطالب جيدا فيتوهم في الجواب أوفي السؤال فيفهم السؤال على أنه أراد به السائل كذا ويجيب على هذا الفهم أو يتوهم في الجواب يظن جواب هذا السؤال هو كذا وكذا وهو غلط مثل أن يجئ في السؤال كم أقسام الحديث ؟ فيظن الطالب أن المرد كم أقسام من حيث العدد فيقول متواتر وعزيز وغريب ويوهم أخر أن السؤال عن مراتب الحديث من حيث الصحة فيقول : صحيح وحسن وضعيف والحسن إما لذاته أو لغيره والصحيح إما لذاته أو لغيره .
المهم أن الواجب على المدرس إذا قدمت له أوراق إجابة أن يصحح حسب الجواب بقطع النظر عن المجيب وكذلك في أثناء التدريس يجب أن يعدل بين التلاميذ مهما كان الأمر وهو بهذه الطريقة يفتح آفاقا بعيدة قد لا يدركها لأن الخصم يفهم انه لم يظلمه فيرغب فيه ويقول : هذا منصف هذا عدل ويجره ذلك إلى أن يألفه ويقبل منه ما يقول ننصح إخواننا المدرسين في البلاد التي يختلط فيها أهل السنة وأهل البدعة أن يحاولوا بقدر المستطاع تأليف أهل البدعة وجذبهم إليه لأن الشباب لين العريكة سهل الانقياد ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم : " اقتلوا شيوخ المشركين واستبقوا شر خهم " يعني شبابهم يجتذبهم بذلك لكن لو يعاملهم بالقسوة والآخرين باللين أو يعاملهم بالتشديد والآخرين بالخفيف أو يعاملهم بإسقاطهم وهم مجيبون صوابا فلا شك أن هذا يولد في قلوبهم بغضا وكراهة حتى لو أن الحق كان مع هذا الأستاذ .
[لقاء الباب المفتوح 21/37ـ39- س 776]لابن عثيمين