السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أخواني أهل السنة من باب قول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (المائدة:8)
فقد قرأت كلاما نفيسا للشيخ فؤاد الشلهوب في كتابه القيم قراءة في عقيدة الشيعة الإمامية يتطرق فيه إلى عقيدة الروافض في القرآن و قد جمع أطراف الموضوع و بين إشكاليات متعددة تنفع الشباب الذين يناظرون الشيعة في قضية التحريف
يقول الشيخ حفظه الله
- [ALIGN=RIGHT]عقيدة الشيعة في القرآن : هل القرآن ناقص أو محر ف أو مبدل ؟ (2) .
هل الشيعة تقول بأن كتاب الله الذي بين أيدينا ناقص أو محرف ومبدل ؟ .
بادي ذي بدء يجب أن لا نعمم الحكم على جميع الشيعة بأنهم يقولون بهذه المقالة، وهذا من العدل والإنصاف الذي أمرنا به الله جل في علاه . فالشيعة المتقدمين أكثرهم لم يقولوا بهذه المقالة، وكذا هناك فرق من الشيعة لا تقول بذلك، ومنها الزيدية، وقد يكون هناك أفراد منهم يقولون بذلك، ولكن لا يكون هذا حكماً عاماً ينسحب على الطائفة كلها. وأغلب المتأخرين يقولون بهذه المقالة الشنيعة وإن كان فيهم أفراد ينكرون هذا القول ويأباه . ودراستنا لهذه المقالة التي اشتهرت عن الشيعة لا لأجل الرد عليها، لأن الله تكفل بحفظ كتابه : {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} . فلا خوف علىكتاب الله من التحريف والتبديل ما دام أن الذي أنزله تكفل بحفظه . ولكن نريد أن نبين نسبة هذه المقالة إلى الشيعة من كتبهم ورسائلهم.
وقبل ذكر مصادرهم يحسن بنا أن نعرج على ما قاله أهل السنة في هذه الفرية الشنيعة . قال أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري (المولود سنة 271هـ) : لم يزل أهل الفضل والعقل يعرفون شرف القرآن وعلو منزلته.. حتى نبغ في زماننا هذا زائغ عن الملة وهجم على الأمة بما يحاول به إبطال الشريعة.. فزعم أن المصحف الذي جمعه عثمان-رضي الله عنه- باتفاق أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- على تصويبه فيما فعل لا يشتمل على جميع القرآن، إذ كان قد سقط منه خمسمائة حرف... (ثم قال ابن الأنباري: ) وأخذ هذا الزنديق يقرأ آيات من القرآن على غيره وجهها زندقة وإلحاداً فكان يقرأ : (ولقد نصركم الله ببدر [بسيف علي] وأنتم أذلة !!)[تاريخ بغداد 3/181-186] . وكلام الملطي (ت377هـ) يشير إلى أن هذا الزنديق هو هشام بن الحكم [المطلي/ التنبيه والرد: ص 338]، فهو قد زعم بأن القرآن الذي بأيدي الناس من وضع عثمان ، وقال بالتجسيم ، وله أمور كثيرة منكرة .
وجنوح الشيعة الغلاة إلى هذه الفرية، هو إيجاد مستند لهم في إثبات الإمامة؛ لإن القرآن ليس فيه ذكر للإمامة والأئمة لا من قريب ولا من بعيد، فأحدثوا هذا القول حتى يقولوا إن ذكر الإمامة والأئمة في الآيات التي سقط أو حُرف وبُدل ! .
و هذا المبحث وإن طال –بعض الشيء- سوف نتكلم عن عدة أمور وهي :
1- التطور التأريخي لهذه العقيدة .
2- هل لدى الشيعة مصحف آخر غير الذي بين أيدينا، يتلونه ويتدارسونه بينهم ؟ .
3- هل الشيعة مجتمعة على هذه العقيدة ؟ .
فأولاً : التطور التأريخي لعقيدة أن القرآن ناقص وفيه تحريف وتبديل .
أول مصدر من مصادر الشيعة يطالعنا بهذه الفرية هو كتاب سليم بن قيس الهلالي المتوفي سنة (90هـ) . وقد سبق الكلام عن هذا الكتاب ، وذكرنا أن الشيعة كفتنا مؤنة إبطال هذا الكتاب وبيان زيفه -مع ضعف ناقله وهو أبان بن عياش المتفق على ضعفه-، ومع ذلك فهذا الكتاب معظم عند أكثرهم، ومن طريقه ظهرت بعض العقائد .
وفي هذا الكتاب أول إشارة إلى فرية التحريف ولكنها لم تكن صريحة، فقد جاء في كتاب سليم : ( أن علياً لزم بيته حتى جمعه وكان في الصحف والرقاع ) [كتاب سليم بن قيس: ص 81] وفي رواية أخرى بينت سبب تأخر علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- عن إجابة أبو بكر الصديق والمسارعة في بيعته قال –أي: علي بن أبي طالب-: (إني آليت ألا آخذ ردائي إلا للصلاة حتى أجمع القرآن، فجمعه) وقد ضعف ابن حجر هذه الرواية في فتح الباري [9-12-13]. ولنا على هذه الرواية الضعيفة ملاحظتان :
الأولى: أن الجمع الذي أشار إليه علي بن أبي طالب، ليس صريحاً في أنه يجمع قرآناً غير الذي بأيدينا، فقد يكون علياً يجمع مصحفاً لنفسه، كما كان عند ابن مسعود مصحفاً خاصاً به .
الثانية: أن هذه الرواية تنسف ما يقرره الشيعة من أن تأخر علي رضي الله عنه كان من أجل أن الصحابة غصبوا حقه في الخلافة وعهدوا بها إلى أبي بكر الصديق . ففي هذه الرواية أن تأخر علي رضي الله عنه كان من أجل جمع القرآن !! . ولكن الشيعة كما قال الشيخ ناصر القفاري عنهم : (...وهذه سمة مطردة في كثير من المسائل التي يريدون إثباتها .. حيث يثبتونها من وجه تنتفي معه العقيدة الأخرى ) [أصول مذهب الشيعة : 1/236] .
المرحلة الثانية :
توضحه روايات ذكرها الطبرسي (صاحب كتاب الاحتجاج)-وسوف يأتي بيانه- حيث تبين هذه الروايات أن أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب حاولا قتل علي بن أبي طالب !! ، ولما لم يقدرا على ذلك حاولا استدراج علي بن أبي طالب وأخذ القرآن الذي معه لاتلافه أو تحريفه ولكنهما عجزا عن ذلك .
وسأل عمر عن هذا المصحف متى أوان ظهوره ؟ فقال –أي :علي – ( إنه سيظهر مع القائم من ولدي يظهره ويحمل الناس عليه فتجري السنة به ) [الاحتجاج للطبرسي 1/225-228 ط: النجف ] .
وهنا تكمن عدة أسئلة :
1- مادام أن محاولات الشيخان والصحابة باءت بالفشل، فلم لم يظهر علي المصحف المذكور ؟
2- ثم لما ذا لم يخرج علي رضي الله عنه هذا المصحف في فترة خلافته، وقد أمن ؟ .
3- والمهم في الأمر أنه كيف تُترك الأمة طوال هذه القرون الطويلة وهم بدون هداية، وهم يقرؤون كتاب محرف مبدل ناقص . وهل هذا من الأمانة، وهل هذا إلا غش للأمة ؟
. إن من يتأمل في هذه الروايات يجزم أن هذه الروايات مصنوعة لخدمة المذهب الشيعي ،وإلا كيف ننسب لعلي بن أبي طالب هذه اللوازم التي لا محيد عنها ! ؟ .
ولقد عجز الشيعة عن الأجابة عن هذه المسائل المحرجة، وتخلص شيخهم نعمة الله الجزائري بجواب، تصوره كافٍ في بيان فساده وبطلانه . قال : (ولما جلس أمير المؤمنين –عليه السلام- على سرير الخلافة لم يتمكن من إظهار ذلك القرآن وإخفاءه هذا لما فيه من إظهار الشناعة على من سبقه ) [الأنوار النعمانية : 2/362] . أي : أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، راعى شعور من سبقه من الصحابة ولم يظهر هذا المصحف لمافيه من إظهار الشناعة عليهم ، ولا يهم بعد ذلك أن تضل الأمة قروناً طويلة حتى يخرج المهدي !! .
وهنا كلامٌ جميل لم استطع تجاوزه، قال الشيخ القفاري: (ومعنى هذا أن الأمة ضائعة كل هذه القرون الطويلة .. منذ وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ليس معها إلا ثلث كتابها.. والأئمة تقف موقف المتفرج.. لديها القرآن الكامل –كما يزعمون – ولا تبلغه للأمة، لتتركها أسيرة ضلالها، لا تعرف وليها من عدوها، وتعدهم بظهوره مع منتظرهم، وتمر آلاف السنين ولا غائب يعود، ولا مصحف يظهر فإن كانت الأمة تهتدي بدونه فما فائدة ظهوره مع المنتظر، وإن كان أساساًً في هدايتها فلماذا يحول الأئمة بينه وبين الأمة، لتبقى الأمة في نظر هؤلاء حائرة ضالة تائهة، وهل أنزل الله سبحانه كتابه ليبقى أسيراً مع المنتظر لا سبيل للأمة الوصول إليه؟ مع أن الله سبحانه لم يترك حفظ كتابه لا لنبي معصوم ولا لمنتظر موهوم، بل تكفل بحفظه سبحانه ) [أصول مذهب الشيعة الإمامية : 1/248] . .
المرحلة الثالثة :
جاءت هذه المرحلة لبيان ماهية الناقص من القرآن الذي بأيدينا، وقد صرحوا بذلك، وزعموا أن الجزء الناقص من القرآن فيه ذكر النص على الإمامة، وذكر الأئمة الاثني عشر من نسل علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
جاء في بعض الروايات : ( لولا أنه زيد في كتاب الله ونقص منه لما خفي حقنا على ذي حجى ) [البرهان -المقدمة-ص 37 ، وبحار الأنوار : 19/30، وتفسير الصافي : 1/41] .
وأخرى تقول: (لو قريء القرآن كما أنزل لألفينا مسمين به )[تفسير العياشي: 1/13، بحار الأنوار: 92/55، وتفسير الصافي: 1/41] .
وقد افتروا على الله سورة الولاية يتداولونها بينهم، ويزعمون أنها مما نقص من القرآن، ومن قرأ العربية ، ويقرأ هذه السورة المزعومة يعلم أنها من جنس قرآن مسيلمة الكذاب شيطان اليمامة . [انظر : الخطوط العريضة لمحب الدين الخطيب : ص 12 حيث نشر هذه السورة وأخبر أنها مصورة من مصحف إيراني مخطوط عند المستشرق براين ] .
المرحلة الرابعة :
وهي بمثابة توطيد هذه الفرية وتمكينها في المعتقد الشيعي ، وقد تزعم هذه المرحلة بعض شيوخ القرن الثالث والرابع، حيث قاد زمامها شيخهم علي بن إبراهيم القمي ، وتبعه تلميذه الكليني ، فعملا علىنشرها في كتبهم . وقد اتخذت هذه المرحلة إقحام بعض الكلمات التي تدعم قولهم بالنص على الإمامة وذكر الأئمة في القرآن الذي بأيدينا وزعم أنه من القرآن ولكنه أًسقط على أيدي الصحابة، بناء على ما يعتقدونه في القرآن من النقص، قال المازندراني شارح الكافي : (إن آي القرآن ستة آلاف وخمسمائة ، والزائد على ذلك مما سقط بالتحريف )[شرح جامع للكافي: 11/76] . وطريقة إقحام الكلمات في نصوص القرآن تتخذ الشكل التالي :
- فالكلمات التي فيها لفظ : (أنزل الله إليك) أو : (أنزلنا إليك ) يجعلون بعدها لفظ : (في علي ) . وشاهد ذلك ما يرويه الكليني عن القمي بسنده إلى جابر الجعفي عن أبي جعفر قال: نزل جبرائيل بهذه الآية على محمد :-بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله (في علي)بغياً - . [أصول الكافي : 1/417] .
- والكلمات التي فيها لفظ : (اشركوا أو كفروا) يأتون بعدها لفظ (في ولاية علي ). ففي قوله تعالى: ( فلنذيقن الذين كفروا ) [يزيدون] (بتركهم ولاية أمير المؤمنين عليه السلام عذاباً شديداً في الدنيا ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون ) . [سورة فصلت آية 27(والتحريف من الكافي : 1/421)]
- والكلمات التي فيها ذكر (أمة) ، يجعلونها (أئمة ) . فقالوا في قوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس ) يجعلونها (خير أئمة أخرجت للناس )[تفسير القمي : 1/110]
المرحلة الخامسة :
وهذه المرحلة فاقت كل المراحل بشدة إظهار هذه الفرية وإشاعتها في المذهب الشيعي، وحمل لوائها كثير من مشايخة الشيعة في زمن الدولة الصفوية، فقد تجرأ شيوخ الشيعة في هذه الفترة علىالتصريح بهذه الفرية لأمنهم من العقوبة ولا رتفاع التقية قليلاً .
ولذا تجد في كلام (المجلسي، ونعمة الله الجزائري، وأبي الحسن الشريف، والمازندراني، والكاشاني ) ممن عاش في القرن السادس ، ما لا تجده عند غيرهم وسبقوهم في القرن الرابع . –وسوف نأتي بكلامهم في حلقة قادمة إن شاء الله –
وفائدة القول :
إن الشيعة في أول أمرها لم تعرف هذه المقالة النكراء ، ولم تتكون كعقيدة إلا في أواخر القرن الثاني وبداية الثالث تقريباً، ولم يعرف في صدر الإسلام هذه المقالة الشنيعة من الشيعة إلا بعد زمن . والمشهور عنهم في أول أمرهم وكلامهم حول الإمامة ، أما زعمهم بنقص القرآن وتحريفه فلم يعهد إلا بعد مدة من الزمن .
ثانياً : هل لدى الشيعة مصحف آخر غير الذي بين أيدينا، يتلونه ويتدارسونه بينهم ؟
نشر محب الدين الخطيب في الخطوط العريضة (ص12) صورة فوتغرافية لسورة الولاية، وقال إنها مصورة من مصحف إيراني مخطوط عند المستشرق (براين ) . وهذه السورة مما يدعي الشيعة أنها مما نقص من القرآن .
وكثير من الشيعة إذا حدثتهم بهذا ينكرونه إما جهلاً بمذهبهم أو تقية وهم الأكثر . ولكن سوف نخاصمهم بكتب أئمتهم والتي أُلفت لهم وبها يتدارسون وبها يعملون، فلا تقية حينئذٍ . وقبل ذكر هذه الروايات نود أن نوضح أن أخبارهم في هذه المسألة اتخذت ثلاثة إتجاهات :
الاتجاه الأول:
أخبار جاءت بالأمر بقراءة القرآن الذي بين أيدينا والعمل به حتى يقوم القائم (مهديهم المنتظر ) . ومن نصوص هذا الاتجاه ما يحدث به المفيد قال: (إن الخبر قد صح من أئمتنا –عليهم السلام- أنهم أمروا بقراءة القرآن ما بين الدفتين وأن لا نتعداه بلا زيادة فيه ولا نقصان منه، حتى يقوم القائم –عليه السلام- فيقرأ الناس القرآن على ما أنزله الله تعالى وجمعه أمير المؤمنين-عليه السلام- ) [بحار الأنوار : 92/74] .
-وكذلك ما أخبر به شيخهم نعمة الله الجزائري : (قد روي في الأخبار أنهم عليهم السلام أمروا شيعتهم بقراءة هذا الموجود من القرآن في الصلاة وغيرها والعمل بأحكامه حتى يظهر مولانا صاحب الزمان فيرتفع هذا القرآن من أيدي الناس إلى السماء ويخرج القرآن الذي ألفه أمير المؤمنين فيقرأ ويعمل بأحكامه ) [الأنوار النعمانية : 2/363-364] .
الأتجاه الثاني:
أخبار جاءت لتزهيد الناس في القرآن الذي بين أيدينا، ومن حفظه فإنه يعسر عليه حفظ القرآن الذي يأتي به القائم .
- ومن نصوص هذا الاتجاه : ما رواه المفيد بإسناده إلى جعفر الجُعفي عن أبي جعفر أنه قال: ( إذا قام قائم آل محمد صلى الله عليه وآله ، ضرب فساطيط، ويعلم الناس القرآن على ما أنزل الله عز وجل ، فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم، لأنه يخالف فيه التأليف ) [الإرشاد: ص413] .
قلت : ولا يخفى أن هذه الرواية وأشباهها تجعل الشيعي لا يحرص كثيراً على تلاوة القرآن أو حفظه فضلاً عن تدبره والعمل به . والواقع يشهد بذلك فإنك تجد الشيعة لا يحرصون على تلاوة كتاب الله أو حفظه إيماناً منهم بالعقيدة المزعومة بظهور القرآن الذي كتبه علي رضي الله عنه ، وعهده به إلى الأئمة من بعده .
ومن تأمل هذه الرويات التي في هذا الصدد يجزم أنها مصنوعة والذي صنعها يبتغي الكيد للإسلام.
الاتجاه الثالث :
أخبار تشير إلى وجود مصحف غير المصحف الذي بأيدينا ، لا يطلع عليه إلا الخواص . ومن روايات هذا الاتجاه : ما رواه المجلسي في بحار الأنوار : ( ... عن ابن عبد الحميد قال: دخلت على أبي عبد الله –رضي الله عنه- فأخرج إلي مصحفاً ، قال: فتصفحته فوقع بصري على موضع منه فإذا فيه مكتوب : (هذه جهنم التي كنتم بها تكذبان. فاصليا فيها لا تموتان فيها ولا تحييان ) . قال المجلسي : (يعني الأولين ) [بحار الأنوار:92/48] . أي أبا بكر وعمر !!-
وعن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: دفع إلي أبو الحسن مصحفاً وقال: ( لا تنظر فيه، ففتحته وقرأت فيه : لم يكن الذين كفروا . فوجدت فيه اسم سبعين رجلاً من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم . قال: فبعث إليّ ، ابعث إليّ بالمصحف ) [أصول الكافي: 2/631] .
قلت : وهذا الاتجاه يدعم ما نشره محب الدين الخطيب لسورة الولاية . ولكن الحيرة تنتاب كل من يطالع هذه الرويات المتعارضة ، فإن كان عندهم مصحفاً فلم لم يخرجوه ويهتدي به العباد في دينهم ودنياهم ، وقد أمنوا في زمن الدولة الصفوية، ثم ما يمنعهم الآن وقد بُسط المذهب الشيعي في إيران وأظهروا شعائر دينهم، فأين القرآن المزعوم، ولما ذا يتسترون بالتقية ؟ ! . ثم إن كان المصحف عند إمامهم المنتظر فما هذا المصحف الذي تشيره إليه هذه الروايات، وقد أخبر عنه ابن النديم : ( بأنه رأى قرآناً بخط علي يتوارثه بيت من البيوت المنتسبة للحسن ) . [الفهرست: ص28 ].
وخلاصة القول:
أن الشيعة مضطربة حائرة في كتاب ربها، هل تقرأ في الكتاب الموجود الآن ؟ هل تحفظه؟ هل تعمل به ؟ أو تنتظر حتى يقوم القائم ؟ ! .
وأهل السنة والجماعة كفتهم آية في كتاب ربهم : {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} . وهي تقضي على كل خبر مهما علا سنده أو تواتر نقله . فلله الحمد والمنة على برد اليقين في القلوب.
ثالثاً: هل الشيعة مجتمعة علىهذه العقيدة ، مع بيان اختلاف مشايخ وعلماء الشيعة في مسألة هل القرآن ناقص أو محرف ومبدل ! .
أ – موقف علماء الشيعة المتقدمين :
وبعد فإن الناظر في كتب الشيعة والمطلع عليها ليحتار أشد الحيرة عندما يرى اختلافهم وتناقض أقوالهم على مسألة تُعد من أهم مسائل الدين، وهو بيان المصدر الأول للتشريع : هل هو محفوظ بحفظ الله ؟ أم أنه قد ناله التحريف والتبديل والنقصان ؟
أقول: انقسم علماء الشيعة في تقرير هذه المسألة إلى فريقين :
الفريق الأول وهم الأقل
:أنكروا أن يكون القرآن قد ناله النقص أو التحريف والتبديل . ومنهم :
1- ابن بابويه القمي (ت381هـ) يلقب عند الشيعة بالصدوق، صاحب (من لا يحضره الفقيه) وهو أحد صحاحهم الأربعة في الحديث والموصوف عندهم برئيس المحدثين . أنكر مقالة التحريف وقال : (اعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله تعالى على نبينا محمد هو ما بين الدفتين وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك ... . ومن نسب إلينا أنا نقول أكثر من ذلك فهو كاذب )[الاعتقادات: ص 101-102] . 2- أبو الفضل الطبرسي صاحب كتاب (مجمع البيان) وهو غير الطبرسي الآخر صاحب كتاب (الاحتجاج) . حيث أنكر الطبرسي الأول هذه المقالة وبرأ الشيعة منها فقال: (ومن ذلك الكلام في زيادة القرآن ونقصانه، فإنه لا يليق بالتفسير ، فأما الزيادة فيه فمجمع على بطلانها، وأما النقصان منه فقد روى جماعة من أصحابنا وقوم من حشوية العامة أن في القرآن تغييراً ونقصاناً، والصحيح من مذهب أصحابنا خلافه وهو الذي نصره المرتضى قدس الله روحه ... ) [انظر مجمع البيان : 1/31] .
. قلت : وفي قوله –آخر كلامه- إن حشوية العامة خالفوا في ذلك . مراده بذلك أن أهل السنة اختلفوا في هذه المسألة كما اختلف الشيعة . وهذا كذب ترده كتب أهل السنة قاطبة، فإنهم أجمعوا على أن القرآن الذي بأيديهم تام كامل محفوظ بحفظ الله . ولكنه –أي الطبرسي – حاول أن يجد لقومه العذر في هذا الاختلاف، فأراد أن يشرك أهل السنة مع بني قومه في هذا الاختلاف الضال .
3- الشريف المرتضى (ت436) كان ينكر هذه المقالة ويكفر من قال بها: (إن العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان والحوادث الكبار والوقائع العظام والكتب المشهورة وأشعار العرب المسطورة، فإن العناية اشتدت والدواعي توافرت على نقله وحراسته .... [إلى أن قال:] فكيف يجوز أن يكون مغيراً أو منقوصاً مع العناية الصادقة والضبط الشديد... [انظر أصول مذهب الشيعة الإمامية 1/293]
4- الطوسي (ت450) صاحب كتابين من كتب الحديث الأربعة المعتمدة عندهم، وصاحب كتابين من كتب الرجال الأربعة المعتمدة عندهم . يقول: (وأما الكلام في زيادته ونقصانه ممما لا يليق به أيضاً، لأن الزيادة فيه مجمع على بطلانها، والنقصان منه فالظاهر أيضاًَ من مذهب المسلمين خلافه وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا، ورويت روايات كثيرة من جهة العامة والخاصة بنقصان كثير من آي القرآن ونقل شيء منه من موضع إلى موضع، لكن طريقها الآحاد التي لا توجب علماً، فالأولى الإعراض عنها، وترك التشاغل بها لأنه يمكن تأويلها...) [التبيان : 1/3] .
وبعد أن سقنا كلام بعض مشايخ الشيعة علمائها المعتبرين عندهم، لا بد أن نذكر جملة من كلام الطرف الآخر المؤيد لمقالة وقوع النقص والتحريف في كتاب الله عز وجل . فمنهم :
1- شيخهم المفيد (ت413هـ) فقد سجل في كتابه أوائل المقالات إجماع طائفته على وقوع النقص والتحريف في القرآن فقال: (إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وسلم باختلاف القرآن وما أحدثه بعض الطاعنين فيه من الحذف والنقصان ) [أوئل المقالات ص54] . .
2- علي بن إبراهيم القمي –شيخ الكليني صاحب الكافي – له تفسير باسمه (تفسير القمي ) حشاه من هذا القول المفترى وصرح في مقدمته بهذا [انظر على سبيل المثال : تفسيره 1/84، 100، 110، 118 .. ]. قال الكاشاني –وهو من شيوخ الشيعة- عن تفسيره : (فإن تفسيره مملوء منه وله غلو فيه ) [تفسير الصافي : 1/52]. ونود أن نشير إلى أن علي بن إبراهيم القمي هذا معظم عند بعض المعاصرين ككبير علماء الشيعة اليوم (الخوئي ) فهو يوثق روايتها كلها فقال: (ولذا نحكم بوثاقة جميع مشايخ علي بن إبراهيم القمي الذي روى عنهم في تفسيره مع انتهاء السند إلى أحد المعصومين ) [أبو القاسم الخوئي: معجم رجال الحديث : 1/63] .
3- الكليني (ت328هـ) وهو يلقب عند الشيعة بـ (ثقة الإسلام) ومؤلف أصح كتاب من كتبهم الأربعة المعتمدة في الرواية وهو (الكافي ) وروياته عند شيوخ الشيعة في أعلى درجات الصحة . يقول الكليني : ( إن القرآن الذي جاء به جبرائيل إلى محمد (ص) [هكذا] وآله وسلم ، سبعة عشر ألف آية ) [أصول الكافي : 2/134] . والمعلوم أن آيات القرآن أقل من هذا العدد بكثير، ومعنى القول : أن هناك آيات كثيرة ساقطة من القرآن . ولذا فإن الكاشاني يقول عن الكليني : (إنه كان يعتقد التحريف والنقصان في القرآن ، لأنه روى روايات في هذا المعنى في كتابه الكافي ولم يتعرض لقدح فيها مع أنه ذكر في أول كتابه أنه يثق بما رواه ) [تفسير الصافي: المقدمة السادسة ص 52] ط: الأعلمي .4-
ميرزا حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي : مؤلف كتاب : (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب ) . وهذا الكتاب هو الذي أظهر خلاف الشيعة في هذه المسألة، أو بمعنى آخر أجج الخصومة بين الشيعة، حيث حشد فيه من الأدلة وأقوال من سبقوه على إثبات التحريف والنقص في كتاب الله ، ورد على المخالفين الذين ينكرون التحريف . ولا نحتاج إلى أن نعزو شيئاً من صفحاته، بل تأمله من أوله إلى منتهاه فإنه لا تخلو صفحة منه من تقرير أن القرآن الذي بأيدينا ناقص ومحرف ومبدل .
هذا غيض من فيض ولقد تركنا ذكر بعض مشايخ الشيعة خوفاً من الإطالة، ونكتفي بسرد سريع لهم :
6- العياشي في تفسيره (1/13،168،169).
7-فرات بن إبراهيم الكوفي ( تفسير فرات : ص18، 85)
8- محمد بن إبراهيم النعماني ، كتاب الغيبة (ص218).
9- إبو القاسم الكوفي : كتاب الاستغاثة (ص29).
10-الطبرسي (صاحب كتاب الاحتجاج ) (ص14).
11-المجلسي (ت1111) (مرآة العقول : 2/536).
12- نعمة الله الحزائري : الأنوار النعمانية 2/356 .
13-المازندراني (ت1081) شارح الكافي : (11/76)وغيرهم .
ولكن ومع ظهور مقالات الشيعة وتكاثرها في كتبهم إلا أنك لا تظفر بشيء منهم فيما لو ناقشتهم في هذه المسألة، فتارة يحيلونك إلى التقية، وتارة إلى أن هذا الأمر لم يكن من طريق التواتر، وغير ذلك من الطرق الملتوية التي يلبسونها على غير شيعتهم، ولكنهم فيما بينهم مختلفون، فمنهم من يقر بهذا التحريف وأنه واقع في القرآن وهم الأكثر ، ومنهم من لا يقر به وهم القليل . وصاحب كتاب فصل الخطاب : يهون من شأن المخالفين له ويصف بعضهم بقلة العلم كما قاله في حق الطوسي ، قال: (والطوسي في إنكاره [يعني لتحريف القرآن ] معذور لقلة تتبعه الناشيئ من قلة تلك الكتب عنده) [فصل الخطاب ورقة 175] .
أو يلجأ إلى التقية إن لم يجد ما يفند به قول خصمه . وأما الخلاف بينهم فهو واقع وتشهد به كتبهم . والحمد الله الذي هدانا ولم يضلنا في كتابه .
ب: موقف علماء الشيعة المعاصرون وكتابها من عقيدة نقصان القرآن وتحريفه .
اختلف علماء الشيعة المعاصرون في هذه المسألة كما اختلف اسلافهم، ولكن مع اختلاف بسيط فيما بينهم . وسوف يأخذ البحث محورين :
المحور الأول : إنكار بعض المعاصرين من الشيعة لمقالة التحريف .
المحور الثاني: الاعتراف بوجود هذه المقالة في كتبهم ومحاولة تبريرها .
فالأول: إنكار بعض المعاصرين من الشيعة لمقالة التحريف .
ومنهم :
1- عبد الحسين الأمين النجفي في كتابه الغدير . حيث خطأ ابن حزم في نسبة هذه المقالة إلى شيعته ، فقال : (ليت هذا المجتريء أشار إلى مصدر فريته من كتاب للشيعة موثوق به، أو حكاية عن عالم من علمائهم تقيم له الجامعة وزناً.... ثم قال : وهذه فرق الشيعة في مقدمتهم الإمامية مجمعة على أن ما بين الدفتين هو ذلك الكتاب لا ريب فيه ) [الغدير: 3/94-86] .
والجواب عنه : قول النجفي هذا تقية بلا شك ، وإلا هل يُعقل أن يجهل شيخ من شيوخهم ما تحتويه بعض كتب الشيعة من إنكار هذه الفرية ، أو حتى ذكر الخلاف فيه . وقوله إن الإمامية مجمعة على ذلك : كذب لا شك فيه، تكذبه كتب الشيعة . وقد سقنا في الحلقات الماضية ما يثبت ذلك من واقع كتبهم .
2- عبد الحسين شرف الدين الموسوي قال: (نسب إلى الشيعة القول بالتحريف بإسقاط كلمات وآيات، فأقول نعوذ بالله من هذا القول ونبرأ إلى الله من هذا الجهل، وكل من نسب هذا الرأي إلينا جاهل بمذهبنا أو مفتر علينا، فإن القرآن الحكيم متواتر من طرقنا بجميع آياته وكلماته ) [أجوبة مسائل جار الله : 28-29] . .
والجواب عنه : أما تعوذه بالله من هذا القول فنحن نوافقه على ذلك، وأما إنكار نسب هذا القول لبعض مشايخ الشيعة فيقال فيه ما قيل في الجواب السابق . ولكن ينبغي أن يلحظ أن قوله : ( فإن القرآن الحكيم متواتر من طرقنا .. ) . ففي هذا القول إيهام للقاريء . فماذا يقصد من طرقنا ؟ فإن كان يقصد من طريق المسلمين جميعهم فنحن نوافقه، فالقرآن تواتر عند المسلمين جميعهم . وإن كان يقصد تواتر من طرقهم أي من طرق الأئمة المعصومين، أي القرآن المنتظر الغائب، فهذا هو الذي لانوافقه عليه بل نضلل قائله .
3- لطف الله الصافي، وأغا برزك الطهراني . حيث ذهبا إلى محاولة (غبية مكشوفة ) في بيان قصد النوري الطبرسي من تأليفه كتاب (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب) . فقالا: إن مراد المؤلف هو الرد على من أثبت هذه الفرية، والقصد من تأليفه هو محاربة هذه المقالة !! .
والجواب عنه : أن اسم الكتاب ظاهر من عنوانه لا يحتاج معه إلى تأويل
. وثانياً :
أن مؤلف الكتاب نفسه قد صرح بهذا الغرض في مقدمة كتابه ، وكتابه كله في تقرير هذه المسألة وبيان وقوع التحريف والنقص في كتاب الله . وبهذا يتبين فساد قول الصافي والطهراني .
المحور الثاني: الاعتراف بوجود هذه المقالة في كتب الشيعة ومحاولة تبريرها .
وهذا الصنف من علماء الشيعة لم يسعهم إنكار ما سطرته كتبهم واطلع عليها المسلمون وغيرهم ، فلم يمكنهم من إنكار ما تحويه كتبهم فيكونوا مكذبين لعلمائهم ومشايخهم ، فذهب أولئك إلى تلمس الأعذار وجلب التأويلات، والبحث في بطون كتبهم علهم يجدون شيئا يتشبثون به . وقد اختلفوا في تبرير هذه المقالة، وهي محاولة منهم لحفظ عقيدة الشيعة من الظهور أمام المسلمين بمخالفتها لما استقر عندهم من حفظ الله لكتابه .
1- فذهبت طائفة إلى القول : أن الروايات التي فيها ذكر هذه المقالة : (ضعيفة شاذة وأخبار آحاد لا تفيد علماً ولا عملاً ، فأما أن تؤول بنحو من الاعتبار أو يضرب بها الجدار )[محمد حسين آل كاشف الغطا (أصل الشيعة 63-64)] .
والجواب عنه :
إن ذكر أن هذه الأخبار ضعيفة وشاذة وأخبار آحاد ، لا يستقيم مع ما ذكره علمائهم ومشايخهم المعتبرين عندهم كالمفيد والكاشاني والمجلسي الذين صرحوا باستفاضة هذه الروايات وتواترها عندهم وشهرتها وصحتها . واعتماد هذا القول من شيخهم المعاصر ينسف ما قرره أولئك الاوائل ! . فبأي قول تأخذ الشيعة ؟ أم أن الأمر يعود تقية ؟ هذا ما نخشاه ! .
2- وذهبت طائفة إلى القول بأن القرآن الذي بأيدينا ليس فيه تحريف ، ولكنه ناقص قد سقط منه ما يختص بولاية علي ( وكان الأولى أن يعنون المبحث تنقيص الوحي أو يصرح بنزول وحي آخر وعدمه حتى لا يتمكن الكفار من التمويه على ضعفاء العقول بأن في كتاب الإسلام تحريفاً باعتراف طائفة من المسلمين ) [أغا برزك الطهراني (الذريعة3-313)] . .
والجواب عنه :
ما الفرق بين أن يقال تحريف القرآن ، أو تنقيص القرآن ؟ . كلاهما تلاعب بالآيات. والدعوى بأن ما سقط هو ما يختص بولاية علي رضي الله عنه، هو تأكيد لما يقرره جمهور الشيعة من وجود النقصان في القرآن الذي بأيدينا ! . ولا يخفى عليك أخي ما تحمله كلمة (باعتراف طائفة من المسلمين ) . فهو يريد التلبيس على المسلمين بأن فيهم من قال بهذه المقالة، والحق أن هذا القول انفرد به الشيعة دون غيرهم من الطوائف .
3- وذهبت طائفة إلى القول : بأن القرآن الذي بين الدفتين هو كلام الله الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم بدون زيادة ولا نقصان ، ولكن : ( أننا معاشر الشيعة –الاثني عشرية – نعترف بأن هناك قرآناً كتبه الإمام علي رضي الله عنه بيده الشريفة، بعد أن فرغ من كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتنفيذ وصاياه، فجاء به إلى المسجد النبوي فنبذه الفاروق عمر بن الخطاب قائلاً للمسلمين حسبنا كتاب الله وعندكم القرآن فرده الإمام علي إلى بيته ولم يزل كل إمام يحتفظ به كوديعة إلهية إلى أن ظل محفوظاً عند الإمام المهدي القائم عجل الله تعالى فرجنا بظهوره ) [الخراساني (الإسلام على ضوء التشيع : 204)] . .
والجواب عنه :
إن كان مصحف علي رضي الله عنه ، كما كان عند ابن مسعود مصحف خاص به، لا يختلف عن مصاحف المسلمين، فلا حاجة بنا إلى رد هذه المقالة لا تفاقنا وإياهم على ذلك . وإن كان مصحف علي رضي الله عنه الذي عهد به إلى الأئمة بعده يخالف ما عندنا وفيه زيادة على القرآن الذي بين أيدينا ، عاد الأمر إلى أصله وهو أننا نقرأ في قرآن ناقص، وأن قوله تعالى : {إنانحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} ليس على حقيقته . –نعوذ بالله من ذلك - . ثم إن غياب هذا المصحف طوال هذه القرون إلى أن يظهر المهدي فيه إشقاق على الناس وضلالهم عن الهدى .
4- وطائفة تقول : (وقع بعض علمائنا المتقدمين بالاشتباه فقالوا بالتحريف ولهم عذرهم، كما لهم اجتهادهم ، وإن أخطأوا بالرأي، غير أنا حينما فحصنا ذلك ثبت عندنا عدم التحريف فقلنا به وأجمعنا عليه ) [الشيعة والسنة في الميزان، محاكمة بقلم س خ ، نشر نادي الخاقاني ص 48-49] . والجواب عنه :
ونحن نقول بأن القرآن لم يحرف ، وأن جمهور علماء الشيعة كانوا في ضلال في هذا الباب، ونحن نطالب بأن يكون هذا هو الذي تجمع الشيعة عليه الآن لا تقية . ولكن الواقع يكذب ذلك ولا يصدقه، فما تزال بعض الكتب المعاصرة الشيعية تطفح بهذا المقالة وتنصرها، وإن كان الأعم الأغلب منها يقررها ولكن بطرق خفية .
والحاصل : أن المعاصرين من علماء الشيعة إن كانوا صادقين فيما يدعونه فليظهروا هذا الأمر وليطبقوه واقعاً وليشهروه علنا صريحاً بلا مواربة . أما سرد العبارات الملبسة أو الصريحة المغلفة بالتقية بدون عمل فلا . ويبقى الأمر في خلفهم كما هو في سلفهم [/ALIGN].