مناقشة آية الله الجزيري لدلالة آية : ( لا ينال عهدي الظالمين ) على العصمة المطلقة !!
قال آية الله علي الجزيري ( هداه الله ) في كتابه : ( إزالة الوصمة عن مباحث العصمة ) ص 86 - 87 :
المناقشة :
وفيها أمران :
الأمر الأول : إن هذه الآية إنما تدل على أن الإمام لا يكون ظالما ولا تثبت العصمة في الأمور العادية فيما يرتبط بمعاش الإنسان . . . الخ .
الأمر الثاني : إن الآية بينت أن العهد الخاص - وهو النبوة أو الإمامة - لا ينال الظالمين , فهي إنما تدل على لزوم أن لا يكون من يناله هذا العهد ظالما ,
ومن لا يكون ظالما أعم من أن يكون معصوما - لم يصدر الظلم منه لأجل عصمته وأن يكون تقيا - لم يصدر الظلم منه لأجل تقواه - كما ينقل ذلك عن السيد المرتضى وعن أخيه الشريف الرضي - رحمها الله - يقال : إنهما كانا مؤهلين لمرتبة الشرافة - وهي زعامة بني هاشم في زمانهما - فتقدما لمرتبة الشرافة , فطلب من كل واحد منهما أن يبين مؤهلاته وما يمتاز به , فقالوا : نريد شخصا لم تصدر منه معصية قط .
قالا : كلانا لم تصدر منا معصية . فقالوا : إذن , فالشريف من لم يترك صلاة الصبح منذ أن كلف ولو عن سهو ونوم . قالا : كلانا كذلك . قيل : فالشريف من لم يترك مستحبا .
قالا : كلانا كذلك .
أقول : وسواء صحت هذه القضية أو لم تصح أو كانت صحيحة بدرجة ما , ثم بولغ فيها , فالذي يعنينا في البحث العلمي هو أنه
لو وجد مثل هذا الشخص غير المعصوم ولكنه لم يرتكب ذنبا قط , فالآية لا تنفي أهليته للإمامة , لأن الآية نفت أهلية الظالم وهذا ليس بظالم , كعلي الأكبر ابن الإمام الحسين , والقاسم ابن الإمام الحسن عليهم السلام , وكذا في مثل السيدة زينب وأبي الفضل العباس عليهما السلام وأمثالهم من النوادر , فلا يوجد في الآية ما ينفي أهليتهم للإمامة .
ولأجل هذا - أي لأجل انتقاض الاستدلال بهذه الآية على اعتبار العصمة بهذا النقض - أراد بعض المستدلين بها أن يكمل تقريب الاستدلال بالآية :
بأن من لم يكن معصوما فإنه تصدر منه الذنوب بحسب ما شاهدناه في ملاحظاتنا اليومية , وبحسب ما نلاحظه من قراءة التاريخ , فإن من لم يكن معصوما , فإن الذنوب تصدر منه عادة .
أقول : وهذا التكميل
غير وجيه , فإنا لو رأينا ما قاله الشيخ كاشف الغطاء - رحمه الله - في حق الشيخ حسين طه نجف - وهو معاصره وهو مشهور بالورع والزهد - , يقول الشيخ كاشف الغطاء : لو أن أحدا من الناس وصف لي الشيخ حسين كما هو , لما صدقته , ولكن ماذا أصنع في شخص عاصرته من أيام المكتب , أي منذ أن كان عمره سبع سنين أو خمس سنين وشاهدته على هذه الحال .
فإننا لا نوافق على الكبرى القائلة بعدم وجود مصداق ليس بمعصوم ولا يرتكب الذنوب , بل إنا نجزم في حق مثل أبي الفض العباس والسيدة زينب عليهما السلام أنهما لم يرتكبا ذنبا قط ,
فلا يصلح هذا لتكميل الاستدلال بالآية . . . . أ.هـ
ثم حاول الجزيري أن يقوم بمحاولة أخيرة لتكميل الاستدلال بالآية من خلال وجهين :
1- دليل الوثوق .
2- أن الآية في مقام النفي ( لا ينال ) وليست في مقام الإثبات ! ..
أقول ( الواثق ) :
ويرد على الأول : أنه استناد إلى دليل خارج عن الآية وراجع إلى الأدلة العقلية كما ذكر .
ويرد على الثاني : أنه وإن كانت نتيجة ( زيد يصلح للإمامة ) خاطئة لأن الآية في مقام النفي لكن تبقى نتيجة : ( زيد لا تنفى عنه الإمامة ) .
اسأل الله أن يهدي الجزيري ويشرح صدره للحق