بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه ومن سار على هديه إلى يوم الدين , أما بعد :
هذه ردود علمية , على شبهات أحد أفراخ الجهمية , وبيان كذبه وتدليسه على عقيدة أهل السنة والجماعة أعلى الله رايتهم
الشبهة الأولى عند هذا الجهمي :
[ آدم على صورة الله تعالى ]
ثم ذكر كلامًا في عقيدة اليهود , وحاول أن يجعل عقيدة أهل السنة مأخوذ من عقائد اليهود عليهم لعائن الله , يقول :" , يعتقد اليهود أن الله تعالى خلق آدم عليه السلام على صورته تعالى مشابها له ففي التوراة المحرفة سفر التكوين الإصحاح الأول [ 26 - 28 ] جاء ما نصه ( وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا .. فخلق الله الإنسان على صورة الله خلقه ذكرا وأنثى خلقهم " إ, هـ .
وهذه العقيدة بعينها تبنتها هذه الفرقة , ولذلك صنف أحد متأخريهم كتابا في تقرير هذه العقيدة أسماه ( عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن ) وهو المدعو حمود بن عبد الله التويجري وقد قدم له ابن باز بمقدمة نعته فيها بالعلامة جاء فيها :" أما بعد فقد اطلعت على ما كتبه .... فألفيته كتابا قيما كثير الفائدة , قد ذكر فيه الأحاديث الصحيحة الواردة في خلق ادم على صورة الرحمن وفيما يتعلق بمجيء الرحمن يوم القيامة على صورته , وقد أجاد وأفاد وأوضح ما هو الحق في هذه المسألة وهو أن الضمير في الحديث الصحيح في خلق ادم على صورته يعود إلى الله عز وجل وهو موافق لما جاء في حديث ابن عمر أن الله خلق ادم على صورة الرحمن , وقد صححه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه والاجري وشيخ الإسلام ابن تيمية واخرون من الأئمة رحمة الله عليهم جميعا , وقد بين كثير من الأئمة خطأ الإمام ابن خزيمة رحمه الله في إنكار عود الضمير إلى الله عز وجل بلا كيف ولا تمثيل بل صورة الله تليق به وتناسبه كسائر صفاته .. " إ.هـ
وقد سئل ابن باز نفسه عن هذا الحديث وعن عود الضمير فقال بأن الضمير فيه عائد إلى الله تعالى كما في فتاويه " اهـ شبهة هذا الجهمي
والجواب على ذلك أن يقال :
خلاصة هذه الشبهة
1- أن اليهود يعتقدون أن الله خلق الإنسان على صورته مشابهًا له .
2- أن أهل السنة والجماعة يعتقدون مثل اعتقاد اليهود .
3- أن ابن باز وحمود التويجري يقولون بأن حديث الصورة يعود الضمير فيه إلى الله تعالى , أي أن ادم خلقه الله على صورته - أي صورة الله - .
فأما أن اليهود يعتقدون أن الله خلق الإنسان على صورته مشابهًا له , فلا نرد على هذا لأننا لسنا في معرض الذب عن اليهود لعنهم الله , لكن القصد التنبه على كلام هذا الجهمي عندما ذكر قول اليهود وهو قوله ( يعتقد اليهود أن الله تعالى خلق آدم عليه السلام على صورته تعالى مشابها له ... ) ثم قال كذبًا وزورا ( وهذه العقيدة بعينها تبنتها هذه الفرقة .. )
فيقال له : أين تبنى أهل السنة والجماعة أن الله تعالى خلق ادم على صورته [ شبيهًا به ] ؟ ؟!
مع العلم بأن عقيدة أهل السنة والجماعة فيمن شبه الله عز وجل بخلقه بأنه كافر , كما قال حماد بن سلمة رحمه الله تعالى :" من شبه الله بشيء من خلقه فقد كفر ، ومن أنكر ما وصف الله به نفسه ورسوله فقد كفر ، وليس فيما وصف الله به نفسه ورسوله تشبيه " اهـ [ تاريخ دمشق لابن عساكر ح 67564 ]
وعلى هذا عقيدة أهل السنة والجماعة أن من قال الله يشبه مخلوقاته , فإنه كافر , فكيف يأتي هذا بكل صفاقة وجه ويتهمنا بأننا نشبه الله بخلقه ! سبحانك هذا بهتان عظيم .
وأما أن أهل السنة والجماعة يعتقدون مثل اعتقاد اليهود , فهذه دعوى عاطلة باطلة , فعقيدة أهل السنة والجماعة أدلتها من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه واله وسلم , ولا يوجد أصل من أصول أهل السنة إلا ودليله من الكتاب والسنة , لكن القوم يبدو أنهم من حقدهم أنتشر بينهم الكذب ككذب الروافض , نسأل الله السلامة والعافية .
أما أن الإمامان ابن باز والتويجري رحمهما الله تعالى يقولون بأنه الضمير يعود إلى الله جل وعلا , فهذا صحيح , لكن ماذا يقصدون بهذا ؟
الجواب من نفس الفتاوى التي نقلها هذا الجهمي لكنه لم يعرج عليها لكي لا يفضح جهله ويأبى الله جل في علاه إلا أن ينصر دينه , نقل عن صورة من فتوى الشيخ العثيمين رحمه الله وسأضع الخط على الكلام المهم ليتضح مراد العلماء رحمهم الله تعالى :
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى -: ما معنى قول النبى صلى الله عليه وسلم:[ إن الله خلق آدم على صورته ]؟
فأجاب بقوله :
( هذا الحديث أعنى قول النبى صلى الله عليه وسلم : [ إن الله خلق آدم على صورته ]ثابت فى الصحيح ومن المعلوم أنه لا يراد به ظاهره بإجماع المسلمين والعقلاء ؛لأن الله عز وجل وسع كرسيه السماوات والأرض ىكلها بالنسبة للكرسى- موضع القدمين - كحلقة ألقيت فى فلاة من الأرض ، وفضل العرش على الكرسى كفضل الفلاة على هذه الحلقة فما ظنك برب العالمين ؟ لا أحد يحيط به وصفا ولا تخيلا ومن هذا وصفه لا يمكن أن يكون على صورة آدم ستون ذراعا لكن يحتمل على أحد معنين:
الأول: أن الله خلق آدم على صورة اختارها ،وأضافها إلى نفسه تعالى تكريما وتشريفا.
الثانى: أن المراد خلق آدم على صورته تعالى من حيث الجملة ومجرد كونه على صورته لا يقتضى المماثلة والدليل
قوله صلى الله عليه وسلم:[ إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر،ث م الذين يلونهم على أضوء كوكب فى السماء ] ولا يلزم أن تكون هذه الزمرة مماثلة للقمر؛لأن القمر أكبر من أهل الجنة بكثير فإنهم يدخلون الجنة طولهم ستون ذراعا ، فليسوا مثل القمر. ) " [ فتاوى العقيدة .. ]
فانظر أخي القارئ إلى مقصود الشيخ العثيمين رحمه الله , وانظر كيف يستحل الجهمي الإباضي الكذب على علماء المسلمين ويقولهم ما لم يقولوا ..
وأما الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى فسئل وأجاب :
( معنى خلق الله آدم على صورته )
إن الله خلق آدم على صورته ، هل معنى ذلك أن جميع ما لآدم من صفات تكون لله؟
الجواب :
هذا ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، في الصحيحين أنه قال عليه الصلاة والسلام : (( إن الله خلق آدم على صورته )) وجاء في رواية أحمد وجماعة من أهل الحديث : ((على صورة الرحمن)) ، فالضمير في الحديث الأول يعود إلى الله ، قال أهل العلم كأحمد رحمه الله وإسحاق بن راهويه وأئمة السلف: يجب أن نمره كما جاء على الوجه الذي يليق بالله من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تعطيل ، ولا يلزم من ذلك أن تكون صورته سبحانه مثل صورة الآدمي ، كما أنه لا يلزم من إثبات الوجه لله سبحانه واليد والأصابع والقدم والرجل والغضب وغير ذلك من صفاته أن تكون مثل صفات بني آدم، فهو سبحانه موصوف بما أخبر به عن نفسه أو أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم على الوجه اللائق به، من دون أن يشابه خلقه في شيء في ذلك كما قال عز وجل : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ، فعلينا أن نمره كما جاء على الوجه الذي أراده الرسول صلى الله عليه وسلم من غير تكييف ولا تمثيل.
والمعنى والله أعلم : أنه خلق آدم على صورته ذا وجه وسمع وبصر يسمع ويتكلم ويبصر ويفعل ما يشاء ، ولا يلزم أن يكون الوجه كالوجه والسمع كالسمع والبصر كالبصر.. وهكذا لا يلزم أن تكون الصورة كالصورة وهذه قاعدة كلية في هذا الباب عند أهل السنة والجماعة ، وهي إمرار آيات الصفات وأحاديثها على ظاهرها من غير تحريف ولا تكييف ولا تمثيل ولا تعطيل، بل يثبتون أسماءه إثباتا بلا تمثيل وينزهونه سبحانه عن مشابهة خلقه تنزيها بلا تعطيل، خلافا لأهل البدع من المعطلة والمشبهة فليس سمع المخلوق ولا بصر المخلوق ولا علم المخلوق مثل علم الله عز وجل، وإن اتفقا في جنس العلم والسمع والبصر لكن ما يختص به الله لا يشابهه أحد من خلقه سبحانه وتعالى، وليس كمثله شيء؛ لأن صفاته صفات كاملة لا يعتريها نقص بوجه من الوجوه. أما أوصاف المخلوقين فيعتريها النقص والزوال في العلم وفي السمع والبصر وفي كل شيء.
والله ولي التوفيق.
وخلاصة الرد في هذه المسألة :
* كذب الجهمي المعطل بأن أهل السنة يقولون أن الله ( شبيه )بآدم في إثبات الصورة .
* تدليس الجهمي على علماء أهل السنة والجماعة وعدم الأمانة في نقل أقوالهم وإنما يتتبع ما يظن أنه ينصر به هواه