العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتـــــــــديات العـــــــــــامـــة > الــــحــــــــــــوار العــــــــــــــــــام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-01-16, 11:27 PM   رقم المشاركة : 1
Muhamad Sulaiman
عضو فضي








Muhamad Sulaiman غير متصل

Muhamad Sulaiman is on a distinguished road


Post بيان الإسلام الرد على : دعوى أَخْذ الإسلام شرائعهَ من الديانات السابقة ومن الجاهلية


قَالَ ذِو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ:
۩ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ۩
سُورَةُ يُوسُفَ: الْآيَةِ 104


موسوعة بيان الإسلام: الرد على الإفتراءات والشبهات - ق1 م10 ج16 شبهات حول التشريع الإسلامي
الشبهة السابعة عشر:
دعوى أَخْذ الإسلام شرائعهَ من الديانات السابقة ومن الجاهلية

الرابط:

http://bayanelislam.net/Suspicion.aspx?id=01-05-0017


مضمون الشبهة:
يدعي بعض المشككين أن تشـــريعات الإســـــلام مأخوذة من تشريعات الديانات السابقة عليه، وخاصة من اليهودية والمسيحية، وكذلك أخذها من التشريعات الجاهلية للعرب قبل الإســـــلام، ويستدلون على ذلك بوجود تشابه بين بعض تشـــريعات الإســـــلام وبين هذه الديانات، مثل:
الصلاة، ويوم الجمعة، والصوم، والحج، وحُرْمة الأشهر الحٌرم... وغيرها،
فيزعمون أن كل هذه التشريعات غير إسلامية، وهدفهم من هذا إنكار الإســـــلام بصورة عامة.

(*)- واقع العالم الإسلامي، سعيد زيد، مكتبة وهبة، مصر، ك1، 1417 هــ / 1996م.


»––––––––» ••••»––––––––» ••••»––––––––»


وحوه إبطال الشبهة:

1- الإســـــلام نبع من نفس المشكاة التي نبعت منها الديانات السابقة وخاصة اليهودية والمسيحية، فالله عز وجل، هو الذي أنزل الديانات كلها،
ولكنه سبحانه أوكل حفظ اليهودية والمسيحية إلى البشر، فحرَّف اليهود والنصارى دينهم،

في حين أن الله عز وجل هو الذي تولى حفظ القـــــرآن فلم يتبدل منه حرف واحد.



مواضع الإتفاق في الرسالات السماوية، فإن أهم هذه المواضيع:

الدين الواحد✔✔✔


لُبُّ دعوات الرسل – عليهم الصلاة والسلام✔✔✔


وحدة مسائل العقيدة✔✔✔


وحدة القواعد العامة✔✔✔


2- تشابهت بعض التشـــــريعات الإســـــلامية مع تشريعات الديانات الأخرى تشابهاً إسمياً فقط، أما المضمون والتطبيق فمختلف تماماً،

وكان موقفُ الإســـــلام مما سبقه من الديانات التصديقَ لأصلها قبل التحريف والهيمنة عليها.

ونضرب لهذا ثلاثة أمثلة على اختلاف التشريعات بين هذه الديانات:

1- الاختلاف في شريعة: الصوم✔✔✔

2- الاختلاف في شريعة: ستر العورة حال الاغتسال✔✔✔

3- الاختلاف في التشريع لبعض الأمور المحرمة✔✔✔


موقف الرســـــالة الخـــــاتمة من الرسالات السابقة:

الشرائع التي ظن بعض المتوهمين أن الإســـــلام أخذها من الديانات السابقة، فهذا زعم باطل لا يقوم عليه دليل واضح،

وبيانها كالتالي:


1- الصلاة:

الصلاة في اليهودية: (عــــ 3 ـــدد صلوات)
لم تأخذ الصلاة في اليهوديةشكلاً واحداً، بل تدرجت حسب إسهامات حاخامات الدين اليهودي فيها على النحو التالي:

المرحلة الأولى: الصلاة في عصر الآباء.

المرحلة الثانية: الصلاة في مرحلة ما قبل السبيٍ.

المرحلة الثالثة: الصلاة في فترة السبي وما بعدها.


الصلاة في النصرانية:
الصلاة المسيحية – بشهادة أهلها – توليفة من الصلاة اليهودية والوثنية والأممية.


2- يوم الجمعة:


3- الصوم:


وبيان الفرق بين الصيام في الإســلام واليهودية والنصرانية:


4- الحج:
الحج شعيرة من الشعائر التي عرفت في معظم الديانات السابقة للإســلام، ولكن ما جاء عنها في الإســلام يخالف ما جاء في سائر هذه الديانات المحرَّفة.

ولا يوجد أدنى تشابه بين شعائره في الإســلام وشعائره في الديانات الأخرى


5- تحريم الأشهر الحرم:



3- أبطل الإســـــلام كل المعتقدات الفاسدة التي كانت في الجاهلية وحاربها، وكان هذا سبباً في الصراع الطويل الذي دار بينهما،


يلزم التعريف بـــ:
الجذور التاريخية لعادات العرب وعباداتهم في الجاهلية:


1- الحنيفية الموروثة عن سيدنا/ إبراهيم – عليه الصلاة والسلام.

2- الفطرة السليمة.

3- دخول بعضهم في ديانات إلهية.

4- إقحامتهم المنحرفة.

5- النعرة القبلية.


فكيف نقول: إن الإســـــلام، أخذ شرائعه من الجاهلية رغم الخلاف الشديد بينهما

»––––––––» ••••»––––––––» ••••»––––––––»








التوقيع :



يَرْتَدُّ عَنْ إِسْلَامِهِ مَنِ انْتُهِكَ حُرُمَةُ ذِي الْعَرْشِ وَوَحْيًا وَرَسِلاً وَصَحِباً وَمَلَّكَ


موسوعة بيان الإسلام: الرد على الإفتراءات والشبهات



الشيخ/ الجمال:
القرآن الكريم يقر بإمامة المهاجرين والأنصار ويهمل إمامة أئمة الرافضة

نظرات في آية تطهير نساء النبي

القول الفصل في آية الولاية "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ"

نموذج لتهافت علماء الرافضة وكذبهم لتجنب شهادة القرآن بكفرهم

د/ أمير عبد الله
حِوار بين د.أمير و مؤمِن مسيحي " مُصحف ابن مسعود وقرآنية المعوذتين"


من مواضيعي في المنتدى
»» دعوى تعارض حديث "لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد" مع القرآن والواقع
»» مناظرة مع منكر السنة/ ايمن1، حول ما يدعيه أن شرائع الإسلام جميعها من التوراة والإنجيل
»» د/ محمد المسير - حان الوقت للخروج من قفص الإتهام
»» عقيدة الإيمان بالقضاء والقدر وأركان هذا الإيمان
»» الضمان الإلهي لأنفسنا ولـ: (أزواجنا وذرياتنا) من بعدنا بالتقوى
 
قديم 18-01-16, 11:30 PM   رقم المشاركة : 2
Muhamad Sulaiman
عضو فضي








Muhamad Sulaiman غير متصل

Muhamad Sulaiman is on a distinguished road


أولاً: أصل الديـــــانات السمـــــاوية واحد



التفصيل:

أولاً: أصل الديـــــانات السمـــــاوية واحد:

إن الإســـــلام دين الله الحنيف الذي جاء به ليطهر النفوس والمجتمعات من كل ما علق بها من الشرور والآثام والمفاسد،
وليصلح به ما أفسده أهل هذه الديانات الأخرى، ويظهر حقيقة ما حرَّفوه،

فيستحيل على الإســـــلام أن يأخذ من الشرائع السابقة شيئاً أو من الجاهلية بالطبع، إلا أن وحدة الأصل الذي نبعت منه تلك الرسالات الثلاثة:
الإســـــلام، والنصــرانية، واليهــودية
، تفرض بعض الشَّبه على بعض تشريعاتهم، وإن كان الشبه اسمياً فقط لا يتعدى ذلك لا إلى الصورة ولا إلى المغزى منها.



لقد نبع ديــن الإســلام، قد نبع من نفس المشكاة التي نبعت منها الديانات السماوية السابقة، مما يحتم وجود بعض الشبه بينه وبينها، إلا أنهم حرفوا، أما هو فقد حفظه الله من التحريف،

ويفصل لنا د/ عمر سليمان عبد الله الأشقر، هذه المسألة فيبين وحدة أصل الديانات
قائلاً:
الكتب السمـــاوية مصدرها واحد،

قال الله عز وجل:
۩ الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2) ۩

۩ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3) ۩

۩ مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (4) ۩ سورة آل عمران.


والكتب السمـــاوية أنزلت لتكون منهج حياة للبشر الذين يعيشون في هذه الأرض، تقودهم بما فيها من تعاليم وتوجيهات وهداية، أنزلت لتكون روحاً ونوراً تحيي نفوسهم وتنيرها، وتكشف ظلماتها وظلمات الحياة.


وقد بين المولى عز وجل، في القــرآن الكريم، الهدف الذي أنزل الله من أجله التوراة والإنجيل والقرآن.

فقال جل شأنه:

۩ إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) ۩

۩ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45) ۩

۩ وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46) ۩

۩ وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47) ۩

۩ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) ۩

۩ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) ۩ سورة المائدة


يقول سيد قطب في تفسير هذه الآيات الكريمة:

لقد جاء كل دين من عند الله ليكون منهج حياة. منهج حياة واقعية. جاء الدين ليتولى قيادة الحياة البشرية، وتنظيمها، وتوجيهها، وصيانتها. ولم يجئ دين من عند الله ليكون مجرد عقيدة في الضمير ولا ليكون كذلك مجرد شعائر تعبُّديَّة تؤدى في الهيكل والمحراب.
فهذه وتلك- على ضرورتهما للحياة البشرية وأهميتهما في تربية الضمير البشري- لا يكفيان وحدهما لقيادة الحياة وتنظيمها وتوجيهها وصيانتها ما لم يقم على أساسهما منهج ونظام وشريعة تطبق عملياً في حياة الناس ويؤخذ الناس بها بحكم القانون والسلطان ويؤاخذ الناس على مخالفتها، ويؤخذون بالعقوبات.
والحياة البشرية لا تستقيم إلا إذا تلقت العقيدة والشعائر والشرائع من مصدر واحد يملك السلطان على الضمائر والسرائر، كما يملك السلطان على الحركة والسلوك. ويجزي الناس وفق شرائعه في الحياة الدنيا، كما يجزيهم وفق حسابه في الحياة الآخرة.
فأما حين تتوزع السلطة، وتتعدد مصادر التلقي.. حين تكون السلطة لله في الضمائر والشعائر بينما السلطة لغيره في الأنظمة والشرائع.. وحين تكون السلطة لله في جزاء الآخرة بينما السلطة لغيره في عقوبات الدنيا..
حينئذ تتمزق النفس البشرية بين سلطتين مختلفتين، وبين اتجاهين مختلفين، وبين منهجين مختلفين..
وحينئذ تفسد الحياة البشرية ذلك الفساد الذي تشير إليه آيات القرآن في مناسبات شتى:

قال الله تعالى:
۩ لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22) ۩ سورة الأنبياء.

وقال سبحانه:
۩ وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ... ۩ سورة المؤمنون: من الآية 71

وقال سبحانه:
۩ ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (18) ۩ سورة الجاثية


من أجل هذا جاء كل دين من عند الله ليكون منهج حياة.
وسواء جاء هذا الدين لقرية من القرى، أو لأمة من الأمم، أو للبشرية كافة في جميع أجيالها، فقد جاء ومعه شريعة معينة لحكم واقع الحياة، إلى جانب العقيدة التي تنشئ التصور الصحيح للحياة، إلى جانب الشعائر التعبدية التي تربط القلوب بالله..
وكانت هذه الجوانب الثلاثة هي قوام دين الله. حيثما جاء دين من عند الله. لأن الحياة البشرية لا تصلح ولا تستقيم إلا حين يكون دين الله هو منهج الحياة
وفي القرآن الكريم شواهد شتى على احتواء الديانات الأولى، التي ربما جاءت لقرية من القرى، أو لقبيلة من القبائل على هذا التكامل، في الصورة المناسبة للمرحلة التي تمر بها القرية أو القبيلة.. وهنا يعرض هذا التكامل في الديانات الثلاث الكبرى.. اليهودية، والنصرانية، والإسلام..
يقول الله عز وجل:
۩ إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ... ۩ سورة المائدة: من الآية 44.
فالتوراة- كما أنزلها الله- كتاب الله الذي جاء لهداية بني إسرائيل، وإنارة طريقهم إلى الله. وطريقهم في الحياة.. وقد جاءت تحمل عقيدة التوحيد. وتحمل شعائر تعبدية شتى. وتحمل كذلك شريعة:
۩ ...يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا، لِلَّذِينَ هادُوا، وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ، بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ ۩ سورة المائدة: من الآية 44
أنزل الله التوراة لا لتكون هدى ونوراً للضمائر والقلوب بما فيها من عقيدة وعبادات فحسب.
ولكن كذلك لتكون هدى ونوراً بما فيها من شريعة تحكم الحياة الواقعية وفق منهج الله، وتحفظ هذه الحياة في إطار هذا المنهج.
ويحكم بها النبيون الذين أسلموا أنفسهم لله فليس لهم في أنفسهم شيء إنما هي كلها لله وليست لهم مشيئة ولا سلطة ولا دعوى في خصيصة من خصائص الألوهية- وهذا هو الإسلام في معناه الأصيل- يحكمون بها للذين هادوا- فهي شريعتهم الخاصة نزلت لهم في حدودهم هذه وبصفتهم هذه- كما يحكم بها لهم الربانيون والأحبار وهم قضاتهم وعلماؤهم. وذلك بما أنهم قد كُلِّفوا المحافظة على كتاب الله، وكُلَّفوا أن يكونوا عليه شهداء، فيؤدوا له الشهادة في أنفسهم، بصياغة حياتهم الخاصة وفق توجيهاته، كما يؤدوا له الشهادة في قومهم بإقامة شريعته بينهم.


ويضيف د/ عمر سليمان الأشقر، موضِّحاً هذا المعنى، فيقول:

الرســـالات السمـــاوية السابقة أنزلت لأقوام بأعيانهم، والرســـالة الخـــــاتمة التي أنزلت على خـــــاتم الأنبياء والرسل – عليهم الصلاة والسلام، رسالة عامة للبشرية كلها، بل عامة للأنـــس والجـــن،

وهذا يقتضى أن تمتاز هذه الرسالة عن غيرها من الرسالات بما يجعلها صالحة لكل زمان ومكان، وشرائعه الحاكمة والمهيمنة على ما سبقها من الشرائع منذ نزول القرآن الكريم إلى أن يرث الحق سبحانه الأرض ومن عليها.

وقد جعلها الله عز وجل كذلك وأنزل على رسوله صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته قبيل وفاته:
فقال الله عز وجل:
۩ ...الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۩ سورة المائدة: من الآية 3



وقد بين سيد قطب هذا المعنى وجلاه في تفسيره لهذه الآية، قال:
إن المؤمن يقف أولاً: أمام إكمال هذا الدين يستعرض موكب الإيمان، وموكب الرسالات، وموكب الرسل، منذ فجر البشرية، ومنذ أول رسول- آدم عليه السلام- إلى هذه الرسالة الأخيرة. رسالة النبي الأمي إلى البشر أجمعين..
فماذا يرى؟
يرى هذا الموكب المتطاول المتواصل، موكب الهدى والنور.
ويرى معالم الطريق، على طول الطريق، ولكنه يجد:
كل رسول- قبل خاتم النبيين- إنما أرسل لقومه،
ويرى كل رسالة- قبل الرسالة الأخيرة- إنما جاءت لمرحلة من الزمان.. رسالة خاصة، لمجموعة خاصة، في بيئة خاصة..
ومن ثم:
كانت كل تلك الرسالات محكومة بظروفها هذه متكيفة بهذه الظروف..
كلها:
تدعو إلى إله واحد- فهذا هو التوحيد
وكلها:
تدعو إلى عبودية واحدة لهذا الإله الواحد- فهذا هو الدين
وكلها:
تدعو إلى التلقي عن هذا الإله الواحد والطاعة لهذا الإله الواحد- فهذا هو الإسلام
ولكن:
لكل منها شريعة للحياة الواقعية تناسب حالة الجماعة وحالة البيئة وحالة الزمان والظروف..

حتى إذا أراد الله أن يختم رسالاته إلى البشر:
أرسل إلى الناس كافة، رسولاً خاتم النبيين برسالة «للإنسان» لا لمجموعة من الأناسي في بيئة خاصة، في زمان خاص، في ظروف خاصة..
رسالة تخاطب «الإنسان» من وراء الظروف والبيئات والأزمنة لأنها تخاطب فطرة الإنسان التي لا تتبدل ولا تتحور ولا ينالها التغيير:

قال الله عز وجل:
۩ ...فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۩ سورة الروم: من الآية 30
وفصل في هذه الرسالة شريعة تتناول حياة «الإنسان» من جميع أطرافها، وفي كل جوانب نشاطها وتضع لها المبادئ الكلية والقواعد الأساسية فيما يتطور فيها ويتحور بتغير الزمان والمكان وتضع لها الأحكام التفصيلية والقوانين الجزئية فيما لا يتطور ولا يتحور بتغير الزمان والمكان...،
وكذلك كانت هذه الشريعة بمبادئها الكلية وبأحكامها التفصيلية محتوية كل ما تحتاج إليه حياة «الإنسان» منذ تلك الرسالة إلى آخر الزمان من ضوابط وتوجيهات وتشريعات وتنظيمات، لكي تستمر، وتنمو، وتتطور، وتتجدد حول هذا المحور وداخل هذا الإطار.
وهذا المعنى – وهو كمـــال الرســـالة وشمـــولها – أشار إليه القــــــرآن في غير موضع،

قال الله عز وجل:
۩ ...وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ۩ سورة النحل: من الآية 89

وقال الله عز وجل:
۩ ...مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ۩ سورة الأنعام: من الآية 38

لقد جمعت الشـــــريعة الخـــــاتمة محاسن الرســـــالات السابقة، وفاقـتهـــــا كمـــــالاً وجـــــلالاً، يقول الحسن البصري:
أنزل الله مائَة وَأَرْبَعَة كتب أودع علومها أَرْبَعَة مِنْهَا:
التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالزَّبُور وَالْفرْقَان(1)،- ثمَّ أودع عُلُوم الثَّلَاثَةِ الْفرْقَان. (2)
(الْفـــرْقَان: الْقُـــرْآنِ)
(الرسل والرسالات، د/ عمر سليمان عبد الله الأشقر، ص236 : 238،- في ظلال القرآن، سيد قطب، ج6 ص482،- مدخل لدراسة الشريعة الإسلامية، د/ يوسف القرضاوي، مكتبة وهبة، القاهرة، ط5، 1426هـــ / 2005م، ص 10 : 21 بتصرف).


لما كانت الرسالات السابقة مرهونة بوقت وزمان فإنها لا تخلد ولا تبقى ولم يتكفل الله عز وجل بحفظها، وإنما وُكِل حفظها إلى علماء تلك الأمة التي أنزلت عليهم،

إلا أن أهل التوراة والإنجيل قد بدلوا وحرفوا في كتبهم التي استحفظهم الله عليها.


قال الله عز وجل:
۩ ...الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ۩ سورة المائدة من الآية 44



ولم يطق الربانيون والأحبار حفظ كتابهم وخان بعضهم الأمانة فغيَّروا وبدَّلوا وحرَّفوا،
وحسبك:
أن تطالع التوراة لترى ما حلَّ فيها من تغيير وتبديل، لا في الفروع، بل في الأصول، فقد نسبوا إلى الله ما يقشعر الجلد لسماعه، ونسبوا إلى الرسل – عليهم الصلاة والسلام، ما يترفع الرِّعاع عن نسبته إليهم.

أما هذه الرســـــالة الخـــــاتمة فقد تكفل الحق سبحانه بحفظها.
ولم يَكِلْ حفظها إلى البشر.

قال الله عز وجل:
۩ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) ۩ سورة الحجر.



ولننظر اليوم في هذا العالم شرقه وغربه لنرى العدد الهائل الذي يحفظ القـــــرآن عن ظهر قلب،
بحيث لو شاء مُلْحِدٌ أو يهودي أو صليبي تغيير حرف منه فإنَّ صبيـــاًّ صغيـــراً، أو ربَّـــة بيت، أو عجـــوزاً لا يبصر طريقه، يستطيعون الردَّ عليه وبيان خطئه وافترائه، ناهيك عن العلماء الذين حفظوه وفقهوا معانيه، وتشبعوا بعلومه.

وانظر إلى تاريخ هذا الكتـــاب وكم نال من عناية ورعاية في تدوينه وتفسيره وإعرابه وقصصه وأحكامه، وما كان ذلك ليكون لولا ذلك الحفظ الإلهـــــي الربـــــاني.
وسيبقي القـــــرآن إلى أن يرث الله عز وجل الأرض ومن عليها.



ومما يؤكد وحدة منبع الرســـالات السمـــاوية كلها وجود مواضع اتفاق بين هذه الرسالات،- يبينها د/ عمر سليمان الأشقر،
فيقول:

وأما إذا أردنا أن نعرف مواضع الإتفاق في الرسالات السماوية، فإن أهم هذه المواضيع:

1- الدين الواحد:


فالرسالات التي جاء بها الأنبياء جميعاً – عليهم الصلاة والسلام، منزلة من عند الله العليم الحكيم الخبير، وجميع دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام،- والتي أشار إليها القرآن الكريم كانت إلى دين الإسلام:

قال الله عز وجل:
۩ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19) ۩ سورة المائدة.


والإسلام في لغة القرآن ليس اسماً لدين خاص، وإنما هو اسم للدِّين المشترك الذي هتف به كل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.


فسيدنا/ نوح عليه الصلاة والسلام، يقول:
۩ ...وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ۩ سورة يونس: من الآية 72


والإسلام هو الدين الذي أمر الله تعالى به أبا الأنبياء وخليل الرحمن سيدنا/ إبراهيم – عليه الصلاة والسلام.
قال جل شأنه:
۩ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) ۩ سورة البقرة.


ويوصي كلٌّ من سيدنا/ إبراهيم، وسيدنا/ يعقوب – عليهما الصلاة والسلام، أبناءه قائلاً:
قال ذو الجلال والإكرام:
۩ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132) ۩ سورة البقرة.


وأبناء سيدنا/ يعقوب – عليه الصلاة والسلام، يجيبون أباهم قائلين:
۩ ...قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ۩ سورة البقرة: من الآية 33.


والحواريون يقولون لسيدنا/ عيسى – عليه الصلاة والسلام،
قال الحق سبحانه:
۩ ...قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ۩ سورة آل عمران: من الآية 52


وحين سمع فريق من أهل الكتاب القرآن الكريم، قالوا:

۩ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) ۩ سورة القصص.


فالإسلام شعار عام كان يدور على ألسنة الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام، وعلى ألسنة أتباعهم منذ أقدم العصور التاريخية إلى عصر نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.


كيف يتحقق الإســـــلام؟

الإســـــلام هو الطاعة والانقياد والاستسلام لله تعالى بفعل ما يأمر به، وترك ما ينهي عنه، ولذلك:

فإن الإســـــلام في عهد سيدنا/ نوح – عليه الصلاة والسلام، يكون باتباع ما جاء به سيدنا/ نوح – عليه الصلاة والسلام،

والإســـــلام في عهد سيدنا/ موسى – عليه الصلاة والسلام، يكون باتباع شريعة سيدنا/ موسى – عليه الصلاة والسلام.

والإســـــلام في عهد سيدنا/ عيسى – عليه الصلاة والسلام، يكون باتباع الإنجيل،

والإســـــلام في عهد سيدنا/ محمد صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، يكون بالتزام ما جاء به الرسول الكريم.

»––––––––» ••••»––––––––» ••••»––––––––»


2- لُبُّ دعوات الرسل – عليهم الصلاة والسلام:

ولبُّ دعوات الرسل وجوهر الرسالات السماوية هو: الدعوة إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ونبذ ما يُعبد من دونه،- في آيات كثيرة من الذكر الحكيم، منها:


قوله الحق سبحانه مخبراً عن نبيه نوح – صلى الله عليه وسلم:
۩ لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59) ۩ سورة الأعراف.


و قوله الحق سبحانه مخبراً عن نبيه إبراهيم – عليه الصلاة والسلام:
۩ وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (16) ۩ سورة العنكبوت.


قوله الحق سبحانه مخبراً عن نبيه هود – عليه الصلاة والسلام:
۩ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (65) ۩ سورة الأعراف.


كما أخبر الحق سبحانه، أنه أرسل الرسل جمياً – عليهم الصلاة والسلام، بهذه المهمة:
فقال عز من قائل:
۩ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25) ۩ سورة الأنبياء.


إلى كثير من الآيات التي يخبر فيها الحق سبحانه على لسان رسله عليهم الصلاة والسلام، أن دعوتهم لقومهم لعبادة الله وحده لا شريك له.

»––––––––» ••••»––––––––» ••••»––––––––»


3- وحدة مسائل العقيدة:

تشكل مسائل العقيدة تصوراً واحداً لدى الرسل جميعاً، من لدن سيدنا/ نوح – عليه الصلاة والسلام، إلى آخر الرسل سيدنا محمد – صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته.

وتتمثل هذه المسائل في الإيمان بالله عز وجل وملائكته والرسل والكتب السابقة والإيمان بالقدر واليوم الآخر والبعث.



قوله الحق سبحانه مخبراً عن نبيه نوح – عليه الصلاة والسلام:
قال سبحانه:
۩ وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا (18) ۩ سورة نوح.


وحدثهم عن الملائكة والجن وغيرها من الغيبيات، وكذلك فعل سيدنا/ إبراهيم – عليه الصلاة والسلام، فقد دعا قومه إلى الإيمان باليوم الآخر فقال الله عز وجل على لسانه:


۩ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126) ۩ سورة البقرة.


وغير هذا كثير في آيات القرآن الكريم، على لسان جميع الرسل – عليهم الصلاة والسلام، الذين أرسلوا لهداية الناس إلى طريق الله تعالى.

»––––––––» ••••»––––––––» ••••»––––––––»


4- وحدة القواعد العامة:


تتفق الكتب السماوية كلها في وحدة القواعد العامة التي تحكم البشر، وتعمل على نشر العدل بين الناس، والبعد عن الظلم والجور دون وجه حق.
وكل الرسالات تؤكد على وجود مبدأ الثواب والعقاب، فكل إنسان سيحاسب على عمله فإن كان خيراً فلنفسه، وإن شراً فعليها.


قال الله عز وجل:
۩ أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) ۩
۩ أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ۩
ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41) ۩ سورة النجم.

ويحصل من هذا اليقين بوجود ثواب وعقاب تزكية للنفس وميلاً لمنهج الله عز وجل

قال الحق سبحانه:
۩ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15) ۩
۩ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17) إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19) ۩ سورة الأعلى


وجاء على لسان الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، ما يؤكد على وحدة هذا المبدأ بين الرسل جميعاً – عليهم الصلاة والسلام،
قال صلى الله عليه وسلم:
«إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي، كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ، إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ، وَيَعْجَبُونَ لَهُ، وَيَقُولُونَ هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ؟ قَالَ: فَأَنَا اللَّبِنَةُ وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ»
(أخرجه البخاري في صحيحه، كِتَابُ المَنَاقِبِ: بَابُ خَاتِمِ النَّبِيِّينَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،- وأخرجه مسلم في صحيحه، 43 - كتاب الْفَضَائِلِ: 7 - بَابُ ذِكْرِ كَوْنِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمَ النَّبِيِّينَ).
والحديث يوضح لنا بشكل لا شك فيه أن جميع الرسل عليهم الصلاة والسلام، يدعون إلى مبادئ واحدة وإلى إله واحد لا شريك له.
مما ينفي فكرة تناقض الأديان من حيث مصدرها والمبادئ التي تدعو إليها


ويوضح لنا القرآن الكريم، أن الرسل جميعاً – عليهم الصلاة والسلام، حملوا ميزان العدل بين الناس.
فقال عز وجل:
۩ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ... ۩ سورة الحديد: من الآية 25


وأمروا بأن يكسبوا رزقهم بالحلال،
قال الله عز وجل:
۩ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51) ۩ سورة المؤمنون.


والصوم فرضه الله عز وجل على أمم من قبلنا كما هو مفروض على المسلمين.

قال الحق سبحانه:
۩ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) ۩ سورة البقرة.


ومما اتفقت عليه الرسالات السماوية أنها بينت المنكر والباطل ودعت إلى محاربته، سواء كان عبادة أوثان أم استعلاء في الأرض، أو انحرافاً عن طريق الفطرة... إلخ.


وعليه:
فإنه لا يوجد أدنى شك في أن:
الشبه الذي يتراءى لنا بين الدين الإسلامي والأديان السماوية السابقة عليه، إنما مرجعه إلى وحدة الأصل الذي نشأت عنه هذه الأديان جميعاً.

وليس منشؤه أخذ الإسلام من هذه أو تلك.








التوقيع :



يَرْتَدُّ عَنْ إِسْلَامِهِ مَنِ انْتُهِكَ حُرُمَةُ ذِي الْعَرْشِ وَوَحْيًا وَرَسِلاً وَصَحِباً وَمَلَّكَ


موسوعة بيان الإسلام: الرد على الإفتراءات والشبهات



الشيخ/ الجمال:
القرآن الكريم يقر بإمامة المهاجرين والأنصار ويهمل إمامة أئمة الرافضة

نظرات في آية تطهير نساء النبي

القول الفصل في آية الولاية "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ"

نموذج لتهافت علماء الرافضة وكذبهم لتجنب شهادة القرآن بكفرهم

د/ أمير عبد الله
حِوار بين د.أمير و مؤمِن مسيحي " مُصحف ابن مسعود وقرآنية المعوذتين"


من مواضيعي في المنتدى
»» الإعجاز الرقمي في القرآن الكريم يصرع كفر الرافضة القائلين بالتحريف والزيادة والنقصان
»» الرد على إنكار النصارى والملاحدة، نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته
»» الرافضي/ الخزرجي8 ولكل رافضي- هل يجرؤ رافضي على القول بعفة وشرف أمه أو زوجته!
»» بيان الإسلام: تبشير الكتاب المقدس بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم
»» شهادة المنصفين من أهل الكتاب والكفار، للقرآن بالصحة والصدق
 
قديم 18-01-16, 11:32 PM   رقم المشاركة : 3
Muhamad Sulaiman
عضو فضي








Muhamad Sulaiman غير متصل

Muhamad Sulaiman is on a distinguished road


تشابه بعض تشريعات الإسـلام، مع تشريعات الديانات الأخرى تشابه في الاسم فقط دون المضمون


ثانياً:
تشابه بعض تشريعات الإســـــلام، مع تشريعات الديانات الأخرى تشابه في الاسم فقط دون المضمون والتطبيق.



إن تشابه تشريعـــات الإســـــلام مع تشريعات الديانات الأخرى تشابه في الاسم فقط دون المضمون أو التطبيق، ويؤكد على هذا قول: د/ عمر سليمان عبد الله الأشقر:

إذا كان الدين الذي جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام هو الإسلام، فإن شرائع الأنبياء – عليهم السلاة والسلام، مختلفة، فشريعة نبي الله سيدنا/ عيسي - عليه الصلاة والسلام، تخالف في بعض الأمور شريعة نبي الله سيدنا/ موسى – عليه الصلاة والسلام.
وشريعة النبي الخاتم سيدنا محمد – صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، تخالف في أمور شريعة كلاً من: سيدنا/ موسى، وسيدنا/ عيسى – عليهما الصلاة والسلام.


قال الله عز وجل:
۩ ...لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۩ سورة المائدة من الآية 48



وليس معنى ذلك أن الشرئع تختلف اختلافاً كلياً
فالناظر في الشرائع يجد أنها متفقة في المسائل الأساسية وقد سبق ذكر النصوص التي تتحدث عن تشريع الله للأمم السابقة (الصلاة والزكاة والحج، وأخذ الطعام من حلِّه وغير ذلك، والاختلاف بينها إنما يكون في بعض التفاصيل،
فأعداد الصلوات وشروطها وأركانها، ومقادير الزكاة، ومواضع النسك، ونحو ذلك قد تختلف من شريعة إلى شريعة،
وقد يحلُّ الله أمراً في شريعة لحكمة ويحرمه في شريعة أخرى لحكمة.


ونضرب لهذا ثـــلاثة أمثلة:

1- الصوم:

فقد كان الصائم سابقاً يفطر بغروب الشمس، ويباح له الطعام والشراب والنكاح إلى طلوع الفجر ما لم ينم، فإن نام قبل الفجر حرم عليه ذلك كله إلى غروب الشمس من اليوم الثاني،
فخفَّف الله عن هذه الأمة وأحله من الغروب إلى الفجر سواءً نام أم لم ينم.

قال الله عز وجل:
۩ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ... ۩ سورة البقرة: من الآية 187



2- ستر العورة حال الاغتسال:
لم يكن واجباً عند بني إسرائيل، ففي الحديث الذي يرويه سيدنا الإمام/ أبو هريرة – رضى الله عنه وأرضاه، أن رسول الله صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، قال:
«كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً، يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، وَكَانَ مُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ... » الحديث
(أخرجه البخاري في صحيحه، كِتَابُ الغُسْلِ: بَابُ مَنِ اغْتَسَلَ عُرْيَانًا وَحْدَهُ فِي الخَلْوَةِ، وَمَنْ تَسَتَّرَ فَالتَّسَتُّرُ أَفْضَلُ، (278)،- وأخرجه مسلم في صحيحه، 3 - كِتَابُ الْحَيْضِ: 18 - بَابُ جَوَازِ الِاغْتِسَالِ عُرْيَانًا فِي الْخَلْوَةِ، (796) واللفظ للبخاري).


3- الأمور المحرمة:

فمما أحلَّه الله لآدم تزويج بناته من بنيه، ثمَّ حرَّم الله هذا بعد ذلك،

وكان التسري على الزوجة مباحاً في شريعة أبي الأنبياء وخليل الرحمن سيدنا/ إبراهيم – عليه الصلاة والسلام، وقد فعله نبي الله/ إبراهيم عليه الصلاة والسلام، في السيدة/ هاجر – عليها السلام، لما تسرَّى بها على السيدة/ سارة – عليها السلام.
وقد حرَّم الله عز وجل ذلك في التوراة على بني إسرائيل.

وكذلك كان الجمع بين الأختين سائغاً، وقد فعله نبي الله سيدنا/ يعقوب – عليه الصلاة والسلام، ثم حرم عليهم في التوراة.


وحرَّم سيدنا/ يعقوب – عليه الصلاة والسلام، على نفسه لحوم الإبل وألبانها.

ومما حرّمه الله عز وجل على اليهود ما جاء في قول الله عز وجل:
۩ وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (146) ۩ سورة الأنعام.

فقد حرَّم عليهم كل ذي ظفر من البهائم والطير ما لم يكن مشقوق الأصابع كالإبل والنعام والوز والبط، وحرَّم عليهم شحوم البقر والغنم إلا الشحم الذي على ظهور البقر والغنم، أو ما حملت الحوايا وهي المباعر والمرابض أو ما أختلك بعظم.

ثم جاء سيدنا/ عيسى – عليه الصلاة والسلام، فأحل لبني إسرائيل بعض ما كان حرَّم عليهم،
قال الله عز وجل:
۩ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (50) ۩ سورة آل عمران

وجاءت الشــــــريعة الخـــــاتمة لتكون القاعدة:
«إحلال الطيبات وتحريم الخبائث»

(الرسل والرسالات، د/ عمر سليمان الأشقر، ص 248 : 251 بتصرف،- مدخل لدراسة الشريعة الإسلامية، د/ يوسف القرضاوي، ص10 : 17 بتصرف).

»––––––––» ••••»––––––––» ••••»––––––––»







التوقيع :



يَرْتَدُّ عَنْ إِسْلَامِهِ مَنِ انْتُهِكَ حُرُمَةُ ذِي الْعَرْشِ وَوَحْيًا وَرَسِلاً وَصَحِباً وَمَلَّكَ


موسوعة بيان الإسلام: الرد على الإفتراءات والشبهات



الشيخ/ الجمال:
القرآن الكريم يقر بإمامة المهاجرين والأنصار ويهمل إمامة أئمة الرافضة

نظرات في آية تطهير نساء النبي

القول الفصل في آية الولاية "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ"

نموذج لتهافت علماء الرافضة وكذبهم لتجنب شهادة القرآن بكفرهم

د/ أمير عبد الله
حِوار بين د.أمير و مؤمِن مسيحي " مُصحف ابن مسعود وقرآنية المعوذتين"


من مواضيعي في المنتدى
»» واجبات الإمام من دين الرافضة عجز الـ لا درزن المقدس عن القيام بها
»» أقوى أوجه الشبه على الإطلاق بين (معممين / عوام) الرافضة، وعباد الصليب
»» البرقليط النبي صلى الله عليه وسلم وبشارات الكتاب المقدس بالرسول
»» بيان الإسلام: الرد على دعوى تعارض القرآن مع السنة - وطء المرأة في دبرها
»» الآيات الكونية والشرعية، القضاء، الإرادة، الأمر الإذن، الكتابة الحكم التحريم الكلمات
 
قديم 18-01-16, 11:34 PM   رقم المشاركة : 4
Muhamad Sulaiman
عضو فضي








Muhamad Sulaiman غير متصل

Muhamad Sulaiman is on a distinguished road


موقف ديـــن الإســـــلام الرسالة الخاتمة من الرسالات السابقة


موقف الرسالة الخاتمة من الرسالات السابقة:

لقد بين الله عز وجل، موقف الإســـــلام من الرسالات السابقة.

فقال عز وجل:
۩ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ... ۩ سورة المائدة: من الآية 48




وكون القــرآن مصدقاً لما بين يده من الكتاب تحقق من وجوه:

1- أن الكتب السماوية المتقدمة تضمنت ذكر هذ القــــرآن ومدحه، والإخبار بأنَّ الله سينزله على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته.

فالكتب السماوية المتقدمة تضمنت ذكر هذا القرآن ومدحه والإخبار بأنَّ الله عز وجل سينزله على عبده ورسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
فكان نزوله على الصفة التي أخبرت بها الكتب السابقة تصديقاً لتلك الكتب

قال الله عز وجل:
۩ قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) ۩

۩ وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) ۩ سورة الإسراء

أي:
إن كان ما وعدنا الله في كتبه المتقدمة وعلى ألسنة رسله عليهم الصلاة والسلام، من إنزال القرآن وبعثه لسيدنا/ محمد صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، مفعولاً،-
أي:
لكائناً لا محالة ولابدَّ.



2- أن القـــرآن الكريـــم جاء بأمور صدَّق فيها الكتب السماوية السابقة بموافقته لها،

قال الله عز وجل:
۩ وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ... ۩ سورة المدثر: من الآية 31

واستيقان الذين أوتوا الكتاب إنما يكون بسبب علمهم بهذا من كتبهم.


3- أن القرآن أخبر بإنزال الكتب السماوية وأنها من عند الله، وأمر بالإيمان بها.



والمهيمن يراد بها:

القائم على الشئ، وهو اسم من أسماء الله عز وجل، وذلك أنَّ الله تعالى قائم على شئون خلقه، تصريفاً وتدبيراً ورعاية.

والقرآن الكريم قائم ومهيمن على الكتب السماوية التي أنزلت من قبل يأمر بالإيمان بها (أنها منزلة من عند الله عز وجل على أنبياءه ورسله عليهم الصلاة والسلام)،- ويبين ما فيها من حق، ويخبر أن اليهود والنصارى هم من غيروا وبدلوا وحرفوا فيها.

فالقرآن الكريم، هو الحاكم المهيمن على تلك الكتب، لأَّنه الرسالة الإلهيــة الخاتمــة التي يجب الرجوع إليها والتحاكم بها.
وكل ما خالفها مما جاء في الرسالات السابقة فهو أحدى اثنتين:

إما
- محرَّف مغيَّر.
وإما:
- منسوخ.


ويقول جل شأنه:
۩ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ۩ سورة الأعراف: الآية 157



يقول ابن كثير، بعد أن ذكر أقوال السلف في معنى كلمة ۩ مُهَيْمِنًا ۩


وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ كُلُّهَا مُتَقَارِبَةُ الْمَعْنَى، فَإِنَّ اسْمَ "الْمُهَيْمِنِ:
" يَتَضَمَّنُ هَذَا كُلَّهُ، فَهُوَ أَمِينٌ وَشَاهِدٌ وَحَاكِمٌ عَلَى كُلِّ كِتَابٍ قَبْلَهُ، جَعَلَ اللَّهُ هَذَا الْكِتَابَ الْعَظِيمَ، الَّذِي أَنْزَلَهُ آخِرَ الْكُتُبِ وَخَاتَمَهَا، أَشْمَلَهَا وَأَعْظَمَهَا وَأَحْكَمَهَا حَيْثُ جَمَعَ فِيهِ مَحَاسِنَ مَا قَبْلَهُ، وَزَادَهُ مِنَ الْكَمَالَاتِ مَا لَيْسَ فِي غَيْرِهِ؛ فَلِهَذَا جَعَلَهُ شَاهِدًا وَأَمِينًا وَحَاكِمًا عَلَيْهَا كُلِّهَا.


وهذا يقتضى أن يجعل هذا الكتاب هو المرجع الأول والأخير في التعرف على الدين الذي يريده الله عز وجل، ولا يجوز أن نحاكم القـــرآن إلى الكتب السماوية السابقة كما يفعل الضالون من اليهود والنصارى،



قال الله عز وجل:

۩ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) ۩

۩ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) ۩ سورة فصلت.


والشريعة الألهيــــة الخاتمة لا تحتاج إلى شريعة سابقة عليها ولا إلى شريعة لاحقة لها، بخـــلاف شريعة سيدنا/ المسيح – عليه الصلاة والسلام، فقد:
أحال أتباعه في أكثر الشريعة على التوراة،
وشريعة الإنجيل مكملة لشريعة التوراة

ولهذا كان النصارى محتاجين إلى كتب النبوات المتقدمة على سيدنا/ عيسى – عليه الصلاة والسلام، كالتوراة والزبور



وكان الأمم من قبلنا محتاجيبن إلى محدِّثين، بخـــلاف أمة سيدنا/ محمد صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، فإن الله أغناهم به، فلم يحتاجوا معه إلى نبي ولا محدث


إن الإســـــلام لا يكف لحظة واحدة عن مد يده لمصافحة أتباع كل ملة ونحلة في سبيل التعاون على إقامة العدل، ونشر الأمن، وصيانة الدماء أن تسفك، وحماية الحرمات أن تنتهك
(الرسل والرسالات، د/ عمر سليمان الأشقر، ص 253 : 255،- التعصب والتسامح بين المسيحية والإســـــلام، محمد الغزالي، مكتبة الأسرة، القاهرة، 2005م، ص65 : 80 بتصرف).

»––––––––» ••••»––––––––» ••••»––––––––»


أما عن الشرائع التي ظن بعض المتوهمين أن الإســـــلام أخذها من الديانات السابقة، فهذا زعم باطل لا يقوم عليه دليل واضح،

ويبين د/ ناصر محمد السيد،- الشرائــــع المتشابهة بين الإســـــلام وغيره من الديانات
على النحو التالي:



1- الصلاة:

وهي الركن الثاني من أركان الدين الإسلامي، فرضت في القـــــرآن الكريــــــم ووضحت السنـــــة النبويـــــة المطهـــــــرة هيئتها وشكلها وما يتعلق بها من أحكام، فهي من أهم العبادات في دين الإسلام.



الصلاة في اليهودية:
لم تأخذ الصلاة في اليهوديةشكلاً واحداً، بل تدرجت حسب إسهامات حاخامات الدين اليهودي فيها على النحو التالي:

1- الصلاة في عصر الآباء:
كانت عبارة عن الدعاء باسم الرب، وكانت تتميز بالتوجه مباشرة إلى الله عز وجل، وكانت ترتبط – في بعض الأحيان – بتقديم ذبيحة.
فالصلاة بهذا الشكل عبارة عن ادعية وأذكار وليست شعيرة محددة بتوقيتات معينة.


2- الصلاة في مرحلة ما قبل السبيٍ:

تتميز بملامح خاصة منها: التوسل والابتهال من أجل الآخرين.
والأسفار الخمسة – التكوين، والخروج، واللاويين، والعدد، والتثنية – لم يرد فيها لفظ الصلاة، وهي الأسفار الخمسة التي بُني عليها التشريع اليهودي.
وهذه من عجائب اليهود المحرفة!!
ويقول اليهودي/ هلال فارخي – أحد علماء الشريعة اليهودية -: إن الصلاة في عهد ما قبل السبي لم تكن محدودة أو إجبارية، بل كانت تتلى ارتجالياً حسب الأحوال والاحتياجات الشخصية والعمومية.


3- الصلاة في فترة السبي وما بعدها:

في هذه الفترة حدثت تطورات جديدة للصلاة اليهودية، كان من أهمها ظهور دور المجمع بعد أن تم تدمير الهيكل على يد البابلين، ولم يعد في الإمكان تقديم ذبائح في أرض بابل، وظهرت أهمية الصلاة في هذه الفترة، فبعد أن يقرأ اليهود جزءاً من الكتاب المقدس يتم تفسيره، ثم الصلاة.

ومن خلال ما تقدم:
نرى خضوع الصلاة اليهودية للأهواء البشرية، وهذا عكس الصلاة في الإسلام.



وإذا عدنا إلى عدد الصلوات في اليهودية نجدها ثلاثة في كل يوم:

• صلاة الفجر ويسمونها السحر.

• صلاة نصف النهار أو القيلولة.

• صلاة المساء ويسمونها صلاة الغروب.

وكانت قبلة اليهود في الصلاة إلى بيت المقدس، وكان المسلمــــون يتوجهون إليه في أول الأمر حتى تحولت قبلتهم إلى الكعبة المشرفة.
وكأنه:
إعلان إلهي بوراثة المسلمين لكل بقايا الحق في الديانات السابقة.



أما عن كيفية أداء الصلاة في اليهودية:

فإننا نؤمن بأن الصلوات في صورتها التي أنزلها الله عز وجل على رسله – عليهم الصلاة والسلام، كانت تتضمن ركوعاً وسجوداً، فقد خاطب الله تعالى بني إسرائيل في القرآن الكريم.

فقال الله عز وجل:
۩ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) ۩
إلى قوله سبحانه:
۩ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) ۩ سورة البقرة.


وقال عز وجل:
۩ ...وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ۩ سورة البقرة: من الآية 58

ولكن الصلاة في دين اليهود تطورت بفعل التدخل البشري القاصر في دين الله، وتغيرت حركات اليهود أثناء الصلاة عبر العصور، ففي الماضي كان اليهود يسجدون ويركعون في صلواتهم، ولا يزال الأرثوذكس يفعلون في الأعياد، ولكن الغالبية العظمى تصلي الأن جلوساً على الكراسي، كما هو الحال في الكنائس المسيحية، ولا يخلع اليهود نعالهم أثناء الصلاة، وهذا دليل واضح على بشرية بل وثنية هذه الديانات في صورتها الحالية.



الصلاة في النصرانية:

الصلاة في المسيحية عبارة عن أدعية وأذكار في حالات ومناسبات خاصة أو عامة، ليس لها شكل محدد ولا هيئة محددة، ولا وقت محدد.

ومرت هذه الصلاة بعدة مراحل متدرجة، نتيجة ارتباطها بالآباء الذين يغيرون فيها حسب أهوائهم وميولهم الخاصة.

وعن الصلاة في المسيحية، يفصل لنا د/ أحمد شلبي، فيقول:

وليس للصلاة المسيحية ترتيب خاص، وإنما هي أدعية تختلف من مكان إلى مكان، وإن كلمة الصلاة في المسيحية تختلف اختلافاً كلياً عنها في الإسلام، فهي عبارة عن أدعية وأذكار لا توقيت لها، وهي ليست واجبة، بل يرى كثير من المسيحين أن الانتظام في الصوم والصلاة توحيه اختياري لا إجباري.


ويقوا المستشار/ الطهطاوي:
لا يوجد عند المسيحين نص معين من الصلوات كل يوم أو مواقيت لها، إلا أنهم يقتبسون من اليهود العدد والوقت للصلاة، لذا قرروا لهم صلاتين واحدة في الصباح والأخرى في المساء.


ونحن باعتبارنا مسلمين لا ننعي استقاء النصرانية من اليهودية، لأننا نؤمن أن رسالة سيدنا/ المسيح – عليه الصلاة والسلام، مُكَمِّلَة لرسالة سيدنا/ موسى – عليه الصلاة والسلام،

ولكننا ننعي هذا الإقرار النصراني بأن ثمة خبرة وثنية وأممية تأثرت بها الصلاة المسيحية.

فالصلاة المسيحية – بشهادة أهلها – توليفة من الصلاة اليهودية والوثنية والأممية.


والصلاة المسيحية تطورت أيضاً عبر العصور، وتأثرت بالأحداث كاليهودية، وهذا يدل على بشرية هذه العبادة وتحريفها حسب الأحداث والأهواء.
ومن العجب العجاب أن الصلاة في المسيحية لا تشترط لها طهارة، فهم يصلون بلا طهارة.



ويرى يوسف بن إسماعيل النبهاني:
أن صلاة النصارى لابد لها من الاجتماع في الكنيسة مع اختلاط النساء بالرجال، وتلطخهم بالنجاسات في أثوابهم وأبدانهم وأمكنتهم أيضاً، لابسين أحذيتهم مع تحقق النجاسات فيها،
ومن يطلع على الفرق بينها وبين صلاة المسلمين يجد فروقاً عظيمة، فمن أهم أحكام الصلاة عتد المسلمين الطهارة من النجاسات وهذا شرط واجب لصحة الصلاة.
ونصت الشريعة اليهودية على الطهارة، ولكن اليهود غيَّروها، ونقلوا التشريع من درجة التنزيه الإلهي إلى درجة التشويه البشري، والطهارة في الإسلام واحدة لكل الناس على اختلاف طبقاتهم وأقدارهم، ولكن الطهارة في اليهودية طبقات!!،- فالأفراد العاديون لهم طهارة، والكهنة لهم طهارة أخرى، وهي لا شك مخالفة جوهرية، وعنصرية يهودية حتى في العبادات التي يفترض أن يقف الجميع سواء أمام الخالق عز وجل.
فإن اليهود حرَّفوا دينهم وضيعوا من دينهم شعائر الطهارة فشاعت فيهم القذارة.


وجاء الإسلام فأحيا ما طمسوه من الطهارة التي نعتقد يقيناً أن الله شرعها لسيدنا/ موسى – عليه الصلاة والسلام.
وعلى الرغم من هذا:
فإن كمال التشريع الإسلامي في الطهارة لا تدانيه هذه الصورة العنصرية الساذجة للطهارة عند اليهود.



فماذا استقى الإسلام من هذه الصلاة اليهودية أو النصرانية إذن؟



اللهم لاشئ إلا في لفظ الصلاة، والتوجه بها إلى المعبود في الفرح والحزن، والفرج والشدة، والسراء والضراء، وما يكون قاسماً مشتركاً بين كل من يعرف له معبوداً مهما كان هذا المعبود فهو يطلبه لرغبة أو رهبة، سواء كان معبوداً بحق أم بباطل.
فكم ركع وسجد أشخاص وسالت دموعهم، وخشعت قلوبهم، وتعالت صيحاتهم أمام الشمس أو الكواكب أو الشجر أو البقر وغيرها من الأشياء التي عبدها بنو آدم!!.


إن البعد العقدي والأخلاقي والإجتماعي والصحي للصلاة في الإسلام، لا يمكن أن تطاله تلك الصلوات اليهودية والمسيحية التي شابتها عناصر وثنية انحرفت بها عن القدسيةـ وقطعتها عن مصدرها الإلهي.


إن دقة التشريع الإسلامي في الصلاة وشموله، وكماله في عددها وأركانها وسننها وهيئاتها، وفيما يتقدمها من نوافل، وما يتأخر عنها، في أوقاتها، وفيما يسبقها من طهارة، وما يخلفها من أذكار وختام.
كل هذا يدل على:
قدسية مصدرها، وعظمة المقصود بها، واقتداء الخلف بعد السلف في أدائها بالمعصوم سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، بحيث لو قام في الناس اليوم لم ينكر منها شيئاً.

(شبهات المستشرقين حول العبادات في الإسلام، د/ ناصر محمد السيد، مركز التنوير الإسلامي، القاهرة، ط1، 1426هــ / 2006م، ص110 : 130 بتصرف).

»––––––––» ••••»––––––––» ••••»––––––––»


2- يوم الجمعة:

إن الجمعة يوم من الأيــام المعدودة منذ أن خلق الله عز وجل السماوات والأرض، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، الذي لا ينطق عن الهوى أنه:
«خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا»

(أخرجه الإمام/ مسلم، في صحيحه، 7 - كِتَابُ الْجُمُعَةِ: 5 - بَابُ فَضْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وفي مواضع أخرى).


وكما قال صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، في فضل هذا اليوم العظيم:

«نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا، ثُمَّ هَذَا يَوْمُهُمُ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْهِمْ، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَهَدَانَا اللَّهُ، فَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ اليَهُودُ غَدًا، وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ»
(أخرجه الإمام/ الخــاري، في صحيحه، كِتَابُ الجُمُعَةِ: بَابُ فَرْضِ الجُمُعَةِ، برقم: 876، وفي مواضع أخرى،- وأخرجه الإمام/ مسلم، في صحيحه: 7 - كِتَابُ الْجُمُعَةِ: 6 - بَابُ هِدَايَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ، برقم: 21-(855)).


وقد اجتمع المسلمون لأداء شعائر الجمعة بعد هجرتهم إلى المدينة وقد أ مَّهم أسعد زُرارة، قبل مَقدِم رسول الله صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، من مكة
1082 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ أَبُو سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:
كُنْتُ قَائِدَ أَبِي حِينَ ذَهَبَ بَصَرُهُ، فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ بِهِ إِلَى الْجُمُعَةِ فَسَمِعَ الْأَذَانَ اسْتَغْفَرَ لِأَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، وَدَعَا لَهُ، فَمَكَثْتُ حِينًا أَسْمَعُ ذَلِكَ مِنْهُ، ثُمَّ قُلْتُ فِي نَفْسِي: وَاللَّهِ إِنَّ ذَا لَعَجْزٌ، إِنِّي أَسْمَعُهُ كُلَّمَا سَمِعَ أَذَانَ الْجُمُعَةِ يَسْتَغْفِرُ لِأَبِي أُمَامَةَ وَيُصَلِّي عَلَيْهِ، وَلَا أَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ لِمَ هُوَ؟
فَخَرَجْتُ بِهِ كَمَا كُنْتُ أَخْرُجُ بِهِ إِلَى الْجُمُعَةِ، فَلَمَّا سَمِعَ الْأَذَانَ اسْتَغْفَرَ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَتَاهُ، أَرَأَيْتَكَ صَلَاتَكَ عَلَى أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ كُلَّمَا سَمِعْتَ النِّدَاءَ بِالْجُمُعَةِ لِمَ هُوَ؟
قَالَ:
"أَيْ بُنَيَّ، كَانَ أَوَّلَ مَنْ صَلَّى بِنَا صَلَاةَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ مَقْدَمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ، فِي نَقِيعِ الْخَضَمَاتِ، فِي هَزْمٍ مِنْ حَرَّةِ بَنِي بَيَاضَةَ، قُلْتُ: كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: أَرْبَعِينَ رَجُلًا
(حديث حسن: أخرجه ابن ماجه في سننه، كِتَابُ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَالسُّنَّةُ فِيهَا: بَابٌ فِي فَرْضِ الْجُمُعَةِ، حديث رقم: 1082،- وأخرجه أبو داود في سننه، كِتَاب الصَّلَاةِ: بَابُ الْجُمُعَةِ فِي الْقُرَى، حديث رقم: 1071).

ويرجح أن ذلك بإذن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وقيل: باجتهاد منهم.


وما قيل أن أول من جمع الناس هو كعب بن لؤي أحد أجداد النبي صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، وإنه كان يخطبهم،
فعلى فرض صحة هذا الخبر:

فيحتمل أن يكون ذلك من:
الإهتداء الفطري الذي يهتدي إليه أولو الفِطَرِ السليمة ويوافق الحق وأشبه بتوارد الخواطر، وما أكثر ما يحدث،
ويحتمل أن يكون ذلك من:
بقايا شرائع سابقة تغلغلت إلى أعرافهم كغيرها من بقايا دين سيدنا/ إبراهيم – عليه الصلاة والسلام، كما قيل عن يوم الجمعة:
((لم يزل أهل كل دين يعظمونه)).

وإن كان العرب أو غيرهم يعظمون يوم الجمعة، وجاء الإسلام موافقاً لهم في مجرد تعظيمهم له، إلا أن الإسلام تميز عن غيره بما خصه من إقامة الشرائع من: صلاة وخطبة جامعة في بيت الله مسبوقة بالطهارة، وأخذ الزينة، مما لا نجده في عُرفٍ أو دين آخر.


»––––––––» ••••»––––––––» ••••»––––––––»


3- الصوم:

الصوم هو الركن الرابع من أركان دين الإسلام.
ويختلف في شكله ومضمونه عن الصوم في غيره من الشرائع، (سماوية وغير سماوية)، ويفصل د/ ناصر محمد السيد، القول في هذا الجانب كما يأتي:

إذا سلَّمنا – جدلاً – أن الإسلام أخذ الصيام من الديانات الأخرى، فهل إذا قارنَّا بين الصوم في الإسلام، وفي الديانات الأخرى سنجد تشابهاً
أم أن
الإســـــلام مَيَّز المسلمين بهذه العبادة ووضحها جلية للأعين المنصفة؟.



فنحن كمسلمين نؤمن بما أخبرنا به الله تعالى أن الصيام فُرِض على الأمم السابقة علينا، لأن الإسلام، يرث بقايا الحق من مواريث النبوات،
فقال الله عز وجل:
۩ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) ۩ سورة البقرة.


فهذه شهادة بأن الله تبارك وتعالى فرض الصيام على هذه الأمة، شأنها في ذلك شأن الأمم السابقة، فلم ينكر الإسلام هذه الشعيرة عند الأمم السابقة، بل أقرها وأثبتها وجعل فرضيتها في الإسلام محقِّقة للتقوى في قلوب المسلمين.


وقد ذكر الإمام/ ابن كثير:
أَنَّ الصِّيَامَ كَانَ أَوَّلًا كَمَا كَانَ عَلَيْهِ الْأُمَمُ قَبْلَنَا، مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ -عَنْ مُعَاذٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَطَاءٍ، وَقَتَادَةَ، وَالضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ. وَزَادَ: لَمْ يَزَلْ هَذَا مَشْرُوعًا مِنْ زَمَانِ نُوحٍ إِلَى أَنْ نَسَخ اللَّهُ ذَلِكَ بِصِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ.
(تفسير ابن كثير، ج1 ص497).

وفي تعيين الله شهر رمضان دون ترك الأمر للإنسان ليختار شهراً معيناً إشعار للمسلمين بالوحدة والنظام.


الفرق بين الصيام في الإســلام واليهودية والنصرانية:


الصيام في اليهودية:

الصيام في العقيدة اليهودية هو عبادة لدفع ضرر واقع أو متوقع، وليس بهدف تزكية النفس وتطهيرها، فهو رمز للحداد والحزن، وكان اليهود يصومون صوماً مؤقتاً إذا اعتقدوا أن الله ساخط عليهم، أو حلَّت بالبلاد نكبة عظيمة، أو وباء فاتك، أو جدب عام، وفي بعض الأحيان عندما يعزم الملوك على مشروع جديد، فهو – إذاً ليس – تزكية للنفس، ولكنه دفع للشر وتعبير عن الذل والضعف، وهكذا كان الصوم عند المصريين القدماء، وعند السومريين وغيرهم، ولما لا نقول إن اليهود نقلوا هذه الشعيرة من الديانات القديمة السابقة عليهم؟!



الصيام عند النصارى:

من الراجح أن صيام رمضان كان واجباً على النصارى، فكان يأتي أحياناً في الحر الشديد، والبرد الشديد، وكان يشق ذلك عليهم في أسفارهم، ويضرهم في معايشهم، فاجتمع علماؤهم ورؤسائهم على أن يجعلوا صيامهم في فصل من السنة بين الشتاء والصيف، فجعلوه في الربيع، وزادوا فيه عشرة أيام كفارة لما صنعوا، فصار أربعين يوماً.
ثم إن ملكاً لهم اشتكى فمه، فجعل لله عليه إن هو بَرِئ من وَجَعِه أن يزيد في صومهم أسبوعاً، فبرئ فزاد عليه أسبوعاً، ثم مات ووليهم ملك آخر فقال: أتموه خمسين يوماً، فأتموه.!!

ومن خلال هذه الأحداث يظهر التحريف البشري الذي أصاب هذه الشعيرة عند النصارى،
وعلى الرغم من كل هذا:
فإن تقنين هذه الشعيرة وثباتها في الإسلام واستمدادها من القــرآن الكريــم، والسنــة النبويــة، وعدم خضوعها لعوامل التغيير والتبديل الذي حلَّ عليها في الديانات السابقة وشمولها وكمالها وتمامها، كل ذلك من أدل الدلائل على تميز الصوم في الإسلام عنه في غيره من الديانات.


وعند إنعدام النظر في الفرق بين شريعة الصوم في الإسلام والديانات الأخرى نجد فروقاً جوهرية من حيث:

طبيعة الصيام، وعدد الأيام، والحكمة من الصيام، وتنظيم الشعيرة،- حيث أن الصيام يؤدي إلى الصحة وهذا ما أثبته الطب.



ومن خلال هذه القراءة السريعة للصيام في الديانات السابقة تظهر عظمة الإســلام في تشريع العبادات التي شرعها الله عز وجل لعباده، وفي عودة العبادة إلى مصدرها الأول الذي جاءت به الرسل جميعاً دون تحريف أو تبديل، أو تدخل بشري، لأن الإســلام دين الفطرة الذي جاء للناس كافة.
(شبهات المستشرقين حول العبادات في الإسلام، د/ ناصر محمد السيد، مركز التنوير الإسلامي، القاهرة، ط1، 1426هــ / 2006م، ص281 : 296 بتصرف).

»––––––––» ••••»––––––––» ••••»––––––––»



4- الحج:

الحج شعيرة من الشعائر التي عرفت في معظم الديانات السابقة للإســلام، ولكن ما جاء عنها في الإســلام يخالف ما جاء في سائر هذه الديانات المحرَّفة.

ولا يوجد أدنى تشابه بين شعائره في الإســلام وشعائره في الديانات الأخرى


ويبين لنا د/ ناصر محمد السيد، هذا الفرق الشاسع
فيقول:

من الجدير بالذكر أن الحج ليس شعيرة خاصة باليهود والنصارى، بل إنه من ضمن الشعائر التي مارستها معظم الملل والنحل، فظهر في الديانات الهندية والصينية، واليهودية، والمسيحية، وغيرها، فأصل الحج موجود في كل أمة على أشكال شتى.


فالإسلام جاء بالحج على نهج الحنيفية السمحة التي جاء بها أبو الأنبياء سيدنا/ إبراهيم – عليه الصلاة والسلام، امتثالاً لأمر الله عز وجل:
۩ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) ۩ سورة الحج.


ولو نظرنا في شعيرة الحج في اليهودية والنصرانية، لتبين لنا بوضوح الفروق الجوهرية في هذه الشعيرة بين الرسالات الثلاث.
بل لا نغالي إذا قلنا:
إن الحج كشعيرة لا وجود له في اليهودية والنصرانية المحرفتين.

فليس في اليهودية حج بالمعنى الذي يسبق إلى الذهن، وإنما هو مجرد أعياد مرتبطة بمواسم الحصاد

في سفر التثنية
"ثلاث مرات في السنة يحضر جميع ذكورك أمام الرب إلهك في المكان الذي يختاره، في عيد الفطير، وعيد الأسابيع، وعيد الَمظالَّ، ولا يحضروا أمام الرب فارغين، كل واحد حسبما تعطيه يده"
(التثنية، 16 : 16 ، 17).


ما قيل في اليهودية يقال مثله في المسيحية، فليس في النصرانية الحالية شعيرة يمكن أن يطلق عليها اسم الحج كما هو الحال في شعيرة الحج في دين الإســلام، في كمالها وشمولها، ووضوح معالمها وأبعادها الثقافية والإجتماعية والإقتصادية، وفوائدها الروحية والتربوية.

فلم يرد أي نص بالحج في كتب النصرانية المقدسة، فما نراه من حج النصارى الكاثوليك إلى روما، وحج المسيحين إلى القدس، لم يرد في الديانة المسيحية وأسفارها المقدسة لدى المسيحين، وإنما هو تقليد اتُّبع فيما بعد سيدنا/ عيسي – عليه الصلاة والسلام، بقرون.

والحج المسيحي إلى القدس ليس فريضة من فرائض المسيحية المنصوص عليها، وإنما نشأ بعد الإمبراطورة "هيلانة" أُم الإمبراطور "قسطنطين"، وقد زارت القدس سنة 324م، وعُرفت بعد ذلك بالقديسة، وليس الحج طقوساً أو مناسك، إنما هو عندهم عبارة عن سياحة دينية، وزيارة لبعض الأماكن التي يعتقدون أنها مقدسة، وقدسية هذه الأماكن لا يوجد عليها أدلة نصية من كتبهم
وإنما هي من وضع الرهبان ورجال الدين النصراني ولا علاقة لها بسيدنا/ المسيح – عليه الصلاة والسلام.



هذه الشعائر بقايا بقيت من دين سيدنا/ إبراهيم – عليه الصلاة والسلام، عند العرب، توارثوها عن أسلافهم وتواترت إليهم
واختلطت بعاداتهم الجاهلية، كعبادة الأصنام، وطوافهم بالبيت عراة، وإدخالهم الشرك في التلبية قائلين: (لبيك لا شريك لك، إلا شريكاً هو لك، تملكه وما ملك)،


فجاء الإســـــلام ليعيد ملة سيدنا/ إبراهيم – عليه الصلاة والسلام، إلى نقائها وصفائها.
فقال عز وجل:
۩ ...وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ ۩ سورة الحج: من الآية 78


ولو كان النبي صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، ناقلاً شريعته عن غيره لمجرد التشابه بينها وبين نبوته، لكانت هذه نفسها حجة تنسحب على نبوة كل نبي، ولكانت سارية على نبي الله سيدنا/ عيسى – عليه الصلاة والسلام، لأنه جاء ببعض ما جاء به سيدنا/ موسى – عليه الصلاة والسلام،
ولكانت سارية كذلك على سيدنا/ موسى – عليه الصلاة والسلام، لأنه جاء بمثل ما جاء من قبله أحياناً،
ولما ثبتت – بناء على ذلك – نبوة نبي، ولكان هذا هو الخطأ بعينه فلا يتأتى في نبوة النبيين نقل.


والإســـــلام أعاد الأمور إلى نصابها الصحيح، وإلى مصدرها الأول من أول الأنبياء إلى خاتمهم سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته.

فشعيرة الحج لم تكن إلا إلى بيت الله الحرام من لدن أبو البشر سيدنا/ آدم – عليه الصلاة والسلام، إلى سيدنا/ محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وإلى أن تقوم الساعة.
وأما ما ابتدعه اليهود والنصارى من مزارات وطقوس وعادات تقوم عندهم مقام الحج فلا أصل له حتى في أديانهم المحرفة.


(*) في: إقرار الإسلام للشعائر التي ورثها العرب عن دين سيدنا/ إبراهيم عليه الصلاة والسلام،
طالع:
 الوجه الثالث، من الشبهة السادسة والعشرون: (ق1 المجلد8 ج 13 شبهات حول العبادات والمعاملات الإقتصادية في الإسلام).
الرابط:
إدعاء أن الصلاة في الإسلام مقتبسة من الصابئة


»––––––––» ••••»––––––––» ••••»––––––––»


5- تحريم الأشهر الحرم:

تحدث القــرآن الكريــم، والسنــة النبويــة الشريفــة، عن الأشهر الحرم حديثاً واضحاً يبين مدى قدسيتها عند الله عز وجل، وعند رسوله الكريم صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته.

وكا مما جاء في القرآن الكريم:
قوله عز وجل:
۩ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ... ۩ سورة التوبة: من الآية 36


وقول رسول الله صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته:
«إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاَثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو القَعْدَةِ، وَذُو الحِجَّةِ، وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ، مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى، وَشَعْبَانَ»
(أخرجه الإمام/ البخاري، في صحيحه، كِتَابُ تَفْسِيرِ القُرْآنِ: بَابُ تَفْسِير سُورَةُ بَرَاءَةَ،- وأخرجه الإمام/ مسلم، في صحيحه، 28 - كِتَابُ الْقَسَامَةِ وَالْمُحَارِبِينَ وَالْقِصَاصِ وَالدِّيَاتِ: 9 - بَابُ تَغْلِيظِ تَحْرِيمِ الدِّمَاءِ وَالْأَعْرَاضِ وَالْأَمْوَالِ).

فقال صلى الله عليه وسلم:
عن رجب: مضر، لأن ربيعة كانوا يحرمون شهر رمضان، ويسمونه رجب، وكانت مضر تحرم رجب نفسه،- لهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، رجب شهر مضر، تأكيداً وبياناً لصحة ما صارت عليه مضر.



كان العرب يعظمون هذه الأشهر الحرم، ويحجون إلى البيت الحرام فيها، فكانت تأتي في الشتاء مرة وفي الصيف مرة أخرى، فشق عليهم الأمر، لأنهم كانوا يأتون للتجارة أيضاً، فربما كان الوقت غير مناسب لحضورهم للتجارة، فلهذا السبب أقدموا على السنة الشمسية بدلاً من القمرية، وعند ذلك ظل زمان الحج مختصاًّ بوقت واحد معين موافق لمصلحتهم وتجاراتهم، وربما كان بسبب أن العرب كانوا لا يكفون عن الحروب، فلهذا السبب أيضاً غيروا الأشهر الحرم عن مواقيتها وغيَّروا أسماءها لموافقة أهوائهم ومصالحهم، وهذا هو النَّسِيءُ.
أما اليهود والنصارى فقد علَّموا العرب صفة السنة الشمسية الكبيسة، لذا أنزل الله عز وجل هذه الآية


قال سبحانه:
۩ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ... ۩ سورة التوبة: من الآية 36

وهذا يبين قضاء الله وقدره يوم أن خلق السماوات والأرض، وأنه عز وجل، وضع هذه الشهور وسماها بأسمائها ورتبها، وأنزل ذلك على أنبيائه في كتبه المنزلة، فلذلك ردها الإســلام إلى حكمها الذي وضعها الله عليه يوم أن خلق السماوات والأرض، ولم يزلها عن ترتيبها تغيير المشركين واليهود والنصارى ولا عن تغيير أسمائها، والمقصود من ذلك اتباع أمر الله فيها، ورفض ما كان عليه أهل الجاهلية واليهود والنصارى، لأجل مصالحهم الدنيوية.



الحكمة من تحريم الأشهر الحرم:
أن يأخذ الإنسان نفسه بقدر من الضبط، والتحكم في مشاعره نحو الإستقامة، والقصد والحفاظ على الحريات، بأن يكف عن القتل والقتال والحرب، فكان الإنسان يقابل قاتل أبيه فيعرض عنه احتراماً لهذه الأشهر الحرم.
وأعظم ما فعلوه مخالفة هو "النَّسِيءُ"،- بأن يحلُّوا شهراً منها إذا غلبتهم شهوة الحرب، ويحرموا مكانه آخر.


يقول الله تبارك وتعالى:

۩ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (37) ۩ سورة التوبة.


حكمة دينية من هذه الآية الكريمة: ۩ ...ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۩سورة التوبة: من الآية 36

فتحريم الأشهر الحٌرم هو الدين المستقيم دين سيدنا/ إبراهيم وسيدنا/ إسماعيل – عليهما الصلاة والسلام – وتبدو في ارتباطها بعضها بعبادة الحج.
تتهيأ فيها الفرصة للقبائل الضعيفة التي لا تستطيع السفر، ولا تأمن الحركة أن تتحرك وتبحث عن مواطن الخصب، والماء والمرعى، فتسير بلا خوف.
شهدت الأشهر الحرم من عهد نبي الله سيدنا/ إبراهيم – عليه الصلاة والسلام،- بعض القيم التي لمعت في ظلام الجاهلية، ومن هذه القيم "حرب الفِجار"، التي وجهتها العرب ضد كل مَن يبغي ويظلم وينتهك الحرمات، فقررت فيها حرمة البيت والأشهر الحرم فتنادت للصلح، ومنها "حِلْف الفُضول"، الذي عقد لمساعدة المظلومين ونصرتهم.


من خلال ما سبق يتبين لنا كيف حرفت الأمم السابقة هذه الأشهر الحرم وفرَّغتها من مضمونها وعن أهدافها السامية، وأزالت عنها قدسيتها.

وكيف أعادها دين الإســلام إلى ما كانت عليه منذ أن خلق الله السماوات والأرض، وأعاد إليها قدسيتها وأهدافها التي حُرِّمت من أجلها والتي يجب الاقتداء بها والعمل بموجبها، لأن فيها تؤدى فريضة الحج إلى بيت الله الحرام، وفيها تكثر الحسنات، فهي أيام ذِكْر ورحمة، وهذا ما جاء الإســـــلام به للبشرية جمعاء.



وبعد هذا العرض للتـــشريعات في الإســـــلام وفي الشرائع الأخرى السابقة عليه
نقرر الآتي:
تعاليم الإســلام وشعائره وعباداته مستمدة من القــرآن الكريــم، والسنــة النبويــة المطهـــرة، سواء اتفق ذلك مع غيره أم اختلف،
وإن وافق بعض الشرائع وبعض الأعراف في بعض الأمور فهذا دليل على أنه:
الحق الذي جاء الإسلام به مكملاً وموضحاً وشاملاً لكل الشرائع التي جاء بها الأنبياء جميعاً – عليهم الصلاة والسلام، بعد أن تم تحريفها وتغييرها على أيدي أتباع هذه الملل.

أليس ذلك يليق بهذا الدين الشامل الذي جاء به الإســـــلام بهوية جديدة لأتباعه، بها يتميزون عن سواهم في العقيدة الصادقة والعبادة الصحيحة والمعاملات والأخلاق.
ومن ثم:
كان الاختصاص والتمييز ضرورين للجماعة المسلمة في التصور والاعتقاد وفي القبلة.



وعلى هذا الأساس الفطري أقام الإســـــلام شعائره التعبدية كلها، فهي لا تؤدى بمجرد النية، ولا بمجرد التوجه الروحي، ولكن هذا التوجه يتخذ شكلاً ظاهراً قياماً، واتجاهاً إلى القبلة، وتكبيراً وقراءة، وركوعاً وسجوداً في الصلاة، وإحراماً من مكان معين، ولباساً معيناً، وحركة وسعياً، ودعاء وتلبية، ونحراً وحلقاً في الحج، ونية وامتناعاً عن الطعام والشراب والمباشرة في الصوم.
وهكذا في كل عبادة حركة، وفي كل حركة عبادة، ليؤلف بين ظاهر النفس وباطنها.

فجاء الإســـــلام يلبي دواعي الفطرة بتلك الأشكال المعينة لشعائر العبادة، مع تجريد الـــــــذات الإلهيـــــــة عن كل تصور حسي وكل تحيز لجهة.

فيتوجه الفرد إلى قبلته حين يتوجه إلى الله تعالى بكليته، بقلبه وحواسه وجوارحه، فهذا التميز تلبية للشعور بالامتياز والتفرد الذي جاء به الإســـــلام.


دأب المستشرقون على أن يردوا كل تعاليم الإســـــلام إلى أصول سابقة، ومن بين ذلك الأحكام التشريعية، فهم يردونها أحياناً إلى أعراف الجاهلية العربية، ويردونها أحياناً إلى القانون الروماني،

وهم بهذا الرد والتردد يكشفون عن سوء طويتهم، في أنهم يحرصون كل الحرص على تجريد الإسلام من كل فضل ومن صفته الجوهرية، ألا وهي:
أنه وحــــــــــــــــي منزل من عند الله عز وجل.


وســـــواء – بعد ثبوت تنزيله من عند الله عز وجل – اتفق في بعض الأحكام مع النظم السابقة، أم اختلف معها، فبعض التشابه في الأحكام وارد لكن هذا التشابه الجزئي القليل لا يعنى نسبة نظام متكامل متضافر محكم في ترتيبه وتنظيمه إلى هذا الأصل المشوه أو ذاك الهراء المضطرب المتناقض.



وليس في النظام القبلي العربي قبل الإســـــلام نظام يستحق الأخذ به، بل أن العرب قبل الإســـــلام، لا يعرفون مثل هذا النظام المتقن في الأسرة والمواريث، الذين عهدناهما في التشريع الإسلامي.

كذلك:
نظام العقوبات الإسلامي تنزيل من حكيم حميد، وقد أحاط بتفاصيل دقيقة في الإثبات، والإشهاد، والتنفيذ لا نجد لها مثيلاً في أعراف الجاهلية.


وإقرار الإســـــلام لبعض الأمور الحميدة – كعقوبة الدية التي تحملها العاقلة كما كان في عرف العرب – لا يعني أخذ نظام العقوبات بأكمله من أعراف العرب، كما أن إقراره فكرة الدية على العاقلة لا يبرر أنها بكل تفاصيلها المدونة في كتب الفقه مأخوذة من عرب الجاهلية، ولا يعني أن عرب الجاهلية كانوا يعتقدون هذا النظام الدقيق، بل هو مستوحى من القــــرآن والسُّنـــة، كغيره من التشريعات الإسلامية.

فلا يستطيع مُدَّعٍ – على ما سبق – أن ينكر وضوح الحجة في اختلاف تشريعات الإســـــلام عن تشريعات الأديان السابقة، مما لا يجعل مجالاً للوهم أن منبع هذه الـــدين الحنيــف هو رب الأرض والسماء، وليس تشريعات محرَّفة أو أعراف جاهلية.








التوقيع :



يَرْتَدُّ عَنْ إِسْلَامِهِ مَنِ انْتُهِكَ حُرُمَةُ ذِي الْعَرْشِ وَوَحْيًا وَرَسِلاً وَصَحِباً وَمَلَّكَ


موسوعة بيان الإسلام: الرد على الإفتراءات والشبهات



الشيخ/ الجمال:
القرآن الكريم يقر بإمامة المهاجرين والأنصار ويهمل إمامة أئمة الرافضة

نظرات في آية تطهير نساء النبي

القول الفصل في آية الولاية "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ"

نموذج لتهافت علماء الرافضة وكذبهم لتجنب شهادة القرآن بكفرهم

د/ أمير عبد الله
حِوار بين د.أمير و مؤمِن مسيحي " مُصحف ابن مسعود وقرآنية المعوذتين"


من مواضيعي في المنتدى
»» هذا عظيم قدر وعلو شأن رسول الله في القرآن، فأين من تزعم الرافضة إمامته؟!
»» الرافضي/ الخزرجي8 ولكل رافضي- هل يجرؤ رافضي على القول بعفة وشرف أمه أو زوجته!
»» حوار مع الزميل/ Omar Jabassini - إثبات إجماع الأمة على أفضلية الشيخين رضى الله عنهما
»» حديث «ائتونِى بِكتِف أَكتب لكم كِتابا»، والرد على شبهة ضلال الصحابة لعدم كتابة الكتاب
»» منكر السنة/ ايمن1 - أين نجد الفرق بين النبي والرسول من القرآن الكريم
 
قديم 18-01-16, 11:36 PM   رقم المشاركة : 5
Muhamad Sulaiman
عضو فضي








Muhamad Sulaiman غير متصل

Muhamad Sulaiman is on a distinguished road


الإسلام جاء حرباً على الجاهلية، وكل تقاليدها العمياء يستحيل أن يُقلِّد سلوكياتها أو ي


ثالثاً:
الإسلام الذي جاء حرباً على الجاهلية، وعلى كل تقاليدها العمياء يستحيل أن يُقلِّد سلوكيَّاتها أو أن يأخذ منها:


لو أخذ الإســـــلام من الجاهلية شيئاً – كما يدعي المدعون – لما شنت الجاهلية حربها الشعواء على الإســـــلام حينما بزغ لأول مرة.

بل إن الجاهلية حاولت أن تقايض نبي الإســـــلام صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، على التنازل عن بعض ما فيه من تعاليم، لُقْبل زعماؤها على الإســـــلام،

فما كان من الإســـــلام – بعـــزته المــستعلية – ليسمح للجاهلية أن تخترق منه ولو جزءاً من تعاليمه، فقال الله عز وجل مخاطباً رسوله صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته:

۩ فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9) ۩ سورة القلم، أي: إنهم تنوا أن تلين لهم يا مُحَمَّدٌ، وتترك بعض ما لا يرضون مصانعة لهم، فيلينوا لك ويفعلوا مثل ذلك.

وعليه:
فإن محاولة إلصاق بعض شرائـــع الإســـــلام ببعض مبادئ الجاهلية هي محاولة جِدُّ كاذبة، وافتراء شنيع على الإســـــلام، لا يعتمد على دليل، بل على فكرة شوهاء وهي أن مجرد التشابه بين بعض ما كان عليه عرب الجاهلية وبين بعض ما قرره الإســـــلام قاضٍ بأن الجاهلية هي مصدر الإســـــلام، ولم يسألوا أنفسهم لماذا كان هذا التشابه؟! وما منبعه؟! وكيف نكيفه أو نصوره؟!

وللإجابة عن ذلك:

لابد من الوقوف على مصادر سلوكيات العرب ومرجعياتهم على اختلاف قبائلهم وتعدد أماكنهم وتنوع مشاربهم.



الجذور التاريخية لعادات العرب وعباداتهم في الجاهلية:


1- الحنيفية الموروثة عن سيدنا/ إبراهيم – عليه الصلاة والسلام، وهذه قد بقيت غير مشوبة لدى بعض أناس كزيد بن عمرو بن نفيل، الذي حافظ عليها بعد أن لم يقنع باليهودية ولا بالنصرانية ورفض عبادة الأصنام.

والحنيف عند عرب الجاهلية من كان يحج البيت ويغتسل من الجنابة ويختتن.

فلما جاء ديــن الإســـــلام، كان الحنيف هو المسلم، ولذلك فإن العرب لم يعترضوا أبداً على الوحدانية بإقرار القرآن الكريم.

قال الله عز وجل:
۩ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (61) ۩

۩ اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (62) ۩

۩ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (63) ۩ سورة العنكبوت.

وإنما كان اعتراضهم على المنهج الذي جاء يغاير منهجهم في الحياة، والتشريعات التي قاومت الكثير مما كانوا قد ألفوه، حيث حرم عليهم كثيراً مما كانوا يمارسونه في حياتهم، وأقر عليهم ما لم يألفوه.


2- الفطرة السليمة:

التي قادتهم إلى كثير من الأخلاق الحميدة الفطريَّة، كالكرم، والشجاعة، ونصرة المظلوم، ويشهد لهذا "حلف الفضول" الذي دعا إليه ابن جُدعان.


3- دخول بعضهم في ديانات إلهية:
كورقة بن نوفل الذي اعتنق النصرانية.


4- إقحامتهم المنحرفة:
كعبادة الأصنام التي أدخلها عمرو لحي وغيره.


5- النعرة القبلية:
التي ألجأتهم إلى عادات مستقبحة، كالقتل، والثأر، ووأد البنات، وحرمان المرأة والذكر الصغير من الميراث.


هذه هي الأُطُر التي يمكن أن تكون مرجع سلوك العرب في الجاهلية سواء على مستوى العبادات أم العادات، فماذا كان موقف الإسلام منها




أما بالنسبة للحنيفية الإبراهيمية، فالقــرآن الكريم يقرر أنه جاء ليحافظ عليها، لأنها ربانية المصدر.

قال الله تعالى:

۩ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (65) ۩

۩ هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (66) ۩

۩ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67) ۩

۩ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68) ۩ سورة آل عمران.


وقال عز وجل:
۩ قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (95) ۩ سورة آل عمران.


وقال تعالى:
۩ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (125) ۩ سورة النساء.


وقال الله عز وجل:
۩ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161) ۩ سورة الأنعام.


فالقرآن الكريم يقرر أن ما جاء به سيدنا/ محمد صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، هو ما جاء به سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام، من قبل.
وإذا كان العرب هم أبناء سيدنا/ إسماعيل بن إبراهيم – عليهما الصلاة والسلام، فلا شك أنهم قد توارثوا عن آبائهم الكثير من هذه الآثار عادة وعبادة.

ولهذا:
لم يحتج الكفار على النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، بأنه جاء بما شرعوه هم لأنفسهم، لعلمهم بأن ما كانوا يقومون به هو من ميراث سيدنا/ إبراهيم عليه الصلاة والسلام، الذي جاء ديــن الإســـــلام مجدداً لدعوته، وخير مثال لذلك هو الحج.

فقد كان الناس قبل الإسلام يحجون البيت على ميراث سيدنا/ إبراهيم عليه الصلاة والسلام، لكن هذا الميراث دخله بعض التغيير والتعديل، كما أدخلت قريش فكرة الحُمْس *(1)،-
وكما اختلقوا لأنفسهم تلبية خاصة، خالفهم فيها غيرهم.

فجاء ديــن الإســلام بتلبيته المنزهة لربِّ العباد من الشرك، كما ألغى فكرة الحُمْس.

ولا يمكن لأحد أن يقول:
إن الحج هو من ميراث الجاهلية وعلى هذا قِسْ العديد من التشريعات التي أقرها دين الإســلام مما كان معروفاً في الجاهلية


*1- (الحُمْسُ عند قريش:

قال بن إسحاق وقد كانت قريش - لا أدري أقبل الفيل أم بعده - ابتدعت رأي الحُمْس رأياً رأوه وأداروه، فقالوا: نحن بنو إبراهيم وأهل الحُرْمَة ووُلاة البيت وقُطَّان مكة وساكنها، فليس لأحد من العرب مثل حقِّنا ولا مثل منزلتنا، ولا تعرف له العرب مثل ما تعرف لنا، فلا تعظِّموا شيئاً من الحِلِّ كما تعظمون الحَرَم، فأنكم إن فعلتم ذلك استخفت العرب بحُرْمَتِكم وقالوا: قد عظَّموا من الحِلِّ مثل ما عظَّموا من الحَرَم، فتركوا الوقوف على عَرَفة والإفاضة منها، وهم يعرفون ويقرون أنها من المشاعر والحج ودين إبراهيم صلى الله عليه وسلم ويرون لسائر العرب أن يفيضوا منها، إلا أنهم قالوا: نحن أهْلُ الحَرَم، فليس ينبغي لنا أن نخرج من الحُرْمة ولا نعظم غيرها كما نعظمها نحن الحُمْس، والحُمْس أهْل الحَرَم ثم جعلوا لمَن ولدوا من العرب من ساكن الحِلِّ والحِرِم مثل الذي لهم بولادتهم إياهم يَحِلُّ لهم، ما يَحِلُّ لهم، ويحْرُم عليهم ما يحْرُم عليهم).


وأما بالنسبة لما يرجع إلى الأخلاق الفطرية التي كانوا مُتَخَلِّقِين بها، فهذا مما تتفق عليه كل الفطر السليمة، وقد قرر القــرآن الكريــم، أن الديــن الإلهـــي هو دين الفطرة،

قال الله عز وجل:
۩ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) ۩ سورة الروم.


ومن ثم فلا نقول:
إن هذه الأخلاق ميراث الجاهلية، بل هي فطرة الله في جميع خلقه بدليل أننا نجد الكثير من الصفات يتفق فيها أصحاب المعتقدات المختلفة، فالكرم والشجاعة والحلم واحترام الآخرين قدر مشترك بين جميع من يتحلى بها، لأنها مكتسبات فطرية، وإنما دور الإيمان والشرائع هو في تهذيبها وتنميتها فقط،
ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته:
20782 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ , أنبأ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ , ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمَرْوَرُّوذِيُّ , ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ , ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ , أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ , عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ» *(1)
أي:
أنه صلى الله عليه وسلم، لم يدَّعِ أنه أنشأ مكارم الأخلاق، بل هي موجودة بالفطرة السليمة، وكان دوره تنميتها فقط، وتتميمها
ومن ثم أشار إلى: "حلف الفضول" وقال:
«وَلَوْ دُعِيتُ بِهِ فِي الْإِسْلَامِ لَأَجَبْتُ»
*1- (حديث صحيح: أخرجه البيهقي في سننه الكبرى،كِتَابُ الشَّهَادَاتِ: بَابُ: بَيَانُ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَمَعَالِيهَا...، حديث رقم: 21301،- وفي موضع آخر، والحاكم في مستدركه، كتاب تواريخ المتقدمين من الأنبياء والمرسلين، ومن كتاب آيات رسول الله صلى الله عليه وسلم التي هي دلائل النبوة (4221)،- وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (45)).


أما بالنسبة لموروثات الديانات السابقة، فلا غرابة أن نجد تشابهاً ما في تشريعات هذه الديانات، وبين بعض ما جاء به الإســلام، ولِمَ لا والمصــدر واحــد؟!

بل هذا التشابه هو أحد أدلة المصداقية، وبالطبع قد وقع هذا التشابه فيما هو إلهــي المصدر، بعيداً عن تحريفات أتباع هذه الديانات.


نأتي بعد ذلك إلى مخترعات الجاهلين وانحرافاتهم عن حنيفية سيدنا/ إبراهيم عليه الصلاة والسلام، عَقَدِياًّ وتشريعياًّ،
وكذا تصرفاتهم النكراء التي كانت تلجئهم إليها عصبيتهم وقبليتهم، وهذا هو القسم الذي جاء الإســلام بهدمه من الأساس، وهو القسم الأكبر، ولأجله كفر من كفر، بل حارب من أجل بقائه ونصرته مَن حارب بحجة أنه موروث آبائهم.

ولقد بلغ من حرصهم على بقاء ميراث الآباء من تلك العبادات والعادات المنحرفة أن عرضوا على النبي صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، الملك والمال والجاه.
فقال صلى الله عليه وسلم قولته المشهورة:
«مَا أَنَا بِأَقْدَرَ أَنْ أَدَعَ ذَلِكَ مِنْكُمْ عَلَى أَنْ تَسْتَشْعِلُوا لِي مِنْهَا شُعْلَةً»

الحديث:
2170ـ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدٍ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ:
جَاءَتْ قُرَيْشٌ إِلَى أَبِي طَالِبٍ فَقَالَتْ: إِنَّ ابْنَ أَخِيكَ يُؤْذِينَا فِي نَادِينَا وَمَسْجِدِنَا، فَانْهَهُ عَنْ إِيذَائِنَا، قَالَ: يَا عَقِيلُ ائْتِ مُحَمَّدًا فَادْعُهُ، فَذَهَبْتُ، فَأَتَيْتُهُ بِهِ، فَجَاءَ فِي نِصْفِ النَّهَارِ يَتَخَلَّلُ الْفَيْءَ، فَجَلَسَ عِنْدَ أُسْكُفَّةِ الْبَابِ، وَقُرَيْشٌ عِنْدَ أَبِي طَالِبٍ،
فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي إِنَّ بَنِي عَمِّكَ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ تُؤْذِيهِمْ فِي نَادِيهِمْ وَمَسْجِدِهِمْ فَانْتَهِ عَنْ ذَلِكَ،
قَالَ:
فَحَلَّقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ، قَالَ:
هَلْ تَرَوْنَ هَذِهِ الشَّمْسَ؟ قَالُوا: نَعَمْ،
قَالَ: مَا أَنَا بِأَقْدَرَ أَنْ أَدَعَ ذَلِكَ مِنْكُمْ عَلَى أَنْ تَسْتَشْعِلُوا لِي مِنْهَا شُعْلَةً،
قَالَ: فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: مَا كَذَبَنَا ابْنُ أَخِي فَارْجِعُوا، قَالَ: فَرَجَعُوا.
(حديث حسن: رواه البزار في مسنده، مسند عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه، (4/2170)، والطبراني في المعجم الكبير، بَابُ الْعَيْنِ: مَا أَسْنَدَ عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (511)،- وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (92).


وأول ما حاربه الإســلام هو أساس عقيدتهم – آلهتهم التي عبدوها من دون الله – فقد صعقوا حينما فاجأهم النبي صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، بأن الدين الحق هو دين التوحيد، وأن هذا الكون ليس له إلا إله واحد هو الذي خلق ورزق، وهو الجدير بالعبادة.

قال الله عز وجل:
۩ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) ۩
۩ حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (31) ۩ سورة الحج.


نعم ترك عبادة الأصنام هي حنيفية سيدنا/ إبراهيم عليه الصلاة والسلام، التي دعا ربه وسأله المداومة عليها.

قال الله عز وجل:
۩ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35) ۩

۩ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36) ۩ سورة إبراهيم.


وعاب رسول الله صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، - بأمر ربه ووحيه – على قومه عبادة الأصنام.


قال الله عز وجل:
۩ قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16) ۩ سورة الرعد.


ولم يجارِ الإســلامُ عرب الجاهلية في عبادتهم للأوثان، وجَعْلها آلهة مع الله تقربهم زلفى، ناهيك عن كثير من التشريعات التي كانت حائط صد في وجه الكفار،
حيث حرَّم عليهم القرآن – في الفترة المكية التي يصرُّ بعض الناس على أنها كانت فترة مهادنة ومداهنة – وِأْد البنات، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، والزنا، والظلم، وقطع الرحم، والكذب....،- وغير ذلك مما لا تقتضي الحكمة تأخيره، لأنه مما يتعلق بالكليات التي ضمن الــــدين حفظها،
وهي:
«النفس، والعرض، والدين، والمال، والعقل».



ثم جاء العهد المدني بثرائه الوافر في الجانب التشريعي، إيجاباً وتحريماً وندباً وكراهة، وإباحة، حتى صار من الضوابط القياسية لتحديد المدني من القــرآن الكريــم، أن تكون الآية مشتملة على تشريع.


ونذكر موقف سيدنا/ جعفر بن أبي طالب – رضى الله عنه، حين عقد للنجاشي موازنة بين موقفهم في الجاهلية، وما دعاهم إليه الإســـــلام،
فقال:
أَيُّهَا الْمَلِكُ، كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ، وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ، فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ
حَتَّى بَعَثَ اللهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ، وَصِدْقَهُ، وَأَمَانَتَهُ، وَعَفَافَهُ،
فَدَعَانَا إِلَى اللهِ لِنُوَحِّدَهُ، وَنَعْبُدَهُ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنَ الحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ، وَالْكَفِّ عَنِ الْمَحَارِمِ، وَالدِّمَاءِ، وَنَهَانَا عَنِ الْفَوَاحِشِ، وَقَوْلِ الزُّورِ، وَأَكْلِ مَالَ الْيَتِيمِ، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَأَمَرَنَا بِالصَّلاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالصِّيَامِ "،
قَالَ: فَعَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الْإِسْلامِ، فَصَدَّقْنَاهُ وَآمَنَّا بِهِ وَاتَّبَعْنَاهُ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ، فَعَبَدْنَا اللهَ وَحْدَهُ، فَلَمْ نُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا، وَحَرَّمْنَا مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا، وَأَحْلَلْنَا مَا أَحَلَّ لَنَا،
فَعَدَا عَلَيْنَا قَوْمُنَا، فَعَذَّبُونَا وَفَتَنُونَا عَنْ دِينِنَا لِيَرُدُّونَا إِلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ عِبَادَةِ اللهِ، وَأَنْ نَسْتَحِلَّ مَا كُنَّا نَسْتَحِلُّ مِنَ الخَبَائِثِمّ
(حديث صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مُسْنَدُ أَهْلِ الْبَيْتِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمِ أَجْمَعِينَ: حَدِيثُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، (1740)،- وصححه الألباني في فقه السيرة، ج1 ص115).


وعندما سأل هرقل ملك الروم، أبا سفيان عن النبي صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، كان من بين ما سأله عنه أن

قال:
مَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟ قُلْتُ: يَقُولُ: اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ، وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّدْقِ وَالعَفَافِ وَالصِّلَة....،-
((ولم يكن سيدنا/ أبو سفيان – رضى الله عنه، قد أسلم بعدُ حين قال ذلك))
(أخرجه البخاري في صحيحه، كِتَابُ بَدْءِ الوَحْيِ، بَابُ كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الوَحْيِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).


فهذا كله – وغيره – ناطق بأن ثورة الكفار على الإسلام سببها هو أنه قد جاءهم بخلاف ما يعرفون، وبنقض ما يعتقدون ويسلكون، ولا ينافي ذلك التوافق فيما هو فِطْرِي – ككريم الأخلاق – أو ما هو من ميراث الحنيفية، أو الديانات الربانية التي تشارك الإسلام في وحدانية المصدر.

وبهذا يتضح جلياًّ بطـــــلان زعــــم أن ديـــــن الإســـــلام أخذ بعض شرائعه من الجاهلية.








التوقيع :



يَرْتَدُّ عَنْ إِسْلَامِهِ مَنِ انْتُهِكَ حُرُمَةُ ذِي الْعَرْشِ وَوَحْيًا وَرَسِلاً وَصَحِباً وَمَلَّكَ


موسوعة بيان الإسلام: الرد على الإفتراءات والشبهات



الشيخ/ الجمال:
القرآن الكريم يقر بإمامة المهاجرين والأنصار ويهمل إمامة أئمة الرافضة

نظرات في آية تطهير نساء النبي

القول الفصل في آية الولاية "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ"

نموذج لتهافت علماء الرافضة وكذبهم لتجنب شهادة القرآن بكفرهم

د/ أمير عبد الله
حِوار بين د.أمير و مؤمِن مسيحي " مُصحف ابن مسعود وقرآنية المعوذتين"


من مواضيعي في المنتدى
»» الخرافة مهدي الرافضة معطل في عصر الظهور والغيبة
»» بيان الإسلام: تبشير الكتاب المقدس بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم
»» هذا عظيم قدر وعلو شأن رسول الله في القرآن، فأين من تزعم الرافضة إمامته؟!
»» دعوى تعارض حديث "لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد" مع القرآن والواقع
»» د/ محمد المسير - حان الوقت للخروج من قفص الإتهام
 
قديم 18-01-16, 11:40 PM   رقم المشاركة : 6
Muhamad Sulaiman
عضو فضي








Muhamad Sulaiman غير متصل

Muhamad Sulaiman is on a distinguished road



الخلاصة:

الإســلام ينبع من نفس الأصل الذي نبعت منه اليهودية والنصرانية، فهو دين سماوي كما أنهما ديانتان سماويَّتان، وهذا يعلل لنا وجود تشريعات متشابهة بين هذه الديانات الثلاثة،

إلا أن الإســـــلام حفظه الله عز وجل، لنا من التحريف، أما اليهودية والنصرانية فقد حرَّفها أهلها أشد التحريف، وزاغوا بها عن الصراط المستقيم.



 إذا وُجِدَ تشابه في تشريعات الإســـــلام مع التشريعات الموجود في الديانات الأخرى – وخاصة اليهودية والنصرانية – فإنما ينحصر في التشابه الأسمي فقط،
ولا يتجاوز ذلك إلى صورة التشريع،
فلا الصلاة، ولا الصوم، ولا الحج، ولا أية تشريعات أخرى في الإسلام تماثل – ولا حتى تشابه – تشريعات الأديان الأخرى من حيث المضمون والتطبيق.



الإســـــلام حارب الجاهلية بكل مفاسدها، ورفض أن يداهن أهلها، ورفض أن يسمح لأي تشريع من تشريعاتها الباطلة أن يفسد تشريعه.

وعليه:

فلا يمكن لديــــن الإســـــلام، بل ويستحيل أن يأخذ من الجاهلية أي شئ ويضعه ضمن تشريعاته، وما كانت حرب الجاهلية للإســــــلام إلا لأنه خالفها، ونقض عُرَاها، وأبطل تشريعاتها الفاسدة
وحوَّل الحاكمية فيها من البشر إلى رَبِّ البشر.


على أن الإســـــلام أقر بعض التشريعات الصحيحة – كحلف الفضول – ودعا إلى اتباعها، ولكــــــن بعد تغيير الفهم القبلي لمثل هذه المعتقدات والتشريعات، لكي يتلاءم مع طبية ديـــــن الإســـــلام العالميـــــة.







التوقيع :



يَرْتَدُّ عَنْ إِسْلَامِهِ مَنِ انْتُهِكَ حُرُمَةُ ذِي الْعَرْشِ وَوَحْيًا وَرَسِلاً وَصَحِباً وَمَلَّكَ


موسوعة بيان الإسلام: الرد على الإفتراءات والشبهات



الشيخ/ الجمال:
القرآن الكريم يقر بإمامة المهاجرين والأنصار ويهمل إمامة أئمة الرافضة

نظرات في آية تطهير نساء النبي

القول الفصل في آية الولاية "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ"

نموذج لتهافت علماء الرافضة وكذبهم لتجنب شهادة القرآن بكفرهم

د/ أمير عبد الله
حِوار بين د.أمير و مؤمِن مسيحي " مُصحف ابن مسعود وقرآنية المعوذتين"


من مواضيعي في المنتدى
»» د/ محمد المسير - حان الوقت للخروج من قفص الإتهام
»» البرقليط النبي صلى الله عليه وسلم وبشارات الكتاب المقدس بالرسول
»» أقوى أوجه الشبه على الإطلاق بين (معممين / عوام) الرافضة، وعباد الصليب
»» منكر السنة/ ايمن1 - ما هي الأدوات اللازمة لفهم وتدبر القرآن الكريم
»» الشذوذ الفكري والانحراف العقائدي وكذب وتدليس الرافضي/ الخزرجي8
 
 

الكلمات الدلالية (Tags)
موسوعة بيان الإسلام, بيان الإسلام, دعوى أَخْذ الإسلام شرائعهَ من الديانات السابقة ومن الجاهلية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:52 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2023, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "