العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديات العلمية > منتدى الفتــــــاوى والأحكـــام الشــرعية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-11-03, 05:17 AM   رقم المشاركة : 1
أبو اليمان
مشترك جديد






أبو اليمان غير متصل

أبو اليمان


حكم التصوير

مسألة الصور وشرع من قبلنا ففي هذه المسألة بالذات جاء شرعنا مبينا ومفصلا للموضوع فلا حاجة لنا البتة لمراجعة شرع من كان قبلنا مع العلم بأن ما كان مباحا في تلك الشرائع لا يعني أن العلل التي من أجلها حرمها علينا الشارع أنها لم تكن موجودة في تلك الماضية ولكن الله ينسخ ما يشاء ويثبت فله الأمر من قبل ومن بعد فهي قديما كانت ذريعة للشرك وهذا ما أثبته قوم نوح مع أنهم كانوا قبل سليمان ومع ذلك لم تحرم كما هي محرمة اليوم عندنا وأيضا فيها مضاهاة ولكن لم يرد الله بحكمته أن يحرمها في تلك العصور والله أعلم لماذا فلا يمكن الاستشهاد ولا حتى الترجيح في المسألة من خلال الشرائع السابقة وذلك لأن شريعتنا أحكمت الأمر وحسمت مادته فأصبح الأصل في شريعتنا هو تحريم التصوير والصور إلا ما استثني بالنص، ولو كان الأصل هو البقاء على الجواز لما اختلف العلماء في كثير من المسائل المتعلقة بهذا الموضوع، ثم إن شريعة سد الذرائع هي مما تميزت به شريعتنا عن غيرها من الشرائع السابقة ولها الدور الكبير في مسألتنا هذه وعليه يجب دراسة المسألة في ضوء الأحاديث النبوية كلها مع الزيادات الصحيحة الواردة، ثم أود أن أقول أن المسألة مختلف فيها ولكن مجرد الخلاف لا يعني جواز العمل بالأمرين من باب التيسير ففقه التيسير المتفشي هذه الأيام يتخذ منهجا خطيرا بتجويز عمل الأيسر في أي شيء فيه خلاف وهذا خطير جدا فنهايته التزندق كما قالوا فمتبع الأيسر هو متبع الرخص في كل مذهب وهو التفلت بعينه فأكثر مسائل الشرع مختلف فيها فيجب على المسلم تقوى الله تعالى في كل مسألة واتباع ما يراه حقا ولو كان هو الأصعب بعينه فالله تعالى قال ((ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب)) وأنقل هنا كلام بعض العلماء في المسألة:
1- قال النووي رحمه الله تعالى في شرحه لصحيح مسلم في كتاب الزينة واللباس تحت باب تحريم تصوير الحيوان ...... قال : (قال أصحابنا وغيرهم من العلماء : تصوير صورة الحيوان حرام شديد وهو من الكبائر لأنه متوعد عليه بالوعيد الشديد المذكور في الأحاديث وسواء صنعه بما يمتهن أو بغيره فصنعته حرام بكل حال لأن فيه مضاهاة لخلق الله تعالى وسواء ما كان في ثوب أو بساط أو درهم أو دينار أو فلس أو إناء أو حائط أو غيرها وأما تصوير الشجر ورحال الإبل وغير ذلك مما ليس فيه صورة حيوان فليس بحرام ...... ولا فرق في ذلك كله بين ما له ظل وما لا ظل له هذا تلخيص مذهبنا في المسألة وبمعناه قال جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم وهو مذهب الثوري ومالك وأبي حنيفة وغيرهم. وقال بعض السلف : إنما ينهى عما كان له ظل ولا بأس بالصور التي ليس لها ظل . وهذا مذهب باطل فإن الستر الذي أنكر النبي صلى الله عليه وسلم الصورة فيه لا يشك أحد أنه مذموم وليس لصورته ظل. مع باقي الأحاديث المطلقة في كل صورة ، وقال الزهري : النهي في الصورة على العموم وكذلك استعمال ما هي فيه ودخول البيت الذي هي فيه سواء كانت رقما في ثوب أو غير رقم وسواء كانت في حائط أو ثوب أو بساط ممتهن أو غير ممتهن عملا بظاهر الأحاديث لا سيما النمرقة الذي ذكره مسلم وهذا مذهب قوي)
2- وقال في موضع آخر: (وهذه الأحاديث صريحة في تحريم تصوير الحيوان وأنه غليظ التحريم وأما الشجر وما لا روح فيه فلا تحرم صنعته ولا التكسب به ... واحتج الجمهور بقوله صلى الله عليه وسلم : (ويقال لهم أحيوا ما خلقتم) أي اجعلوه حيوانا ذا روح كما ضاهيتم ، وعليه رواية (ومن أظلم من ذهب يخلق كخلقي) ويؤيده حديث ابن عباس رضي الله عنه المذكور في الكتاب (إن كنت لابد فاعلا فاصنع الشجر وما لا نفس له) وأما رواية أشد عذابا فقيل محمولة على من فعل الصورة لتعبد وهو صانع الأصنام ونحوها فهذا كافر وهو أشد عذابا وقيل هي فيمن قصد المعنى الذي في الحديث من مضاهاة خلق الله تعالى واعتقد ذلك فهذا كافر له من أشد العذاب ما للكفار ويزيد عذابه بزيادة قبح كفره فأما من لم يقصد بها العبادة ولا المضاهاة فهو فاسق صاحب ذنب كبير ولا يكفر كسائر المعاصي)
3- وقال القرطبي في تفسيره ( قلت: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المصورين ولم يستثن. وقوله: (إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم أحيوا ما خلقتم) ولم يستثن. وفي الترمذي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم: (يخرج عنق من النار يوم القيامة له عينان تبصران وأذنان تسمعان ولسان ينطق يقول: إني وكلت بثلاث: بكل جبار عنيد، وبكل من دعا مع الله إلها آخر وبالمصورين) قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب صحيح. وفي البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم (أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون). يدل على المنع من تصوير شيء، أي شيء كان. وقد قال جل وعز: "ما كان لكم أن تنبتوا شجرها" [النمل: 60] على ما تقدم بيانه فاعلمه، وقد استثني من هذا الباب لعب البنات، لما ثبت،
4- وقال ابن حجر الهَيْتَمي في كتابه "الزواجر عن اقتراف الكبائر": ( عَدُّ هذا أي تصوير ذي روح على أي شيء كان كبيرة هو صريح الأحاديث الصحيحة، ولا ينافيه قول الفقهاء: يجوز ما على الأرض وبساط ونحوهما من كل مُمْتَهَن، لأن المراد أنه يجوز بقاؤه ولا يجب إتلافه، وأما جعل التصوير لذي روح فهو حرام مطلقاً )
5- وقال المباركفوري في شرحه على الترمذي : (قوله: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصورة في البيت) أي عن اتخاذها وإدخالها فيه لأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا تصاوير كما في حديث أبي طلحة عند الشيخين، والمراد بالبيت المكان الذي يستقر فيه الشخص سواء كان بناء أو خيمة أم غير ذلك قلت: قال ابن العربي: إن الصورة التي لا ظل لها إذا بقيت على هيئتها حرمت سواء كانت مما يمتهن أم لا، وإن قطع رأسها أو فرقت هيئتها جاز انتهى. وهذا القول هو الأحوط عندي وهو المنقول عن الزهري وقواه النووي كما عرفت آنفاً. وقال ابن عبد البر: إنه أعدل الأقوال.فائدة: روى البخاري عن عائشة قالت: كنت ألعب بالبنات عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان لي صواحب يلعبن معي، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل ينقمعن منه فيسر بهن إلي فيلعبن معي. قال الحافظ: استدل بهذا الحديث على جواز اتخاذ صور البنات واللعب من أجل لعب البنات بهن، وخص بذلك من عموم النهي عن اتخاذ الصور. وبه جزم عياض ونقله عن الجمهور وأنهم أجازوا بيع اللعب للبنات لتدريهن من صغرهن على أمر بيوتهن وأولادهن. قال وذهب بعضهم إلى أنه منسوخ، وإليه مال ابن بطال. وحكى عن ابن أبي زيد عن مالك أنه كره أن يشتري الرجل لابنته الصور، ومن ثم رجح الداودي أنه منسوخ. وقد ترجم ابن حبان لصغار النساء اللعب باللعب. وترجم له النسائي إباحة الرجل لزوجته اللعب بالبنات فلم يقيد بالصغر وفيه نظر. قال البيهقي بعد تخريجه: ثبت النهي عن اتخاذ الصور فيحمل على أن الرخصة لعائشة في ذلك كان قبل تحريم، وبه جزم ابن الجوزي. وقال المنذري: إن كانت اللعب كالصورة فهو قبل التحريم وإلا فقد يسمى ما ليس بصورة لعبة، وبهذا جزم الحليمي فقال: إن كانت صورة كالوثن لم يجز وإلا جاز انتهى. قلت: قول الحليمي هو المختار عندي والله تعالى أعلم ....... (ولا صورة تماثيل) جمع تمثال بالكسر، وهو الصورة القاموس وغيره، والمعنى صورة من صور الإنسان أو الحيوان. قال النووي: قال العلماء سبب امتناعهم من بيت فيه صورة كونها معصية فاحشة وفيها مضاهاة بخلق الله تعالى، وبعضها في صورة ما يعبد من دون الله تعالى، وقال الخطابي : وأما الصورة فهي كل مصور من ذوات الأرواح كانت له أشخاص منتصبة، أو كانت منقوشة في سقف أو جدار أو مصنوعة في نمط أو منسوجة في ثوب أو ما كان، فإن قضية العموم تأتي عليه فليجتنب.
6- وقال الشوكاني في نيل الأوطار : (الحديثان يدلان على أن التصوير من أشد المحرمات للتوعد عليه بالتعذيب في النار وبأن كل مصور من أهل النار ولورود لعن المصورين في أحاديث أخر وذلك لا يكون إلا على محرم متبالغ في القبح وإنما كان التصوير من أشد المحرمات الموجبة لما ذكر لأن فيه مضاهاة لفعل الخالق جل جلاله ولهذا سمى الشارع فعلهم خلقاً وسماهم خالقين وظاهر قوله كل مصور.)
7- وقال المناوي في فيض القدير : ((أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله) أي يشبهون عملهم التصوير بخلق الله من ذوات الأرواح، فمن صور الحيوان ليعبد أو قصد به المضاهاة لخلق ربه واعتقد ذلك فهو أشد الناس عذاباً لكفره، ومن لم يقصد ذلك فهو فاسق، فتصوير الحيوان كبيرة ولو على ما يمتهن كثوب وبساط ونقد وإناء وحائط. ولا يحرم تصوير غير ذي روح ولا ذي روح لامثل له كفرس أو إنسان بجناحين. ويستثنى من تحريم التصوير لعب البنات لهن، فيجوز عند المالكية والشافعية لورود الترخيص فيه ) وقال في موضع آخر : ((من صور صورة) ذات روح (في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح يوم القيامة وليس بنافخ) أي ألزم ذلك وطوقه ولا يقدر عليه فهو كناية عن دوام تعذيبه واستفيد منه جواز التكليف بالمحال في الدنيا كما جاز في الآخرة لكن ليس مقصود هذا التكليف طلب الامتثال بل تعذيبه على كل حال وإظهار عجزه عما تعاطاه مبالغة في توبيخه وإظهاراً لقبح فعله ذكره القرطبي، وهذا وعيد شديد يفيد أن التصوير كبيرة )
فأقوال هؤلاء العلماء بعدم ترك التحريم لشبهة قصد العبادة أو قصد المضاهاة هي لأنهم يعلمون تماما أن الأحاديث أغلبها لم يتطرق لهذه الأشياء فضلا عن أن بعضها فيه ما يدل على عدم النظر إلى مثل هذه الأشياء للتحريم – أي نيات المصورين أو المقتنين للصور - فالرسول صلى الله عليه وسلم ما كان ليضع في بيته تمثال الرجل الذي امتنع جبريل من الدخول لبيته لأجل ذلك التمثال وهو رسول الله ما كان ليكون هذا التمثال صُنع ليعبد دون الله فيضعه الرسول صلى الله عليه وسلم الذي حارب الشرك وعبادة الأصنام بمكة كل تلك السنين ولكنه بلا ريب كان للزينة فلا يعقل أن يرضى الرسول الغيور على التوحيد أن يكون في بيته تمثال اللات أو العزى أو مناة أو غيرها من الأصنام المعروفة التي كانت تعبد من دون الله وكذلك القرام الذي كان على الحائط وأمر بنزعه وقطع الرؤوس لم يحرم لأجل أن صانعها قصد المضاهاة فمن الذي يستطيع أن يجزم بذلك وليس هناك ولا أدنى إشارة لذلك فهذه مسألة قلبية لا يعلمها إلا الله تعالى فكيف نبني حكما شرعيا بالتحريم على علة خفية لا يعلمها إلا الله العالم بالخفيات وبمكنون النفوس وخفايا النيات هذا محال شرعا فهو تكليف بالمستحيل فعلم بذلك أن التحريم لما تطرق إلى هذه الأشياء وليس فيها ما ذكر من شبه حول نية المصور أو الغرض من الصورة علم أن العلة في التحريم ليست هي بل التحريم شامل لكل صورة ذات روح أيا كانت والتحريم يطال كل مصور أي كان ومهما كانت نيته .
ثم أمر آخر أود التنبيه عليه قبل أن أسرد بعض الأحاديث الدالة على حرمة التصوير لعلتين فقط وهما علة سد ذريعة اتخاذها للشرك مهما كانت لصالحين أو لطالحين أو لأباء أو لأبناء أو لأصدقاء، وعلة المضاهاة مهما كانت الصورة سواء كانت متقنة أم لا وسواء قصد صانعها ذلك أم لم يقصد فقد أثبت الشارع وجود المضاهاة في كل صورة وتختلف درجة المضاهاة باقتراب الصورة من الأصل فكلما اقتربت من الأصل كانت المضاهاة أشد فالمجسمة أشد من المسطحة والناطقة أشد من الخرساء والمتحركة أشد من الساكنة وهكذا فكلما اقتربت من الواقع كانت أشد مضاهاة مع العلم بأنه لا يمكن لمخلوق مهما بلغ من المهارة أن يصل للمشابهة التامة ومع ذلك قال الله تعالى (يخلق كخلقي) فأثبت المضاهاة لمجرد تصويره مخلوقات الله وحرم الشرع ذوات الأرواح منها أما ما شابه الشجر وما لا روح له فلا بأس به وذلك لقول جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم عندما أمره بتغيير تمثال الرجل قال (حتى يصير كهيئة الشجرة) ولقول ابن عباس لذلك السائل وتوجيهه لرسم الشجر وما لا روح له،أما بالنسبة لجواز لعب البنات وأنه لا يحتاج إلى تبرير لأنه الأصل فهذا غير صحيح أبدا كيف هو الأصل وقد جاءت الأحاديث بالنهي العام فأصبح الأصل هو النهي والتحريم دون تفريق، لذلك احتاج المجيزون للدليل وهو إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة على اللعب ولم يقل أحد من العلماء على حسب اطلاعي أنه قال كما قلت لذلك تجدهم يبررون جواز لعب البنات وجواز ما ليس له روح بناءً على أدلة شرعية صحيحة وليس أن الأصل فيها الجواز لأن الشرع قضى على هذا الأصل بكل الأحاديث المحرمة، ثم أريد التنويه على شيء وهو أن لا يتخوف المسلم من اتباع الحق وإن كان القائلون بغير ما اقتنع به هم الجمهور بل الجمهور المتجمهرون، فإن الشارع لم يجعل أبدا الكثرة إشارة للحق، ولو أردنا أن نَزين الحق بالكثرة والقلة لكانت القلة هي دليل الحق، لكثرة الآيات والأحاديث الدالة على أن القابضين على الحق دوما هم القلة من الناس وخاصة في آخر الزمان الذي نعيشه، ثم إن مسألة الجمهور ترجع للباحث فكثيرا ما يقال الجمهور ثم يبدو أنهم جمهور علماء مذهب معين وأحيانا يكون البحث قاصرا فيقال جمهور والمسألة تكون شبه متعادلة الطرفين، وشيء آخر وهو كما قالوا الباب حتى يعرف حكمه يجب أن تجمع أحاديثه كلها فالمسألة يجب أن تجمع الأحاديث فيها مع الزيادات الصحيحة ويعمل بها ولا يترك أكثرها لشبهة طرأت على الفهم بأن المقصود من حديث ما هو كذا فترد كل الأحاديث لهذا الفهم مع أنه يمكن الجمع بين الأحاديث كلها ويكون الحكم متكاملا كما في مسألة التصوير فقد قيل في علم الأصول العمل بالحديثين أولى من العمل بأحدهما وترك الآخر فالأحاديث منها ما هو خاص بالمصور وتحريم فعل التصوير (سواء كان نحتا أو رسما أو ما شابههما) ومنها ما هو خاص بالصورة وتحريم اقتنائها (سواء كانت مجسمة أو مسطحة أو ما شابههما) ومنها ما فيه إشارة للعبادة ومنها ما فيه إشارة لقصد المضاهاة ومنها ما هو عام ومثبت لتحريم كل صورة بغض النظر عن نيات فاعليها أو نيات مقتنيها فالشارع عندما حرم ما حرمه سدا للذريعة ولعلة أخرى كذلك لم ينظر للنيات مع العلم أنه يجب أن تكون النيات مطابقة للأعمال والحكم البشري هو على الأعمال الظاهرة وليس على النيات لأن هذه من الغيبيات التي لا يعلمها إلا رب البريات ولم تكن أبدا النيات الصادقة والبريئة مصلحة للعمل الفاسد فالله ينظر إلى قلوبنا وأعمالنا كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح ونحن لمّا نحكم على عمل ما فإنما نحكم على الظاهر أما نيته فهي بينه وبين ربه فالشرع لا يعتبر العمل مقبولا إلا بتحقق شرطين فيه وهما الإخلاص والمتابعة فالإخلاص هو النية أي يجب أن يكون بعمله هذا قاصدا وجه الله لا غير أي يعمل العمل لله ويبتغي به الأجر من الله ومرضاته أما المتابعة فهي مطابقة العمل ظاهرا للسنة ولما جاء به الشرع الحنيف فيجب أن يكون العمل بظاهره عليه دليل صحيح يجوز هذا الفعل وإلا كان بدعة، فإن اختل أحد الشرطين لم يقبل العمل ورد على صاحبه فقد قال الله تعالى ((فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا)) وكما قال القاضي عياض رحمه الله : عملا صالحا أي مطابقا للسنة ولا يشرك بعبادة ربه أحدا أي خالصا لوجه الله، وكما قالت أمُّنا عائشة رضي الله عنها في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) ومن اقتنع أنه لا فرق في التحريم بين الصور المجسمة والمسطحة وكذلك لا فرق بين ما قصد للعبادة وما لم يقصد وبين ما قصد فيه المضاهاة وما لم يقصد وبين ما كان صورة لصالح أو صورة لطالح وبين ما كان متقنا وما كان غير متقن يمكنه حينها أن يعرف أنه لا فرق بين الصور القديمة وبين الصور الفوتوغرافية الحديثة فالعلتان موجودتان فيها ثم يمكنه أن يتخيل أن الحياة ستبقى سائرة على خير ما يرام بدون التصوير إلا ما لابد منه فعلا مما يمكن استثناؤه بالنصوص الشرعية كذلك، ولا يهولنه أن هذا المذهب عسير لكثرة تفشي هذا الأمر بين الناس ثم بعد هذا هذه بعض الأحاديث الخاصة بتحريم التصوير ولك أن تتفكر فيها بعين الحياد وخلو الفؤاد من أي تأثير آخر والله يهديك إلى سواء الصراط ثم تخيل أن النبي صلى الله عليه وسلم يخاطبك أنت لا غيرك بهذه الأحاديث واسأل الله عز وجل الهدى والرشاد والسداد ونحن نسأل الله لنا ولك ذلك أيضا.
1- عن سعيد بن أبي الحسن قال : كنت عند ابن عباس إذ جاءه رجل فقال : يا ابن عباس إني رجل إنما معيشتي من صنعة يدي وإني أصنع هذه التصاوير فقال ابن عباس : ادن حتى وضع يده على رأسه وقال : لا أحدثك إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعته يقول : من صور صورة فإن الله يعذبه حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيا أبدا، فربا الرجل ربوة شديدة يعني انتفخ من الغيظ والضيق فقال ابن عباس : ويحك إن أبيت إلا أن تصنع فعليك بهذا الشجر وكل شيء ليس فيه روح . أخرجه البخاري ومسلم والنسائي وأحمد وفي رواية لمسلم وأحمد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفسا فتعذبه في جهنم ورواه الخطيب في التاريخ من الوجه المذكور مختصرا بلفظ إن الله يعذب المصورين بما صوروا
2- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم متفق علبه أخرجه البخاري ومسلم والنسائي وأحمد ولنافع فيه إسناد آخر فقال مالك في الموطأ عن نافع عن القاسم بن محمد عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخل فعرفت في وجهه الكراهية وقالت أتوب إلى الله وإلى رسوله فماذا أذنبت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فما بال هذه الخرقة قالت اشتريتها لك تقعد عليها وتوسدها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم ثم قال إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة وفي رواية للبخاري عنها قالت حشوت وسادة للنبي صلى الله عليه وسلم فيها تماثيل كأنها نمرقة فقام بين البابين وجعل يتغير وجهه فقلت ما لنا يا رسول الله قال ما بال هذه الوسادة قالت قلت وسادة جعلتها لك لتضطجع عليها قال أما علمت أن الملائكة ..... زاد الشافعي قالت فما دخل حتى أخرجتها ( يستفاد منه أن الصور كانت غير مجسمة )
انظر هنا أنها نمرقة كانت معدة للامتهان والاتكاء ومع ذلك لم يرضها صلى الله عليه وسلم وخاصة بوجود الحديث الآخر الذي فيه أمر جبريل بقطع رؤوس الصور التي كانت على الستر.
3- أتاني جبريل عليه السلام ، فقال : إني كنت أتيتك الليلة ، فلم يمنعني أن أدخل عليك البيت الذي أنت فيه ؛ إلا أنه كان في البيت تمثال رجل ، وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل ، فمر برأس التمثال يقطع فيصير كهيأة الشجرة ، ومر بالستر يقطع ( وفي رواية : إن في البيت سترا في الحائط فيه تماثيل ، فاقطعوا رؤوسها فاجعلوها بساطا أو وسائد فأوطئوه ؛ فإنا لا ندخل بيتا فيه تماثيل ) ، فيجعل منه وسادتان توطآن ، ومر بالكلب فيخرج . ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإذا الكلب جرو كان للحسن والحسين عليهما السلام تحت نضد لهما . قال : وما زال يوصيني بالجار حتى ظننت أو رأيت أنه سيورثه ] . الصحيحة 356 للألباني
4- أن جبريل عليه السلام استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أدخل . فقال : كيف أدخل وفي بيتك ستر فيه تصاوير ؟ فإن كنت لابد فاعلا ، فاقطع رأسها ، أو اقطعها وسائد ، أو اجعلها بسطا ( صحيح ) _ وأخرجه النسائي وابن حبان في صحيحه، وهذا اللفظ ليس للنسائي فإنه يختلف بعض الشيء عن لفظه .
5- عن جابر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصورة في البيت ونهى أن يصنع ذلك السلسلة الصحيحة 424 وصحيح الترمذي (1430)
6- (الصورة الرأس ، فإذا قطع الرأس ، فلا صورة) ، السلسلة الصحيحة 1921وصحيح الجامع الصغير
7- عن عائشة قالت : كان لنا ستر فيه تمثال طائر وكان الداخل إذا دخل استقبله فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : حولي هذا فإني كلما دخلت فرأيته ذكرت الدنيا أخرجه مسلم وأحمد قال النووي هذا محمول على أنه كان قبل تحريم اتخاذ ما فيه صورة، غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام 136
8- عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج عنق من النار يوم القيامة لها عينان تبصران وأذنان تسمعان ولسان ينطق يقول إني وكلت بثلاثة بكل جبار عنيد وبكل من دعا مع الله إلها آخر وبالمصورين . (السلسلة الصحيحة 512 ، التعليق الرغيب 56/4 والترمذي 2083
9- قال ابن مسعود : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إن أشد الناس عذابا عند الله المصورون أخرجه مسلم والنسائي وأحمد والحميدي وعنه البخاري في صحيحه
10- [ قاتل الله قوما يصورون ما لا يخلقون ] . ( صحيح بمجموع طرقه ) . عن أسامة بن زيد قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكعبة ، فرأى صورا ، قال : فدعا بدلو من ماء ، فأتيته به ، فجعل يمحوها ويقول : فذكره .السلسلة الصحيحة 996
11- قال عليه الصلاة والسلام : إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يصورون هذه الصور وفي رواية الذين يضاهون بخلق الله متفق عليه أخرجه البخاري ومسلم والنسائي وأحمد من طرق عن الزهري عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق عن عائشة رضي الله عنها قالت : دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وفي البيت قرام فيه صور فتلون وجهه ثم تناول الستر فهتكه وقالت : قال النبي صلى الله عليه وسلم فذكره باللفظ الأول وهو للبخاري ولفظ مسلم وأحمد الذين يشبهون بخلق الله
12- عن أبي زرعة قال دخلت مع أبي هريرة في دار مروان فرأى فيها تصاوير ( وفي رواية فرأى مصورا يصور في الدار ) فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ...... عن الله تعالى ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا ذرة ( أو ليخلقوا حبة ) فليخلقوا شعيرة متفق عليه والسياق لمسلم.
13- عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يجمع الله الناس يوم القيامة في صعيد واحد ثم يطلع عليهم رب العالمين فيقول ألا يتبع كل إنسان ما كانوا يعبدونه فيمثل لصاحب الصليب صليبه ولصاحب التصاوير تصاويره ولصاحب النار ناره فيتبعون ما كانوا يعبدون ويبقى المسلمون فيطلع عليهم رب العالمين فيقول ألا تتبعون الناس فيقولون نعوذ بالله منك نعوذ بالله منك الله ربنا وهذا مكاننا حتى نرى ربنا وهو يأمرهم ويثبتهم ثم، قالوا : وهل نراه يا رسول الله ؟......( صحيح _ تخريج الطحاوية 576 . وفي البخاري ومسلم نحوه باختصار ) .صحيح الترمذي 2072
وهنا المقصود هو قسم من أصحاب الصور وهم من يتخذها للعبادة ولكن النهي في باقي الأحاديث عام فيبقى والخاص هنا يبقى وهذا مثله كمثل المذكورين بالحديث نفسه أهل الصليب فلما كان شعار الصليب منهيا عنه عموما وذلك بفعل النبي صلى الله عليه وسلم من إزالته لكل ما تصالب في بيته أي لكل صليب ولو كان للزينة ولم يتخذ للعبادة ولا للتعظيم فكذلك فعل في الصور هتكها ولو لم تكن للعبادة والتعظيم.
14- عن أنس قال كان قرام ( ستر ) لعائشة سترت به جانب بيتها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم أميطيه عني فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي أخرجه البخاري وأحمد ليس في هذا الحديث أن التصاوير كانت ذوات أرواح ولا ندري إن كان هذا قبل التحريم أو بعده
15- عن عائشة قالت كان في بيتي ثوب فيه تصاوير فجعلته إلى سهوة في البيت فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إليه ثم قال يا عائشة أخريه عني فنزعته فجعلته وسائد .
صحيح : أخرجه مسلم ( 159/6 ) .النسائي 760
16- حدثنا أبو كريب حدثنا وكيع عن هشام الدستوائي عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن علي قال صنعت طعاما فدعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء فرأى في البيت تصاوير فرجع ( صحيح ) تخريج المختارة 449 ، آداب الزفاف 77 .ابن ماجة 2708
17- حديث أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تدخل الملائكة بيتا فيه تماثيل أو تصاوير وأقرب ما عند الترمذي من طريق رافع بن إسحاق قال : دخلت أنا وعبد الله بن أبي طلحة على أبي سعيد الخدري نعوده فقال أبو سعيد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره مثل لفظ الكتاب إلا أنه قال .... أو صورة شك إسحاق لا يدري أيهما قال وأخرجه ابن ماجة من حديث علي مرفوعا بلفظ فيه كلب ولا صورة وأما البخاري فعنده أحاديث بمعناه منها
18- عن عتبة أنه دخل على أبي طلحة الأنصاري يعوده فوجد عنده سهل بن حنيف ( صحابيا آخر ) قال : فدعا أبو طلحة إنسانا ينزع نمطا تحته فقال له سهل لم تنزعه قال لأن فيه تصاوير وقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم ما قد علمت قال سهل أو لم يقل إلا ما كان رقما في ثوب فقال أبو طلحة بلى ولكنه أطيب لنفسي أخرجه مالك في الموطأ وعنه الترمذي وكذا النسائي.
19-عن أبي مسعود عقبة بن عمرو أن رجلاً صنع له طعاماً فدعاه، فقال : أفي البيت صورة ؟ قال: نعم . فأبى أن يدخل حتى كسر الصورة ثم دخل . رواه البيهقي وسنده صحيح كما قال الحافظ في الفتح.
20-عن أسلم مولى عمر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قدم الشام فصنع له رجل من النصارى فقال لعمر : إني أحب أن تجيئني وتكرمني أنت وأصحابك – وهو رجل من عظماء الشام – فقال له عمر رضي الله عنه : إنا لا ندخل كنائسكم من أجل الصور التي فيها . رواه البيهقي بسند صحيح .
21-ما رواه البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدم وثمن الكلب وكسب البغي ولعن آكل الربا وموكله والواشمة والمستوشمة ولعن المصور .
ومسألة الصورة الممتهنة فيها خلاف والراجح والله أعلم هو ما ذهب إليه الزهري وقواه النووي بأنه لا فرق وخاصة بعد ثبوت الأحاديث الدالة على عدم الفرق والزيادة الصحيحة التي فيها الأمر بقطع الرؤوس ثم جعلها وسائد ممتهنة .
أما مسألة أن الصور الفوتوغرافية لا تدخل ضمن الأحاديث الناهية عن الصور والتصوير لأنها مجرد حبس للظل وأن من يقوم بإنتاجها هو أي شخص لا يشترط أن يكون مصورا ولا تحتاج إلا لكبسة زر، فهذا لا يبرر جوازها وذلك لأن مسألة حبس الظل غير صحيحة لا شرعا ولا واقعا وإنما هي اصطلاح استخدم للهروب من لفظة الصورة والتصوير للابتعاد عن مصطلحات الحديث النبوي ظنا أن تغيير المصطلح سيغير المبنى ولكن نقول هي ليست حبسا للظل لأن الظل هو عبارة عن الظلمة الحادثة على سطح ما بسبب حبس الجسم للضوء الساطع على ذلك السطح، فهل الكاميرا تحبس هذا الظل ؟؟ أقول أبدا ولا يستطيع حبس الظل إلا الله عز وجل والكاميرا في الحقيقة تحبس الضوء المنعكس من الجسم المراد تصويره فيقع الضوء المنعكس على الشريحة الفلمية الحساسة جدا للضوء وعند التحميض سيكشف كل جزء من الشريحة الفلمية عن الضوء الذي حبسه وبالتالي ستتوضح الصورة أما الكاميرات الديجتال فعلى نفس المبدأ لكن بدل الشريحة الفلمية شريحة إلكترونية حساسة للضوء وتترجم الضوء على الشاشة فورا، المهم هو أن الكاميرا لا تحبس الظل أبدا ولو كانت فعلا تحبس الظل لخرجت كل الصور سوداء معتمة، لذا أنا أعتبر أن هذا المصطلح مصطلح مضلل بعيد عن الحقيقتين الشرعية والواقعية، أما الأمر الآخر وهو أن التصوير بالكاميرا لا يحتاج لمصور فهذا أيضا غير دقيق وذلك لأن الذي يريد التصوير لا بد أن يعرف ولو المبادئ الأساسية للتصوير بالكاميرا ويتعلم كيفية التوجيه وما إلى ذلك ولهذا تجد جامعات لتعليم التصوير وفنه ثم من قال أن الشارع ربط حكم التصوير وإنتاج الصور وحرمة ذلك بمهارة المصور أو بصرفه المجهود والوقت على ذلك فالناظر بعين الإنصاف يجد أن الأحاديث لم تتطرق البتة لموضوع كيفية إخراج الصورة ولا الوقت ولا الجهد ولا المهارة ولا التقنية ولا المال المبذول في سبيل إنتاج الصورة فأي شخص قام بإنتاج صورة بأي طريقة كانت وبأي زمن كان وبأي جهد فهو مصور شرعاً وصورته فيها مضاهاة ولا شك فالشارع الذي أثبت المضاهاة في تلك الصور ذات التقنية الضعيفة فمن باب أولى أن تكون هذه فيها مضاهاة أكثر وليس هنا مجال للظاهرية أبداً، ثم أليس يحتاج المصور للتحميض وهذا يحتاج لفن ودقة ومال لا يقل عن الرسم اليدوي، حتى كاميرات الديجتال تحتاج لدقة ولعلم بفن برامج الكمبيوتر والتنسيق وما إلى ذلك ،
فإذا ثبت أن الصور الفوتوغرافية هي صور فإن النصوص السابقة الذكر تشملها وبالتالي ستنطبق عليها الأحكام المترتبة على الأحاديث وكذلك المصور لهذه الصور الفوتوغرافية هو مصور لغة وعرفا كما أن صورته التي أخرجها هي صورة لغة وعرفا وبالتالي وبناء على قاعدة النكرة في سياق الإثبات مطلقة ولا يجوز تخصيصها إلا بدليل فكل الأحاديث المتناولة للصورة والمصور بصيغة الإثبات سيدخل فيها مصور الصور الفوتوغرافية وصوره مثل حديث (كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفس يعذب بها في جهنم) فكل من صيغ العموم فيبقى على عمومه حتى يأتي دليل شرعي يخصصه فالحديث يعم كل مصور حتى مصور الفوتوغراف وكذلك يجعل له بكل صورة فصورة هنا كذلك مطلقة لا يمكن تخصيص صورة دون أخرى إلا بدليل شرعي وأما القاعدة الأخرى أن النكرة في سياق النفي تعم فكل حديث جاء فيه ذكر للصورة في سياق النفي ستشمل الصور الفوتوغرافية ولا يجوز إخراجها إلا بدليل شرعي لأنه ثبت أنها صورة لغة وعرفا ومن أنكر ذلك فإنما يتعسف تعسفا مثل حديث (أن لا تدع صورة إلا طمستها) فقوله لا تدع نفي وصورة نكرة فتعم كل صورة فلا يجوز تخصيص صورة دون أخرى إلا بدليل شرعي .
أما صور المرآة فلا تعد صورة محرمة شرعا لأن الشارع أولا أقرها وأقر استعمالها بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعملها وهو نفسه الذي قال كل تلك الأحاديث الدالة على حرمة التصوير والصور، ولأنها تختلف عن الصور المحرمة بأن صورة المرآة وما شابهها ليست بصور ثابتة باقية بل هي صور آنية تزول بزوال الواقف أمامها فلن تجد أي أثر للصورة بعد ذهاب من كان أمام المرآة وهذا الفرق فرق شرعي مؤثر على الحكم ثم إن الواقف أمام المرآة لا يسمى مصورا بأي لغة وعرف وكذلك صانع المرآة لا يسمى مصورا بأي لغة وعرف والعلل التي في الصور والتي من أجلها حرمت غير موجودة البتة في المرآة،
وأما كون بعض التماثيل والأصنام باقية لليوم في ديار المسلمين على مر العصور فلا يدل أبدا على الجواز أو حتى على جواز الأصنام التي لا تعبد من دون الله، فأولا يجب إثبات أن الصحابة رأوا تلك التماثيل وكان عندهم الاستطاعة الزمنية والجهدية لإزالتها ولم يزيلوها ثم إثبات أنهم تركوها لهذه العلل المزعومة ودون ذلك خرط القتاد، ففي مصر لم يكشف عن تمثال بلهيت (أبو الهول) إلا في أزمان متأخرة ويدل على ذلك ما ذكره ابن بطوطة عن هذا التمثال وأنه أول ما ظهر منه رأسه حتى ظن الناس أنه إنسان كامل وأن طوله ستون أو سبعون ذراعا قياسا على حجم رأسه وذكر أن جماعة من الصالحين قاموا بتشويه وجهه، المهم أم مجرد وجود مثل هذه التماثيل ليس بدليل لأنه وجدت تماثيل لأصنام ما يعبد من دون الله في ديار المسلمين والقائلون بالجواز لا يقولون بجواز إبقاء هذا النوع من التماثيل وعلى القاعدة التي قعدوها من أن البقاء دليل الجواز عليهم أن يقولوا بجواز حتى هذه التماثيل كتمثال بوذا مثلاً، ولكن الحق هو حديث أبي الهياج عن علي رضي الله عنه أنه قال له ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : بلى، قال : بعثني على أن لا أدع صنما إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته ، أيُّ صنم كان لم يفرق له بين ما كان يعبد من دون الله وما لا يعبد فهي نكرة في سياق النفي فتعم كل صنم دون تفريق إلا بدليل شرعي ، ولا يمكن القول أن التماثيل الموجودة في ذلك الزمن كلها كانت تعبد من دون الله فهذا غير صحيح ولا أدل من الصنم الذي كان في بيت النبوة قبل التحريم فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم وحاشاه من أن يترك في بيته صنم ما يعبد من دون الله وهو الذي حارب الشرك طوال حياته بل كان من تماثيل الزينة، ثم في النهاية لو نظر المرء لمسألة الأيسر لعلم أن الأيسر ولا شك هو ترك التصوير وما يتعلق به لأن الترك هو الأيسر وليس الفعل هو الأيسر ناهيك عما يصرفه المرء من مال في سبيل اقتناء الصور من ثمن الكاميرا والأفلام والتحميض أو الطباعة للصور وما إلى ذلك مما يعرفه المصورون أنفسهم ولو قيل لهؤلاء تصدقوا بهذه المبالغ بدل الصور لتثاقلوا ذلك ولعدوه من التشدد والتعسير فما بالهم لم يعدوا كل هذه المصروفات من التكلف ومن التعسير أم هو ما أحبت النفس وهوت ثم ماذا يضر المسلم أن يترك هذه الصور تبرئة لدينه وعرضه ألم يقل النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه ، ألم يقل دع ما يريبك إلى ما لا يريبك والنصيحة أن لا يجعل المسلم للشبهات إلى قلبه طريقا مفتوحا بل عليه بطرح كل الشبهات والوقوف عند أحاديث نبيه الحبيب واستشعار عظمة نصحه صلى الله عليه وسلم وكأنه هو المخاطب لا غير أما إن كان يريد فعلا الحق فليدع الله بإخلاص وليرجع لكلام العلماء الفحول الأوائل فيعرف الحكم ومداخله وسيجيب بإذن الله عن كل شبهة فكلها ولله الحمد شبه ضعيفة مستحدثة لا أساس لها تعتمد عليه سوى القيل والقال وليست بمحكمة بالأصول الشرعية ولا القواعد الأصولية والله الهادي والموفق ولا يجوز نبذ من رأى تحريم الصور والتصوير بالتشدد والتزمت وأنه ذهب يضيق في المسألة ما استطاع، فالذي رأى هذا الرأي عنده أدلته وهو أحرص على تطبيق شرع الله الحنيف بما فيه من تيسير من غيره وقد رأيت أن التيسير الحقيقي هو بتحريم الصور واقتنائها وليس بتحليل إيجادها واقتنائها، أما ما لا بد منه كصور الهوية وأمثالها مما يحتاجه الناس فهذا يمكن قياسه على لعب البنات التي أحلت للحاجة أما الضرورة فمتفق عليها والحمد لله .







التوقيع :
أبو اليمان
من مواضيعي في المنتدى
»» حول مصافحة المرأة
»» حكم التصوير
»» احذروا الدعاة الجدد
 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:46 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "