طرق مواجهة الشيعة
في إشغال وإلهاء أهل السنة
الجزء الأول
أبوعبد العزيز القيسي:: خاص بالقادسية
ينشغلُ الكثير من العلماء , والدعاة , وطلاب العلم , اليوم برد شبهاتِ الرافضة , حول مسائل نظرية أكثر منها عملية , وعلى مسائل كلامية لا تغني ولا تسمن من جوع , منشغلين بذلك عن تقرير المقررات , وترسيخ الثوابت والأصول , وهذا خلاف منهج الله سبحانه وتعالى , وهذا الإنشغال من قبل دعاة الإسلام أمر مقصود لذاته لدى الشيعة الرافضة , فهم حريصون كل الحرص على جعل أهل السنة والجماعة يُغرقون في تلك الجزئيات حتى يحصلوا بذلك على هدفٍ ونتيجةٍ مهمةٍ ؛ بل هي في غاية الأهمية , الا وهي تعطيل الدعاة عن مقارعتهم في تحقيق غاياتهم العليا , وفي ذات الوقت نشر التشيع في كافة أرجاء المعمورة , وذلك من خلال إلهائهم وإشغالهم عن دعوة التوحيد وترسيخ الثوابت , والتي من دونها لا يمكن أن يقف أمام نشر التشيع من واقف .
ففي غمرة إنشغالنا في تلك الجزئيات والرد عليها , ننسى أهمية تربية القلوب على العقيدة وشحن القلوب بها , وبهذا نجور على العقيدة من حيث لا نشعر , حيث أنها تارة تعاني الإهمال وعدم الأكتراث , وتارة تعاني الإهتمام ولكن مع الإغراق في الجزئيات , حيث يُخلط مع عرضها للناس تلك المسائل الكلامية والعلوم المنطقية فتقدم للناس وكأنها دستور من الطلاسم . ولقد كان السلف رضي الله عنهم أجمعين إنما يكتفون بآية من كتاب الله سبحانه مع حديث صحيح يفسر ويفتق معاني التوحيد التي يريدونها ويطرحونها للناس , أما دور العالم فقد كان ينحسرُ في وضع العناوين المناسبة لتلك الآيات والأحاديث دون إغراق أو إسفاف , وبتلك الطريقة يأخذ الناس العقيدة سهلة واضحة قريبه من النفوس , لا تَكلف فيها ولا تعقيد .
إن هذا الأسلوب في الطرح عموما أمر يضّر بعوام أهل السنة أيضا , وقد لا ينفع الشيعة في شئ , وقد أصبح من المعلوم بحكم المعاشرة والمناظرة مع هؤلاء الرافضة , أن همَّ هؤلاء ينحصر في إلقاء الشبهة ليس إلا , ولا يهم إن كان هنالك من جواب على تلك الشبهة أم لا , فهمّهم إثارة قلوب أهل السنة نحو تلك الشبهة , وليس همّهم معرفة الجواب ؛ وذلك لإشغال أهل السنة بأنفسهم , وهذا أمر لايكاد لا يخفى على كل ناقد بصير , فهذا هو دينهم وديدنهم , فإن الشبه المطروحه لاحد لها ولا وصف , وهي تفرّخ شبهاً أُخرى إن لم تجد ذلك الرد القامع , بل حتى إن وجد , فإن أغلب القلوب اليوم إنما مثلها كالأسفنجة ؛ كما يصف شيخ الإسلام ابن تيمية , فحتى وإن رُدت تلك الشبهات فإنه قد يبقى أثرها , وهذا هو مَكن الخطر وأصل الداء , ومما يزيدُ الطين بلة , هو سوء عرض بعض الدعاة لتلك الجزئيات زيادة في الإغراق فيها , وهو أمر يخدم المشروع الرافضي البغيض , فمما يؤسف له أننا نرى من أمثال اولئك العلماء والدعاة من تكون طريقته في عرض تلك الشبهه , وكأن فيها نوع من التقرير على أهل السنة , حيث إن السني لم يسمع بتلك الفرية طيلة حياته , وفي حال سماعه لها يكون الرد باهتا وضعيفا ؛ بل إن فيها تقرير على ذات المتكلم من حيث يدري ولايدري , لذا يمكننا القول إن قضية دعوة الرافضة وتحصين أهل السنة الجماعة لاتزال قضيةٌ جهودها مبعثرة , يقوم بها بعض الدعاة حسبة لوجه الله تعالى دونما وجود إطار محيط لتلك الدعوة , وتلك لعمر الله ظاهرة سلبية , فمن تلك الظواهر : أننا نرى الكثير من الدعاة حين يدعون الناس إلى التوحيد يتحدثون إليهم وكأنهم طلاب أكاديميون , ومافطن أن اغلب هؤلاء إنما هم من العوام , وإن كان لهم حظ من الثقافة والعلم , لكن مشاكل الحياة قد أرهقتهم كثيرا ؛ وبالتالي فهو أمام مجموعة من الناس مرهقي الذهن , لذا فإن هؤلاء يحتاجون إلى عرض مبسّط أقرب مايكون إلى التلقين والتحفيظ , وبطريقة يفهمها الصغير والكبير ويُقبل عليها أي إنسان طال نفسه أم قصر , وبعدُ أقول : لازلت أقلب بصري ورحلي وأنا مكبوت بمزيد من الحزن والأسى , يعتصر أناملي قبل قلبي , إذ لا أجد إلا الإشتغال بالجزئيات والتوافه على حساب الأصول.
وفي خضم كل ذلك يمكننا القول إن أهل السنة والجماعة يعانون من أزمة خطاب , مع أن الله سبحانه وتعالى قد ميزهم عن سائر الأديان وأهل البدع بذلك الدين الذي يرتبط مباشرة بوحي السماء , وذلك عن طريق السند الصحيح الذي افتقرت إليه جيمع الأديان السابقة وانتحلته طوائف البدع زوراً وبهاتانا .
واذا كان الأمر كذلك فإن قضية الدين عند أهل السنة والجماعة , قضية يدعمها وحي السماء وليس بعد ذلك من قوة .
ولكن وللاسف الشديد , قد فشل أغلب علمائنا في الدفاع عن قضيتنا وديننا أمام مدّ الروافض , ولأسباب كثيرة منها العجز, والإنشغال بالتوافه ومنها عدم ترتيب الأولويات , ومنها الإستهانة بالخصم , ومنها فقدان المنهجية والتأصيل , ومنها الإنبهار بما هو عليه من علم وتحصيل , ومنها الركون إلى طريقة من قد سَبق في تقديم العلم دون النظر إلى تقلبات المجتمع وتطوراته . فلازال الكثير من علماء وخطباء ودعاة الأمة مفتونون بالسجع البارد , والجعجة بالأصوات المرتفعة وكأنه بهذا الفعل إنما يدعوا لنفسه لا إلى دين الله سبحانه .
خلاصة القول : إن علمائنا وخطبائنا هم بالحقيقة محامون فاشلون بامتياز .
ألم يقل علي بن ابي طالب رضي الله عنه في الحديث الذي رواه البخاري رحمه الله : ( حدثوا الناس بما يعرفون , أتحبون أن يكذب الله ورسوله ) [1]
وما يحصل اليوم من تحّول بعض الناس إلى طائفة الرفض والعياذ بالله , إنما هو تكذيب لله ورسوله ؛ وماحصل ذلك إلا لأن العلماء والدعاة انشغلوا بخطاب أنفسهم دون خطاب الناس , فكُذّب الله ورسوله جرّاء ذلك .
فالرافضة وبكل أسف فرقة تخطط وتكيد لأمة الإسلام وتمكر , ومن وراء كل ذلك دولة حاضنة , وقارونٌ يدفع , فالدولة الحاضنة تحتضن رعاياها في كل مكان , وتدفع عنهم كل ضرر في كل وقت وحين , وتصنع منهم نُخبا وقادة ودعاة وعلماء ... وماشاءت أن تعمل في سبيل تحقيق غاياتها ومطامحها , وأما المال المتحصل من أمول الأخماس فقد تكون له بداية ولكن حتما لن تكون له نهايه , وهم بهذا المال ينشرون الدعاة في كل مكان , ويشترون به ذمم أبناء الأمة ممن ضعفت نفوسهم ويسغفلون به الأمم والشعوب الفقيرة , ويشترون الإعلام الذي هو اليوم الموجه الحقيقي لحياة الناس , والأمة غافلة لاهية ؛ بلى , هنالك محاولات هنا وهناك ؛ ولكنها لاتعدوا إلا أن تكون محاولات فردية وجهود مبتورة , وبالتالي فهي جهود ضائعة ذاهبة أدراج الرياح , وكل تخطيط لاينبني على فهم عميق لمجريات الأحداث , مع التصور الكامل للواقع في جميع جوانبة ونواحيه ؛ سيكون وبالا على الأمة , بل هو في الحقيقة تخبط لا تخطيط .
وفي الوقت الذي تخطط فيه الرافضة لما بعد مائة سنة أو يزيد , فإننا نجد الفشل الذريع في تخطيط أهل السنة والجماعة ولو لعشر سنوات قادمة .
لقد ذكر الله في كتابه الكريم خطط المشركين والمنافقين في النيل من دينه ( هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا )[2] ( هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ )[3]
(إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَأَكِيدُكَيْداً فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً)[4]
وكشف عن مكائد اليهود والنصارى (وَلَنْ تَرْضَىعَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)[5]
(وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُواآمَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْبِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَرَبِّكُمْ)[6] وأماط اللثام عن دسائس المنافقين ( يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ)[7]
والرافضة اليوم إنما هم امتداد طبيعي وصارخ لتلك الشرذمة من أولئك المشركين والمنافقين , فلماذا لاننظر في خططهم ومكائدهم ونضع لها مايقابلها , أم إن العجر والتشرذم هو الذي أقعدنا عن مواجهة ذلك الخطر.
إن من ضروريات فقه الواقع كشف سبيل المجرمين بشتى أشكاله , اذ إن كشف تلك الخطط إيذان بابطال كيدها ورد لتدبيرها إلى نحور أصحابها , وإن العناية بهذا الجانب حماية للجماعة المسلمة , ورد لكيد الظالمين عنها , قال تعالى : (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُالْمُجْرِمِينَ).[8]
فمن مكائدهم أنهم يراهنون على إبعاد علماء الأمة عن جمهورهم, لانهم يدركون تماما أن أولئك العلماء وأولئك الدعاة إنما هم السد المنيع ضد مؤامراتهم ومخططاتهم , فإنهم إن ظفروا بالعامة كسبوا الرهان , وهذه هي نقطة الأرتكاز في كل معارك الرافضة مع الأمة , فهم حريصون على إظهار التناقض وضعف العلم عند اهل السنة والجماعة , ولو من طرف خفي .
والحقيقة أننا إذا أردنا استقصاء طرق الشيعة في إلهاء أهل السنة عن دينهم وواجبهم اتجاه هذا الدين فإنه يطول بنا المقام , ولكننا هنا نذكر أهم الطرق التي جالت في نظرنا من خلال المعاشرة والمناظرة :
1- جعل أهل السنة والجماعة مشغولين بالفعل اليومي , بعيدا عن كل مايدبر لهم ويحاك عليهم من مؤامرات في الحاضر والمستقبل , وذلك من خلال طرق كثيرة أهمها كثرة الصراخ بالشُبه والتُهم من أجل أن ينسوا في غمرة كل ذلك , التوجه الستراتيجي ويتركوا أو يضيّعوا الفكر المنهجي البعيد المدى . إن أهل السنة والجماعة بحاجة ماسة لمراجعة أساليب العمل لأن الأستمرار رهن الجمود الذي تعاني منه أغلب كوادر أهل السنة ضمان أكيد لمزيد من الأخطاء وبالتالي استحالة تصحيحها , إن تصدي الدعاة للأمور الطارئه والأحوال الآنية , وتركيز جهودها نحو ذلك أكثر منها للتخطيط للمستقبل , هو أسلوب عمل يقلص إمكانيات التفكير المنهجي , بلى إن ضغط المشاكل الطارئة يعرقل بدورة التفكير على المدى البعيد , ولكننا إذا استمررنا على هذا المنوال وعلى تلك الكيفية فلاشك أننا سوف نبقى حبيسي حلقة مفرغة .
2- إشغال أهل السنة بالدفاع عن أنفسهم , وذلك من خلال اتهامهم بأنهم نواصب , وتكفيريون, وأنهم أعداء لآل بيت محمد صلوات ربي سلامه عليه , دون النظر إلى جريمة الرافضة الكبرى , ألا وهي تكفير الصحابة رضي الله عنهم جميعا , والتي تعني بالضروة القول بتحريف القران .
3- إغراقهم بالجزئيات وإشغالهم بالماضي دون الحاضر بكثرة الجدل حول مسائل تأريخية , ومن ثم تحويلها إلى قضية صراع لايكاد يهدأ أو ينتهي , وهذا بالحقيقة باب من أبواب المبالغة في التحقيق , يقابله جهل كبير بواقعنا ومايجري فيه من تحويل المسلمين وحرفهم عن دينهم الصحيح , والحقيقة إن الإنشغال بالجزئيات دليل صريح على عجزنا وتفاهة أفكارنا , وصياغة الواقع أو النزول اليه , وبالتالي أصبحنا كمن يطحن في الهواء , وهذا هو عين ماتصبوا إليه الرافضة .
ان ضرر هذا الأستغراق والذي يقع الكثير منا اسيراً لما يصوره لنا من أصول وتخريجات والتي تصبح على مرّ الزمن جزء من لحم الداعية ودمه , وبالتالي يصعب نزعه منها , وحينها لايكون ضرره على نفسه فقط وإنما على عموم أُمته ,وقد يكون من ضرر الإستغراق في الجزئيات تقريرها من حيث لانشعر .
4- إشغال أهل السنة والجماعة بالثورات والفتن في بلادهم , بعد اشعالها من خلال عملائهم المنتشرين في أغلب البلاد الإسلامية .
5- كثيراً مايُشغل دعاة الرافضة دعاة أهل السنة بالدعايات وينهكونهم بها , وقلما نجد من دعاة أهل السنة من التفت إلى ذلك ونبّه إليه .
6- كذلك يهتم الرافضة بإتهام أهل السنة والجماعة بالعمالة والتجسس لجهات أجنبية , وهذا مانره منهم عيانا بيانا في كل مايصدرون ويوردون , كذلك اتهام أهل السنة بمصادرهم المالية وخاصة العلماء منهم.
هذا في نظري هي أهم طرق الرافضة في إشغال وإلهاء أهل السنة عن قضيتهم ودينهم , أما عن أهم أسباب تمددهم فسنتناوله في مقالنا القادم .
[1] صحيح البخاري 1\217
[2] المنافقون الأية 7
[3] المناقفون الأية 4
[4] الطارق 17
[5] البقرة 120
[6] البقرة 76
[7] النساء 142
[8] الأنعام 55
طرق مواجهة الشيعة
في إشغال وإلهاء أهل السنة
الجزء الثاني
تحدثنا في القسم الأول من هذا المقال عن بعض الأخطاء والممارسات التي يقع فيها أهل السنة والجماعة في الدعوة وتحدثنا عن أهم طرق الرافضة في إشغال أهل السنة عن قضيتهم , وفي هذا القسم سنتحدث عن أهم أسباب تمددهم والتي يمكن إجمالها بالنقاط التالية :
1- مبالغة أهل السنة في تقدير حجم خطر الرافضة أمر يدعو إلى العجز والفشل ويقعدهم عن العمل , وقد نعطيهم من حيث لانشعر الكثير من المكاسب , وهم لايستحقونها .
2- وحدة الهدف وسهولته عند الشيعة الرافضة , فليس للرافضة من عدو غير أهل السنة والجماعة , ذلك هو ماتحدده أدبياتهم وهذا هو مايصرخ ويلهج به واقعهم , وهذه الوحدة في الهدف يشترك فيها عامة الشيعة عالمهم وجاهلهم , شريفهم ووضيعهم , لايختلفون في ذلك ولايتنازعون فيها قيد أنملة , وهذا هو أحد أسرار تمددهم , أما أهل السنة فقد خارت قواهم بين أعداء شتى , مع إن الله جل وعلا قد حدد في كتابة العزيز من هو العدو الذي أولى بالمواجهة .
3- من أعظم أسباب تمدد الرافضة هو ذلك الفارق الكبير بين الداعية والخطيب السني , وبين الداعية والخطيب الرافضي , فالأول يخطب وفق أوامر وأفكار لاتعني الجمهور إلا ماندر , وقلما نجد خطيبا أو داعية سنيا يواكب الحدث , فهو في واد والجمور في واد آخر , أما الثاني فإنه يراعي حركات وسكنات الجمهور بأدق تفاصيلها , فهم لسان حال جمهورهم , لذلك فإننا لانرى ثمة فرق بين نتاج الجمهور ونتاج الدعاة والخطباء عندهم , وهذا هو مايميز دعوتهم , ويوضح أسباب تمددها .
4- إن من أعظم أسباب أنتشار الرفض هو تلك السذاجة القاتله لأهل السنة والجماعة , والقابلية الشديدة للإستغفال ؛ والتي تصل في كثير من الأحيان إلى درجة الخيانة العظمى , وماذاك إلا لفراغ قلوبهم وعقولهم من العقيدة الصحيحة التي توجب عليهم مولاة المؤمنين والبراءة من المشركين والتولي عنهم , والتقصير في هذا الأمر إنما يعود على إنشغال الدعاة كما ذكرنا آنفا بالجزئيات عن الدعوة إلى الثوابت والأصول .
5- تهاون عامة أهل السنة عن مهمة نشر الدعوة بين أوساط الناس , على عكس عامة الرافضة فهم يعملون فرادى وجماعات على نشر دعوة الرفض بين أوساط الناس , أما طبقة النخبة من أهل السنة فهم مثبطون لأي دعوة , بل هم لدعوة الرافضة أحمل وأقرب , والأمثلة في ذلك أكثر من أن تذكر . وما ذاك إلا لفقدان تلك النخب العقيدة الصحيحة وعدم تمسكها الصحيح بعقيدة الولاء والبراء , الأمر الذي جعل أبواب الدول السنية مفتوحة على مصراعيها أمام مد الروافض . ومن هولاء النخب وبعض المفكرين من لم يستفق من مكر الرافضة إلا بعد عشرات السنين , وأما عوام أهل السنة فقد احمرت ايدي الكثير منهم تصفيقا , وبُحت حناجرهم تهليلا وتكبيرا لمن أعلنها في الظاهر ثورة اسلامية , وفي الحقيقة التكفير والحرب على جميع الأمة , ماخلا أفراد الطائفة . ولم تتعظ هذه الأمة بكتاب ربها , وإنما أختارت المصير الأشقى ورضيت لنفسها الطريق الأنكى , وأبت إلا أن تتعظ بالمصائب التي تجري عليها لاعلى غيرها , فاستفاق بعض افرادها , ولست ادرى متى يتسفيق الباقون, وليت شعري أين كان هؤلاء من قوله تعالى لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) [1]
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ ) [2]
( لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ) [3]
6- التكرار يولد الأثر كما ذكر علماء السلف , وهذا هو عين ماتفعله الرافضه في دعوة عوامهم وتلقينهم إياهم الشُبه والأفكار المنافية لدين الأسلام , أما الحال عند أهل السنة الجماعة فاقلب تصب .
7- سهولة الطرح وقربه من الأذهان عند الرافضة , وعلى النقيض من ذلك فإننا نجد عند دعاة أهل السنة الجماعة ذلك الطرح المعقد المشوش الذي يبعث على السآمة والملل والنفور.
8- إن مما يبدو لكل ناظر أن جمهور الرافضة هو محط إهتمام الدولة – خاصة تلك الدولة الحاضنة – بل وحتى تلك الدول التي تسمى دولا سنية , كما هو محط اهتمام الدعاة والعلماء دون استثناء , أما جمهور أهل السنة فليس له من نصيب تلك الدولة وعلمائها إلا التهميش والإقصاء .
9- أيدلوجية الثورة الأيرانية المجوسية وشعارتها البراقة ضد أمريكا والغرب ؛ يقابله انبطاح اغلب الحكومات العربية والإسلامية , هذا الظرف الذي أوجد بعض الزعامات الكارتونية الرافضية والتي كانت السبب الكبير في فتنة الكثير من أبناء السنة عن دينهم , الأمر الذي يدفع بالشباب الفارغ إلى إعتناق تلك المبادئ البراقة للثورة الايرانية ومن ثم إعتناق تلك العقيدة المجوسية . إن استثمار الأحداث والثورات الحقيقة والوهمية التي تولد الأنفعالات الحماسية , وتوجيهها من قبل ملالي الطائفة نحو تحقيق هدفهم المنشود , هو مايميز ملالي الطائفة , فهم يعيشون الحدث وييستثمرونه لأقصى غاية , أما علماء أهل السنة والجماعة فانهم من أبعد الناس عن مواكبة الحدث فضلا عن إستثمارة ومن ثم توجية الناس نحو تحقيق الغاية المنشودة من وجود هذا الحدث , فهم على دعوةٍ اقرب ماتكون إلى الرتابة والجمود منها إلى الأبداع والنبوغ .
10- إن من أعظم أسباب العمل والدعوة عند الرافضة هو الهدف المشترك والمشروع القائم الدائم , حيث يستوي في هذا العمل , العالم والجاهل والشريف والوضيع ؛ فالرافضي يشعر ومن صميم قلبة أن هذا الهدف وهذا المشروع يعنيه بالضرورة , وهذه الضرورة لاتخرج عنه ولاتنفك عنه بحال , يقابل ذلك فقدان المشروع والهدف عند أهل السنة عالمهم وجاهلهم الأمر الذي يدعو إلى الدعة والسكون والحيرة في ذات الوقت .
11- إن من أعظم أسباب تمدد الرافضة في بلاد المسلمين هو المستوى الواحد في تحمل المسؤلية , فالعالم عندهم والجاهل والشريف والوضيع , وحتى العاهر لديها من المسؤلية والحرص على نشر دين الطائفة مالدى زعيم الطائفة من الحرص , أما أهل السنة الجماعة , فإن الكل يغني على ليلاه , فالعلماء لكل منهم هدفه ومشروعة وهم في نزاع لايكاد يخفى ولايكاد ينتهي ؛ بالمقابل فان علماء الرافضة فقد اجلوا كل خصوماتهم حتى تحقيق الغاية المثلى والأمنية القصوى للطائفة , وأما عوام أهل السنة فإنهم كما وصف النبي الأكرم صلوات ربي وسلامه عليه , غثاء كغثاء السيل ...
ذهب الذين يعاش في أكنافـــهم ... وبقيت فــــــــــــــي خـــلـــف كجلـــد الأجـــرب
يتلـــــذّذون مــــــجانـــــــــة ومـــــــــذلّــــــة ... ويعــــــــــاب قـــــــــائــــلهم وإن لــــــم يشــــغب
فنعد فـــــــي هــــــــذا وقل في غيره ... واذكــــــــــر شمائـــــــــل مــــن أخ لك معجب
إنّ الرزيئة لا رزيـــــئة بـــــــعدهـــــا ... مــــــثلها فـــــقدان كل أخ كضـوء الكوكب
من معـشر بنــــــت لهم آباؤهــــــم ... والـــــــــــعز لا يــــــــــــأتــــــــــي بغـــــــــــير تــــطلــــب
يا أربد الخـــــير الـــــكريم جـــدوده ... أفردتــــــــــــني أمـــــــــــشري بــــــــــقرن أعـــــضب
12- ينشغل الرافضة في صناعة النخب في أوساطهم وأوساط أهل السنة والجماعة , وإن لم يستطيعو من صناعة تلك النخب في أوساط أهل السنة والجماعة ؛ فإنهم مستعدون لشراء ذمم نخبٍ جاهزةٍ وذلك من أجل الدفاع عن أهداف الطائفة بل وحتى نشر أفكارها , بالمقابل فإن أهل السنة حريصون كل الحرص على إسقاط وتذويب النخب في إمور لاعلاقة لها بشرع الله لامن قريب ولامن بعيد , بل إن الهم الشائع عند أهل السنة والجماعة محاربة النخب وإقصائها .
13- يتميز الرافضة بأنهم يمتلكون ماكنة إعلام ضخمة ومميزة , والذي يميز تلك الماكنة أنها تمتلك القضية والمشروع على عكس ماكنة الإعلام العربي والإسلامي فإنها مهلهلة ضعيفة فاقدة للهوية والقضية , وليس لديها مشروع سوى التسطيح والتهريج , كما أن ماكنة إعلام الرافضة قادرة على صنع أدوات ومكائن إعلامية أخرى على الأرض مرئية وغير مرئية , فمثلا هي تصنع من جمهورها أدوات ووسائل إعلامية متحركة , تسعى جاهدة لنشر الرفض بكل وسيلة وفي كل فرصة .
14- نقطة الارتكاز في كل دعوات الرافضة إلى دينهم مبدئها ومنتهاها ثورة الحسين ؛ أو مايسمى ثورة الإمام الحسين رضي الله عنه وارضاه , وهم يركزون على تلك النقطة مليا , حيث يصوّرون الصراع الذي جرى آنذاك , أنه صراع بين الإيمان والكفر ...وهو ليس كذلك ... بل هو صراع سياسي انبنى على اجتهادات خاطئة من الفريقين , وهم يصدّرون تلك الحلقة من هذا الصراع بهذه الصوره إلى الأمة جمعاء , ويسعون جاهدين على تصوير الصراع على أنه بين يزيد وأجداده من الأمويين والخلفاء الراشدين , وبين الحسين وجده والقلّه من أتباعه المخلصين , وخطورة هذا التصوير أنه ينطلي على فارغي الذهن الذين لايمتلكون شيئا من الثوابت والأصول , حتى ينتهي التصور بهؤلاء ؛ بأن يزيد بن معاوية هو مصدر دين أهل السنة والجماعة , وأن الإمام الحسين هو مصدر دين هؤلاء الشراذم من الرافضة , وهذا التصور القاتل هو الذي دفع بالكثير من العشائر السنية في جنوب العراق وبعض الأفراد في بلاد المسلمين من التحول من التسنن الذي هو دين الله الحق إلى الرفض , ولاننكر أن السبب من وراء ذلك إنما هو فراغ القلوب والأذهان من العقيدة الحقة وعدم معرفتها للثوابت والأصول المقرره عند أهل السنة والجماعة , وها نحن اليوم أصبحنا نسمع من النخب المحسوبة على أهل السنة والجماعة من إعلاميين ومثقفين : أن على المسلم اليوم إما أن يكون مع الحسين أو مع يزيد , وكأن الدين عند هؤلاء لم ينقله إلا يزيد أو الحسين , وغفلوا أو تغافلوا من أن الحسين رضي الله عنه ليس له من الأحاديث عند الفريقين إلا القليل وأما يزيد فليس له حديث واحد عند أهل السنة والجماعة , ولم يحتجوا له بفعل مرة واحدة في التأريخ ؛ وتغافل هؤلاء عن تلك المعارك التي جرت في عهد رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه ولم يعدوها معارك فاصلة بين الكفر والايمان ؛ وكأن هؤلاء نسوا أو تناسوا أن دين الله قد تم وكمل قبل تلك الحادثة بعشرات السنين , ونحن نقول ونسأل ماهي النسبة بين يزيد بن معاوية وأهل السنة والجماعة , ومن الذي زرع هذه الفكرة التي تدل على تسطيح عال في التفكير , وسذاجة قاتلة في الطرح , ومَن هو السبب الذي جعلها تنتشر بين أوساط المسلمين من أهل السنة والجماعة , ومَن الذي هيئ لها لتأتي ثماراها وتطرح أُكلها , كل تلك الأسئلة يجب ان نقدم إجابتها لجمهور أهل السنة بما لايجعل لمريب أن يرتاب .
15- كذلك فإن أحد أهم الأسباب لتمدد الرافضة في بلاد المسلمين , هو أن أهل السنة والجماعة ليس لديهم سياسة واضحة المعالم اتجاه قضاياهم ومصائرهم .
16- الفكر الوطني والقومي المنتشر بين النخبه , وأصحاب الأموال , وأصحاب القرار السياسي , والأقتصادي , ممن ينتسبون إلى أهل السنة والجماعة , وهؤلاء هم الذين يسيرون المجتمع بما لديهم من آليات ومعطيات وإمكانيات , فالصحف , والمجلات , والمؤسسات الإعلامية المسموعة والمرئية , والمؤسسات الاقتصادية العالمية كلها , أو أغلبها بيد هولاء العلمانيين أو الوطنيين , الذين بلغ ضررهم بالبلاد والعباد مالم يبلغه ضرر اليهود والنصاري أجمع , ولست هنا في صدد بيان ضرر الوطنيين والعلمانيين وأثرهم في تمييع الدين , وإنما في معرض بيان حقيقة مهمة ؛ إلا وهي أن من أعظم أسباب تمكن الرافضة وانتشارهم في بلاد المسلمين هم أولئك العلمانييون والوطنييون , بل إنه ما من قطرة دم سنية أهدرت أو شبر من أرض عربية أو إسلامية ضُيعت إلا وكان لأولئك العلمانيين والوطنيين لهم نصيب مع أعداء الله من اليهود والنصاري والرافضة المشركين , بل إنهم مصدر الشرور كلها على الأمة باسرها , فهم بالحقيقة حصان طروادة الذي تحصّن وتخفّى به كل عدو مستتر .
هذه بالحقيقة هي أهم أسباب تمدد الرافضة في بلاد المسلمين ؛ وبقي أن نعرف السبيل لمواجهة هذا التمدد وهو مانتعرف عليه في المقال القادم إن شاء الله .
[1] المجادلة 22
[2] ال عمران 118
[3] التوبة 47
طرق مواجهة الشيعة
في إشغال وإلهاء أهل السنة
الجزء الثالث
تحدثنا في القسم الأول والثاني عن أهم طرق الرافضة في إشغال إلهاء أهل السنة , كذلك تحدثنا في القسم الثاني عن أهم أسباب تمددهم وفي هذا القسم الأخير نتحدث عن السبل لمواجهة هذا التمدد والتي يمكن اجمالها بما يلي :
1- ضبط قضية توجيه الناس وذلك من خلال اختيار الداعية الأكفأ , والقادر على مقارعة الشبهة بالحجة البينة , والدليل الصريح الواضح السهل الذي ليس فيه أخذ أو رد .!
2- ضرورة وجود عمل أعلامي ناضج ؛ أسلامي , يضع عقول الناس في موضعها الصحيح ويضع العقليات الناضجة التي نبحث عنها , ويريك ماعند الناس من غش أو سوء في التصور , الأمر الذي يصنعه الأعلام المزيف .!
3- ضرورة التنسيق بين العلماء والدعاة لوضع خطة واضحة في مكافحة خطر ومد الروافض , وفق ضوابط ومنطلقات واضحه وصريحة .!
4- تحليل الأوضاع السياسية مطلب شرعي فهو جزء من فهم المسلم لواقعه الذي يتحرك فيه .
5- ضرورة وضع سياسه مدروسة وخطاب موحد تجاه عوام الناس , يفهمهم ويعلمهم خطر الروافض على دينهم ودنياهم .!
6- لابد من تحديد الهدف من تلك السياسة وذلك الخطاب الموحد .!
7- لابد من التركيز على قضية الولاء والبراء وإعطائها حقها وحصتها ومكانتها من الدعوة الى الله ؛ فالله عزوجل يبدوء ويعيد مرارا وتكرار في قضية البراءة من المشركين وعدم توليهم , وانهم هم من أعظم أسباب الشرور والخبال التي تلحق الجماعة المسلمة ومجافاة طريقهم , هذا المعنى الكبير يجب أن يكون له النصيب الأكبر من عقولنا وقلوبنا ومجالسنا .
8- إن من أعظم أسباب نجاح دعوة النبي صلوات ربي وسلامه عليه , وأئمة السلف في الدعوة ومعالجة الأحدث ؛ هو الوضوح وتسمية الأشياء بأسمائها بعيدا عن الإغراق والإسفاف .
9- لابد من الإتصال بالجمهور والتفاعل معه , ولايمكن ذلك إلا أن يفهم الجمهور مقاصد الدعاة وأهدافهم , والثاني أن يجد هذا الجمهور حلا لأغلب مشاكله الحقيقية عند أولئك الدعاة , لذا ينبغي على الدعاة أن يعرضوا أنفسهم على الجمهور في صورة واضحة ومفهومة وميسرة , ومن جانب اخر عليهم ان يحددوا بعلمية وموضوعية مشاكل هذا الجمهور وفق معطيات لاخيالات .
وصلى وسلم على سيدنا محمد وعلى اله وسلم تسليما كثيرا .