الأحد/ا رمضان/1424هـ 26/10/2003م
رؤية هلال رمضان المبارك - المشكلة والحلّ -
إن الأصل في إثبات دخول شهر رمضان المبارك كما هو معلوم من الدين بالضرورة هو رؤية هلال الشهر البصرية. والحديث الصحيح في ذلك مشهور؛ "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ...." . ويجوز الاستعانة بالعلم في عصرنا إذا كان الحساب العلمي قد أثبت مطابقته للرؤية البصرية الشرعية بشكل مطلق. أما إذا ثبت أن حساباته قد توافق الرؤية البصرية الشرعية اليقينية للأهلة حيناً وقد تخالفها أحياناً أخرى فلا يعتمد عليه. لأنه في هذه الحالة يصبح حساباً ظنياً لا يفيد الطمأنينة ولا اليقين ولا العمل.
وإذا كان المسلمون ينتظرون أن يروا هلال رمضان مرة واحدة في جميع أقطارهم وأمصارهم في العالم حتى يتوحدوا في صيامهم وأعيادهم فإنهم لن يتحدوا أبداً لأن طبيعة الأرض الكروية لا تسمح برؤية هلال الشهر الوليد إلا مرة واحدة. فإذا رؤي الهلال في قطر من الأقطار فلن يُرى في أقطار أخرى بحيث قال علماء الفلك لو كانت الأرض منبسطة وولد هلال الشهر فإن رؤيته تكون ممكنة لكل سكان الأرض.
هذا من جهة؛ ومن جهة أخرى فإن مَن رأى الهلال حجةُ على مَن لم يًره. وليس العكس. فالأقطار التي لم يُر فيها الهلال ملزمة باتباع القطر الذي رأى الهلال ولأن الأمر بالرؤية لا يخص بلداً بعينه دون البلدان الأخرى ولا شعباً بذاته دون بقية الشعوب فالمسلمون أمة واحدة إذا رأى أحدهم الهلال فرؤيته لجميع الأمة. ولا عبرة باختلاف المطالع.
وفي المؤتمر الثامن " للجنة التقويم الهجري الموحد" المنعقد في مدينة جدة عام 1419هـ من 27 إلى 29 رجب الموافق لـ 16 – 18/11/1998م وهي اللجنة المنبثقة عن رابطة العالم الإسلامي تقرر بالإجماع وبعد مناقشات مطولة مستفيضة أن "الهلال" إذا رُئِي في بلد، فهي رؤية لجميع البلدان التي تشاركه ولو بجزء من الليل.
وإن الهلال الذي رئي في محافظة سوهاج في دولة مصر الشقيقة وأعلنت عنه دار الإفتاء على الهواء مباشرة يستوجب من جميع الدول العربية والإسلامية التي تشترك مع مصر ولو بجزء من الليل أن تعلن عن دخول شهر رمضان المبارك لهذا العام الهجري الجاري (1424هـ). فعلامَ الاختلاف والفراق علامَ؟ وإلامَ التمزق والانشقاق إلامَ؟
هذا؛ ولسوف يغيب الهلال الوليد مساء الأحد 26/10/2003م بعد المغرب ليكون هذا دليلاًَ على أن الأحد المشار إليه أول أيام رمضان. وأما يوم الاثنين 27/10 فسوف يغيب الهلال بعد العشاء ليكون ذلك أيضاً دليلاَ على أن الاثنين ثاني أيام رمضان وليس أوله.
وأما دعوى إلحاق الأحد بشعبان ليكمله فباطلة. لأن شعبان لا يكون تاماً (أي من ثلاثين يوماً) إلا أربع مرات فقط خلال القرن الهجري الخامس عشر الجاري وذلك في الأوقات التالية:
-في 30 شعبان 1414هـ الموافق لـ يوم الأربعاء 30/5/1984م
-وفي 30 شعبان 1434هـ الموافق لـ يوم الاثنين 8/7/2013م
-وفي 30 شعبان 1464هـ الموافق لـ يوم السبت 16/8/2042م
-وفي 30 شعبان 1494هـ الموافق لـ يوم الخميس 24/9/2071م
ويكون شعبان ناقصاً (من 29 يوماً) في بقية سنوات القرن جميعها وهي (96سنة) !!! فمن جعل الأحد متمماً لشعبان يكون قد خلط شعبان برمضان ثم خلط رمضان بشوال بحيث يفطر المسلمون يوماً من رمضان وهو حرام عليهم إفطاره ويصومون يوم العيد من شوال وهو حرام عليهم صيامه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم !
فعسى أن يكون للمسلمين قريباً تقويم هجري واحد وصوم واحد وعيد واحد ويومئذ يفرح المؤمنون.
(عن) الشيخ/ محمد كاظم حبيب