العودة   شبكة الدفاع عن السنة > المنتديـــــــــــــات الحوارية > الــــحــــــــــــوار مع الاثني عشرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-01-15, 07:05 PM   رقم المشاركة : 1
سلماان
عضو ماسي







سلماان غير متصل

سلماان is on a distinguished road


Lightbulb دُعَاء النُّدْبَة

ذكرى ذات عبرة حول «دُعَاء النُّدْبَة» : [منقول]
_____________________________________

قبل سنوات قام أحد أصدقائي واسمه حُجّة الإسلام «علي أحمد الموسوي» بتدوين تقريري الذي أوردته بشأن «دُعَاء النُّدْبَة» ، وأخرجه في كُتيِّبٍ من 24 صفحة من القطع الصغير عنوانه «بررسى دعاى ندبه» [أي دراسة وتمحيص دُعَاء النُّدْبَة]، وقد أثار كُتيِّبه هذا ضجَّةً في أوساط المشايخ المُتاجرين بالخرافات! وقد التزم الكاتب في الصفحة السادسة من كُتيِّبه المذكور قائلاً: "إن لم يقبل أحد كلامنا فليذهب وليُحَقِّق ويفحص فإذا وجد سنداً ودليلاً فليُرينا إيَّاه وله منا مبلغ عشرة آلاف تومان أجر تعبه، وإن لم يجد دليلاً فنرجو أن لا يلجأ إلى السباب والشتائم وإثارة اللغط والتهمة والافتراء".
لكن المشايخ طبق عادتهم عارضوا هذا الكتاب دون أن يكون بأيديهم سند قويٌّ يُظهرونه للناس، لذلك قمت بنفسي بكتابة تقرير حول مضامين هذا الدعاء وكنت أرغب بشدّة أن يُنشَر مقالي في مجلة «مكتب اسلام» كي يطَّلع عليه جميع قُرَّاء المجلة ولكنني لما كنت أعلم أن مسؤولي تلك المجلة الخرافيين والمُتعصِّبين لن ينشروا مقالي في مجلتهم، قمت بنشره في مجلة «رنگين كمان» [أي قوس قزح]. وقد نُشر المقال على شكل مُلحق بصورة رسالة من ثمان صفحات من القطع الصغير[761].
وقد قلت هناك: "«إِذَا ظَهَرَتِ الْبِدَعُ في أُمَّتِي وِشُتِمَ أَصْحَابي فَليُظْهِرِ الْعَالِمُ عِلمَهُ فَإنْ لَمْ يفعلْ فعليه لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»[762].

ولكن هناك عدد من العلماء يلزمون الصمت أمام البِدع والخرافات خوفاً على كساد سوقهم وتضاؤل عدد مُريديهم، وهناك عدد آخر من العلماء يُؤَيِّد البِدع ويُصَوِّبُهَا لأنه يريد الوصول إلى المرجعية وجذب عامة الشعب إليه، ولكن علينا أن نعلم أن البِدعة لا تظهر ويعلو شأنها ويُصبح لها أتباع وأنصار إلا عندما يتمّ إزاحة القرآن جانباً ويقلّ أتباعه أو يضعُف شأنه حتى يصل الأمر إلى حدّ أن الناس يُرجِّحون دعاءً أو فتوى أو حديثاً موضوعاً على القرآن! في هذه الأيام ثار لَغَطٌ ومعركةٌ من الآراء حول صحة أو بُطلان «دُعَاء النُّدْبَة»؟ وإننا لنتعجَّب ونأسف كيف يتجاهل أنصار هذا الدعاء القرآن وكأنه شيئاً لم يكن ويُسقطوا القرآن من الاعتبار ولا يهتمُّون به! إن هناك جمل عديدة في هذا الدعاء يُؤَدِّي الاعتقاد بها إلى إسقاط القرآن من الاعتبار. وسنقوم ببيان بعض هذه الجمل ونُميط اللثام عنها طلباً لرضا الله".
كما قلت في ذلك الكُتيِّب:
"لما قرأتُ مجلة «مكتب اسلام» تعجَّبت كثيراً لأنني لم أكن أتوقع من كُتَّابها الأفاضل أن يكتبوا في مَوْضِعٍ منها أن «دُعَاءَ النُّدْبَة» مصدر إلهام للنضال الاجتماعي والكفاح ضد الظلم، في حين أن «دُعَاءَ النُّدْبَة» مصدر إلهام لقبول الظلم والسكوت عنه حتى يأتي إمام الزمان ويقوم هو بإصلاح الأوضاع، إذ يقول «دُعَاءُ النُّدْبَة»: "أَيْنَ الْمُعَدُّ لِقَطْعِ دَابِرِ الظَّلَمَةِ أَيْنَ الْمُنْتَظَرُ لِإِقَامَةِ الْأَمْتِ وَالْعِوَجِ أَيْنَ الْمُرْتَجَى لِإِزَالَةِ الْجَوْرِ وَالْعُدْوَان ‏......؟" معنى هذه الجمل أن على الشعب أن ينتظر إمام الزمان وأن لا يُحرِّك ساكناً، وكأن الشعب ليس مُكلَّفاً إلا بندب حاله والبكاء والعويل بأننا غرباء ولا ناصر لنا..... الخ، كي يُرضوا أنفسهم بهذه الكلمات ويُنفِّسُوا عن غضبهم ويُمَكِّنوا الظالمين من الركوب على ظهورهم إلى أن يأتي الإمام! ما أكثر ما يُسِرُّ الاستعمار أن ينشغل عشرات الآلاف من الناس بالندب والعويل ولا يتوجَّهوا إلى مقاومته! لو سألتَ كل واحد من قُرَّاء «دُعَاءِ النُّدْبَة»: ما الذي يتوجب فعله أمام كل هذا الكفر والجور والظلم؟ لقال: يجب أن يأتي إمام الزمان ويقوم هو بالإصلاح!
ألم يكن من الأجدر أن تُبيِّن مجلة «مكتب اسلام» هذا الموضوع الواضح أو لا تقول شيئاً ضده، بل تقول للقُرَّاء إنه من الواجب حالياً على الدولة والشعب أن يسعوا في الإصلاح ويتَّحدوا، لا أن يجعل الناس العويل والندب شعارهم ومدار أعمالهم.
سأل جاهلٌ مجلةَ «مكتب اسلام» في العدد ستة من السنة 13 عن «دُعَاءِ النُّدْبَة» وقال: إن الإمام حاضر وناظر في كل مكان ونحن الذين لا نستطيع إدراك هذا الأمر!! ولم تردّ هذه المجلة على هذه الجمل الشركية التي تُثبت لشخص غير الله صفة اللامكانية والحضور في كل مكان وهي صفة خاصة بالله تعالى الذي ليس جسماً ولا جوهراً ولا محدوداً فمن يصف الإمام بصفات إلهية يقع في الشرك..... ما هو الدليل على حضور الإمام في كل مكان؟ أيُّ دليل عقلي أو شرعي يُصوِّب هذا الشرك؟![763]
لقد كان الجدير بمجلة «مكتب اسلام» أن تُرشد ذلك السائل لا أن تسكت هنا وتبسط الكلام المُفصَّل للدفاع عن «دُعَاءِ النُّدْبَة»!! هل نفي الشرك أفضل أم إثبات دعاء لا يرى أنصاره فيه سوى دعاءً مُستحبَّاً؟! والعجيب أن لهذا الدعاء أنصار أكثر من أنصار التوحيد!...... لقد قال تعالى في مئة آية من القرآن: لا تدعوا غيري ولا تعتبروا أحداً غيري قاضياً للحاجات، فهل هناك دليل شرعي يُجيز دعاء الإمام أو الرسول؟ أليس في «دُعَاءِ النُّدْبَة» دعاء غير الله؟ أليس التوقي من الشرك واجباً؟ لماذا تعتبرون الذين يُنادون المسيح أو بوذا مشركين إذن؟
رغم ذلك نشر السيد رشاد الزنجاني نشرةً فسَّر فيها جميع الآيات التي تقول لا تدعوا غير الله حسب هواه وقال: إن المقصود منها دعاء غير الله على نحو العبادة لا على نحو الواسطة!![764] إنه يتصور أن هناك بُعداً ومسافةً بين الخالق والمخلوق أو أن هناك واسطةً بينهما، أو أن الله غير مُطَّلع على دعاء عباده أو أنه أصم -والعياذ بالله- أو أن غير الله أكثر رحمةً ورأفةً من الله! وفسَّر قوله تعالى: ﴿ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡ﴾[غافر: ٦٠]بمعنى "ادْعُوا المُقَرَّبين مني"!! بل إنه اعترض بنفسه على الآخرين لماذا يُفسِّرون القرآن برأيهم!! إنك تردُّ التفسير استناداً إلى قواعد عُرف اللغة العربية ولكنك تقوم بالتفسير برأيك خلافاً لقواعد العربية وتأتي الناس بالشرك بدلاً من التوحيد!73إنهم يتصورون أن فتوى لا سند لها أو كتابَ دعاء ألَّفه زاهد قديم من أهل الغُلُوّ يُعتبران سنداً ودليلاً على صحة البِدع ! لقد تجرَّأ «دُعَاءُ النُّدْبَة» على الله فقال: "وَقُلْتَ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُم‏". في حين أن الله تعالى لم يسأل أحداً أجراً بل أمر رسوله أن يقول: «قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ» ولم يلتفت إلى أن هذه الآية القرآنية تتضمن كلمة «قُلْ» وأنه لا يجوز أن نزيد في القرآن أو نُنقص منه! أيها القارئ العزيز! ارجع إلى الآية 47 من سورة سبأ لتُدرك الحقيقة.
والخلاصة أنه لا يجوز للكاتب الفاضل المُتديّن أن يكتب شيئاً إرضاءً لميل العامة ولا يفعل كما تفعل سائر المجلات اليوم التي تعرض طبقاً للطلب! ولتصحيح سند «دُعَاءِ النُّدْبَة» ذكرت مجلة «مكتب اسلام» في العدد سبعة من السنة ذاتها قول عدة شيوخ قُدماء من أهل الغُلوّ وصفهم علماء الرجال بالتقوى واعتبرَتْ قولهم سنداً، ولا ندري لماذا تُعتبر تقوى أهل النهروان مردودة أما تقوى أهل الغُلُوّ مقبولة! والواقع أن قول أياً منهم لا يُعدُّ سنداً ولا حُجَّةً. ولكن مجلة «مكتب اسلام» وقعت هنا في عدة أخطاء: الأول: أنها قالت إن واضع «دُعَاءِ النُّدْبَة» «الْبَزَوْفَرِيَّ» ثقةٌ وكان أستاذاً للشيخ المفيد وعاش زمن الغيبة الصغرى ولعلَّه[765] أخذ هذا الدعاء عن الإمام. إننا لنتعجَّب من غفلة هؤلاء الفُضلاء، فأولاً: اسم «الْبَزَوْفَرِيِّ» الذي كان ثقة وكان شيخ الشيخ المفيد هو«الْحُسَيْن بْن علي بن سُفْيَانَ» ولكن مؤلف «دُعَاءِ النُّدْبَة» اسمه «محمد بن الْحُسَيْن» وهو شخص مجهول الحال. ثانياً: لم يكن أيّ منهما لا الأب ولا الابن في عهد الغيبة الصغرى.
74 ثالثاً: لم يكونا من وُكلاء الناحية المُقدَّسة حتى يأخذا هذا الدعاء من الإمام[766].

ونحمد الله أنه بعد كل تلك الحوارات والنقاشات بين الطرفين ثبت وتحقق أن «دعاء الندبة» ليس له سند ولم يظهر رجل ليأخذ جائزة العشرة آلاف تومان التي عرضها كاتب كُتيِّب «دراسة وتمحيص دعاء الندبة» أي حضرة حُجَّة الإسلام والمسلمين السيد المُجاهد الحاج «سيد علي أحمد الموسوي» -دامت فيوضاته-. وعلى كل حال نسأل الله للجميع اليقظة والتوفيق. والسلام". (انتهى)

ينبغي أن نعلم أن «الْحُسَيْنَ بْنَ علي بن سُفْيَانَ الْبَزَوْفَرِيِّ» الذي أثنوا عليه ومدحوه هو نفسه راوي الحديث الذي اخترع اثني عشر مهدياً للناس!!! وللاطِّلاع على الحديث المذكور من الضروري مراجعة الحديث التاسع في الكتاب الشريف «شَاهْرَاه اتِّحَاد» [طَرِيق الاتِّحاد]، كي تعرفوا الأشخاص الذين كان يروي عنهم جناب «حسين البزوفري»!

ومن الجدير بالذكر أن الدكتور علي شريعتي (رحمه الله) كتب بعض المطالب حول «دُعَاءِ النُّدْبَة» فردَّ عليه الحاج الشيخ «محمد تقي الشوشتري». وسنذكر هنا لفائدة القراء المحترمين ما قاله الدكتور المرحوم وبعض ما ذكره العلامة الشوشتري في الردِّ عليه[767]. نأمل أن يتأمل القارئ الكريم بما نذكره هنا:
"لقد أشار «دُعَاءُ النُّدْبَة» إلى هذه المسألة وسأل: «لَيْتَ شِعْرِي! أَيْنَ اسْتَقَرَّتْ بِكَ النَّوَى؟ بَلْ أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّكَ أَوْ ثَرَى؟ أَم بِرَضْوَى أَمْ غَيْرِهَا أَمْ ذِي طُوًى [768]....؟» ولا أدري لماذا يبحث هذا الدعاء -الذي راج كثيراً في أيامنا هذه وأصبح يُخاطَب فيه إمام الزمان في كثير من الأوساط الدينية واشتدَّ رواجه وانتشاره في السنوات الأخيرة إلى درجة أنه قد تشكلت جماعات خاصة لهذا الموضوع-، أقول: لا أدري لماذا يبحثون عن حضرة المهدي في ذي طُوى أو في جبل رضوى الذي كان مكان «محمد بن الحنفية»، الذي كانت فرقة الكيسانية تعتقد أنه هو إمام الزمان وأنه توارى عن الأنظار في جبل رضوى وسيظهر في المستقبل منه وكان أتباعه يتوجهون إلى ذلك الجبل ويدعون ويندبون ويتضرَّعون في أسفل ذلك الجبل وهم مُتوجِّهون إليه لأجل أن يخرج محمد بن الحنفية من غيبته ويقوم. وفضلاً عن ذلك فإنه لم يكن لسيرة حضرة المهدي لا في حياته ولا في غيبته الصغرى ولا غيبته الكبرى ولا بعد الظهور أيّ علاقة بجبل رضوى. والغيبة أساساً ليست على هذا النحو بأن يكون الإمام مُختفياً في مكان خاص بل هو حاضر وناظر في كل مكان ولكننا نحن الذين لا نستطيع أن نُميِّز ذلك ونُدركه".
وقبل أن أذكر بقية ما قاله المرحوم شريعتي ألفت انتباهكم إلى هذه النقطة وهي أنه خلافاً لصنيع مسؤولي مجلة «مكتب اسلام» الذين لزموا الصمت أمام ادِّعاء حضور الإمام في كل مكان، قال العلامة الشوشتري في ردِّه: «إن حضرة المهدي (ع) لما كان إنساناً فلا بُدَّ أن يكون مُستقرَّاً في مكان ما، وأن يتحرَّك ويكون في أماكن مختلفة في أوقات منفصلة، وإلا فإن الذي هو موجود في جميع الأوقات وعلى الدوام في كل مكان هو الذات الأحدية المُقدَّسة جلَّ وعلا» (فتأمّل جداً ولا تتجاهل).
الآن نُواصل نقل كلام المرحوم شريعتي، قال:
"بناءً على ذلك فإن السؤال: أين استقرت بك النوى؟ لا ينسجم حسب الظاهر مع نوع غيبة حضرة المهدي الموعود للشيعة الإمامية. إن القراءة المُتمعِّنة لنصّ «دُعَاءِ النُّدْبَة» الذي لا يذكر أسماء أئمتنا بصراحة وبترتيب، وبعد ذكره لحضرة الأمير (ع) -الذي يُطنب في ذكر مناقبه وفضائله- يقفز فجأة ومباشرة إلى مخاطبة الإمام الغائب، تُقَوِّي طرح ذلك السؤال في الذهن.
وعلى كل حال فإنني أطرح هذا الأمر بوصفه سؤالاً علميَّاً فقط، لا حكماً نهائياً وقطعياً؛ آملاً أن أسمع إجابةً منطقيَّةً ومعقولةً على سؤالي هذا بدلاً من السبّ والاتِّهام، وأن يرتفع هذا الإبهام في ذهني وإن قام شخص ذو اطِّلاع ومعرفة بتوضيح هذه المسألة يكون قد منَّ عليَّ بفضله وأكون له من الشاكرين". (انتهى كلام الدكتور شريعتي).

حول سند هذا الدعاء قال العلامة الشوشتري مخاطباً المرحوم شريعتي:
((أما بالنسبة إلى سند «دُعَاءِ النُّدْبَة» فإن كتاب «البحار» ينقل من كتاب «المزار» لعلي بن طاووس قائلاً: «ذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي قُرَّةَ: نَقَلْتُ مِنْ كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سُفْيَانَ الْبَزَوْفَرِيِّ (رض) وَذَكَرَ أَنَّهُ الدُّعَاءُ لِصَاحِبِ الزَّمَانِ (ع) وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُدْعَى بِهِ فِي الْأَعْيَادِ الْأَرْبَعَةِ وَهُوَ: الْحَمْدُ لِـلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً، اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا جَرَى بِهِ قَضَاؤُكَ فِي أَوْلِيَائِك.......»، ثم نقل الدعاء حتى آخره ثم قال: «قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَشْهَدِيِّ فِي الْمَزَارِ الْكَبِيرِ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ قُرَّةَ: نَقَلْتُ مِنْ كِتَابِ أَبي جَعْفَر مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سُفْيَانَ الْبَزَوْفَرِيِّ. أقول وذكر مثل ما ذكره السيد ([أي ابن طاووس] سواء[769]..». والظاهر أن مفهوم هذه الفقرة في الخبر المذكور «وَذَكَرَ أَنَّهُ الدُّعَاءُ لِصَاحِبِ الزَّمَانِ (ع)»: هو أن «الْبَزَوْفَرِيِّ» روى الدعاء عن إمام الزمان، وبناءً على ذلك يكون «دُعَاءُ النُّدْبَة» من إنشاء وصياغة حضرة الإمام نفسه[770]، مثل «دعاء الافتتاح»[771]، ويُحتمل أيضاً أن يكون «دُعَاءُ النُّدْبَة» من إنشاء وصياغة «الْبَزَوْفَرِيِّ» إذ من الممكن أن يكون معنى الفقرة المذكورة وجوب قراءة «دُعَاءِ النُّدْبَة» لأجل فرج إمام الزمان وظهوره، وعلى كل حال أصل سند الدعاء هو هذا الذي ذُكر في «البحار»، وأما ما جاء في كتاب «زاد المعاد» من قول مؤلفه: ""وأما «دُعَاءُ النُّدْبَة» المُشتمل على العقائد الحقَّة والتأسف على غيبته (عج) فمَرْويٌّ بسندٍ مُعتبرٍ عن الإمام جعفر الصادق (ع) إذ إن قراءته مسنونةٌ في الأعياد الأربعة أي يوم الجمعة ويوم عيد الفطر ويوم عيد الأضحى ويوم عيد الغدير"". فالظاهر أن مؤلفه لم يرجع إلى المُستندات بل نقل ذلك من أماكن خارجية فوقع في الخطأ إذا لو نُقل هذا الدعاء عن حضرة الصادق (ع) لنقل ذلك صاحب «البحار» الذي موضوعه ذكر الأسانيد والمُستندات.)).
(انتهى من كلام العلامة الشوشتري).

قارن أيها القارئ المحترم كلام العلامة الشوشتري هذا بما ذكرناه قبل صفحات في الكتاب الحاضر (أي في حواشي الصفحتين 458 و 461) نقلاً عن الصفحة 4 من كُتيِّب «دراسة وتمحيص دعاء الندبة».
ثم كتب العلامة الشوشتري يقول:
((نعم، جاء في النصوص المُعتبرة(؟!) [772] التي وصلتنا عن الأئمة الأطهار (عليهم السلام) أن مكان حضرة المهدي في عهد الغيبة الصغرى وعهد الغيبة الكبرى أيضاً جبل رَضْوَى"!)).
ثم نقل روايةً عن «محمد بن الحسن الصفار» الذي كان متساهلاً في أخذ الحديث، ونقل روايةً أيضاً عن كتاب «الغيبة» لأبي عبد الله النعماني الذي كان حاطب ليل يجمع في كتابه كل ما وصل إليه ولا يُعتمد على ما في كتابه من أخبار، ومن الواضح تماماً أن مُجرّد نقل أمثال هؤلاء الأشخاص لحديثٍ ما لا يستوجب الثقة به، ويدل على ذلك أن أحد رواة الحديث الذي نقله العلامة الشوشتري عن كتاب «الغيبة» للنعماني هو «منصور بن يونس» الذي ضُعِّف في رجال الكِشِّيّ (ص 398).

بناءً على ذلك فإن العلامة الشوشتري لم يُقدّم لنا سوى الادِّعاء ولم يأتنا بأيِّ نصّ من «النصوص المُعتبرة» التي تحدّث عنها في حين أنه كان من الواجب عليه أن يُبرز لنا نموذجاً واحداً على الأقل من تلك «النصوص المُعتبرة».

ثانياً: إن الادِّعاء بأن محلَّ اختفاء المهدي في الغيبة الصغرى جبل رضوى مخالف للادِّعاء بأن المهدي إنما غاب بهدف عدم وصول الأعداء إليه وللخلاص من شرِّهم! إذ لو كان مكانه في الغيبة الصغرى معروفاً لكان بإمكان أعدائه أن يصلوا إليه.

ثالثاً: لقد ثبت في كتاب «شَاهْرَاه اتِّحَاد» [طَرِيق الاتِّحاد]، (ص 237 إلى 265) أن «النصوص المُعتبرة» (؟!) التي نُشاهدها اليوم في الكتب حول إمامة الأئمة الاثني عشر تمَّ وضعها فيما بعد، وهي، خلافاً لما يدَّعونه، نصوص غير مُعتبرة بأيِّ وجه من الوجوه.
إذا كان الإمام اللاحق غير معروف للناس في زمن كل واحد من الأئمة فكيف من الممكن أن يُقدِّم الأئمة، ومن جملتهم الإمامين الباقر والصادق -عليهما السلام- للناس «نصوصاً مُعتبرةً» (؟!) حول الغيبة وحول مرَّات الغيبة وحول أماكن اختفاء الإمام الثاني عشر؟!!

كتب الأستاذ محمد باقر البهبودي يقول:
"وأمَّا قولهم: «فُلانٌ كَيْسَانِيٌّ» كان يُعتقد بأنَّ محمَّد بن علي بن الحنفيَّة هو الإمام الرَّابع وأنه لم يَمُت بل غاب في جبل رضوى وسيخرج ويملأ الأرض قِسطاً وعدلاً بعدما مُلِئَت ظُلماً وجوراً......... [أو يقولون:] «فُلَانٌ ناووسيٌّ» كان يُعتقد بأنَّ جعفر بن محمَّد هو المهدي وسيُبعث ويملأ الأرض قِسطاً وعدلاً............... [أو يقولون:] «فُلَانٌ وَاقِفِيٌّ» كان يُعتقد بأنَّ موسى بن جعفر لم يَمُت بل غاب في جبل رضوى وسيخرج ويملأ الأرض قِسطاً وعدلاً!
فقد كانت القُدماء من أصحابنا [أي الشيعة] في عهد الغيبة الصغرى وبعدها، يَعُدُّون هذه المُعتقدات طعناً ولا يعملون بما تفرَّد أحدٌ من هؤلاء الفِرق مشياً على سيرتهم المعهودة في أصحاب الضعف والمُتأخِّرون منهم يُوردون أحاديثهم في أبواب الفقه فإذا كانت مُوافقة لرأيهم يَسْكُتُون عن الطعن فيهم وإذا كانت مُخالفة لرأيهم يردُّون أحاديثهم بالطعن فيهم مشياً على الخُطَّةِ التي أبدعها [شيخ الطائفة] أبو جعفر الطوسي في كتابه «تهذيب الأخبار» (أو تهذيب الأحكام)......!!
فإن سياق الإمامة في الأئمة الاثني عشر بأعيانهم وأشخاصهم -على ما نعرفهم اليوم- لم يكن مُتحقِّقاً من أول الأمر وإنما تحقَّق دوراً فدوراً وعهداً فعهداً....... ولذلك نرى الخواصَّ [من أصحاب الأئمة] منهم كانوا يَفِدُون إلى الإمام الحاضر ويَلْتَمِسُون منه أن يُعَرِّفهم الإمام القائم من بعده فلا يُجِيبُهُم إلا عند ضيقِ المجال والأمن من الأعداء...... ولذلك قَلَّتِ النُّصوصُ وعَمِيَتِ الأنباءُ عنهم ودَخَلَتِ الشُّبُهَات المُظْلِمةُ في صدورهم. كُلَّما مَضَى إمامٌ من أئمة العِترة الطَّاهرة، اختلفت الشيعة في الإمام القائم من بعده لا يدرون بمن يَأْتَمُّون وإلى ماذا يَرْجِعون؟ مع أنَّ فيهم كِبار الفُقهاء والمُتكلِّمين نُروّاها من عهد الغيبة الصغرى وقبله بقليل لَمَا آل بهم الأمر إلى هذه التَّفرقة الفاضحة والقول بالأهواء الباطلة..... وَلَمَا وقعت الحيرة لِأساطين المذهب وأركان الحديث سنوات عديدة وكانوا في غِنَىً أن يتسرَّعوا إلى تأليف الكتب لإثبات الغيبة وكشف الحيرة عن قلوب الأئمة بهذه الكثرة" (معرفة الحديث، الشيخ محمد باقر البهبودي، مركز انتشارات علمى وفرهنگى، ص 90 حتى 94 و 109) [773].
بناءً على ذلك فلم يأتِ العلامة الشوشتري بدليل على ادِّعائه وربما يكون الأمر على عكس ما ادَّعاه تماماً، ويكون واضعو الأحاديث والأدعية قد أخذوا جبل رضوى وذي طُوى من فرقة الكيسانية أو الواقفية أو..... الذين كانوا من الناحية التاريخية مُتقدّمين على مُدَّعي غيبة ابن حضرة العسكري من باب مُنافسة الفِرق المُتنازعة وطردهم من الساحة الدينية، لا العكس.
ومن الناحية العقلية أيضاً لا يُمكن تصور أن يكون «دُعَاءُ النُّدْبَة» منسوباً إلى أحد الأئمة لأن الأئمة من الإمام الأول حتى الإمام الحادي عشر كانوا جميعاً عقلاء وكاملين وكانوا يعلمون أن الإمام الثاني عشر لم يأتِ إلى الدنيا بعد ولم يغب فكيف يُمكن مُخاطبة من لم يأتِ إلى الدنيا بما جاء في هذا الدعاء من قول الداعي: "لَيْتَ شِعْرِي أَيْنَ اسْتَقَرَّتْ بِكَ النَّوَى بَلْ أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّكَ أَوْ ثَرَى أَ بِرَضْوَى أَمْ غَيْرِهَا أَمْ ذِي طُوًى‏...... بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ مُغَيَّبٍ لَمْ يَخْلُ مِنَّا.......".
هل يصحُّ أن يقول الإمام الصادق أو الإمام الجواد أو..... لحفيدهما الذي لم يُولد بعد ولم يغب: "أَيْنَ اسْتَقَرَّتْ بِكَ النَّوَى بَلْ أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّكَ أَوْ ثَرَى أَ بِرَضْوَى أَمْ غَيْرِهَا أَمْ ذِي طُوًى"؟!! ألم يكن الأئمة يعلمون أنه لم يُولد بعد ولم يسكن في الجبل بعد؟! لعلَّهم يقولون: إن الإمام الثاني عشر قرأ هذا الدعاء لنفسه واشتكى وندب من فراق نفسه لنفسه!!! هل من الممكن أن لا يعلم الإمام موضع نفسه ويقول:‏ لَيْتَ شِعْرِي أَيْنَ اسْتَقَرَّتْ بِكَ النَّوَى بَلْ أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّكَ أَوْ ثَرَى؟!! ألا يستحي الذين ينسبون هذا الدعاء إلى الإمام؟!
وإشكالنا الآخر على العلامة الشوشتري أنه تجاهل تماماً المضامين المعيبة لنصِّ الدعاء!! في حين أنه كان من الواجب عليه أن يُبيِّن عيوب هذا الدعاء لإيقاظ الناس وتوعيتهم. وإنه لمما يستدعي العجب كثيراً أن نجده بدلاً من بيان عيوب هذا الدعاء يقول في ختام رسالته: "بالطبع، ما أحسن زيادة الأعمال الصالحة [774]، ولعلَّهم يتوسلون بهذا الدعاء على أمل الفرج إذ قال تعالى: «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ »"!!
ونقول: إن الله تعالى قال: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡ﴾[غافر: ٦٠]
ولم يقل: «ادعوا مخلوقاتي والمُقرَّبين مني»، هذا في حين أن الناس يقرؤون «دُعَاءَ النُّدْبَة» المليء بالأخطاء والعيوب، ونظائره، في كل مكان وفي كل وقت ويعتبرون الإمام -الذي له مكان مُستقرٌّ فيه على حدِّ قولك وله حركة وسير في أوقات أخرى - حاضراً ناظراً في كل مكان وسميعاً لدعائنا!! وَمِنْ ثَمَّ فلا علاقة أبداً لقراءة أدعية مثل «دُعَاءِ النُّدْبَة» بدعاء الله، وهذا أمر لا يخفى بالطبع على العلامة الشوشتري! (فَتَأَمَّل).

للأسف، لقد ابتعدت الأمة الإسلامية اليوم عن سُنَّة رسول الله ص وتلوَّثت بالبدع، وأصبح الناس يقومون بأعمال باسم دين الله لم تكن في صدر الإسلام ولم يفعلها رسول الله ص، ومن جملة ذلك قراءة «دُعَاءِ النُّدْبَة». وإذا أراد أحدٌ اليوم أن يُفْهِمَ الناس هذه الحقيقة منعه المُتكسِّبون بالدين الذين قاموا بهذه الأعمال باسم الدين على مدى سنوات ونالوا بذلك المال والجاه، واتَّهموه واتَّهموا كلَّ مُصلح يريد توعية الناس وتخليصهم من البدع بمئات التُّهم والافتراءات، وأثاروا حوله لغطاً وضجَّةً حتى لا يُصغي أحد إلى كلامه ويبتعد الناس عنه. والناس أيضاً مُقصِّرون بالطبع، لأنهم لا يُبدون استعداداً للتفكُّر والتأمُّل في المسائل الدينية ولعلَّهم لا يعتبرون أن من واجبهم أن يفهموا ما يُعرض عليهم من أمور الدين ويتفكَّروا فيه!! وصفة الناس هذه هي التي أدَّت إلى رواج البدع بينهم. وبالطبع ينسب مُروِّجو البدع أيضاً بدعهم إلى دين الله وإلى الرسول والإمام ولا يتحقَّق الناس أو يفحصوا مدى صحة هذه النسبة وسُقمها. وأصبح وضعنا اليوم مطابقاً تماماً للحديث الذي قاله حضرة العسكري:
"سَيَأْتِي زَمَانٌ عَلَى النَّاسِ... السُّنَّةُ فِيهِمْ بِدْعَةٌ وَالْبِدْعَةُ فِيهِمْ سُنَّةٌ،... كُلُّ جَاهِلٍ عِنْدَهُمْ خَبِيرٌ... لَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ الْمُخْلِصِ وَالْمُرْتَابِ لَا يَعْرِفُونَ الضَّأْنَ مِنَ الذِّئَابِ عُلَمَاؤُهُمْ شِرَارُ خَلْقِ اللهِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ لِأَنَّهُمْ يَمِيلُونَ إِلَى الْفَلْسَفَةِ[775] وَالتَّصَوُّف‏... الخ"[776] (سفينة البحار، ج2، ص57).
في مثل هذه الأحوال يجب على أهل العلم بالقرآن ومسائل الإسلام أن يبذلوا كل جهدهم لأجل إيقاظ المسلمين ويتحملوا في هذا السبيل العذاب والمشقة والمرارة كي يخلوا مسؤوليتهم ويُبرئوا ذمَّتهم أمام الله وينالوا الأجر الجزيل عند ربِّهم.
وعلى كل حال فإحدى الأعمال التي تتم باسم الدين ولا سند لها في الشريعة قراءة «دُعَاءِ النُّدْبَةِ» الذي تخالف كثيرٌ من جُمَلِه كتاب الله تعالى والعقل والتاريخ، ونحن، أداءً لواجبنا الديني، سنذكر فيما يلي بعض هذه المخالفات بلغة سهلة كنموذج فقط:

1- الخطأ المُرتَكَب في هذا الدعاء بشأن الآية 47 من سورة «سبأ»[777].

2- يقول الدعاء مخاطباً الإمامَ عليّاً (ع): "يَا ابْنَ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ‏". من هذا يُعْلَمُ أن واضع الدعاء متأثِّرٌ بالأحاديث الموضوعة التي تقول إن المقصود من «النَّبَإِ الْعَظِيمِ» في قوله تعالى: ﴿عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ ١ عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلۡعَظِيمِ ٢﴾
[النبا: ١، ٢] هو الإمام عليٌّ (ع)، وَمِنْ ثَمَّ فالداعي يريد القول إن إمام الزمان ابنُ عليٍّ (ع) النبإ العظيم ! هذا في حين أن سورة ص (الآيات 67 - 68) وسورة النبأ كلاهما نزل في مكة، وفي الفترة المكية من الدعوة لم يكن هناك تساؤل ولا اختلاف مع النبي بشأن ابن عمِّه حتى يُنزِل اللهُ آيةً بهذا الشأن بل كان المشركون مختلفين مع النبي بشأن القيامة. ولقد تحدثنا عن معنى «النبأ العظيم» في الكتاب الحالي بما فيه الكفاية فَلْيُرَاجَعْ ثَمَّةَ (ص 46 - 48).

3- يقول: "ثُمَّ جَعَلْتَ أَجْرَ مُحَمَّدٍ -صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ- مَوَدَّتَهُمْ فِي كِتَابِكَ فَقُلْتَ: ﴿لَّآ أَسۡ‍َٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ أَجۡرًا إِلَّا ٱلۡمَوَدَّةَ فِي ٱلۡقُرۡبَىٰ﴾[الشورى: ٢٣]"!
إن مُلَفِّق هذا الدعاء يدَّعي - كسائر الخرافيين - أن أجر رسول الله ص على رسالته هو مودَّتُنا لأهل بيته ومحبتنا لهم، ولكن هذا الادِّعاء يتعارض مع القرآن والعقل والتاريخ [778]. وقد تكلمنا على الآية الكريمة 23 من سورة الشورى بما فيه الكفاية في كتاب «عرض أخبار الأصول على القرآن والعقول»، (الصفحات 633 إلى 635، والصفحة 773)، فلا نكرر الكلام عليها هنا، ونذكِّر هنا فقط بأنه يُلاحَظ في الآيات 21 و22 و23 من سورة الشورى المكّيّة، أن الخطاب فيها موجَّه لمشركي مكة الذين لم يكونوا مؤمنين بالنبيِّ أصلاً فلا معنى لمطالبة النبيِّ لهم بأجرٍ على رسالته (أي محبة أهل بيته، حسب قولكم)، فكيف يمكن أن يطالب النبي ص الذين لا يؤمنون برسالته ويحاربونه أجراً على رسالته لهم (محبة أهل بيته، حسب قولكم)؟! أَفَلَا تَعْقِلُونَ؟!
ثانياً: لم يكن الإمامان الحسن والحسين -عليهما السلام - قد ولدا بَعْد في مكة، حتى يقول النبيُّ للمشركين إن الأجر الذي أطلبه منكم على رسالتي هو أن تُحِبُّوا الحسن والحسين!
ثالثاً: لو أخذنا كلمة «الْقُرْبَى» على المعنى الذي تقولون به فإن معنى الكلمة سيكون أوسع بكثير من «أهل البيت» الذي تدَّعونه. فبأي دليل فسَّرتم كلمة «الْقُرْبَى» في الآية بمعنى «أهل البيت» ثم قَصَرْتُم معنى «أهل البيت» أيضاً على المعنى الذي يعجبكم؟!

على ضوء الإشكالات المتعددة في تفسيركم للآية، فإن الذين هم على اطِّلاع كافٍ بالتاريخ وبسيرة النبي ص يعلمون جيداً أن النبيّ الأكرم ص إضافة إلى ارتباطه القبلي والعشائري بأهل مكة كانت تربطه صلات قرابة بكثير من أهلها أيضاً، لذا قال الله تعالى للنبي ص قل لأهل مكة إنني لا أسألكم أي أجر على كل ما أتحمله من مشقة وعناء في دعوتكم إلى دين الله تعالى وتوحيد الله، ولكنني أتوقع منكم المودة وعدم العداء بحكم القرابة التي بيني وبينكم والتي لا علاقة لها بالاختلاف الذي بيننا بل تقرون بها أنتم أيضاً، وأن تتصرفوا معي تصرُّفاً سليماً غير عدائيٍّ، لأن معاداتكم لي وتآمركم عليّ لا يتَّسِقُ مع مقتضى القرابة التي بيني وبينكم.
وعلى هذا فلاحظوا كيف أن من لم يميِّز بين «ذي القُرْبَى» أو «ذوي القُرْبَى» وبين «فِي الْقُرْبَى»، جاء ولفَّقَ من عند نفسه دعاءً وتلاعب بمعاني آيات القرآن! ثم نسب بوقاحة إلى الله قائلاً: اللهم أنت جعلت أجر رسالة النبي محبة أقربائه!! فاتبع بذلك الشيطان وارتكب الحرام غافلاً عن قوله تعالى: ﴿قُلۡ إِنَّمَا حَرَّمَ...وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ ٣٣﴾[الاعراف: ٣٣]وقوله سبحانه: ﴿لَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوّٞ مُّبِينٌ ١٦٨ إِنَّمَا يَأۡمُرُكُم...وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ ١٦٩﴾[البقرة: ١٦٨، ١٦٩]

4- وجاء في الدعاء: "يَا ابْنَ مَنْ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى‏ دُنُوّاً وَاقْتِرَاباً مِنَ الْعَلِيِّ الْأَعْلَى "!!
من الواضح أن هذه الجُمَل تشير إلى قوله تعالى في القرآن الكريم: ﴿إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡيٞ يُوحَىٰ ٤ عَلَّمَهُۥ شَدِيدُ ٱلۡقُوَىٰ ٥ ذُو مِرَّةٖ فَٱسۡتَوَىٰ ٦ وَهُوَ بِٱلۡأُفُقِ ٱلۡأَعۡلَىٰ ٧ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ ٨ فَكَانَ قَابَ قَوۡسَيۡنِ أَوۡ أَدۡنَىٰ ٩ فَأَوۡحَىٰٓ إِلَىٰ عَبۡدِهِۦ مَآ أَوۡحَىٰ ١٠﴾ [النجم : ٤، ١٠].
في هذه الآيات الكريمة يُبيِّن الله تعالى لنا أوصاف جبريل الأمين وكيف ظهر للنبي ص واقترب منه وأوحى إليه آيات الله. لكن ملفِّق ألفاظ الدعاء جعل تلك الأوصاف للنبيِّ ص وأن إمام الزمان هو ابن النبيّ الذي وصفه بتلك الصفات حسب تصوُّره، فقال: "يَا ابْنَ مَنْ دَنا فَتَدَلَّى...الخ"!! ثم زاد من عنده عبارةً تستوجب الكفر فقال: "دُنُوّاً وَاقْتِرَاباً مِنَ الْعَلِيِّ الْأَعْلَى"!! يريد أن يقول إن جد إمام الزمان اقترب كثيراً من ذات العليّ الأعلى!! هذا مع أن «الدنو» يشير إلى القرب المكاني لذا استفاد القرآن في التعبير عنه من مقياس القوس لبيان مقدار المسافة، وَمِنْ ثَمَّ فإن واضع «دُعَاءَ النُّدْبَةِ» أثبت المكان والتحيُّز لِـلَّهِ تبارك وتعالى!! وعموماً عندما يرى ملفِّقو الأدعية أنهم حصلوا على القافية، يقولون كل ما شاؤوا قوله مهما كان. نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الضَّلَالَةِ.
5- بالنسبة إلى آية التطهير (الأحزاب: 33) وحول موضوع «الوسيلة» يُراجَع ما ذكرناه في كتاب «عرض أخبار الأصول على القرآن والعقول»، (ص 613 إلى 620) و الكتاب الحالي (ص 200 فما بعد).
6- جاء في الدُّعَاء: "فَكَانُوا هُمُ السَّبِيلَ إِلَيْك ‏". أو جاء: "يَا ابْنَ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيم ‏". وقال: "يَا ابْنَ السُّبُلِ الْوَاضِحَة ". أو قال: "أَيْنَ السَّبِيلُ بَعْدَ السَّبِيل ؟‏"!!
لقد تكلمنا عن هذا الموضوع بقدر الكفاية في الكتاب الحالي (ص 426 إلى 430) لذا سنكتفي هنا بذكر هذه النقطة فقط وهي أن القرآن الكريم بعد أن بين لنا حُرْمَةَ الشرك وَحُرْمَةَ قتل الأولاد خشية الإملاق - أي الفقر - وَحُرْمَةَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَحُرْمَةَ قَتْلِ النَّفْسَ المُحَرَّمة، أي بعد أن أوصانا باجتناب المُحَرَّمات والعمل بالواجبات، قال عقب ذلك: ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦۚ ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ١٥٣﴾ [الانعام: ١٥٣]، واعتبر الدين الإبراهيمي الخالص النقي غير المحرَّف صِرَاطَه المُسْتَقِيمُ [الأنعام: 161][779]، وقال لرسوله: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ ٥٢ صِرَٰطِ ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ أَلَآ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلۡأُمُورُ ٥٣﴾[الشورى: ٥٢، ٥٣].
بناءً على ذلك فالقرآن الكريم يعتبرُ النبيَّ سالكاً للصراط المستقيم لا الصراط ذاته! ومن البديهي أن النبيَّ الأكرم وَحضرات الأئِمَّة سالكون لسبيل الله وللصراط المستقيم وليسوا هم السبيلَ نفسَه. ولكن ما العمل! لقد لفَّقَ واضع الدعاء كلَّ ما أراده وما أملاه عليه هواه، ولزم علماؤنا الصمت حيال ذلك!!
7- وصف واضع الدعاء عليّاً (ع) بأنه «حَبْلُ اللهِ الْمَتِينُ» في حين أن الله تعالى قال في القرآن: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْ﴾ [ال عمران: ١٠٣]، وبالطبع يجب على الإمام عليٌّ (ع) نفسه العمل بهذه الآية، وكل عاقل ومنصف يدرك أن الآية لا تقول إنَّ عَلَى عَلِيٍّ (ع) أن يعتصم بنفسه، ولا تقول إن على النبيِّ أن يعتصم بعليٍّ (ع)!! أضف إلى ذلك أن التكليف يجب أن يكون قابلاً للعمل مِنْ قِبَلِ الجميع، ولا يوجد الإمامُ عليٌّ (ع) بشخصه في زماننا، كما أن كثيراً من الأقوال المنسوبة إليه ليست من كلامه وليس لنا من سبيل للوصول إليه حتى نسأله أي الأقوال قالها فعلاً وأيُّها لم يقله ونُسِبَتْ إليه كذباً، لذا فلا نستطيع أن نعتصم به، ولكن الله عندما يكلِّفنا بأمر ويأمرنا به فإنه يُكَلِّفنا بأمر يكون في مُتناول أيدينا دائماً، وليس هذا سوى القرآن الكريم الذي يجب أن نعتصم به ونتمسَّك بتعاليمه، بل نَزِن به أيضاً كل الأقوال المنسوبة إلى عَلِيٍّ وأولاده عليهم السلام.

وكما قلنا في كتاب «زيارت و زيارتنامه» [زيارة المزارات وأدعية الزيارات] (ص 273) كان حضرة عَلِيٍّ (ع) نفسُه يعتبر القرآنَ حَبْلَ الله، ولم يُؤْثَر عنه أنه اعتبر نفسَه حبل الله! وكان يقول: "إِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَعِظ أَحَداً بِمِثْلِ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ حَبْلُ اللهِ الْمَتِينُ وَسَبَبُهُ الْأَمِينُ" (نهج البلاغة، الخطبة 176) فمن هذا يُعْلَمُ أن عليّاً (ع) كان عليه هو أيضاً أن يتمسَّك بهذا الحبل ويعتصم به لا أنه هو نفسه الحبلَ، كما قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِٱلۡكِتَٰبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُصۡلِحِينَ ١٧٠﴾ [الاعراف: ١٧٠] ولا ريب أن الأئِمَّة كانوا يتمسكون أكثر من الآخرين بكتاب الله وبحبل الله، لا أنهم كانوا هم أنفسهم حبل الله، وَمِنْ ثَمَّ فإن الذي صاغ عبارات هذا الدعاء خالف القرآن وخالف الأئِمَّة فيما لفَّقه من ألفاظ!
8- وجاء في الدعاء: "يَا ابْنَ مَنْ هُوَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَى اللهِ عَلِيٌّ حَكِيم ‏"!! والمقصود من أُمِّ الْكِتَابِ اللوح المحفوظ. وقد جعل صفة «علي» بمعنى الاسم أي عَلِيّ بن أبي طالب (ع) وأن إمام الزمان ابنُه!! نعم إن واضعي الدعاء بدلاً من أن يصنعوا للآخرين أدوية مفيدة وطائرات وأساطيل بحرية عظيمة و.... صنعوا من صفة «علي» اسم «عَلِيّ» !!!
وعلى القارئ المحترم أن يعلم أن الله تعالى قال في القرآن الكريم: ﴿حمٓ ١ وَٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ * إِنَّا جَعَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ * وَإِنَّهُۥ فِيٓ أُمِّ ٱلۡكِتَٰبِ لَدَيۡنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ٤﴾[الزخرف: ١، ٤].
كما تلاحظون تتعلق الآيات المذكورة التي وردت في سورة الزخرف المكيَّة بالقرآن، وصفتا عَلِيٌّ حَكِيمٌ صفتان للقرآن وليسا اسماً، ولا علاقة لهما بحضرة عَلِيٍّ (ع)، وأساساً لم تكن مسألة ولاية عَلِيٍّ (ع) وخلافته مطروحةً بأي شكل من الأشكال في مكة ولم يكن المشركون مؤمنين بالقرآن من أساسه، ولو أردنا أن نعتبر «علياً» في هذه الآيات اسماً لأدى ذلك إلى جعل آيات القرآن غير متناسبة وغير مرتبط بعضها ببعض ولتجاهلنا بلاغة القرآن. (فتأمَّل)
9- ويقول الدعاء: "وَسَأَلَكَ لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ فَأَجَبْتَهُ وَجَعَلْتَ ذَلِكَ عَلِيّاً ". وسبق أن قلتُ معلقاً على هذه الجملة في المقال الذي نشرته مجلة «رنگين كمان»:
"نشر شيخ خرافاتي نشرةً قال فيها إن المقصود من الآية 84 من سورة الشعراء التي قال فيها إبراهيم (ع): ﴿وَٱجۡعَل لِّي لِسَانَ صِدۡقٖ فِي ٱلۡأٓخِرِينَ ٨٤﴾[الشعراء : ٨٤] عليَّ بن أبي طالب!! لماذا؟ لأجل أحاديث الغلاة الموضوعة ولحفظ دعاء الندبة!! ونحن لن نخوض في الكلام مع هذا الشيخ, ولكننا نتوقع من كُتَّاب مجلة «مكتب اسلام» الذين هم أصحاب علم وفضل أن لا يُؤَيِّدوا التعصب الباطل والخرافات, بل يقوموا ببيان الحقائق ويُراعوا تعاليم القرآن قبل أي شيء آخر. إن مجلة «مكتب اسلام» كتبَت تقول إن المقصود من «علياً» في قصة إبراهيم التي ذُكِرت في «دُعَاء النُّدْبَة», أي جملة: "وَجَعَلْتَ ذَلِكَ عَلِيَّاً" هو «عليٌّ» الوصفي الذي معناه «العالي والكامل». حسناً جداً، إننا نقبل بذلك، ولكن ماذا نفعل مع ذلك الشخص الذي يعتبره عدد من العوام حجة الإسلام والذي جاء ونشر نشرةً معارضةً لنظرية «مكتب اسلام»؟ يقول ذلك الشيخ إن المقصود من كلمة «علياً» هنا - طبقاً لتفسير الأئِمَّة واتفاق علماء الشيعة جميعاً-: «عليُّ» الاسم، أي علي بن أبي طالب (ع) !! من الذي يتوجب عليه أن يوقف حجة الإسلام هذا عند حدِّهِ ويمنع هذه التفاسير الباطلة؟ ألم ترَ مجلة «مكتب اسلام» هذه التفاسير؟ وإن رأتها فلماذا تجاهلت الذين يُسقطون القرآن من الاعتبار؟..... الخ".
10- وجاء في الدعاء: "وَأَوْدَعْتَهُ عِلْمَ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ إِلَى انْقِضَاءِ خَلْقِك "!! في حين أن هذا القول يُناقض القرآن الذي بيّن لنا أن النبي لا يعلم متى تقوم الساعة ولا يعلم ماذا تكسب كل نفس غداً أو بأي أرض تموت ولا يعلم ما يفعل الله به وبالآخرين يوم القيامة (الأعراف: 187، لقمان: 34، الأحقاف: 9). ولو كان رسول الله ص يعلم كل شيء لأجاب فوراً عن المسائل التي كان الناس يرجعون فيها إليه وَلَمَا كان بحاجةٍ إلى انتظار الوحي. ولكننا نعلم أنه لما سُئل النبيُّ عن الأسئلة التي جاء جوابها في سورة الكهف، انتظر عدة أيام لينزل عليه الوحي ولم يكن يدري أي جواب يجيب به قبل نزول الوحي عليه. فذلك الادّعاء مخالف لحقائق التاريخ ولسيرة النبي ص.
ولا يخفى أن ذلك الادعاء الباطل يتطابق مع أحاديث الباب 106 من «أصول الكافي» للكليني، وكذلك الجملة التي تقول: "أَيْنَ بَابُ اللهِ الَّذِي مِنْهُ يُؤْتَى؟‏" تتطابق مع ما جاء في أحاديث الباب 70 من «أصول الكافي», وجملة: "أَيْنَ وَجْهُ اللهِ الَّذِي إِلَيْهِ يَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ الْأَوْلِيَاء؟" مشابهة لما جاء في الباب 46 من «الكافي» (باب النوادر)، لذا يجب على القارئ المحترم أن يطالع الأبواب 106 و 70 و46 والصفحات 303 و435 من كتاب «عرض أخبار الأصول على القرآن والعقول» كي يتبين له سقم تلك الجمل وعدم صحتها.
وجملة: "أَيْنَ وَجْهُ اللهِ الَّذِي إِلَيْهِ يَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ الْأَوْلِيَاء؟" تشابه بالطبع خرافات الصوفية أيضاً الذين يقولون إن كل من أراد عبادة الله فعليه أن يتوجه إلى وجه شيخه وصورة مرشده، ويضع طلعته نصب عينيه!! كما قال «صفي عليشاه» هذه الفكرة عينها في كتابه المُسَمَّى تفسيراً (؟!)، ذيل تفسيره لجملة: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾ من سورة الحمد المباركة:
(ثلاثة أبيات بالفارسية) [ترجمتها]:
إن هذه العبودية منشؤها العشق والحاجة والطـــاعة بدون عشق مكر ومجاز
ولا يأتي العشق إلى القلب من دون عــلّة وعلتــــه أن تشاهد طلعته البهيـــة
إن طلعــــــة الحــــق هــي أحـمد وحيدر يا وليي أولئك الشخصين مظهره
وقال في موضع آخر: (بيت آخر من الشعر بالفارسية، وترجمته):
عندما أُجري على لساني لفظ «اهدنا» فإن قلبي يكون لدى الشيخ المرشد!!
وهذا عين الشرك والانحراف لأن القرآن الكريم يقول: ﴿وَلِلَّهِ ٱلۡمَشۡرِقُ وَٱلۡمَغۡرِبُۚ فَأَيۡنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجۡهُ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ وَٰسِعٌ عَلِيمٞ ١١٥﴾[البقرة: ١١٥]، فالتوجُّه يكون لوجه الله لا إلى فرد معين من المخلوقات. إن الله تعالى الذي يقول: ﴿وَهُوَ مَعَكُمۡ أَيۡنَ مَا كُنتُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ ٤﴾[الحديد: ٤] في غِنىً عن الوسيلة والواسطة والمظهر. ولم يقل رسول الله ص أبداً أنا مظهر الله، بل كان يقول على الدوام أنا عبد الله ورسوله.
11- وجاء في الدعاء قوله: "أَيْنَ السَّبَبُ الْمُتَّصِلُ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاء "؟! فإن كان مراده من السبب «الوسيلة» فقد تكلَّمنا عن «الوسيلة» في الكتاب الحالي بقدر الكفاية (راجعوا ص 200 فما بعد). أما إن كان يريد أن يقول إن الإمام سببٌ لاتصال الأرض بالسماء فإن قوله هذا مخالف للقرآن الذي يقول: ﴿أَوَ لَمۡ يَرَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ كَانَتَا رَتۡقٗا فَفَتَقۡنَٰهُمَا﴾[الانبياء: ٣٠]، ثم قال تعالى: ﴿وَجَعَلۡنَا فِي ٱلۡأَرۡضِ رَوَٰسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمۡ وَجَعَلۡنَا فِيهَا فِجَاجٗا سُبُلٗا لَّعَلَّهُمۡ يَهۡتَدُونَ ٣١ وَجَعَلۡنَا ٱلسَّمَآءَ سَقۡفٗا مَّحۡفُوظٗاۖ وَهُمۡ عَنۡ ءَايَٰتِهَا مُعۡرِضُونَ ٣٢﴾ [الانبياء: ٣١، ٣٢].
يبدو أن ملفّق هذا الدعاء قد نذر على نفسه أن يخالف كل ما يقوله القرآن!!
12- ويقول الدعاء: "قَدَّمْتَهُ عَلَى أَنْبِيَائِك ‏"!! وهذه الجملة مخالفة بكل وضوح للقرآن والعقل والتاريخ. إن القرآن قال إن محمداً آخر الأنبياء (الأحزاب: 40) وأمر الله نبيه أن يقتدي بِهُدَى الأنبياء من قبله (الأنعام: 90) وقال: إن اسم النبي يَجِدُهُ أهل الكتاب مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ [الأعراف: 157] أي أن اسمه كان في الكتب التي نزلت على الأنبياء قبل القرآن. بناء على ذلك فلابدَّ أن يكون أولئك الأنبياء قبل رسول الله ص كي يجدوا اسمه في كتبهم وكي يمكن للنبيِّ أن يقتدي بِهَدْيِهِمْ. وقال تعالى: ﴿وَلَقَدِ ٱسۡتُهۡزِئَ بِرُسُلٖ مِّن قَبۡلِكَ فَحَاقَ بِٱلَّذِينَ سَخِرُواْ مِنۡهُم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ ١٠﴾ [آل عمران: 184 والأنعام: 10]، وآيات أخرى كثيرة تبين هذا الأمر.
فإن قيل: إن «التقدُّم» في هذه الجملة بمعنى الأفضلية والتقدُّم في الرتبة والشرف؟ فالجواب إن توجيهكم هذا غير صحيح لأن التفضيل والتقدم في المرتبة ذُكِرا في الجملة التي قبلها حين قال: "فَكَانَ كَمَا انْتَجَبْتَهُ سَيِّدَ مَنْ خَلَقْتَهُ وَصَفْوَةَ مَنِ اصْطَفَيْتَهُ وَأَفْضَلَ مَنِ اجْتَبَيْتَهُ وَأَكْرَمَ مَنِ اعْتَمَدْتَه ‏".
13- وجاء في الدعاء: "أَيْنَ الْمُضْطَرُّ الَّذِي يُجَابُ إِذَا دَعَا ؟" وينبغي أن نسأل: لماذا يضطر إمام الزمان؟ وإن كان مستجاب الدعوة فلماذا لا يدعو ليرفع اضطرار نفسه؟!
والأهم من ذلك أن الله تعالى لم يقل لأي شخص أنه متى ما دعا فإن دعاءه سوف يُسْتجاب فوراً، لأن الله ليس تابعاً لعباده ولم يجب الله تعالى دعاء الأنبياء أحياناً. فهل الإمام أرفع رتبة من الأنبياء؟ إن الله تعالى لم يقبل دعاء حضرة نوح (ع) لأجل نجاة ابنه (هود: 46) ولم يجب طلب حضرة إبراهيم (ع) بشأن قوم حضرة لوط (ع) (هود: 76) وقال لنبيه: ﴿إِن تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ سَبۡعِينَ مَرَّةٗ فَلَن يَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡ﴾ [التوبة: 80].
14- ومن الطريف أن الدعاء يقول: "عَرَجْتَ بِرُوحِهِ [أي بروح النبي] إِلَى سَمَائِك ‏". وهذا القول لا يتفق مع رأي علماء الشيعة الذين يعتبرون المعراج جسمانياً!!
15- وقال في الدعاء: "ثُمَّ أَوْدَعَهُ عِلْمَهُ وَحِكْمَتَهُ " أي أن رسول الله ص أودع علياً (ع) علمه وحكمته!! في حين أن القرآن الكريم يقول خلاف ذلك، إذ يقول: ﴿فَقُلۡ ءَاذَنتُكُمۡ عَلَىٰ سَوَآءٖ﴾[الانبياء: ١٠٩]، ويقول: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا كَآفَّةٗ لِّلنَّاسِ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ ٢٨﴾
[سبا: ٢٨]، ويقول: ﴿قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡكُمۡ جَمِيعًا﴾
[الاعراف: ١٥٨]، ويقول: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَكُم بُرۡهَٰنٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَأَنزَلۡنَآ إِلَيۡكُمۡ نُورٗا مُّبِينٗا ١٧٤﴾ [النساء : ١٧٤]. والمراد بالنور هنا القرآن الكريم الجامع للعلم والحكمة وأصول الدين والذي تم بيانه لعامة الناس، كما لم تكن سنة رسول الله ص مخفية عن الناس، خلافاً للمرشدين وأقطاب الصوفية الذين يبيِّنون مسائل السلوك والمسائل الخاصة بطريقتهم تحت الخرقة لبعض مريديهم وأتباعهم!!
16- وقال في الدعاء: "وَأَنْتَ غَداً عَلَى الْحَوْضِ خَلِيفَتِي ‏"!! وينبغي أن نقول: أولاً هذه الجملة لا تثبت في دنيانا أي مقام مع أنه من الواضح أن واضعها أراد منها إثبات الخلافة المنصوص عليها في الدنيا لحضرة الإمام. ثانياً لم ينتبه ملفق الدعاء أن رسول الله ص في يوم القيامة لا يموت ولا يغيب حتى يحتاج إلى خليفة يخلفه!
17- وقال في الدعاء: "صَلِّ....... عَلَى مَنِ اصْطَفَيْتَ مِنْ آبَائِه ‏"! ونحن نعلم أن الله تعالى عرَّف لنا في كتابه الذين اصطفاهم من عباده[780] وقال: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰٓ ءَادَمَ وَنُوحٗا وَءَالَ إِبۡرَٰهِيمَ وَءَالَ عِمۡرَٰنَ عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ ﴾
[ال عمران: ٣٣]، أو قال بشأن جناب «طالوت»: ﴿وَقَالَ لَهُمۡ نَبِيُّهُمۡ إِنَّ ٱللَّهَ قَدۡ بَعَثَ لَكُمۡ طَالُوتَ مَلِكٗاۚ... قَالَ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰهُ عَلَيۡكُمۡ..﴾[البقرة: ٢٤٧]. أو قال: ﴿يَٰمَرۡيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰكِ وَطَهَّرَكِ وَٱصۡطَفَىٰكِ عَلَىٰ نِسَآءِ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٤٢﴾[ال عمران: ٤٢]. ولكنه لم يقل: "إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آلَ مُحَمَّد" (فتأمَّل).
لاحظوا أن الله تعالى عرَّفنا في كتابه بصراحة بالمُصطَفَيْن الذين اصطفاهم قبل النبيّ الأكرم ص (كما في الآية 144 من سورة الأعراف، والآيتين 45 و48 من سورة ص) فكيف لم يعرِّفنا في كتابه بالأشخاص الذين تقولون إن سعادة مستقبل أمة نبيهم الخاتم ص منوطة بمعرفتهم؟! (فتأمل دو العصبية).
نعم، نعلم أنهم سيأتوننا بأحاديث تنص على أن آل محمد ص اصطفاهم الله، لذا ينبغي العودة إلى الصفحات (من 374 إلى 380) من الكتاب الحالي للتعرّف على مدى صحة هذه الأخبار أو سقمها.

18- ويقول الدعاء: "أَيْنَ بَقِيَّةُ اللهِ ‏"؟!
وأقول: في مدينتنا نرى لوحات عديدة جداً تُكَلِّفُ طباعتها مبالغ باهظة كُتبت عليها الآية 86 من سورة هود بقصد إظهار المحبة لإمام الزمان، وتلاعب الكاتبون - عالمين أو جاهلين- بمعاني القرآن!
إن سورة هود مكية وفي هذه السورة، بعد أن بيَّن اللهُ لنا قصَّة نوح (ع) (الآيات 25 إلى 48) وقصَّة هود (ع) (الآيات من 50 إلى 60) و قصَّة صالح (ع) (الآيات من 61 إلى 68) وقصَّة إبراهيم ولوط (ع) (الآيات من 69 إلى 73)، أخذ ببيان قصَّة شُعَيْب (ع) فقال فيها:
﴿وَيَٰقَوۡمِ أَوۡفُواْ ٱلۡمِكۡيَالَ وَٱلۡمِيزَانَ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَلَا تَبۡخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشۡيَآءَهُمۡ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ ٨٥ بَقِيَّتُ ٱللَّهِ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَۚ وَمَآ أَنَا۠ عَلَيۡكُم بِحَفِيظٖ ٨٦﴾[هود: ٨٥، ٨٦].
فنقول: أولاً: في زمن نبيِّ الله شُعَيْب (ع) لم يكن هناك إمام زمان حتى يتكلَّم عنه شُعَيْب (ع). ثانياً: في زمن رسول الله ص في مكة لم يكن موضوع الإمامة والغيبة وإمام الزمان مطروحاً أصلاً، حتى يتحدَّث عنه النبيّ الأكرم ص، فالآية لا علاقة لها بأي إمام من الأئِمَّة من قريب أو بعيد!
لقد جمع ملفِّق «دُعاء النُّدْبَة» خرافات الآخرين في هذا الدعاء دون أن يزن ما ذكره من أمور بميزان القرآن، مع أنه يجب -طبقاً لأمر رسول الله ص - وزن كل حديث بميزان القرآن لمعرفة مدى صحته.
19 - يقول الدعاء: "يَا ابْنَ الْحُجَجِ الْبَالِغَات‏"! هذا رغم أن القرآن قال لنا إنه ليس للناس بعد الأنبياء حُجَّة، وهو قوله تعالى: ﴿رُّسُلٗا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةُۢ بَعۡدَ ٱلرُّسُلِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمٗا ﴾[النساء : ١٦٥]. واعتبر الإمام الصادق كما في الحديث 22 من كتاب العقل والجهل في «أصول الكافي» الذي يُعَدُّ أفضل كتب الحديث في نظر علمائنا - أن حُجَّةَ اللهِ على العباد حُجَّتان: حُجَّةٌ باطنةٌ وهي «العقل» وحُجَّةٌ ظاهرةٌ وهي «الأنبياء»، ولم يذكر أيَّ حُجَّةٍ أخرى غير هاتين الحُجَّتين. وهذا الحديث موافق للقرآن ونحن نرجِّحُهُ على قول ملفِّق «دُعاء النُّدْبَة» الذي اخترع لنا حُجَجَاً غير تينك الحُجَّتين.

20 - ويقول الدعاء: "وَلَولَا أَنْتَ يَا عَلِيُّ لَمْ يُعْرَفِ الْمُؤْمِنُونَ بَعْدِي "!
هذا رغم أن المُطَّلعين على سيرة عليٍّ (ع) يعلم أن حضرته لم يعتبر حتى أعداءه الذين حاربوه كُفَّاراً غير مؤمنين [781]. بناء على ذلك فإن حضرة الإمام (ع) قولاً وفعلاً لم يعتبر مخالفيه خارجين عن الإيمان أو كفاراً مرتدّين، فكيف كان يُعْرَفُ المؤمنون ويُمَيَّزون من غير المؤمنين بوسيلته (ع)؟![782]

ألف) يقول: "يَا ابْنَ طَهَ وَالْمُحْكَمَات ‏"!! ينبغي أن نقول إنه ليس هناك من معنى لكون إنسان ابناً لحرفين من الحروف المقطَّعة أو ابناً للمحكمات، وأن ملفِّق ألفاظ هذا الدعاء لم يكن يدري ما يقول، بل أراد أن يرهب قارئيه! وليت شعري! هل للآيات المحكمات فقط ابنٌ أما الآيات المتشابهات فليس لها ابن؟!! لعل قصد منشئ ألفاظ هذا الدعاء كان الحفاظ على السجع والقافية لا أكثر.
ب) ويقول: "يَا ابْنَ يس وَالذَّارِيَاتِ "! ما معنى هذا؟! أيُّ فرقٍ بين (ط، هـ، ي، س) و بين («ح»، أو «م» أو «ص» أو «ر» أو «ع»)[783]. هل للمجموعة الأولى من الحروف ابن، أما المجموعة الثانية فهي عقيمة لا تُنْجِب!! أَفَلَا تَعْقِلُونَ ؟! ثم أليس في جعل الإمام ابناً للرياح الذاريات إهانة له؟
ج) ويقول: "يَا ابْنَ الطُّورِ وَالْعَادِيَات ‏"! ينبغي أن نسأل: هل في هذه العبارة، كالعبارة السابقة، احترام للإمام أم إهانة له؟!
فإن قيل: مثلما قال حضرة السجَّاد (ع) في مجلس يزيد: "أَنَا ابْنُ مَكَّةَ وَمِنَى أَنَا ابْنُ زَمْزَمَ وَ [جبل] الصَّفَا"، فكذلك لا إشكال في أن يكون إمام الزمان ابناً لجبل الطور!! فينبغي أن نقول إن مثل هذا القائل يقصد خداع العوام قطعاً، وإلا فإنه من الواضح تماماً أنه لما كان أجداد حضرة السجاد (ع) مولودين في مكة أو كان هو ساكناً مدةً في مكة يمكن القول إنه ابن مكة ومِنى، كما نقول عن ساكن كاشان إنه ابن كاشان وعن ساكن قم إنه ابن قم. أما إمام الزمان فلم يولد في جبل الطور ولم ينشأ فيه، كما لم يولد أو ينشأ فيه أحد من آبائه. ولنفرض أنه واضع الدعاء يمكنه بمثل هذه التأويلات الباردة أن يخدع العوام، فماذا نفعل بجملة: "يا ابن العاديات" أي يا ابن الخيول الراكضة؟!! هل هو امتياز للإنسانٍ أن يكون ابناً للخيول العادية؟! أَفَلَا تَعْقِلُونَ؟
د) ويقول: "يَا ابْنَ الْآيَاتِ وَالْبَيِّنَات ‏"! ينبغي أن نقول إن كان المقصود آيات القرآن فغنيٌّ عن التوضيح أن آيات القرآن ليست أباً لأحد وليس لها أبناء! ثم قال: "يَا ابْنَ الْمُعْجِزَاتِ الْمَوْجُودَةِ "! ونسأل: أين الْمُعْجِزَاتِ الْمَوْجُودَةِ؟ لا يوجد اليوم أي معجزة من معجزات الأنبياء موجودة وباقية بيننا سوى القرآن الكريم، وهي معجزة ذكرتَها أنتَ في هذا الدعاء وقلتَ: "يَا ابْنَ الْآيَاتِ وَالْبَيِّنَات‏"! بناء على ذلك فتلك الجملة زائدة، وليس للجملة الأخيرة أي معنى مفيد، لأنه ليس للآيات والبينات أولادٌ.

22- يقول الدعاء: "أَيْنَ الطَّالِبُ بِدَمِ الْمَقْتُولِ بِكَرْبَلَاء "؟ أو يقول: "أَيْنَ الطَّالِبُ بِذُحُولِ الْأَنْبِيَاء وَأَبْنَاءِ الْأَنْبِيَاء " (أي أين المُطالب بالعدالة بحق من ظلم الأنبياء وأبناء الأنبياء؟). ونسأل: ألم يفكِّر ملفِّق ألفاظ هذا الدعاء في نفسه بأن قتلة الحسين (ع) أو قتلة الأنبياء لن يكونوا أحياء زمن ظهوره، فمِمَّنْ سيثأر الإمام المنتظر، وبحقِّ من سيطالب بتطبيق العدالة؟
لقد اضطروا لتوجيه هذه الخرافات إلى اختراع خرافة «الرجعة»، وترويجها بين الشيعة! مع أن يوم الحساب وتنفيذ العدالة بحق الأنبياء وغير الأنبياء، طبقاً لتعاليم القرآن، هو يوم القيامة فقط لا هذه الدنيا.

23- ويقول الدعاء: "عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ أَبْكِيَكَ وَيَخْذُلَكَ الْوَرَى ‏"! ما معنى قوله: وَيَخْذُلَكَ الْوَرَى؟؟ وهل يمكننا أن ننصر إماماً لا يُرَى ولا يعلم أحدٌ مكانه حتى يصح أن نلوم الناس على خذلانهم له وعدم نصرتهم إياه؟! وإن كان قصده لوم الناس لأنهم لا يبكون عليه كما قال في موضع آخر من هذا الدعاء: "هَلْ مِنْ مُعِينٍ فَأُطِيلَ مَعَهُ الْعَوِيلَ وَالْبُكَاء؟ "!! أو قال: "هَلْ قَذِيَتْ عَيْنٌ فَسَاعَدَتْهَا عَيْنِي عَلَى الْقَذَى؟ ‏"!! ففي هذه الحالة ينبغي أن نعلم أن البكاء، لاسيما إذا كان إرادياً، لا فائدة منه، والإسلام ليس دين بكاء وعويل، اللهم إلا على مذهب قرّاء المراثي الذي في ذلك لهم فوائد كثيرة!!! أما الإسلام فلم يأمر المسلمين بالبكاء بل قال: ﴿قُلۡ بِفَضۡلِ ٱللَّهِ وَبِرَحۡمَتِهِۦ فَبِذَٰلِكَ فَلۡيَفۡرَحُواْ هُوَ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ ٥٨﴾[يونس : ٥٨]، وقال للكفار والمنافقين أن عليهم أن يبكوا على نفاقهم و شقائهم: ﴿فَلۡيَضۡحَكُواْ قَلِيلٗا وَلۡيَبۡكُواْ كَثِيرٗا جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ ٨٢﴾[التوبة: ٨٢].
إن دين الإسلام ليس دين البكاء والعويل وشق الجيوب وضرب البدن بالسلاسل، بل هو دين الرشد والشجاعة والمقاومة كما كان الإمام الحسين (ع) المثال البارز على ذلك. (فتأمَّل)
ولم يقل الإمام علي (ع) لمن سبقه من الخلفاء: لماذا لم تقيموا مراسم خاصة ومآتم ومجالس عزاء ولم تقرؤوا المراثي في الذكرى السنوية لوفاة النبي ص، ولماذا لم تُغَلِّفُوا المساجد في تلك المناسبة بالأقمشة السوداء، ولماذا لم تُسَيِّروا مواكب العزاء ولطم الصدور وضرب الطبول في تلك المناسبات السنوية؟ كما لم يُقِم في زمن خلافته أي مآتم ومراسم عزاء وقراءة للمراثي في ذكرى استشهاد شهداء بدر وأحد وسائر الغزوات، ولا أقام في ذكرى وفاة النبيّ ص وذكرى وفاة حضرة الزهراء (ع) أي مراسم لقراءة المراثي ولطم الصدور وضرب الأبدان بالسلاسل والبكاء والعويل.

24- ويقول الدعاء: "يَا ابنَ الدَّلَائِلِ الظَّاهِرَاتِ يَا ابنَ البَرَاهِينِ الوَاضِحاتِ البَاهِرَاتِ "!!
واضحٌ تماماً أن هذه الجمل كذبٌ مخالفٌ للتاريخ، لأنه لو كان الأمر كما تقول هذه الجُمَل لما وقعت كل تلك الاختلافات التي سجَّلها التاريخ بعد وفاة كل إمام، ولما وقع أتباع كل إمام بعد وفاته في الحيرة واختلاف الرأي
[784].

25- ويقول الدعاء: "خَلَقْتَهُ لَنَا عِصْمَةً وَمَلَاذا ً"!! وهذه الجملة مخالفة للقرآن. حقّاً إن أهل الخرافات حائرون وتائهون لأنهم يدَّعون - من جهة - أن اللهَ خلقَ العالمَ وأهلَه لأجل الإمام، ويدَّعون هنا - من الجهة الأخرى - أن الإمام خُلِقَ لكي يحفظنا! هذا في حين أن الله تعالى قال لرسوله ص في القرآن الكريم: ﴿فَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ عَلَيۡهِمۡ حَفِيظٗا ٨٠﴾[النساء : ٨٠]، كما قال عن خلق السموات والأرض والعالَم: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ * ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَٰشٗا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءٗ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزۡقٗا لَّكُمۡۖ فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ٢٢﴾[البقرة: ٢١، ٢٢]، مما يُبَيِّن أن العالَم خُلِقَ لجميع الناس لا لأجل أفراد مُعَيَّنين، ويؤكد هذا المعنى قوله تعالى: ﴿وَٱلۡأَرۡضَ وَضَعَهَا لِلۡأَنَامِ ١٠﴾[الرحمن: ١٠].
أضف إلى ذلك أن القرآن يقول: ﴿قُلۡ إِنَّمَآ أَدۡعُواْ رَبِّي وَلَآ أُشۡرِكُ بِهِۦٓ أَحَدٗا * قُلۡ إِنِّي لَآ أَمۡلِكُ لَكُمۡ ضَرّٗا وَلَا رَشَدٗا * قُلۡ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ ٱللَّهِ أَحَدٞ وَلَنۡ أَجِدَ مِن دُونِهِۦ مُلۡتَحَدًا﴾[الجن: ٢٠، ٢٢]، بناء على ذلك فإن المسلم المُتَّبِع لرسول الله ص لا يعتبر عبداً من عباد الله ملاذاً له وملجأً. (فتأمَّل جدّاً).

26- ويقول الدعاء: "وَاجْعَلْ صَلَاتَنَا بِهِ مَقْبُولَةً وَذُنُوبَنَا بِهِ مَغْفُورَة"!! وهذه الجملة أيضاً لا تنسجم مع تعاليم القرآن الذي يقول: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡمُتَّقِينَ ٢٧﴾[المائ‍دة: ٢٧].

بناءً على ذلك لا يتقبَّل الله الأعمال، سواءً كانت صلاةً أو صياماً....الخ، إلا من المُتَّقين، وإلا فحتى لو كان الإنسان مُعاصراً للنبيّ وكان يقوم على الدوام بمدحه والثناء عليه، ولكنه لا يُراعي التقوى طبقاً لتعاليمه فلن ينفعه ذلك شيئاً. إن الذنوب إنما تُغفر بالتوبة إلى الله والعزم الصادق على تركها لا بمدح النبيّ والإمام والثناء عليهما فحسب.
إن إشكالات «دُعَاء النُّدْبَة» أكثر مما ذكرناه بكثير لكننا نكتفي بهذا المقدار. بيد أننا نسأل: لماذا هذا الإصرار على قراءة أدعية تتضمَّن كل هذا القَدْر من الإشكالات والانتقادات العلمية وعدم الانسجام مع القرآن الكريم، ولماذا يُقام بترغيب الناس بالاجتماع في مجالس عامرة لقراءة مثل هذه الأدعية كل أسبوع؟ إن هذا سببه -كما قال حضرة العسكري (ع)[785]- أننا نعيش في زمن السُّنَّةُ فِيهِمْ بِدْعَةٌ وَالْبِدْعَةُ فِيهِمْ سُنَّةٌ، والعلماء فيه لا يُعارضون البدع بل يسكتون عنها طلباً لرضا العوام، وليس هذا فحسب بل إذا رأوا شخصاً يُريد أن يُبيِّن هذه البدع للناس قام هؤلاء العلماء الأعلام، والآيات العظام (؟!!) أنفسهم، بدلاً من مساندته، بمُحاربته وإثارة العوام ضدَّه واتِّهامه بآلاف التُّهَم والإتيان بشُبُهات تُعجِب العوام للدفاع عن تلك البدع، كقولهم: هل كُلُّ العلماء السابقين واللاحقين لم يفهموا هذا الأمر وفهمه هذا الفرد وحده؟! وهذا الاعتراض ليس بصحيح، لأن أغلب البدع لم يبتدعها العوام بل ابتدعها أفراد مُطَّلعون مُلقَّبون بالعلماء وأشاعوها بين الناس، وقدَّموها لهم على أنها من الدين. إن أهل العلم -وليس العوام الجهلة- هم الذين أوجدوا كل هذه الفرق المختلفة والأعمال المُبتدعة التي تُعجب بعض الفرق أو الطرق وتُخالفها الفرق والطرق الأخرى. والحاصل، إن المذاهب الباطلة والمسالك الفاسدة إنما نشأت مِنْ قِبَلِ علمائها لا مِنْ قِبَلِ العوام عديمي الاطِّلاع. أضف إلى ذلك أن كثيراً من العلماء يعلمون بُطلان كثير من الأدعية أو الأعمال.... الخ، ولكنهم يلزمون الصمت مع الأسف. ونقول لهؤلاء: بدلاً من هذه الادِّعاءات، لماذا لا تجيبون عن أدلَّتنا بالدليل والبرهان؟ إن رددتم على انتقاداتنا واعتراضاتنا العلمية بالدليل، فلن تبقى هناك حاجة لقولكم كيف لم يفهم كل العلماء هذه الحقيقة وفهمها فلان؟!
وإذا تساءلنا: لماذا لا يقول العلماء الحقائق ويتركون عامة الناس في الجهل؟ إن أحد الأسباب هو التعصٌّب والتنافس بين علماء الفرق المختلفة والتعلُّق الشديد بآداب وعادات الآباء والأجداد وحُبّ الجاه ونظائر ذلك. والسبب الآخر الذي اعترف به المَجْلِسِيّ الأول أيضاً هو أن «أكثر الطباع مائلة إلى الغُلُوّ»[786]، ولكن يجب أن ننتبه إلى أن القرآن نزل بلسان عربيٍّ مُبين ليقرأه جميع الناس، ولا يختصُّ فهم القرآن والعلم به بالعلماء والمُعمَّمين فحسب، فإذا لم يُبيِّن العلماء الحقائق فهذا لا يُسقط التكليف عن العوام. أضف إلى ذلك أن الله تعالى جعل القرآن حُجَّةً ولم يجعل قول العلماء وفعلهم بحدِّ ذاته حُجَّة، إضافةً إلى أنه حتى لو عمل العلماء بعلمهم فإن الله لا يضع ثواب علمهم وعملهم في حساب العوام، بل يجب على كل إنسان أن يُجاهد بنفسه كي يفهم ويعمل بما فهم، ولأجل الفهم لا بُدَّ من طلب الدليل، ولا يجوز التقليد في الأمور التي هي من أصول الدين ومن الأمور المهمة الأساسية التي أكَّد الشارع عليها كثيراً، ولو جاز التقليد في مثل هذه الموارد لكان الجاهلون من أتباع المذاهب جميعها غير مسؤولين أمام الله لأنهم جميعاً مُقلِّدون لعلماء أديانهم ومذاهبهم. نسأل الله تعالى أن يتعاون معنا العلماء الذين يخافون الله ويوقنون بيوم القيامة في إيقاظ شعبنا وإنقاذه من الشرك والخرافات.
بعد «دُعَاء النُّدْبَة» كتب الشيخ عبَّاس القُمِّيّ تحت عنوان الأمر الثاني يقول: "ما يُزار به مولانا صاحب الزمان صلوات الله وسلامه عليه كل يوم بعد صلاة الفجر: "اللَّهُمَّ بَلِّغْ مَوْلَايَ صَاحِبَ الزَّمَان صلوات الله عليه، عن جميع المؤمنين والمؤمنات، في مشارق الأرض ومغاربها... الخ‏"[787]!!

أيُّها القارئ العزيز! لاحظ كيف أنهم يقولون من جهة: إن الإمام حاضر وناظر في كل مكان ويسمع الذين يدعونه دون قيد أو شرط، ويقولون: «يا صَاحِبَ الزَّمَان»، ويقفون بعد الصلوات ويُسلِّمون عليه قائلين: «السلام عليك» ويعتقدون أن الإمام عالم بأحوالهم. ومن الجهة الأخرى يعتقدون أن الإمام ليس حاضراً وناظراً في كل مكان لذا يقولون: اللهم بلِّغ مولانا صَاحِبَ الزَّمَان سلامنا!!
في «دعاء العهد»[788] الذي جاء بعد الزيارة المذكورة أعلاه، ولا يُعلَمُ سنده، يريد الزائر أن يُبايع إماماً غير مرئيّ ويقول: لو مُتُّ قبل ظهور الإمام: "فَأَخْرِجْنِي مِنْ قَبْرِي مُؤْتَزِراً كَفَنِي شَاهِرَاً سَيْفِي مُجَرِّدَاً قَنَاتِي‏"!!

الطريف أن هذا القائل لا يعلم أنه عندما يظهر الإمام لن يكون للسيف والقناة «أي الرِّمح» أيُّ فائدة وأن الأسلحة قد تطورت عن ذلك تطوراً هائلاً، والأهمُّ من ذلك أنه يتصور أن الله سيأذن له بالعودة إلى الدنيا، ولا يعلم أن الله يُجيب من طلب العودة إلى الدنيا بعد حلول أجله بقوله: ﴿كَلَّآۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَاۖ وَمِن وَرَآئِهِم بَرۡزَخٌ إِلَىٰ يَوۡمِ يُبۡعَثُونَ ١٠٠﴾[المؤمنون : ١٠٠] أي لن يُبعث أحد من الأموات حتى نفخ الصور.

ويقول في هذه الزيارة أيضاً: "اللَّهُمَّ وَسُرَّ نَبِيَّكَ مُحَمَّداً ص بِرُؤْيَتِه ‏"! يُعلَم من هذا أن واضعي هذه الزيارات والأدعية يُحبُّون التملُّق والتزلُّف وَكَيْلَ المدائح والثناء بل يُحبُّون ذِكر أمور ومُجاملات واهية لا حقيقة لها، وإلا ألا يعلم هذا الوضَّاع الجاهل أن في زمن ظهور إمامه المُنتظر ستكون قد مضت قرون على رحيل رسول الله ص عن هذه الدنيا واستقراره في دار البقاء، وأنه لن يكون مُهتمَّاً عند ذلك بهذا العالَم الفاني حتى يُسَرَّ بظهور الإمام. أولا يعلم أن الله قال لنبيِّه في القرآن: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٞ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ عِندَ رَبِّكُمۡ تَخۡتَصِمُونَ ٣١﴾[الزمر: ٣٠، ٣١].

إن مثل هذه الأدعية والادِّعاءات دليل على كثرة الخرافات والبدع وعلى الاهتمام بالأقوال والأفعال الباطلة، لاسيما أنه لا دليلَ من القرآن ولا من سُنَّة رسول الله ص على وجود هذا الإمام المُنتظر الذي يُقال إنه ابن حضرة العسكري (ع) -الذي لم يثبت أنه أنجب ولداً -!!

ثم أورد الشيخ عبَّاس تحت عنوان الأمر الرابع[789] دعاءً راويه «يونس بن عبد الرحمن» الذين طعن فيه علماء قم! ومن الطريف أن هذا الراوي روى دعاءً يقول فيه لِـلَّهِ: اللهم احفظ رسولَ الله ص وآباءه ( أي : آباء الإمام المُنتظر) ولم يكن له هذا القدر من الفهم والشعور كي يعلم أن أجداد إمام الزمان أي النبيّ وسائر الأئمَّة قد رحلوا عن الدنيا وليسوا بحاجة إلى هذا الدعاء، فدعاء الله أن يحفظهم لغو لا معنى له! هذا نموذج عن فهم هؤلاء الوضاعين ومقدار إدراكهم الذين ينسبون أباطيلهم إلى أئمة الدين!!



[761] وقد كتب مسؤول المجلة في الصفحة الثانية من الرسالة المُلحقة هذه: "في هذه الأيام أثير كلام حول «دعاء الندبة» بين مجتمع المسلمين الشيعة في إيران. وقد ذكر حُجّة الإسلام موسوي وهو من وُعَّاظ مشهد في كُتيِّب نشره أن قراءة دعاء الندبة لا سند له ومخالف لتعاليم دين الإسلام، وقد هاجم عدد من الكُتَّاب في صحف إسلامية مثل «نداي حق» أي نداء الحق و «مكتب اسلام» المؤلف المذكور وحملوا عليه بشدة وشكلوا جبهة ضد من لا يُؤيِّدون دعاء الندبة. فطلب منا عدد كبير من قراء المجلة أن نكتب رأينا ونُبيِّن أيُّ الفريقين على حقّ. وبما أن أكثر قراء المجلة قرؤوا ما كتبه الطرفان، لذلك سنصرف النظر عن نقل الأقوال والمكتوبات ونُدرج رأي حضرة آية الله العلامة البُرقعي الذي ذكره أداءً للتكليف الشرعي بمُحاربة البدع وإزالتها لاسيما البدعة التي تنفي القرآن والذي أرسل إلى مجلتنا ما كتبه في هذا المجال. وفي رأينا إن الحق والحقيقة سيظهران ولا شك أنه لا يُمكن للشك أن يحتفظ بسيطرته على الناس". [762] الكُلَيْنِيّ، أصول الكافي، باب البدع والرأي والمقاييس، الحديث 2، و القاضي أبو حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي، دعائم الإسلام، ج 1، ص 2، كلاهما رفع الحديث إلى النبي ص. وفي مصادر أهل السنة رُوِيَ ما هذا المعنى في مسند الفردوس للديلمي وتاريخ دمشق لابن عساكر، كلاهما بسند ضعيف عن معاذ عن النبي ص. (الـمُتَرْجِمُ) [763] إن ادِّعاء حضور الإمام في كل مكان لا يُستفاد حتى من «دعاء الندبة»، بل هناك جمل في هذا الدعاء تخالف هذا الادِّعاء، مثلاً يُخاطب قارئ الدعاء الإمام الذي ينتظر ظهوره قائلاً: «متى ترانا ونراك؟»، فمفهوم هذه الجملة أن الإمام لا يرى أتباعه إلا بعد ظهوره أما في حال الغيبة فلا يراهم ولا يرونه. فكيف يُمكن القول إنه حاضر ناظر في كل مكان؟! [764] لقد تكلمنا بما يكفي في الصفحات السابقة من الكتاب الحاضر عن موضوع «الواسطة» و «الوسيلة» فَلْيُرَاجَعْ ثَمَّةَ. [765] ينبغي أن ننتبه إلى أنه لا يُمكن إثبات شيء بعبارات مثل «لعلَّ» و «ربما» و «يُحتمل» و «من الممكن» (فلا تتغافل). [766] جاء في الصفحة 4 من نشرة «دراسة وتمحيص دعاء الندبة» ما يلي: "لم يروِ ابن طاووس هذا الدعاء عن الإمام أو عن الرسول بل نقله بعض الشيعة مجهولي الحال والعبارة التي جاءت في كتابه هي ما يلي: «ذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي قُرَّةَ: نَقَلْتُ مِنْ كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سُفْيَانَ الْبَزَوْفَرِيِّ «دُعَاء النُّدْبَة» وَذَكَرَ أَنَّهُ الدُّعَاءُ لِصَاحِبِ الزَّمَانِ (ع)». ولم يُبيِّن لنا من هم بعض أصحابه هؤلاء الذين رَوَوْا ذلك الكلام وما هي أسماؤهم؟ وثانياً: اعتبر علماء الرجال «مُحَمَّد بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سُفْيَانَ» شخصاً مجهول الحال. ثالثاً: «مُحَمَّد بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سُفْيَانَ» لم يكن في القرن الرابع ولا في زمن الأئمة حتى يأخذ الدعاء عن الإمام فليس من المعلوم من أين ومِنْ مَنْ أخذ هذا الدعاء، فلم يذكر اسماً لإمام ولا لغير إمام! وقد كتب المرحوم الشيخ عبَّاس القُمِّيّ في كتابه «هدية الأحباب» (ص 106): "أورد «مُحَمَّد بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سُفْيَانَ» «دعاء الندبة» في كتابه". رابعاً: قوله إنَّ الدعاء لصاحب الزمان قول مُجرَّد من الدليل فما هو سنده ودليله على ذلك؟ من هذا يَتَـبَيَّنُ أن ابن طاووس -كما نقل عن ذلك المَجْلِسِيّ في البحار (ج 22، ص 262)- لم يُبرز أيّ سند صحيح ولعلَّه أتى بهذا الدعاء عملاً بقاعدة «التسامح في أدلّة السنن» ثم اقتدى به الآخرون واعتمدوا هذا الدعاء، مع أنه لا مجال هنا للعمل بقاعدة «التسامح في أدلّة السنن» لأن هذه القاعدة يُعمَل بها عندما يكون لدينا سند ضعيف مُتصل بالمعصوم فيتمّ تجاهل ضعف السند نظراً إلى أن المتن من السنن والمُستحبَّات. [ولا يخفى أنني لا أُوافق على هذه القاعدة أصلاً كما لاحظتم في الكتاب الحاضر] وهنا ليس لدينا سند أصلاً لا ضعيف ولا غير ضعيف فليس الموضع موضع قاعدة التسامح ......الخ". انتهى كلام السيد علي أحمد الموسوي. [767] ننقل هذه الأمور من مجلة «كيهان فرهنگى» السنة الثانية، شهر فروردين 1364، العدد الأول، الصفحتان 20 و 21. [768] رضوى: اسم جبل قرب المدينة المنورة، و ذي طوى هو الجبل المعروف بسيناء. (الـمُتَرْجِمُ) [769] بحار الأنوار، ج 99، ص 110. (الـمُتَرْجِمُ) [770] قلنا إن عبارات «يُحتمل» و«ربما» و«من الممكن» و .... لا تُثبت أمراً. خاصةً أن متن الدعاء معيب جداً ومن المقطوع به أن الإمام لا يُعلِّم الأمة دعاءً معيباً. [771] للاطِّلاع على كيفية دعاء الافتتاح وحاله من الضروري مراجعة الصفحة 302 فما بعد من الكتاب الحاضر. [772] حول «النصوص المُعتبرة» المُتعلّقة بالمهدي، من الضروري مراجعة التنقيح الثاني لكتاب «عرض أخبار الأصول على القرآن والعقول»، الصفحات 672 إلى 684، و 695 إلى 700 و 846 إلى 861، ومراجعة كتاب راقم هذه السطور المُسمّى «تحقيق علمى در احاديث المهدى» أي تحقيق علمي في أحاديث المهدي. [773] الكلمات التي جاءت بين معقوفتين [ ] شرح من المؤلف البرقعي وليست من كلام الأستاذ البهبودي. (الـمُتَرْجِمُ) [774] من الواضح بالطبع أن نشر وإشاعة الأدعية الموضوعة التي تتضمن أموراً غير صحيحة ومخالفة للتوحيد القرآني لا يُعدُّ بأيّ حال من الأحوال من «الأعمال الصالحة». (فلا تتجاهل) [775] لا يخفى أنه من الضروري أن نُفرِّق بين اتِّباع العقل السليم وبين اتِّباع المدارس الفلسفية الخرافية المُتعددة الشائعة بين ملل الدنيا المختلفة. (فلا تتجاهل) [776] الميرزا حسين النوري الطبرسي، مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل، ج‏11، ص380، نقلاً عن الْعَلَّامَةُ الْأَرْدَبِيلِيُّ فِي «حَدِيقَةِ الشِّيعَةِ»، نَقْلًا عَنِ السَّيِّدِ الْمُرْتَضَى بْنِ الدَّاعِي الْحُسَيْنِيِّ الرَّازِيِّ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الشَّيْخِ الْمُفِيد. (الـمُتَرْجِمُ) [777] راجعوا الصفحة 457 من الكتاب الحاضر. [778] غَنِـيُّ عن الذِّكْر أننا نعتبر مودَّة أهل بيت رسول الله ص وذوي قرباه واجبةً على كل مسلم، لا استناداً إلى الآية 23 من سورة الشورى المذكورة أعلاه، بل بدليل آيات وأحاديث أخرى، ومنها قوله تعالى: ﴿وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖ﴾[التوبة : 71] وآيات عديدة أخرى، ولا ريب أن أهل بيت رسول الله ص وأقرباءه المؤمنين كانوا أفرادا مؤمنين صادقي الإيمان كُمَّلاً وَمِنْ ثَمَّ فإن محبَّتهم و مودَّتهم واجبة على كل مسلم، ولكن هذا الموضوع لا علاقة له ببحثنا المتعلق بسورة مكية هي سورة الشورى، بل علينا الرجوع إلى آيات أخرى بشأن وجوب محبة آل الرسول ص. [779] ونص الآية ﴿قُلۡ إِنَّنِي هَدَىٰنِي رَبِّيٓ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ دِينٗا قِيَمٗا مِّلَّةَ إِبۡرَٰهِيمَ حَنِيفٗاۚ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ١٦١﴾. (الـمُتَرْجِمُ) [780] أعم من اصطفائهم للرسالة كالأنبياء أو اصطفائهم لمقام معنوي خاص كاصطفاء الله لمريم (ع). [781] تُراجَع الصفحات 427 - 435 من الكتاب الحالي. [782] هذه هفوة أخرى من هفوات المؤلف العلامة البرقعي رحمه الله، لأنه لا علاقة لكون عليٍّ (ع) يُعْرَفِ به الْمُؤْمِنُونَ، بموضوع تكفير أو عدم تكفير عليٍّ لمخالفيه ومحاربيه، نعم عليٌّ (ع) لم يكفِّر مخالفيه، لكن ثبت في صحيح مسلم (حديث رقم 152) عن زرِّ بن حُبَيْش عن عليٍّ (ع) أنه قال: "وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ ص إِلَيَّ: أَنْ لاَ يُحِبَّنِي إِلاَّ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يُبْغِضَنِي إِلاَّ مُنَافِقٌ". ورواه الترمذي في سننه وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. ورواه ابن ماجه في سننه (114) والنسائي في السنن الكبرى (8433) وغيرهم أيضاً. ورُوِيَ هذا المعنى أيضاً: "عن أُمِّ سَلَمَةَ تَقُولُ كَانَ رَسُولُ الله ص يَقُولُ «لاَ يُحِبُّ عَلِيًّا مُنَافِقٌ وَلاَ يَبْغَضُهُ مُؤْمِنٌ». رواه الترمذي في سننه وقال وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وأخرجه ابن أبى شيبة في المصنَّف (ج6، ص372، رقم 32114) وابن أبى عاصم في السنَّة (ج2، ص598، رقم 1319)، والطبراني في الكبير، (ج23، ص374، رقم 85)، وعبد الله بن أحمد في زوائده على المسند (ج6، ص 292). وغيرهم. (الـمُتَرْجِمُ) [783] إن اُدُّعِيَ أن المُراد من (يس) و(طه) رسول الله ص فينبغي أن ننتبه إلى أن هذا الدعاء قال قبل ذلك بوضوح: «أين ابن النبي المُصطفى»؟ فلم يكن بحاجة إلى تلك الجُمَل المعوجَّة! [784] من الضروري في هذا المجال مراجعة كتاب «شاهراه اتِّحاد» [طريق الاتِّحاد] (ص 272) فما بعد. ومراجعة الصفحة 375 فما بعد، من الكتاب الحاضر. [785] أوردنا نصَّ قول حضرة العسكري في الصفحة 466 من الكتاب الحاضر. [786] «مفاتيح الجنان»، الزيارة الثانية من الزيارات الجامعة، ص 545. أو ص677 من النسخة المُعرَّبة. [787] «مفاتيح الجنان» (النسخة المُعرَّبة)، ص 671. (الـمُتَرْجِمُ) [788] «مفاتيح الجنان» (النسخة المُعرَّبة)، ص 672. (الـمُتَرْجِمُ) [789] «مفاتيح الجنان» (النسخة المُعرَّبة)، ص 673. (الـمُتَرْجِمُ)







 
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:22 PM.


Powered by vBulletin® , Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
" ما ينشر في المنتديات يعبر عن رأي كاتبه "