بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد و عجل فرجهم
السلام عليكم أيها الأخوة الكرام في المنتدى و رحمة الله و بركاته
أشكر الزملاء الكرام "عربا" و "محمد سليمان" على مرورهم الطيب و كذلك أرحب بالمتحاور العزيز الأخ "أبو جنى" هدانا الله و إياكم إلى طريق الحوار.
أولا ، ما هو الدليل الشرعي على القاعدة التي ذكرتها يا أخي العزيز و هي يجب أن تكون العقائد بالآيات المحكمات من الكتاب فقط ؟؟
هل تمتلك دليلا شرعيا يؤيد كلامك ؟
كثير من العقائد الأساسية لم تذكر في القرآن الكريم كعذاب القبر و نزول المسيح (عليه السلام ) في آخر الزمان و ظهور الدجال و خروج المهدي.
كل هذه العقائد الأساسية لديكم لم تذكر في كتاب الله عزوجل بآيات صريحة !!!
نعم يقول الله عزوجل (ما فرطنا في الكتاب من شيء) و قد آمر الله عزوجل في آيات كثيرة على الطاعة المطلقة لنبيه –صلى الله عليه و آله- و الرجوع إلى السنة المطهرة في بيان العقائد.
و لا بأس هنا أن نعرض بعض أقوال العلماء
قال ابن القيم في (كتاب الروح ج1 ص218) :
"فصل وأما المسألة الثامنة وهي قول السائل: ما الحكمةُ في كون عذاب القبر لم يذكر في القرآن، مع شدة الحاجة إلى معرفته والإيمان بهليُحذَر ويُتَّقى؟
فالجواب من وجهين: مجمل، ومفصل.
فأما المجمل،فهو أنَّ الله سبحانه أنزل على رسوله وَحْيَين، وأوجب على عباده الإيمان بهما والعمل بما فيهما، وهما الكتابُ والحكمةُ؛كما قال تعالى: (وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) [النساء: 113]. وقال تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) [الجمعة: 2]. وقال تعالى: (واذكرنَ ما يُتلى في بيوتِكُنَّ من آيات الله والحكمة) [الأحزاب: 34].
الكتاب هو القرآن،والحكمة هي السنة، باتفاق السلف. وما أخبر به الرسول عن الله، فهو في وجوب تصديقه والإيمان به كما أخبَر به الربُّ تعالى على لسان رسوله. هذا أصلٌ متفق عليه بين أهل الإسلام، لا ينكره إلا من ليس منهم.وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إني أوتيتُ الكتابَ ومثلَه معه"".
- ورد استفتاء إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية (ج3 ص440-442) فتوى رقم 1979
س:إني سمعت من علماء الإسلام أن الميت يصير حياً في القبر ويجيب على سؤال الملائكة ويعذب إذا بان منه الكفر وعدم الاستقامة في الإسلام في الحياة الدنيا، وإني كملم بمبادىء الإسلام لم أجد في القرآن الكريم برهاناً صريحاً يدل على سؤال صاحب القبر وعقابه ويقول تعالى: (يا أيتها النفس المطمئنة * ارجعي إلى ربك راضية مرضية * فادخلي في عبادي * وادخلي جنتي)، حسب فهمي الضعيف أن النفس ترجع إلى ربها بعد خروجها من الجسد، ولم أفهم أن النفس تكون مع جسدها في القبر منعمة. وأيضاً يقول الله تعالى: (قالوا ربَّنا أمَتَّنا اثنتينِ وأحييتنا اثنتين) إلخ، وأفهم من هذه الآية أيضاً أن الإماتة مرتان وقت النطفة ووقت خروج النفس من الجسد، كما أفهم أن الإحياء مرتان الحياة في بطن الأم ووقعت البعث، ولم أفهم من الآية إشارة تدل على سؤال القبر وعذابه، يقول تعالى: (قالوا ياويلنا من بعثنا من مرقدنا) إلخ، وهذا يدل على أن الكفار نائمون والنوم في القبر ينافي العقاب فيه. وبالنهاية أرجو يا صاحب الفضيلة أن أجد منكم جواباً شافياً لظمأي كما كانت إجاباتكم الدينية دائماً؟
ج:أولاً: أدلة الأحكام الشرعية كما تكون من القرآن تكون من السنة الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قولاً أو فعلاً أو تقريراً؛ لعموم أمره تعالى بأخذ ما جاءنا به من نصوص الكتاب والسنة؛ لقوله تعالى: (وما آتاكم الرسول فخُذُوهُ وما نهاكم عنه فانتهوا)، ولأنه صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى إنما يشرع لنا بوحي من الله تعالى كما قال سبحانه: (وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحيٌ يوحى) الآيات،ولأن اتباعه صلى الله عليه وسلم فيما جاء به عموماً دليل على الإيمان بالله ومحبته سبحانه ويترتب عليه محبة الله ومغفرته لمن اتبعه، كما قال تعالى : (قل إن كنتم تحبُّون الله فاتَّبعوني يُحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفورٌ رحيم )، ولأمره تعالى بطاعته صلى الله عليه وسلم وحكمه بأن طاعته طاعة لله قال تعالى : ( قل أطيعوا الله والرَّسول فإن تولَّوا فإنَّ الله لا يُحِبُّ الكافرين ) ، وقال: ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرَّسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيءٍ فرُدُّوهُ إلى الله والرَّسولِ إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخِر ذلك خيرٌ وأحسنُ تأويلاً)، وقال: ( من يُطِعِ الرَّسول فقد أطاع الله ومن تولَّى فما ارسلناكَ عليهم حفيظاً)،إلى غير ذلك من آيات القرآن التي أمرت بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم واتباعه وأخذ ما ثبت عنه والعمل به، فالسنة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم حجة تثبت بها الأحكامعقيدةوعملاً،كما أن القرآن حجة تثبت بها الأحكام صراحة واستنباطاً على مقتضى قواعد اللغة العربية وطريقة العرب في فهمهم للغتهم.
قال ابن كثير في تفسير الآية 59 من سورة النساء (ج3 ص150) :"وقوله: (فإن تنازعتم في شيءٍ فرُدُّوهُ إلى الله والرَّسول) قال مجاهد وغير واحد من السلف؛ أي: إلى كتاب الله وسنة رسوله.وهذا أمر من الله عز وجل بأن كل شيء تنازع الناس فيهمن أصول الدينوفروعه أن يرد التنازع في ذلك إلى الكتابوالسنةكما قال تعالى: (وما اختلفتم فيه فحُكمه إلى الله) فما حكم به الكتاب والسنة وشهدا له بالصحة فهو الحق، وماذا بعد الحق إلا الضلال، ولهذا قال تعالى: (إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) أي: ردوا الخصومات والجهالات إلى كتاب الله وسنة رسوله فتحاكموا إليهما فيما شجر بينكم (إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر)فدل على أنه من لم يتحاكم في محل النزاع إلى الكتاب والسنة ولا يرجع إليهما في ذلك فليس مؤمناً بالله ولا باليوم الآخر".
ذكر الشيخ محمد بن صالح العثيمين في تفسير هذه الآية (ج1 ص450) عدة فوائد من ضمنها:
"4- الرد على من كفر بالسنة وقال: لا نقبل إلا ما جاء في القرآن؛ لأن الله جعل طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم مستقلة، والحقيقة أن الذي يقول هذا القول لم يتبع ما جاء به القرآن؛ لأن القرآن أمر بأن يتبع الرسول عليه الصلاة والسلام فقال: (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبيِّ الأمِّيِّ الذي يؤمنُ بالله وكلماته واتَّبعوه) [الأعراف: 158[ ولم يقل: اتبعوه إن وجدتم لذلك أصلاً في القرآن، بل هو أمر عام".
أقول : هذا رد مفحم جدا ، فالشيخ صادق في قوله .
و ثانيا ، قولك أخي العزيز بشأن عدم حجة أخبار الآحاد عندكم ، أقرأ هذا القول من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء
السؤال الأول من الفتوى رقم 9377
س :ما حكم من ينكر عذاب القبر بحجة أنها (أي الأحاديث الواردة فيعذاب القبر) هي أحاديث آحاد والحديث الآحاد لا يؤخذ به مطلقاً ، وهم لا ينظرون إلىالحديث صحيح أو حسن أو ضعيف ولكن ينظرون إليه من جهة كونه آحاداً أو مروياً بطرقمختلفة فإذا وجدوه حديث آحاد لم يأخذوا به فما هو الرد عليهم؟
جـ :الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. . وبعد : إذا ثبت حديث الآحاد عن الرسول صلى الله عليه وسلم كان حجة فيما دل عليهاعتقاداً وعملاً بإجماع أهل السنة ، ومن أنكر الاحتجاج بأحاديث الآحاد بعد إقامةالحجة عليه فهو كافر، وارجع في الموضوع إلى كتاب الصواعق لابن القيم أو مختصرهللموصلي.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبهوسلم.
الرئيسعبد الله بن عبد العزيز بنباز
نائب الرئيسعبد الرزاق عفيفي
عضوعبد الله بن غديان
نلخص ما جاء في كلمات الأعلام المهمة:
1- إن الله أنزل وحيين وهما الكتاب و السنة.
2- مصادر العقيدة هي الكتاب و السنة و لايجوز التفريق بينهما
3- من أنكار أحاديث الآحاد عندكم فقد كفر ، و هي حجة في العقائد بإجماع أهل السنة
هذا و صلى الله على سيدنا محمد و آله الطاهرين
الوثائق المصورة في المرفقات
أخوكم : المحاور العقائدي